مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الديار”
الايام الاولى للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في واشنطن حضرت خلالها حزمة كبيرة من الملفات الخلافية الاقتصادية مع الحليف الاميركي، وكذلك القضايا الاساسية الملحة، وفي مقدمها الحرب الروسية على اوكرانيا، في العشاء الرسمي حضر على الطاولات الملأى بالشمعدانات والزهور بألوان علمي البلدين، طبق الكركند، ولحم البقر، وكعكة البرتقال، والجبنة الاميركية الزرقاء (روكفور) وتم تقديم نبيذ أميركي لكن بكؤوس من صنع فرنسا، كل هؤلاء حضروا ولم يحضر لبنان على «الطاولة» علنا، وغالبا ليس في «الكواليس»، فما يشغل بال الرئيسين اكثر خطورة واهمية من ملف ركن على «الرف» راهنا باعتباره ليس من الاولويات الملحة، واي تصريح او تلميح قد يصدر في الساعات المقبلة مجرد كلام «رفع عتب» ردا على استفسار او سؤال، اما حقيقة الامر، فلا متسع من الوقت لمناقشة قضية لن تخجل واشنطن من عرضها في «بازار» البيع والشراء متى حان وقت الدخول الى «السوق». اما باريس فلا تملك الكثير من ادوات التاثير لا في العاصمة الاميركية ولا في الساحة اللبنانية، ولهذا رددت سفيرتها آن غريو على مسامع المسؤولين اللبنانيين كلاما واضحا عن ضرورة البحث عن مخارج محلية مقبولة تؤدي الى الحفاظ على الحد الاقصى من الامن ريثما تفتح «ابواب» المقايضات الدبلوماسية في الخارج. وبينما تحذر اوساط ديبلوماسية اوروبية من «قنبلة» على وشك الانفجار في الشرق الاوسط بسبب حالة «السعار» المتطرف في الداخل الاسرائيلي وسط مخاوف جدية من تصدير «اسرائيل» لازمتها الداخلية الخطرة الى خارج الحدود، يواصل النواب تقديم العرض المسرحي الرئاسي المخجل دون ان «ترف لهم جفن» وسط انهيار مالي واقتصادي، والانكى من ذلك تتلهى القوى السياسية اليوم بصراع فوق «جثة» هامدة على صلاحيات رئاسية «لا تقدم او تؤخر» عنوانها جلسة استثنائية للحكومة، وجلسة تشريعية تحت عنوان تشريع الضرورة.
لبنان ليس على «الطاولة»
فوفقا لمعلومات «الديار»، نقلت مصادر دبلوماسية اوروبية الى بيروت دعوة الى عدم المبالغة في التعويل على زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى واشنطن، فالملف اللبناني لا يحتل اولوية لدى باريس او واشنطن فثمة امور شائكة بين البلدين وتحتاج الى جهود كبيرة لحلها، ولذلك لن تحتل الازمة اللبنانية اي موقع جدي في المحادثات، فالرئيس الفرنسي لديه اولويتان ملف الأزمة في أوكرانيا، وقانون خفض التضخم الذي يتناول أوروبا، فهو يريد حماية المصالح الاقتصادية للاتحاد الأوروبي أمام إجراءات الولايات المتحدة لمواجهة التضخم. ولفتت تلك الاوساط الى ان باريس تعتبر القرارات الاقتصادية «شديدة العدوانية» للشركات الأوروبية، فبايدن يريد تنشيط الصناعات الأميركية وطمأنة الطبقة الوسطى والوقوف في وجه بكين، حتى لو كان هذا على حساب مصالح اوروبا، ولهذا وصف ماكرون تداعيات برنامج المعونات الحكومية للشركات في الولايات المتّحدة بانها ستكون كارثية على الاستثمارات في أوروبا… وقال لبرلمانيين أميركيين «ربما تقومون بحل مشكلتكم، لكنكم تفاقمون مشكلتي»، محذرا من ان برنامج الولايات المتحدة للاستثمارات والإعانات لمساعدة الشركات المحليّة يهدّد «بتفتيت الغرب». ولهذا لا يمكن التعويل على زيارة ماكرون لتحريك الملف اللبناني الذي يبقى على «رصيف انتظار» التسويات الكبرى في المنطقة.
