الرئيسية / آخر الأخبار / رغم كل الظروف والمآسي… يمكنك ان تعيش الفرح

رغم كل الظروف والمآسي… يمكنك ان تعيش الفرح

مجلة وفاء wafaamagazine

انعكاس السعادة على الشخص ومحيطه بشكل إيجابي يساعده على الاستمتاع بالحياة، وبناء علاقات سليمة، ويصبح نقطة جذب للمحيطين به. تعلم كيف تقتنص لحظات الفرح حتى في أوقاتك الصعبة…

من المعروف أن الفرح ضروري لصحة الفرد وصحة من حوله، فهو يبعد الخوف الذي يزيل شعوره بالأمان، لكن هل يمكن للإنسان أن يجد لحظات الفرح حتى في الأوقات الصعبة؟ حول ذلك حاورت “الجزيرة نت” اختصاصيين للإفادة بآرائهم وخبراتهم.

الفرح صناعة
يقول الاستشاري الأسري والتربوي الدكتور منير عقل، “كثير من علماء الاجتماع يعتبرون الفرح صناعة، فهو يحتاج إلى مهارة وملكات نفسية واجتماعية يستطيع الإنسان من خلالها تعطيل المساحة السوداء من حياته، فيطمئن إلى المساحة البيضاء من السعادة والتفاؤل، ليعقد الصلح مع الذات ويحقق السلام الداخلي والأسري، ويعتبر هذا أحد مفاهيم الذكاء العاطفي”.

ويرى الاستشاري أن على الانسان تعويد نفسه على “التغابي الذكي”؛ فليس كل أمر يستحق الوقوف عنده حتى لا يتشتت تركيزه على الفرح، لأن كثيرا من المحن تحمل في طياتها كثيرا من المنح، والإنسان الذكي هو الذي يستطيع أن يقتنص المنح من المحن..

ويكمل، “وضعْتُ نظرية أَطَلقتُ عليها (رباعية السعادة) من منظور مادي. إن تحققت، يستطيع الإنسان العيش بسلام نفسي واجتماعي، ويستطيع من خلالها تحقيق أهدافه وإشاعة السعادة بين أفراد أسرته. وتتمثل هذه الرباعية في تحقيق؛ الحرية المالية، والبيئة الآمنة، والصحة الجيدة، وحرية الوقت، هذا بالإضافة إلى السعادة المتحققة من الجانب الروحي وفق المعتقدات والقيم التي يؤمن بها الإنسان”.

ويضيف “إن وُجدت هذه الرباعية في حياة الإنسان، بالإضافة للاستقرار النفسي الناتج عن الجانب الروحي يُكَوِّن الإنسان بذلك مساحات شاسعة من الفرح والسعادة لا تسمح للحزن أن يلقي بظلاله عليه”.

كيف تحقق رباعية السعادة؟
يرى الدكتور عقل أن تحقيق رباعية السعادة سينعكس إيجابا في تقوية الروابط داخل الأسرة وخارجها. وحتى يستطيع الإنسان أن يحقق غاياته وأهدافه في الحياة لا بد من عدة أمور منها:

الاستفادة من الموارد الاقتصادية والاجتماعية واستثمارها وترشيد النفقات وتوجيهها الوجهة الصحيحة.
التركيز على القيم الروحية في حياة الأسرة، والتعبير عن الحب والتواصل الإيجابي والمشاركة والحوار الهادف.
تحدّي الأزمات ومواجهة التحدّيات أو التكيّف مع الظروف الصعبة التي قد تتعرّض لها بشكل مشترك، وعلى جميع أفراد الأسرة تحمّل المسؤولية.
الابتعاد عن كل السلوكيات والعادات التي من شأنها التأثير على صحة الإنسان والبيئة التي يعيش فيها.
امتلاك مهارات إدارة الوقت واستثماره بشكل فعال.

 

الفرح والحزن.. ثقافة وسلوك
ومن جهته، يقول اختصاصي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع، “هكذا هي الحياة فيها لحظات الفرح والحزن وهما متلازمتان بحياة الإنسان، وهما وجهان لعملة واحدة، ولكن يجب أن نعي وندرك، كما هناك لحظات حزن هناك لحظات فرح. وحتى في لحظات الحزن يكون الفرح موجودًا، وبالتالي فهما أيضا متداخلان، وأحيانا تكون بموقف حزين نتيجة لموقف مثل موت الأحباء، ويكون الحزن يملأ القلب، لكن وقوف الأصدقاء معك ووجودهم بجانبك، يشكل لحظة فرح في حياتك ويخفف من وطأة الحزن”.

ويشرح “الفرح والحزن والتعامل معهما ثقافة وسلوك؛ لكن المهم كيف تتعامل معهما!، فهذا يحتاج مهارات عالية، وتصالحا مع الذات وفهما أكثر للحياة ومتغيراتها، وإيمانا مطلقا بأن حياة الإنسان فيها متغيرات تحتاج للتعامل معها بحكمة، لتحقيق التصالح مع الذات والتوافق الذاتي. لكن أيضًا نحتاج إلى مهارة وقدرة لاستثمار لحظات الفرح من خلال الاستمتاع بكل لحظة ونشر السعادة في المحيط الذي نعيش فيه وللناس الذين يعيشون حولنا، وذلك بالابتعاد عن أي تفكير سلبي والتفكير بإيجابية”.

