مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”
تسير البلاد «بعيون مفتوحة» نحو «الفراغ القاتل» قبل ايام معدودة على نهاية العهد، لن تغيّر كلمة الرئيس ميشال عون المرتقبة ومصارحته للبنانيين بالواقع المرير القائم، والمرجح استمراره حتى تنضج «الطبخة» الدولية والاقليمية، وسط اتساع مستجد «للهوة» بين باريس والرياض حول مقاربة الملف اللبناني، في ظل اصرار سعودي على ابقاء قنوات الحوار مقطوعة مع حزب الله دون تقديم اي «خارطة طريق» للخروج من الازمة.
في هذا الوقت يصل ملف ترسيم الحدود البحرية مع «اسرائيل» الى خواتيمه بالتوقيع المرتقب يوم الخميس المقبل في الناقورة، بينما تعثر ملف التفاوض مع دمشق التي اختارت توجيه «رسالة» قاسية الى العهد قبل ساعات من افوله، بالغاء موعد يوم الغد للبحث في ملف الخلاف البحري بين الدولتين واعتبار «الوقت غير مناسب لذلك».
اما المجلس النيابي، فيواصل عرضه فصول مملة من مسرحية تطيير النصاب الرئاسي، وسط تبادل للاتهامات حول التعطيل وخلاف حول دعوة الرئيس نبيه بري الحوارية، واما الحدث فكان في «تصدّع» كتلة نواب «التغيير» رسميا بعد خروج الانقسامات والخلافات الى العلن.
اما «المناورات» الحكومية، فتستمر دون الكثير من «الآمال» بحصول المعجزة، وقد سربت اوساط رئيس حكومة تصريف الاعمال كلاما عن استعداده للصعود الى بعبدا خلال الساعات المقبلة لمحاولة «استيلاد» الحكومة، في محاولة لوضع «الكرة» مجددا في ملعب»الرئيس… وفيما «يلعب» الدولار بالاقتصاد الوطني، صعودا وهبوطا غير «منطقي»، تباينت المعلومات حول تمدد»الكوليرا» في المحافظات،على الرغم من عدم تسجيل اي اصابة جديدة رسميا بالامس. ويبقى تطور قضائي لافت، حيث تقدّم النائب علي حسن خليل بشكوى إلى هيئة التفتيش القضائي، ضد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، «لشلّه عمل المجلس ورفضه تطبيق القانون».
تباين فرنسي- سعودي؟
في هذا الوقت، اطلعت السفيرة الفرنسية آن غريو ميقاتي على آخر محاولات بلادها لتوحيد الجهود الخارجية لاعادة تزخيم الملف اللبناني واتمام الاستحقاقات الدستورية في موعدها، وكان لافتا ان لا جديد فرنسيا لمواجهة الفراغ الزاحف دستوريا، بل مجرد توصيات بضرورة تشكيل حكومة جديدة، فضلا عن هواجس حيال الفراغ وكيفية ادارته ، مع تعاظم الخوف من فوضى يمكن ان تخرج عن السيطرة.
ووفقا لاوساط دبلوماسية ثمة تباين بات اكثر وضوحا بين باريس والرياض حيال مقاربة الملف اللبناني، فالفرنسيون غير مقتنعين بزخم التدخل السعودي ويرون انه دون المستوى، فبعد اخراج الرئيس سعد الحريري من المشهد السياسي اصبحت الامور اكثر تعقيدا، ولم يقدم السعوديون بديلا وتركوا الفراغ يتمدد حتى بات التوازن مختلا على المستوى الطائفي في البلاد، وهو ما يقلق باريس كثيرا.
رفض سعودي لحوار حزب الله
ووفقا لتلك الاوساط، فان الزيارة الاخيرة للسفير السعودي الوليد البخاري لم تكن ناجحة على الصعيد العملي، ولم يحمل اي اجوبة سياسية معه، واكتفى بابلاغ المسؤولين الفرنسيين بان بلاده ستبقى عند حدود تقديم مساعدات انسانية وفق «البروتوكول» الثنائي المشترك. وقد ابدت باريس انزعاجا كبيرا من «البرودة» السعودية التي لا تساعد في فتح نافذة حوار لبناني جاد ، خصوصا مع حزب الله، بعدما طرحت ان تكون «صلة» وصل غير مباشرة لايجاد قواسم مشتركة تخرج البلاد من المراوحة القاتلة. الا ان الرياض تصر على رفض فتح اي «نافذة» للحوار.