هل تصدر «اسرائيل» الفوضى؟
وليس بعيدا عن هذا الملف، حذرت المصادر الدبلوماسية ذاتها من «قنبلة» التطرف في «اسرائيل»، وابدت قلقها من محاولة اسرائيلية لتصدير ازمتها البنيوية الى الخارج في ظل تصدعات غير مسبوقة في داخل المجتمع الاسرائيلي. ولفتت تلك الاوساط الى ان هذا الملف موجود على جدول اعمال الرئيس الفرنسي الموجود في واشنطن، حيث تخشى باريس من انفلات الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وتطور الامور الى «مغامرة» اسرائيلية ضد ايران قد تكون مقدمة لانفجار شامل في المنطقة. هذا القلق الاوروبي، تعززه التقارير الاعلامية الاسرائيلية وتصريحات مسؤولين حاليين وسابقين، وفي سياق التحذير من حفلة «جنون» تقودها حكومة متطرفة، كشفت صحيفة «هارتس» عن «رسالة» تحذير بعث بها رئيس الأركان افيف كوخافي الى رئيس الاركان الجديد يحذره فيها من لحظة انفجار شامل في كل الاتجاهات. ولفتت الصحيفة الى انه يتم قتل الفلسطينيين بنار قوات الأمن يومياً. والإسرائيليون يقتلون ويصابون في عمليات إطلاق نار وهرس وطعن ورشق حجارة. هؤلاء وأولئك يستدعون المزيد من المظاهرات والاحتجاج، والمزيد من الاقتحامات والاعتقالات. هذه المواجهة لا يتوقع أن تبقى خلف الخط الأخضر هذه المرة، كما تقول الصحيفة، ولن تقتصر على الشرخ الإسرائيلي – الفلسطيني، السلطة الفلسطينية تفقد السيطرة، والجيش الإسرائيلي تتم مهاجمته وإضعافه من كل الجهات، نحن على بعد خطوة من سفك دماء، عرقي وقومي وديني، على نمط البلقان، تقول «هارتس» انها حرب الجميع ضد الجميع، فنتنياهو لم يخترع الاحتلال أو النزاع، لكن وعاء الضغط الذي يقوم بتسخينه بشكل دائم منذ سنوات، كي يخدم مصالحه القانونية والعائلية، على وشك الانفجار. هذا الانفجار سيكون على اسمه. حرب نتنياهو. هي الحرب التي يتخوف منها الاوروبيون ولا يعرفون كيف واين تبدا او يمكن ان تنتهي؟ وهذا يضع الجبهة الشمالية في «عين العاصفة» من جديد لانها لن تكون بمنأى عن هذا التصعيد!
الجزء الثامن من «المسرحية»
في هذا الوقت، التحق الجزء الثامن من «مسرحية» ساحة النجمة الرئاسية باجزاء العرض السابقة، فشل، وملل، وانعدام للمسؤولية الوطنية. في هذا العرض تقدّمت الورقة البيضاء على ما عداها من الأصوات محرزة 52 صوتاً، فيما سُجّل تراجع واضح في الأصوات المقترعة للنائب ميشال معوّض الذي نال 37 صوتاً بعدما كان قد حاز في الجلسة السابقة 42 صوتاً، وهو ما برّره الأخير بخسارته صوتين بسبب قرار المجلس الدستوري و3 أصوات أخرى بسبب صراع الأصوات القائم. كما حصل عصام خليفة على 4 أصوات، وزياد بارود صوتيْن، فيما سُجّلت 5 أوراق ملغاة، إضافة إلى 9 أصوات لـ «لبنان الجديد»، واسميْن آخريْن. الجلسة، التي عُقدت بغياب النواب نديم الجميل وحليمة قعقور ونعمة افرام وفريد الخازن وزياد حواط وابراهيم كنعان وعلي عسيران وفراس حمدان، استُهلّت بمداخلة لعضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أنطوان حبشي، الذي قال: «لو كان التعطيل حقاً مكتسباً ما كان ينصّ النظام الداخلي لمجلس النواب على تقديم عذر عند الغياب وكلّ ما يحصل يضع البرلمان خارج دوره». وتوجّه إلى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بالقول: «القصة عندك لتطبيق الدستور وبخاصة لأنّ جزءاً من المعطّلين هم أقرب المقرّبين إليك، ونتمنى عليك دعوة النواب إلى البقاء في المجلس لتطبيق الديموقراطية». وأضاف: «نعيش حالة خطرة ونتعاطى معها باستخفاف بالغ و»القصة عند حضرتك يا دولة الرئيس». فردّ بري عليه بالقول: «أنا أكثر الناس حرصاً على انتخاب رئيس للجمهورية، أمس قبل اليوم، وهذا الكلام لا يُوجّه إلي وبعد فقدان النّصاب في الدّورة الثّانية، حدّد بري جلسةً جديدةً يوم الخميس المقبل.
