مجلة وفاء wafaamagazine
جاؤوا الى الجلسة الانتخابية الرئاسية التاسعة وبمِثل ما جاوؤا عادوا، فهم يدركون انّ مصيرها سيكون كسابقاتها، مسرحية تصويت معروفة نتيجتها سلفاً وليس مهماً «صوت بالزايد وآخر بالناقص لهذا المرشح او ذاك من المرشحين الاستعراضيين او المعروضين طالما انّ الغاية هي الكيدية او «الزَكزكة المتبادلة» المباشرة وغير المباشرة بين القوى الاساسية الناخبة في الاستحقاق الرئاسي، وإمرار للوقت الى حين هبوط «الوحي» الاقليمي والدولي الذي ينصاعون إليه على الفور وينتخبوا الرئيس الذي تنتقيه العواصم المتعاطية بالشأن اللبناني اكثر من تعاطي أهل البيت به.
لكن ما مَيّز الجلسة هذه المرة هو انّ الكيل قد طفح لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طلب من رؤساء الكتل ان يزوّدوه في الجلسة العاشرة والاخيرة هذه السنة الخميس المقبل آراءهم في الحوار الذي يدعو اليه للاتفاق على رئيس جمهورية جديد، والخروج من الفراغ الرئاسي الذي قد يطول ويطول ان استمرّ فلكلور الجلسات الاستعراضية وغير المنتجة.
وفي وقائع الجلسة برز للمرة الاولى وبنحو لافت تَساو بين الاصوات التي نالها المرشح ميشال معوض والاوراق البيض (39 مقابل 39) نَجمَ من ألاعيب انتخابية مارسها على ما يبدو نواب تكتل «لبنان القوي» عبر اوراق كتب عليها «ميشال» و»معوض» و»معوض بدري ضاهر»، ولم يذهبوا الى التصويت لأيّ مرشح جدي آخر كما يتوقع البعض بهدف استثارة الكتل التي تقترع بالارواق البيض منذ الجلسة الاولى وحتى جلسة الامس، ما دلّ الى ان «التيار الوطني الحر» لن يذهب بعيدا في الخلاف الناشئ بينه وبين «حزب الله» الذي استبقَ الجلسة ببيان رَد فيه على مواقف رئيس التيار النائب جبران باسيل التصعيدية الاخيرة، مؤكداً انه لم يقطع له اي وعد كما زعم، بعدم حضور اي جلسة لمجلس الوزراء.
ورأت مصادر نيابية انّ جلسة الخميس المقبل، واذا لم يسبقها الوحي الموعود، سيكون مصيرها كسابقاتها وسيكون مصير الحوار الذي يدعو اليه بري مرهوناً بردود الكتل ان حصلت على هذه الدعوة، ما يعني انّ انجاز الاستحقاق الرئاسي سيكون مرشحا للتأجيل الى السنة الجديدة، حيث ستكون الجلسة المقبلة الاخيرة في الايام المتبقية مع السنة الجارية.
بري والحوار
وقال بري لدى رفع الجلسة بعد «تطيير» نصابها القانوني للجلسة، مُحدداً الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل موعدا لجلسة جديدة: «آمل من الآن الى الخميس المقبل ان آخذ رأي الكتل جميعاً في الحوار، إذا حصل فسأحوّلها الى حوار، واذا لا فعندئذ نذهب الى آخر السنة».
وكان بري قد لفتَ في اكثر من مداخلة، رداً على بعض النواب، بأن «لا شيء يحصل إلا بالحوار»، وذكر بأنه «قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية كان يحاول إجراء حوار» للاتفاق على انتخاب الرئيس.
ونتيجة الفرز، نال النائب ميشال معوض 39 صوتاً، ورقة بيضاء (39)، عصام خليفة (5)، «لبنان الجديد» (9)، بدري ضاهر (3)، «لأجل لبنان» (1)، صلاح حنين (1)، فوزي ابو ملهب (1)، زياد بارود (1)، معوض بدري ضاهر (1)، «التوافق» (1)، و4 اوراق ملغاة. وبلغ عدد المقترعين 105.
