مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “نداء الوطن”
مع تسجيل لبنان ثاني أعلى معدّل تضخّم في العالم خلف زيمبابوي وأمام فنزويلا، تواصل السلطة عملية اللف والدوران حول متطلبات الإصلاح عبر عراضات واستعراضات إعلامية نيابية تندرج ضمن سياق المسرحية نفسها الهادفة إلى تقطيع الوقت واستنزاف الفرص والحلول بانتظار “تسوية خارجية” تسلّم بسطوة قوى الأمر الواقع وتعيد إحكام قبضتها على مقاليد الحكم.
ومن هذا المنظار، تترقب قوى الثامن من آذار مفاعيل القمة الفرنسية – الأميركية وانعكاساتها على مجريات الملف اللبناني ربطاً بمراهنة “حزب الله” على أن يلعب الرئيس إيمانويل ماكرون دوراً فاعلاً في تشكيل “همزة الوصل” المنشودة بين واشنطن وطهران حيال “الورقة اللبنانية”، غير أنّ مصدراً ديبلوماسياً في باريس أكد لـ”نداء الوطن” أنّ “الرئيس الفرنسي سيحاول جاهداً فصل الاستحقاق الرئاسي اللبناني عن تعقيدات الملف النووي الإيراني وسيسعى إلى التأسيس على الضوء الأخضر الإيراني الذي واكب الجهود الأميركية لإنجاز الترسيم البحري اللبناني مع إسرائيل بغية استكمال مساعيه الهادفة إلى إنهاء الشغور في سدة الرئاسة اللبنانية”.
وأوضح المصدر الديبلوماسي أنه “على الرغم من كون أجندة لقاء الرئيس الفرنسي مع الرئيس الأميركي جو بايدن مزدحمة، ورغم مجموعة التباينات الكبيرة في وجهات النظر بين البلدين والتي ستتم مناقشتها ملفاً ملفاً خلال اللقاء، إلا أنّ الرئيس ماكرون سيطرح موضوع لبنان بشكل واضح على طاولة النقاش من منطلق تظهير الحاجة الملحّة إلى وضع ملف الرئاسة اللبنانية على سلّم الأولويات الأميركية في هذه المرحلة”، كاشفاً عن “3 خيارات رئاسية ستكون مطروحة جدياً” على بساط البحث والنقاش بين ماكرون وبايدن “يتقدّمها خيار قائد الجيش العماد جوزيف عون باعتباره يستطيع تأمين تقاطعات لبنانية – إقليمية – دولية داعمة لانتخابه رئيساً للجمهورية”.
وبموازاة خيار قائد الجيش الذي يعتقد الجانب الفرنسي أنه “يمكنه بحكم شخصه وموقعه أن يستقطب دعماً أميركياً وسعودياً لانتخابه”، فإنّ الخيار الثاني على أجندة ماكرون سيتمحور حول “استكشاف مدى قابلية واشنطن للسير بتسوية لبنانية تفضي إلى انتخاب مرشح 8 آذار سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل اختيار شخصية من الفريق السيادي لرئاسة الحكومة تمهيداً للعمل على تسويق هكذا تسوية مع المملكة العربية السعودية التي لن يسير ماكرون بأي حل لبناني لا يحظى بموافقتها”.
أما الخيار الثالث، فسيكون من بين “لائحة المرشحين المطروحين للرئاسة ضمن مجموعة الشخصيات المصنّفة وسطية أو توافقية في القاموس اللبناني”، وفي ضوء ما سيخلص إليه لقاء ماكرون مع بايدن، توقع المصدر الديبلوماسي أن “يستحصل الرئيس الفرنسي على تفويض أميركي جديد لاستكمال مهمة إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني وليتولى تالياً ماكرون مساعيه في هذا الاتجاه مع الجانبين السعودي والإيراني”، لافتاً الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ “زيارة ماكرون إلى الولايات المتحدة تأتي في ضوء تنسيقه المستمر مع الفاتيكان الذي يحثّ فرنسا على لعب دور جدّي وضاغط في سبيل إنضاج ملف الرئاسة اللبنانية وإنهاء الشغور في أسرع وقت”.
وبانتظار الحلول الرئاسية، عاد الملف الحكومي ليطفو على سطح المشهد من زاوية الحاجة الملحة لانعقاد مجلس الوزراء والبت بعدد من القضايا والملفات الحيوية والحياتية والمالية والصحية والاستشفائية، وأفادت أوساط حكومية في هذا الإطار أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يتحضر لتوجيه الدعوة لانعقاد حكومته “خلال الأيام العشرة المقبلة… وليتحمّل كل وزير مسؤوليته إزاء الناس بالحضور من عدمه”.
وإذ أعاد هذا الأمر إثارة مسألة صلاحيات حكومة تصريف الأعمال وقدرتها على الانعقاد في ظل الشغور الرئاسي، أكدت أوساط سياسية أنّ ميقاتي الذي “سبق أن تعهّد للثنائي الشيعي عند بداية مرحلة الشغور بعدم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، ما كان ليقدم على هذه الخطوة الآن لولا أن حصل على “قبة باط” من الثنائي لا سيما من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يبدي دعمه لانعقاد مجلس الوزراء، بمعزل عن معارضة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، تحت عنوان الضرورات التي تبيح المحظورات وتوجب تسيير الأمور الحياتية والطارئة في البلد”.
وفي المقابل، لم يتأخر باسيل في وضع مستجدات الملف الحكومي ضمن إطار “حملة سياسية مبرمجة تطالب بعقد جلسة لمجلس الوزراء خلافاً للدستور، تحت طائل اتهام من يرفض بأنه سيكون في مواجهة مع الناس”، متهماً إثر اجتماع الهيئة السياسية في “التيار الوطني” برئاسته، ميقاتي بأنه “يمتنع عمدًا عن القيام بما يمكن للحكومة القيام به من ضمن صلاحياتها المحددة في الدستور، ويعدّ مراسيم غير دستورية ويصدر قرارات غير شرعية بصلاحيات لا يمتلكها”، لينتهي إلى التشديد في المقابل على أنّ “التيار الوطني لا يخضع لأي ابتزاز، وهو يرى أن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية (…) والوزراء ومجلس النواب ملزمون في هذه المرحلة بالقيام بواجباتهم لحين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة”.