خلاف جعجع جنبلاط
في هذه الاثناء، خرج الخلاف بين الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية حول كيفية الخروج من المأزق الراهن في البلاد الى العلن، بعد انتقاد النائب السابق وليد جنبلاط، موقف سمير جعجع من عدم جدوى الحوار مع حزب الله، معتبراً أن هذا الأمر عبثيا. واشار جنبلاط الى ان هناك من قال إنه لا فائدة من الحوار مع الحزب، وهذا أمر عبثي؛ إذ علينا أن نحاور كل الفرقاء للوصول إلى انتخاب رئيس يملك مواصفات الحوار، ويملك مواصفات معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، أما أن نراهن على الفراغ فنحن نرى كيف البلاد تغرق في كل يوم، لقد غرقت منطقة جونيه بالسيول، وليس هناك دولة، فالاستمرار في المراهنة على الفراغ، وعلى الشلل في كل المجالات، ومنها مثلاً ما يحدث بإضراب القضاة، أمر عبثي، وكان رئيس القوات اللبنانية قد اشار الى إن الحوار مع حزب الله وحلفائه إضاعة للوقت، مضيفاً: لا نستطيع أن نتحاور مع من تسبب بالأزمة للخروج منها! ووفقا لمصادر سياسية بارزة، فان هذا السجال يثير الكثير من القلق ازاء وحدة «خصوم» حزب الله في الاستحقاقات الرئيسية ومنها انتخاب الرئيس، في ظل تبادل اتهامات حول حوارات تجري من «تحت الطاولة» وفوقها بين هذين الفريقين ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية؟ ولا يتوقف الخلاف عند هذا الحد فثمة مقاربة مختلفة بين «القوات» و»الاشتراكي» حول الدعوة الى جلسة استثنائية للحكومة، ففيما تعارض «معراب» هذه الخطوة تعتبر «المختارة» الامر ملحا خصوصا في ما يتعلق باقرار موازنة وزارة الصحة والمستشفيات، وتعتبر كل معطل مغامرا بصحة الناس ومستهترا بأرواحهم…
جلسة الضرورة والانقسامات؟
في هذا الوقت، يواصل الرئيس ميقاتي عملية «جس النبض» حول دعوة الحكومة للانعقاد، وهو حاول في الساعات القليلة الماضية استمزاج رأي بكركي بعيدا عن المواقف «الشعبوية» للبعض، مقدما عرضا مسهبا حول ضرورة عقد هذه الجلسة الخاصة باقرار امور معيشية طارئة، وفي مقدمتها القطاع الاستشفائي. وفي الانتظار، وإن كان قرار دعوة الحكومة إلى الانعقاد لم يتخذ بعد، إذ يجري التواصل ايضا مع الوزراء المقربين من التيار الوطني الحر، حيث يرجح حصول اختراق عبر وزيري العدل والطاقة، فان مصادر رئيس الحكومة تشير الى انه لن يتراجع عن الحق الممنوح له وفقا لاحكام المادة 65 من الدستور، ومتى تأمن نصاب الثلثين سيدعو للجلسة ولن يرضخ للضغوط مهما كانت كبيرة، وهو لا يريد ان يضع نفسه تحت رحمة وزراء قد لا يوقعون على «المراسيم الجوالة». واليوم سيكون حاسما بالنسبة الى الرئيس ميقاتي فاذا نضجت الامور فهو سيدعو الى جلسة يوم الثلاثاء المقبل، تضم الى الملف الصحي، ملف الاتصالات وخصوصا في اوجيرو، وبعض البنود المتعلقة بالمؤسسة العسكرية. وبعد ساعات على بيان التيار الوطني الحر الرافض لعقد اي جلسة باعتبارها اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية، جدد نائب رئيس مجلس النّواب، الياس بو صعب، بالامس الموقف المعارض واكد أنّه ليس مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ الفراغ الرئاسي، لانه لا يجب أن تستمرّ حكومة تصريف الأعمال في عملها بشكل عادي وسط ضرورة انتخاب رئيس جمهوريّة، لأنّ الاستحقاق الرّئاسي أولويّة. وتشير المعلومات في هذا السياق الى ان «التيار» لن يتوانى عن تحريك «الشارع» اعتراضا على اي دعوة مماثلة، وهو يدرك انه سيكون وحيدا في هذه «المعركة» لان حزب الله غير مقتنع بمبررات عدم انعقاد جلسة عنوانها الرئيسي معيشي ولا تمس باي صلاحيات رئاسية.
