مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “الانباء”
لم تنته مفاعيل جلسة الأول من أمس الحكومية، ومن المرتقب أن تستمر تداعياتها في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والذي صوّب سهامه تحديداً بوجه حلفائه الذين وللدقة التاريخية كانوا رعاته السياسيين ولولا احتضانهم له لما كان له ما كان من قدرة على التعطيل والشلل التي مارسها لسنوات بفعل ما منحه اياه حلفاؤه من دعم لا متناهي.
باسيل الذي دفع الثمن هذه المرة بعدما فاض كأس الحلفاء منه، وجد نفسه في معركة بوجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وقد كان من الواضح أن الجلسة الحكومية عُقدت بغطاء من حزب الله، الذي ضغط لتأمين النصاب. وقد يكون من خلف خطوة الحزب بوجه حليفه العوني ضغط من نوع آخر، مرتبط بالانتخابات الرئاسية والشروط العالية السقف التي وضعها باسيل. فبإصراره على عقد الحكومة لجلسة، وجّه الحزب رسالة لرئيس التيار، مفادها، مجلس الوزراء سيستمر في الانعقاد طالما أن باسيل يعطّل التوافق بين مكوّنات الفريق الواحد، فيما الحل الأمثل يكمن في الاتفاق مع الحزب على دعم مرشّح يُنهي حالة الفراغ، وبالتالي حالة الشواذ الدستورية بأكملها، برأي الحزب.
لكن باسيل رد على ذلك بطريقة مباشرة، وهو وإن لم يسمّ حزب الله، لكنه تحدث عنه بوضوح، وقال ردا على ما يمكن ان يأتيه من ضغوط مستقبلية أنها ستزيده “تصلباً”، إلّا أن بيد حزب الله أوراق عدة قد يلعبها في الفترة المقبلة للضغط على حليفه العوني للنزول عن الشجرة التي صعد إليها، ومنها استمرار عقد الجلسات الحكومية، إلى جانب دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى جلسات تشريعية أو رقابية، وهو كان قد لوّح بذلك، إلّا أن باسيل قد يستغل رفض القوات اللبنانية لها، فيغيب عنها ويعطّل نصابها ويُفقدها ميثاقيتها.
في هذا السياق، لجأ برّي إلى تأجيل جلسة اليوم الأربعاء التي كانت مخصّصة لمناقشة الإدعاء بملف الإتصالات بعد أن تمنّت هيئة مكتب المجلس النيابي فعل ذلك، إفساحاً في المجال لمشاركة غالبية الهيئة العامة.
تفعيل عمل مجلسي الوزراء والنواب يعني عودة عمل المؤسسات الدستورياً نسبياً، ولو في ظل حالة دستورية غير مستقيمة، وهو ما يخشاه باسيل الذي يُمسك بالتعطيل كورقة رابحة يفرض من خلالها ميرنا الشالوحي ممراً إلزامياً لانتخاب رئيسٍ للجمهورية.
مصادر التيار الوطني الحر رأت في خطاب باسيل “رسائل إلى كل الجهات، خصوصاً وأن الجميع شعر وأنّه معني بما قاله، بانتظار الأيام المقبلة التي قد تتبلور فيها الأجواء أكثر قبل الاطلالة الإعلامية المرتقبة لباسيل الأحد، وحينها، قد يوجّه الأخير سهاماً أكثر دقّة، وقد يكشف معلومات إضافية، خصوصاً وأنّه رفض تسمية الأمور بأسمائها أمس”.
وفي حديث لجريدة “الانباء” الإلكترونية، أكّدت المصادر أن التيار “لن يتوانى عن مواجهة دعوات ميقاتي الاستمرار بعقد الجلسات الحكومية، وذلك قضائياً، دستورياً، سياسياً وقد تصل الأمور إلى المواجهة الشعبية”. وعن المشاركة في الجلسات النيابية، اكتفت المصادر بالقول: “هي مقابل هي”.
مصادر حركة “أمل” اعتبرت أن خطاب باسيل “دليل على أهمية العودة إلى الحوار الذي دعا إليه برّي، بغض النظر عن صيغته وشكله”، ورأت في التطورات الأخيرة التي فرضت نفسها في الأيام الماضية مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء ورفض باسيل لها والتلويح بالتصعيد، “خطراً يستوجب البحث في الحلول وإنجاز الاستحقاق الرئاسي في وقت سريع قبل تفاقم الوضع، مع التأكيد على موقف الحركة من الجلسة الحكومية، التي كان على جدول أعمالها بنوداً لا تحتمل التأجيل، لأنها تمس بمصالح الناس”، وفق المصادر.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، علّقت المصادر على جلسة مناقشة الإدعاء بملف الإتصالات، ولفتت إلى أن “التأجيل جاء افساحاً في المجال لمشاركة نيابية أوسع، وذلك بعد رفض عدد من الكتل النيابية والنواب المشاركة في أي جلسة نيابية لا تكون مخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية”. هنا، يُذكر أن الجمهورية القوية أعلنت على لسان نائبها غسان حاصباني نيتها عدم المشاركة في الجلسات إلّا تلك المخصصة للاستحقاق الرئاسي.
اذا عاد أطراف المحور ذاته إلى التراشق الإعلامي والسياسي في الوقت المستقطع قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو ربما يشي بخلافات حقيقية وربما وسيلة لإلهاء المواطنين الذين سئموا من الوضع الحالي، لكن لا شك أن خلف هذه الضوضاء، ثمّة ضغوطا وضغوطا مضادة، وشروطا وشروطا مرتفعة، وتسويات تُعقد خلف الكواليس، لينزل كل فريق عن الشجرة التي تسلّقها.