ويلفت الدكتور جريبيع إلى أن الشخصية التي يسكن الفرح بداخلها ولديها ثقافة الاستمتاع بالحياة، هي الشخصية التي تستطيع أن تبني ثقافة السعادة من خلال التواصل الإيجابي مع الأصدقاء والأهل، وعقد لقاءات مستمرة معهم واستثمارها بنشر الفرح، إضافة للرحلات والزيارات المستمرة والاحتفال بالمناسبات الخاصة بشكل مستمر.

ويختم بأن “انعكاس الفرح والسعادة على الشخص ومحيطه بشكل إيجابي يساعده على الاستمتاع بالحياة، وبناء علاقات سليمة، ويكوّن لديه تقديرا عاليا لذاته، ويصبح نقطة جذب للمحيطين به”.


لحظات فرح صغيرة بالأوقات الصعبة
أحيانا تكون أصغر لحظات الفرح هي الوحيدة التي تشعر أنها ممكنة، هذا ما تعلمته نورا ماكنيرني في عام 2014، عندما فقدت والدها وزوجها بسبب السرطان، إلى جانب إجهاض طفلها الثاني.. كل ذلك في غضون 8 أسابيع. وفق موقع “تايم” (TIME).

وكان زوجها آرون (35 عاما) “شخصا حيويا بطبيعته” كما تقول ماكنيرني، التي تقدم برنامج بودكاست “شكرا على السؤال” ومؤلفة كتاب “باد فيبز أونلي” (Bad Vibes Only)، لافتة إلى أن زوجها كانت لديه هذه القدرة الفطرية على إيجاد المتعة في أي شيء، “تعلمت منه أهمية البقاء حاضرا قدر الإمكان في الوقت الحالي، حتى عندما تكون اللحظة سيئة، فعندما كان يحتضر حرفيا، كان بإمكانه أن يجعلني أضحك”.

تختم ماكنيرني، باعتقادها “أن الفرح يبدو أحيانا وكأنه عاطفة كبيرة حقا مثل السعادة المجنونة، لكنها يمكن أن تكون نقطة صغيرة من الضوء في الظلام”.

ذكرني.. ما الفرح مرة أخرى؟
وذكر الموقع أن الفرح هو حالة الشعور بالحرية والأمان والراحة. وعلى عكس بعض المشاعر الإيجابية الأخرى، مثل: التعاطف والرضا، فإن تجربة الفرح غالبا ما تعتمد على الاستعداد لها، بدلا من الشعور بها بشكل عفوي، كما يقول فيليب سي واتكينز أستاذ علم النفس في جامعة شرق واشنطن الذي أنجز أوراقا بحثية رائدة حول الفرح.

ومن أفضل طرق الفرح تقوية الروابط مع الأصدقاء والعائلة، يقول واتكينز، إنه “من المحتمل أن تكون هذه العلاقات أكثر تجارب الفرح”.

ويشير إلى أهمية ملء حياتك بأهداف وغايات، وكذلك تنمية عقلية منفتحة، ليس فقط للأشياء الجديدة، “فإذا كنت منفتحا على الفرح، عليك أن تكون منفتحا على خيبة الأمل”، والمفارقة هنا فيما يتعلق بتجربة الفرح، أن يكون هناك استعداد لتقبل تجربة الخسارة والحزن.

 

اصنع قائمة الفرح:
روبين شير مدرب الحياة والمؤلف المقيم في ديترويت، لديه خطة طوارئ لتلك الأوقات التي لا مفر منها عندما يكون كل شيء سيئا، يقول “بدلا من التصعيد.. سيكون من السهل القفز من “دوامة الهلاك” باللجوء إلى “قائمة دلو الفرح”، وهي عبارة عن حصيلة الأشياء التي تجعلك مبتهجا، مثل اختبار قيادة السيارات السريعة، ومشاركة الخبرات الجديدة مع العائلة، ويمكنك أن تقترح على الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه، وتخزينه في الهاتف النقال أو في مكان آخر يسهل الوصول إليه”.

مارسْ العادات اليومية التي تحب:
كل صباح تحتسي ديبورا كوهان أستاذ علم الاجتماع في جامعة ساوث كارولينا بوفورت، فنجانا من القهوة في كوب خزفي ملون، ومن المفضل لديها أيضا الذهاب للسباحة ليلا تحت النجوم. تقول كوهان: “أعتقد أن هناك شيئا ما يتعلق بالبهجة متعددة الحواس؛ تشمها، تتذوقها، تراها، إنها تجربة حسية عالية”، فكر في طرق لجدولة العادات الممتعة في يومياتك، لأن هذا جزء من السحر”.

ابحث عن طريقة للتعبير عن الامتنان:
يقال إن الامتنان يغذي الرفاهية، وأحيانا يبدو الأمر أشبه بمبالغة مفرطة، أو كما تقول الكاتبة ماكنيرني، مثل “أداة فظة لإجبار الناس على اتخاذ موقف أفضل”، إذا كان الاحتفاظ بدفتر الامتنان ليس طريقا للفرح بالنسبة لك، فكّرْ بطرق أكثر إبداعا لتقدير الأمور الجيدة من حياتك”.

خذ “استراحة” قصيرة كل يوم:
لن تكون أبدًا كبيرًا في السن مع الاستراحة، مع بعض النشاط البدني على وجه الخصوص، ويمكن أن يحسّن مزاجك ويقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب.

ابحث عن التواصل:
عندما تضيع ماكنيرني في ثقب أسود من الكآبة، فإنها تبادر بالاتصال بشخص قريب لنفسها. وقد تستمر المحادثة بضع دقائق فقط، لكن هذا يكفي لرفع معنوياتها.