الجلسة الرقابية
في هذا الوقت، يفترض أن تبحث جلسة في المجلس النيابي يوم الأربعاء المقبل، قضية الاختلاس في قطاع الاتصالات، وذلك بعد إحالة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بواسطة وزير العدل طلباً إلى البرلمان للنظر في مضمون التحقيقات التي يجريها القضاء في ملف الاتصالات. ويضع الرئيس بري الجلسة في خانة العمل الرقابي الذي يفترض أن يقوم به مجلس النواب، لمكافحة الفساد، وليست في اطار الجلسات التشريعية التي لا مانع من عقدها عندما تصبح مشاريع القوانين جاهزة. وسنداً لقانون أصول المحاكمات، وقعت عريضة من قبل 25 نائباً تقدموا بطلب اتهام ثلاثة وزراء سابقين هم، بطرس حرب وجمال الجراح ونقولا صحناوي، على أن يأخذ البرلمان قراراً بشأنها لجهة الملاحقة أو صرف النظر عنها.
ملف النازحين: «راوح مكانك»
لم ينجح الموقف اللبناني الموحد من قضية عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، في تغيير موقف المجتمع الدولي المتآمر في هذا الملف الى حد الفضيحة، وكلام المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي المتفهم للموقف اللبناني «لا يغني ولا يثمن عن جوع» براي مصادر مطلعة اشارت الى ان ما حمله خلال جولته على المسؤولين بالامس لا يغير من القناعة بوجود رغبة ضمنية لدى المجتمع الدولي في ابقائهم حيث هم بحجة عدم وجود ظروف آمنة لاعادتهم الى سوريا. ووفقا للمعلومات، انتهت اجتماعاته الى «صفر» نتيجة على الرغم من تقديمه وعودا بالمزيد من الدعم المالي للنازحين وزيادة الدعم ايضا للبنانيين. اما القرار السياسي فهو حاسم بعدم المساعدة على اعادتهم. وقد تسلم غراندي من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مطالب محددة تتقاطع مع الخطة التي سبق للبنان أن وضعها لتأمين هذه العودة ، إضافة إلى بعض النقاط الجوهرية الجديدة. وقد جدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال، مطالبة المجتمع الدولي بالتعاون لإنهاء أزمة النزوح السوري التي تضغط على لبنان على الصعد كافة… وشدّد على أنّ «الأولوية في هذه المرحلة هي لإعادة النازحين السوريين تباعاً إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في سوريا». من ناحيته، قال غراندي «إنّنا نعمل مع الجانب السوري ومع الحكومة السورية على إزالة العوائق الجدية التي تراكمت على مرّ السنين والتي تمنع الناس من العودة». بدوره، أكد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بعد لقاء غراندي أنّ حجم الأعباء التي يتحمّلها لبنان من جرّاء أزمة النازحين السوريين باتت كبيرة جداً «وهي تنذر بعواقب خطرة على لبنان وعلى اللاجئين».
اليوم الاول للدولار الجمركي؟
ومع بدء تطبيق سعر الدولار الجمركي بـ15000، اعلنت وزارة الصناعة في بيان ان هذا الاجراء يشمل الآلات الصناعية والموادّ الأوّلية المستوردة، لزوم الصناعة والتصنيع في لبنان. وبالتالي، لن تتأثّر كلفة المنتَج الصناعي الوطني بالتدبير الجمركي الجديد، وسوف يحافظ على سعره المعتاد المعمول به كما كان سابقاً على أساس الدولار بـ 1500 ليرة. وأعلن وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال، جورج بوشكيان، أنّه تمّ تأجيل زيادة الـ10% على المواد التي لها بديل في الصناعة اللبنانية. وفي السياق نفسه، اكد المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر التشدد في الرقابة على تطبيق الدولار الجمركي لدى المستوردين ومراكز البيع بالتعاون مع امن الدولة والقضاء. ولفت الى ان المستوردين وقعوا تعهدا ببيع كل ما في المستودعات على سعر 1500 ليرة للدولار الجمركي، وحذر من اقفال اي مؤسسة تجارية مخالفة. في المقابل، ثمة تشكيك كبير في قدرة الاجهزة الرقابية على السيطرة على الاسعار، خصوصا ان اول يوم من تطبيق القرار شهد غياب العديد من البضائع من المتاجر والسوبرماركت!