وفي دلالة على هذا «الفتور» اكتفت السفيرة الفرنسية آن غريو بعد لقاء ميقاتي امس، بالرد على سؤال عن وجود مشاورات فرنسية – سعودية لانتخاب رئيس للجمهورية بالقول: «لدينا حوار مع المملكة العربية السعودية بشأن مواضيع عديدة»!
«الرسالة» السورية؟
وفي تطور مفاجىء، وجهت دمشق «رسالة» بالغة الدلالة الى بيروت بالغاء موعد يوم الاربعاء حول الترسيم البحري بين البلدين، فبعد ساعات على اعلان لبنان تشكيل وفده، الغى الجانب السوري اللقاء عبر كتاب الى وزارة الخارجية اللبنانية يعتذر عن استقبال الوفد اللبناني «لارتباطات مسبقة». وعلم في هذا السياق، ان دمشق لا تبدو متحمسة لفتح هذا الملف الآن دون تحضيرات مسبقة وجدية، ولا ترغب باي لقاءات «فولكلورية» على مسافة ايام من نهاية العهد الذي لم يبادر طوال سنوات الولاية الى معاملة الدولة السورية على قدر الدعم الذي قدمته، وذّكرت مصادر مطلعة، بان الرئيس عون لم يبادر الى زيارة دمشق على الرغم من زياته الى السعودية التي انقلبت عليه.
«الوقت غير مناسب»!
وفيما تعمل جهة لبنانية وازنة على تليين الموقف السوري لتحديد موعد حتى لو كان «شكليا» قبل انتهاء الولاية الرئاسية، اكدت الحكومة السورية في رسالتها الى الخارجية اللبنانية، ان «الوقت غير مناسب» لمثل هذه الزيارات، علما ان دمشق سبقت وطالبت الجانب اللبناني بارسال طلب خطي لا شفهي، وجاء الرفض بعد ذلك بساعات وعقب اعلان تشكيل الوفد اللبناني رسميا، ودون تحديد اي موعد جديد.
ووفقا لتلك المصادر، فان الاجواء السياسية في البلدين غير جاهزة من أجل ترسيم الحدود البحرية، ولا حماسة في دمشق لاجراء مفاوضات الآن، وهذا يعني أنه لن يكون في الإمكان تلزيم البلوكات الشمالية اللبنانية وتحديدا 1 و2 و3. وكان الرئيس ميشال عون، كلف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ترؤس الوفد اللبناني إلى دمشق يوم غد الأربعاء لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في سوريا بهدف مناقشة مسألة الترسيم البحري بين البلدين. ويضمّ الوفد اللبناني، وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ووزير الأشغال العامة والنقل علي حمية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وعضوي مجلس إدارة هيئة قطاع النفط وسام شباط ووسام ذهبي ورئيس مصلحة الهيدروغرافيا في قيادة الجيش المقدم البحري عفيف غيث.
«الترسيم» الى خواتيمه
وفي ملف الترسيم مع «اسرائيل»، وعشية وصول «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت يوم الاربعاء، اعلنت «اسرائيل» رسميا عبر رئيس حكومتها يائير لابيد انها ستوقع اتفاقا «تاريخيا» مع لبنان يوم الخميس للمقبل، وبانتظار اعلان ممثل لبنان في التوقيع، من المقرر أن يحصل الامر بطريقة غير مباشرة في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة، وعلى الرغم من سلوك الاتفاق طريقه الى التوقيع، فإن هذا الملف لا يزال موضع نقاش في «اسرائيل»، وقد اعتبرت اوساط سياسية اسرائيلية معارضة في تصريحات لصحيفة «اسرائيل اليوم»، أنه ما ينبغي أن يقلق في هذا الاتفاق، ليس مضمونه وتفاصيله، بل شكل سلوك الحكومة في أثناء خوض المفاوضات. وقالت انه «على مدى أشهر طويلة، تم إخفاء تفاصيله عن الجمهور «الإسرائيلي»، وكأن به سر دولة، ولم تكن لأحد أدنى فكرة عن المطالب اللبنانية وعن مواقف لبنان، ولا عن خطوط «إسرائيل» الحمراء. والخلاصة ان الأيادي التي وقعت على الاتفاق في النهاية هي أيادي الحكومة في بيروت، لكن الصوت هو صوت حزب الله الذي أطلق بإرادته تهديدات الحرب، وبإرادته أعطى للاتفاق مباركته».