حنين يُعلن ترشيحه
وعلى هامش الجلسة التاسعة أعلن النائب السابق صلاح حنين ترشّحه رسميًا لإنتخابات رئاسة الجمهوريّة، خلال مشاركته في سلسلة «رئاسيّات»، ضمن جلسة مع «الكتلة الوطنية» في مقرّها في الجمّيزة. ولفت إلى أنّ «الانطلاقة كانت مع نوّاب التغيير الذين تداولوا بعض الأسماء لترشيحها ضمن سلّة واحدة. وكان لي الحظ أن يكون اسمي من بين هذه الأسماء وحصل تواصل بيننا، وفي موقع آخر قرّروا ضمن آليّة لاختيار اسم من بين الأسماء التي توافقوا عليها وتبيّن أنّهم اختاروا اسمي». وأوضح أنّ «المبادرة اليوم ما زالت بين أيديهم، وقد علمتُ أنّه من الممكن أن يقدموا على مبادرة جديدة تقوم على التواصل مع الأحزاب والتيّارات لتحديد التقاطعات بين بعضهم». أضاف: «صحيح أنّ المبادرة تعثّرت، ولا شيء في السياسة وفق الظروف لا يتعثّر، وأعتقد أنّهم سيستمرون فيها بالتقاطع مع الأحزاب والتيّارات».
في عين التينة
ولوحِظ انّ بري استقبل لاحقاً في عين التينة السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وعرض معها الاوضاع العامة وآخر المستجدات والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا. ثم التقى مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق مدير مركز ويلسون للدراسات في واشنطن ديفيد هيل، الذي قال بعد اللقاء إنّ مركز ويلسون «أطلق برنامجاً حول لبنان وحول الموضوع الاقتصادي والبرنامج السياسي وأين موقع لبنان في المنطقة وكيف يُبنى لبنان». واضاف «انّ الوضع غير ميؤوس منه. لبنان أنجَز انتخابات نيابية وكذلك هو في طور القيام بإصلاحات مالية واقتصادية حيث انّ الدعم الدولي جاهز للمساعدة فور إنجازها. والمطلوب ان تتوافر إرادة سياسية لدى اللبنانيين لاتخاذ هذه الخطوات الضرورية لإعادة الثقة، واذا ما توافرت هذه الارادة السياسية لدى اللبنانيين للتعاون مع المجتمع الدولي والمؤسسات في لبنان والقطاع المالي، واذا ما تضافرت هذه الجهود، فأنا متفائل بمستقبل أفضل للبنان».
«الحزب» و»التيار»
في غضون ذلك استمر الخلاف المُستجد بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» في التفاعل على وَقع بيانين متضادين في يوم واحد.
إذ وبعد بيان الصباح الباكر للعلاقات الإعلامية في الحزب، والذي سَرد فيه حيثيات مشاركته في الجلسة الحكومية موضع النزاع، ردّت اللجنة المركزية للاعلام والتواصل في التيار لاحقاً ببيان اعتبر انّ الحزب وقعَ في التباس يستدعي التصحيح.
ولكن يبدو انّ الحزب سيكتفي راهناً ببيانه على قاعدة انه «كاف وواف ونقطة على السطر»، كما أكد قريبون منه لـ»الجمهورية»، مُشددين على أنّ قرار الحزب بالمشاركة في جلسة مجلس الوزراء انطلقَ فقط من أسباب اجتماعية وإنسانية لا غير، ولم يكن يضمر أي استهداف للتيار أو لموقع رئاسة الجمهورية. وبالتالي، يجب أن تتم مقاربة موقفه بعيداً من «نظرية المؤامرة» التي لا مكان لها في حساباته.
الى ذلك، رجّحت أوساط سياسية عبر «الجمهورية» ان يكون التباين الواسع في مقاربة الاستحقاق الرئاسي قد فاقَم هواجس باسيل حيال الحزب الذي لا يزال يتمسّك بخيار رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وإن يكن لم يُجاهر به بعد علناً.
واشارت الاوساط الى انّ جزءا اساسيا من الحساسية الزائدة لباسيل حيال «حزب الله» في هذه المرحلة يرتبط بالحسابات الرئاسية، وهذا ما دفعه الى الاستشعار بأنّ قرار الحزب بحضور مجلس الوزراء يَندرج في سياق الضغط عليه في الملف الرئاسي، «الأمر الذي ينفيه «حزب الله» لأنه لا يحتاج إلى توجيه رسائل لإيصال موقفه الذي أبلغه الى باسيل مباشرة».
لا اجتماع
وفيما تردّد أنّ اجتماعاً عُقد على هامش الجلسة النيابية بين رئيس «التيّار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل وعضوي كتلة «الوفاء للمقاومة» النائبين علي عمار وحسن فضل الله وعدد من نواب تكتّل «لبنان القوي»، أوضح النائب غسان عطالله أنّ النائبين عمار وفضل الله «كانا مارّين وحصل سلام بينهما وبيني وبينهما وبين النائب جبران باسيل، ولم يكن اجتماعاً».
بعد انتهاء عملية الإقتراع دخل باسيل الى القاعة، في مرحلة فرز الأصوات، أي أنه لم يُدلِ بصوته، وراح يتبادل أطراف الحديث مع نواب كتلته، بعدما استعاد مقعده من النائب أسعد درغام.
