مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية
فيما الحداد يلف منطقة الشمال من جديد بعد توالي الكوارث البحرية والإعلان عن ارتفاع ضحايا القارب الذي غرق قبالة طرطوس إلى ٩١ بعد تضاؤل الأمل بوجود ناجين على قيد الحياة، ما يفرض الاستمرار بانتشال الضحايا الذين قد يزيدون عن المئة، شكّل اجتماع النواب السنّة في دار الفتوى بدعوة من المفتي عبد اللطيف دريان وانتقالهم الى لقاء السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة الحدث الأبرز نهاية هذا الأسبوع، في الوقت الذي تتحضر فيه البلاد الى استحقاقات مصيرية داهمة يأتي في مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات وإقرار الموازنة في الجلسة النيابية المقررة يوم غد الاثنين.
على خط الموازنة، أشارت مصادر مطلعة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن المشاورات مستمرة والمواقف من المفترض أن تتحدد في الساعات المقبلة، في ظل تساؤلات حول النصاب واحتمال عدم تأمينه، علماً أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الى بيروت كانت ضاغطة باتجاه إقرار الموازنة، لكن الجميع كان ينتظر ما ستقدمه وزارة المالية والحكومة من دراسة وفقاً للمقاربة الجديدة والأرقام التي قدمها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة الأخيرة، وهذا ما لم يُعرف بعد اذا حصل وإذا كان سيقنع النواب أم لا.
سياسياً، وصفت مصادر سياسية مواكبة اجتماع دار الفتوى بالممتاز والناجح جداً لأن كلمة المفتي دريان في مستهل اللقاء أعطته بعداً وطنياً وليس فقط اسلامياً.
المصادر أشارت عبر “الأنباء” الالكترونية الى أن المفتي دريان نجح إلى حد كبير بصياغة موقف وطني يتماهى مع مواقف نظرائه رؤساء الطوائف الأخرى، وأن تشديده على الثوابت الوطنية واتفاق الطائف وإنجاز الاستحقاقات في موعدها وتقديمه توصيفاً دقيقاً لموقع رئيس الجمهورية قد أراح غالبية المسيحيين في الصميم، وخاصة لجهة معارضته انتخاب رئيس تحدٍّ يأتمر بأوامر هذا الفريق أو ذاك.
في السياق، لخّص عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله لقاء دار الفتوى عبر “الانباء” الالكترونية بأنه يصب في مصلحة لبنان، وإعلان دار الفتوى تمسكها بالدولة وبالثوابت الوطنية ووحدة المؤسسات انطلاقاً من دستور الطائف وبناء علاقة لبنان بالمجتمع العربي ومعالجة شؤون الدولة بمسؤولية وازالة هذا البؤس القائم، وتكريس لهذا الدور المعتدل والمؤسس للكيان اللبناني وتثبيت وجوده ضمن هذه المعادلة.
ووصف عبدالله الحوار مع السفير السعودي بالمفتوح والصريح والشيّق بما يتعلق بالشأن اللبناني المرتبط بالواقع العربي، والتأكيد أن السعودية تملك رؤية متكاملة منذ العام ٢٠١٦ وتعمل لتكريسها مع لبنان وهي جاهزة لتكون الى جانب لبنان لتجنيبه المخاطر شرط أن يكون اللبنانيون جاهزين للعمل من أجل لبنان، مضيفا “كما استمعنا منه الى رؤية ٢٠٣٠ التي تعتمدها السعودية باطار التعاون العربي”.
بدوره، اعتبر النائب السابق عاصم عراجي أن اجتماع دار الفتوى كان أكثر من ضروري في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، منوّهاً بدور المفتي دريان وحرصه على الثوابت الوطنية وبعدم المسّ بالطائف وتشكيل حكومة وانتخاب رئيس جمهورية جديد.
عراجي وفي حديث مع جريدة “الانباء” الالكترونية عدّد جملة أسباب كانت وراء الدعوة لهذا الاجتماع أولها اعتكاف الرئيس سعد الحريري وكتلة المستقبل عن المشاركة في الانتخابات النيابية الأخيرة، ما ترك فراغاً كبيراً على الساحة، كما أن رؤساء الحكومة السابقين لم يكونوا متحمسين لخوض الانتخابات، فالرئيس تمام سلام اعتمد أيضاً خيار الاعتكاف والرئيس فؤاد السنيورة آثر عدم الترشح، ما أوجد خللاً أو تراجعاً على الساحة السنية. وبنتيجة الانتخابات لم تتشكل كتلة سنية كبيرة على غرار ما كان الوضع عليه في المجالس النيابية السابقة عندما كانت كتلة المستقبل تمثل الواجهة الوطنية للمكون السنّي، لذلك كان لا بد من الدعوة لهذا الاجتماع الذي بقي في إطاره الوطني ولم يأخذ الطابع المذهبي، بالاضافة الى تذكير المفتي دريان بالثوابت الوطنية مطالباً بإعادة ترسيخ العلاقات مع الاشقاء العرب، مناشداً الدول العربية مساعدة لبنان، مثنياً على البيان الذي صدر عقب اللقاء، وإن كان استبعد قيام تكتل نيابي سني.
بالخلاصة فإن المنحى الرئاسي سيختلف بعد لقاء دار الفتوى على أن تتوضح أكثر مواقف النواب السنة من الاستحقاق ومدى التزامهم برؤية موحدة ان لم تكن أسماء محددة أيضاً، وبالتالي ترتسم تدريجيا الخيارات الرئاسية.