لبنان لن يوقع السلام
وفي تحليل للصحيفة، اكدت انه ينبغي الاعتراف بأن حكومة لبيد ليست الأولى التي تتخذ سياسة الإخفاء لدرجة التضليل، تجاه الجمهور في «إسرائيل»، في المقابل يقوم الطرف الآخر بإعلان مواقفه بشكل واضح، ويكبل نفسه بها كأنها شجرة عالية يتسلقها، وفي نهاية الأمر ينجح في إقناع الوسطاء الأميركيين، بل والأسرة الدولية، بأن لا مفر من قبول هذا الموقف. وبالمقابل، صوت «إسرائيل» لا يسمع، وليس واضحاً لأحد ما الذي تريده وما هي خطوطها الحمراء. وخلصت «اسرائيل اليوم» الى القول، من الخير التوقيع على اتفاق، لأن مصير بضعة كيلومترات مربعة في عمق البحر على أي حال، لا تقدم ولا تؤخر، لكن المهم أن نفهم بأنه ليس اتفاقاً تاريخياً يبشر بالسلام مع لبنان أو بأن هدوءاً سيسود من الآن فصاعداً على الحدود الشمالية. لـحزب الله قائمة طويلة من المطالب من «إسرائيل»، ابتداء بمزارع شبعا وانتهاء بخط الجرف الذي يقضم بحكم الأمر الواقع جزءا من السيادة اللبنانية. وبرأي الصحيفة «فإن المفهوم القائل بأن حزب الله مردوع ويخاف المواجهة انهار في بداية السنة، بعد أن بدأ نصر الله يهدد بالحرب. واذا كان هناك في لبنان من يريد «التعايش مع إسرائيل»، فان هذا لا يقدم ولا يؤخر، حسب تعبير الصحيفة، فحزب الله صاحب الكلمة الأخيرة في هذا الشأن. ولهذا لبنان لن يكون الدولة العربية التالية، بل على ما يبدو الأخيرة لتوقع مع «اسرائيل» على اتفاق سلام.
حزب الله مصدر القلق
وفي السياق نفسه، اكدت صحيفة «هارتس» انه يجب تجاهل الخطاب الحماسي المبالغ فيه الذي استخدمه رئيس الحكومة يئير لبيد بخصوص أهمية الاتفاق «التاريخية»، ففي السنوات القريبة المقبلة، سيبقى حزب الله هو القلق الأمني الأول من حيث أهميته بالنسبة «لإسرائيل». الاتفاق، الذي يضمن البدء في التنقيب عن الغاز في الجانب «الإسرائيلي» من الحدود البحرية المعلن عنها، يمكن أن يرسخ ميزان الردع المتبادل بين الطرفين، وعلى الرغم من كل التصريحات الحازمة، فإن «إسرائيل» تخاف من حرب مع الحزب بسبب الأضرار المتوقعة على الجبهة الداخلية، والآن سيكون للطرفين الكثير مما سيخسرانه. ولفتت الصحيفة الى ان تقارير أجهزة الأمن تؤكد ان هذا الاتفاق سيبعد خطر الحرب، والامتناع عن التوقيع في اللحظة الأخيرة يمكن أن يقربها. والقضاة مثل الحكومة، يعرفون الحقيقة، وهي أن رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي يتحدث الآن بغضب شديد ضد الاتفاق، كان سيوقع عليه بدون أي تردد لو كان في الحكم الآن.
«رتابة» رئاسية
وفي تكرار للسيناريو الممل نفسه، انتهت الجلسة الرابعة لانتخاب الرئيس الى «مهزلة» نيابية، تبادلت من خلاله الكتل النيابية الاتهامات «بالتعطيل»، وعلى غرار سابقاتها، لم تبلغ الجلسة دورتها الثانية بعد فقدان النصاب، وانتهت «مسرحية» الامس دون تحديد موعد نهائي للجلسة المقبلة. وفيما بلغ عدد النواب الحاضرين داخل القاعة 110، انتهت عملية فرز الأصوات في الدورة الأولى بنيل النائب ميشال معوّض 39 صوتاً متراجعاً 3 أصوات عن الجلسة الماضية، في مقابل 50 ورقة بيضاء، و10 أصوات من «تكتل التغييريين» لعصام خليفة و13 لـ «لبنان الجديد»، إضافة إلى ورقتين ملغاتين.