رد ورد مُضاد
وكانت العلاقات الاعلامية في «حزب الله» قد استبقَت الجلسة النيابية ببيان علّقت فيه على المؤتمر الصحافي الاخير لباسيل، واكدت انّ «حزب الله لم يقدّم وعداً لأحد بأنّ حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا بعد اتفاق جميع مكوناتها على الاجتماع، حتى يعتبر الوزير باسيل أنّ اجتماع الحكومة الذي حصل هو نَكث بالوعد». واوضحت انّ التشاور والتوافق «مع بري وميقاتي كان على اساس ان لا تجتمع الحكومة إلا في حالات الضرورة والحاجة الملحّة». وانه «في حال اجتماعها فإنّ قراراتها ستؤخَذ بإجماع مكوناتها»، وانّ «حزب الله لم يقدّم وعداً للتيار بأنه لن يحضر جلسات طارئة للحكومة إذا غاب عنها وزراء التيار». واكدت انّ «الصَّادقين لم ينكُثوا بوعد، وقد يكون التبسَ الأمر على الوزير باسيل فأخطأ عندما اتّهم الصَّادقين بما لم يرتكبوه».
واعتبرت «إنّ إعطاء مشاركتنا في الجلسة تفسيرات سياسية على سبيل المثال رسالة ساخنة في قضية انتخاب الرئيس، أو الضغط على طرف سياسي في الانتخابات الرئاسية، أو لَيّ ذراع لأحد، أو استهداف الدور المسيحي أو… أو… كلّها أوهام في أوهام، فحَجم الموضوع بالنسبة إلينا هو ما ذكرناه أعلاه». ووصفت تصرف «التيار» بأنه «تصرّف غير حكيم وغير لائق».
وردت اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في «التيار الوطني الحر» على «حزب الله»، فقالت إنّ ما ورد في بيانه «مُلتبس جداً ويحمل تناقضاً بين الحرص على إجماع مكونات الحكومة في اتخاذ القرارات، فيما لا ينسحب ذلك على حضور الجلسات، فإذا لم يكن هناك إجماع في الحضور، فكيف يكون في اتخاذ القرارات؟!».
واعتبرت «انّ ما تم إخبار الوزير باسيل به في حال حضور الجلسة هو غير واقعي إطلاقاً، خصوصا أنّ الوزير هيكتور حجار قد حضر الجلسة فقط بغية إبلاغ الحاضرين عدم الموافقة على أصل عقدها وبنودها، وتم تجاهل هذا أيضاً مما ينفي احترام ما زعم في بيان «حزب الله» الاتفاق عليه». وقالت «انّ هناك التباساً وعدم وضوح لدى قيادة «حزب الله» في ما حصل، وما زلنا نأمل تصحيحه». واعلنت انّ باسيل «سيتحدث عن كل هذه المغالطات ويكون كلامه أكثر شرحا وإيضاحا حول ضخامة ما حصل في مقابلته الإعلامية ليل الأحد على محطة LBC».
القمة العربية ـ الصينية
من جهة ثانية وصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساء امس الى الرياض لحضور القمة العربية – الصينية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية اليوم، وذلك تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. ويرافق ميقاتي الى هذه القمة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، وزير المال يوسف الخليل، وزير الصناعة جورج بوشيكيان، مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، سفراء لبنان في المملكة فوزي كبارة وفي مصر وجامعة الدول العربية علي الحلبي وفي الصين ميليا جبور.
وقالت مصادر تواكب الوفد اللبناني لـ»الجمهورية» انّ مشاركة لبنان الى جانب نحو 13 رئيس دولة وأمير وملك ستشكّل محطة تسمح لميقاتي لقاء ملوك دول الخليج وأمرائها وعدد من الشخصيات الدولية.
وعن ترتيب مواعيد الوفد قالت المصادر انّ الصورة النهائية ستتضِح خلال الساعات المقبلة، وسيتم تحديد المواعيد الرسمية لميقاتي مع قادة المملكة وضيوف القمة الكبار.
وجاء في نص الدعوة التي تلقاها ميقاتي الى القمة:
«دولة الاستاذ نجيب ميقاتي رئيس الوزراء في الجمهورية اللبنانية، نحن على ثقة بأن حضور دولتكم سيكون له أطيب الأثر في تحقيق أهداف هذه القمة، والمساهمة في التوافق على مخرجاتها بما يعود بالنفع على دولنا والعالم أجمع. وتقبّلوا دولتكم أطيب تحياتنا وتقديرنا».
الجمهورية