الرئيسية / آخر الأخبار / اجتماع الحكومة: انتفاء الحاجة إلى رئيس للجمهورية

اجتماع الحكومة: انتفاء الحاجة إلى رئيس للجمهورية

مجلة وفاء wafaamagazine

لن ينتهي مفعول اجتماع حكومة تصريف الأعمال في وقت قريب. ارتداداته على انتخابات رئاسة الجمهورية ستكون مؤثرة، كما على تعامل القوى المسيحية بالمفرق والجملة مع استحقاقات مقبلة

كرس اجتماع حكومة تصريف الأعمال خشية كانت بدأت تتصاعد منذ ما قبل الفراغ الرئاسي حول المرحلة المقبلة في التعاطي مع موقع رئاسة الجمهورية.

مع الفراغ الرئاسي الذي أعقب مغادرة الرئيس ميشال سليمان، كانت حكومة الرئيس تمام سلام حكومة كاملة الصلاحيات تمارس من خلال اجتماعات مجلس الوزراء مهام رئيس الجمهورية. مع ذلك، ورغم مرور سنتين ونصف سنة على الشغور الرئاسي، ظلت المطالبة تصاعدية – ولا سيما من القوى المسيحية والمارونية – بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية. مع الفراغ الحالي، طغى الخلاف السياسي بين المكونات المسيحية على كيفية التعاطي مع موضوع حكومة تصريف الأعمال، إلى أن صدرت فتوى مجلس النواب لرسم خريطة الطريق أمام حكومة ميقاتي لممارسة مهامها في غياب رئيس الجمهورية. ما حصل أن اجتماع الحكومة بالطريقة التي جرى تهريبه فيها، عنى في شكل أساسي توجيه رسالة إلى القوى المسيحية حول موقع رئاسة الجمهورية. أي أن القضية انتقلت من كونها تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية إلى التعامل بخفة مع حيثية الموقع بذاته وبما هو أبعد من المطالبة الصورية بضرورة انتخاب الرئيس. أحدث اجتماع حكومة تصريف الأعمال سابقة بهذا المعنى «الوجودي» لرئيس الجمهورية، وعنى أيضاً أنه، في مرحلة لاحقة، يمكن لحكومة مستقيلة بذاتها وليس فقط مستقيلة دستورياً بحكم الأمر الواقع بعد إجراء الانتخابات، أن تدير شؤون البلاد وتتولى مهام رئاسة الجمهورية، ما يترجم مرة بعد أخرى بالاستغناء عنه كحتمية بعدما انتفت الحاجة إليه. فأي رئيس حكومة مستقيلة، من الآن وصاعداً، سيتحول طموحه إلى ممارسة دور رئيس الجمهورية بتغطية سياسية من القوى التي تدعمه.

كيف تصرف المسيحيون إزاء ما جرى.
انشغل الوسط السياسي بمتابعة تفاصيل الليلة التي سبقت اجتماع حكومة تصريف الأعمال، ومن قام بخرق الصف المسيحي في تأمينه نصاب الجلسة، وما هو دور حزب الله في ما جرى. إذ إن القضية تتعدى انضمام الوزير الأرمني إلى الجلسة، رغم أن انقلاب هذا الوزير على القوى المسيحية ستكون له تبعاته مستقبلاً بعدما استعادت الأحزاب المسيحية حلفاء الطاشناق – الذي لم يقنع تبريره التيار الوطني أو خصومه – موقف الحزب من سوريا ومن الحرب فيها ومن حزب الله ومن القوى المسيحية إبان الوجود السوري.
انقسم المسيحيون كقوى وشخصيات إلى ثلاثة أقسام:
الأول اعتبر أن ما يجري خطر بالمعنى الميثاقي وبمعنى استغلال حزب الله وليس فقط الرئيس نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لوضع التيار الدقيق من أجل توجيه رسالة إليه ومعه إلى القوى المسيحية كافة. في هذا الشق لم يتعامل هؤلاء مع ما جرى على أنه استهداف للتيار فحسب، رغم أن بعضاً من هؤلاء لا يكنّون الود لباسيل ولا للتيار ولا يعدّون في صفوفه. لكنهم أعطوا لما جرى بعداً مستقبلياً يتعدى اللحظة الآنية. وخلاصة موقف هذا الفريق أن اجتماع الحكومة حمل رسالة مزدوجة إلى القوى المسيحية بأن القوى السنية والثنائي الشيعي لديهم القدرة على فرض إيقاع حكومي – سياسي بعيداً عنهم، بتغطية من شخصيات مسيحية لا تمثيل حقيقياً أو واسعاً لها. وهي طاولت بشظاياها المرشح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. ولأن ما بعد الاجتماع غير ما قبله فإن ذلك يصيب ترشيحه في الصميم لأن مجرد اجتماع الحكومة كشف عن نوعية الرئيس الذي يريده الفريق الذي ضغط لعقد الجلسة، ما سيزيد تصلب كافة القوى المسيحية في المرحلة المقبلة رئاسياً. ولعل ذلك يمكن أن يثير نقزة الفريق الذي كان وراء عقد الجلسة من مغبة الإقدام على خطوات رئاسية تقلب موازين القوى الحالية.


أحدث اجتماع حكومة تصريف الأعمال سابقة بالمعنى «الوجودي» لرئيس الجمهورية

القسم الثاني تعامل مع ما يجري بأنه توزيع أدوار بين حزب الله التيار الوطني الحر. وهذا الفريق لم يقتنع رغم كل المؤشرات بأن التيار الوطني تعرض لنكسة من خلال عقد الاجتماع والعمل على تأمين النصاب ولو لجلسة وحيدة. وهو لا يزال مصراً على أن ما جرى يهدف إلى تعزيز حظوظ باسيل مسيحياً من أجل تعويمه تمهيداً للانتخابات الرئاسية. لذا يعتبر هذا الفريق أن من الخطأ أن تقوم بكركي أو المعارضة المسيحية بتغطية التيار في معركته كما حصل مع قضايا سابقة بحجة الدفاع عن حقوق المسيحيين، لأن التيار في النتيجة هو الذي سيحصد وليس القوى المسيحية. فهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يوجه فيها التيار رسائل مماثلة إلى حزب الله. لكنهما دوماً يجدان الطريق إلى تجديد التفاهم بينهما عاجلاً أم آجلا. ومن الأجدى عدم الرهان على أي خلاف بينهما.
القسم الثالث هو التيار الوطني الحر وقاعدته ومسؤولوه الذين تصرفوا على أن التيار تعرض لطعنة من حليفه وليس من رئيس الحكومة. وهذه القاعدة التي كانت تنتظر موقف رئيسها النائب جبران باسيل تتعامل مع ما يجري لجهة ضرورة قيام قيادتها بما هو عملاني لإيصال رسالتها وليس مجرد الاكتفاء بتصعيد كلامي ينتهي مفعوله بعد 24 ساعة. فجردة التيار تجاه خطوات حزب الله باتت كبيرة، لكن لا تزال تظللها قشرة رقيقة من التفاهم لم تنكسر بعد. وهذا الفريق يلتقي مع خصومه بأن ميقاتي لا يمكن أن يتصرف بمعزل عن حزب الله، تماماً كما لم يشكل حكومة قبل نهاية العهد برضا الحزب أيضاً.


بعد كل ذلك، يصبح التعامل مع واقعة جلسة الاثنين على أنها مفصلية بين مرحلتين، ولن تكون جلسة عابرة في ميزان حزب الله. لكن الأهم أنها ستضاف كسابقة دستورية إلى خروقات سابقة تمس موقع الرئاسة.

 

 

 

الأخبار