اما الجديد في الجلسة، فكان تصدع كتلة «التغييريين» بخروج النائبين رامي فنج ووضاح الصادق من «السرب»، حيث صوّتا للنائب ميشال معوض، وسط فوضى عارمة تثير اكثر من علامة استفهام حول سرعة سقوط هذه «التجربة» التي اصابت الكثير من اللبنانيين «بالخيبة». وتأكيداً على تشرذم نواب «التغيير»، أعلن الصادق بعد الجلسة، أنّه صوّت للنائب ميشال معوّض، مضيفاً «أنا نائب تغييري خارج التكتل».
حزب الله مع الحوار
من جهته، عبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله عن موقف حزب الله من الاستحقاق، واعتبر أنّ «هناك من يصرّ على جعل رئيس الجمهورية رمز انقسام الوطن، ونحن نصرّ على أن يكون رمز وحدة الوطن، وعلى أن يكون ضمن اتفاق الكتل النيابية»، وقال إنّ «هناك طرحاً على اللبنانيين إمّا التحدّي أو الفراغ، ونحن نرفض هذه المعادلة، ومنفتحون على الحوار والأمر ليس تجميع عدد من النواب، ولا أحد لديه أكثرية».
..و«القوات» لا تريده!
وعلى الرغم من تسريب مصادر «قواتية» كلاما عن عدم وجود رفض قاطع لدعوة الرئيس نبيه بري للحوار، وان «معراب» لم تتخذ يعد قراراها النهائي، الا ان عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان، اكد «إنّ الديموقراطية لا تحتاج إلى الحوار، والخلاف مع حزب الله يرتكز على الدستور والقانون».
«الاشتراكي» وراء بري
وبعد الجلسة، اكد عضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن، ان دعوة بري للحوار مهمة ونحن نؤيّده، ولكن آن الأوان لكي نخرج من العبث، وقال: ان كلّ الاحترام والتقدير لعصام خليفة، ولكن هناك من يحرق هذه الأسماء، ولمن يسألنا كيف سنصل بالنائب ميشال معوض إلى سدة الرئاسة، أسأله كيف ستصل بهذه الأسماء التي تحصل على 10 أصوات؟
ماذا يريد «التيار»؟
من ناحيته، رأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ألان عون، أنّ من وضع ورقة بيضاء يدعو إلى الحوار والتوافق، ومن راهن على أنّه بقصة الأرقام يحصل على رئاسة جمهورية، فليعلم أنّ الحوار يجب أن يكون جدياً بين الكتل، وهذه رسالة أنّ انتخاب الرئيس ليس بـ «السكورات»، بل بتأمين التوافق بين الجميع، مشيراً إلى أنّ المطلوب أخذ العبر ممّا جرى اليوم والانتقال إلى حوار جدي للاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية.
الكوليرا تتمدد لا تتمدد؟!
صحيا، وفيما أعلنت وزارة الصحة العامة أنه لم يسجل اي اصابة جديدة في الساعات الـ 24 الماضية ، فيما سجل العدد التراكمي للحالات المثبتة 239، كما لم يتم تسجيل اي حالة وفاة ، وسجل العدد التراكمي للوفيات 10، فان تحديد مكامن الخطر الوبائي بات وجهة نظر في ظل تضارب المعلومات حول «البيئة» الحاضنة له. ففي تقرير مفصل لمنظمة الصحة العالمية المنشور على موقعها الرسمي، كشفت أن المعطيات المتداولة منذ أيام ليست مجرد تهويل، وانما نتائج أجريت لبعض العينات التي جاءت نتيجتها إيجابية، ومن ضمن التقرير أوردت مقطعاً أكدت فيه أنّ «فحوص المياه في عين المريسة – بيروت ومحطة الغدير وبرج حمود في جبل لبنان، أظهرت وجود الكوليرا في هذه المصادر الثلاثة، ما يشير إلى انتشار بكتيريا الكوليرا في منطقتين (بيروت وجبل لبنان) البعيدة عن الحالات الأولى المثبتة في منطقة الشمال… في المقابل، أكدت «مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان» أن فحوصا أجرتها في الأيام الفائتة، أظهرت أن المياه التي توزعها المؤسسة في نطاق صلاحيتها مقبولة ، ولا تشكل أي ضرر على الصحة العامة.