مجلة وفاء wafaamagazine
رأت “منظمة العفو الدولية” في بيان اليوم، إنه “يجب على السلطات في لبنان إجراء تحقيق شامل ومستقل وفعال في حملة القمع العنيفة التي اندلعت يوم السبت الماضي ضد المحتجين السلميين إلى حد كبير – وتعد هذه الحملة الأشد عنفا منذ اندلاع المظاهرات المعارضة للحكومة في شتى أنحاء البلاد منذ شهرين. ويجب أن يخضع أي شخص يتبين أنه مسؤول عن استخدام القوة بشكل غير قانوني، بما في ذلك الضرب المبرح للمحتجين واستخدام الغاز المسيل للدموع بلا هوادة، للمساءلة من خلال إجراءات جنائية أو تأديبية، حسب الاقتضاء”.
اضاف البيان: يوم الأحد 15 كانون الأول، حذرت وزيرة الداخلية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال، ريا الحسن، من “المندسين” الذين يحاولون استخدام الاحتجاجات لإثارة “مواجهات”، وطلبت من المحتجين السلميين مغادرة المنطقة “من أجل حمايتهم”. وأعلنت عن إجراء تحقيق داخلي “سريع وشفاف” في أعمال العنف التي وقعت يوم السبت”.
وقالت مديرة “البحوث للشرق الأوسط” في منظمة العفو الدولية لين معلوف: “بينما أعلنت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال عن إجراء تحقيق داخلي، إلا أن التحقيق الجنائي المستقل من قبل النيابة العامة وحده يمكن أن يردع الاستخدام المفرط للقوة في المستقبل. وإلا فإن المحتجين سيظلون غير آمنين في الشوارع. منذ اندلاع الاحتجاجات، لجأت قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية ضد المحتجين السلميين في عدد من المناسبات، لكن أعمال القمع غير المبررة التي شهدناها يوم السبت تعتبر من الأشد حتى الآن”.
وتابع البيان: “وكانت اشتباكات خفيفة وقعت بين المحتجين وقوات الأمن في الليلتين التاليتين، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ردا على إلقاء الحجارة وقوارير المياه ومفرقعات نارية أطلقها المحتجون. وقد راقب موظفو منظمة العفو الدولية الاحتجاجات على الأرض، وتحدثوا إلى سبعة شهود عيان، من بينهم اثنان تعرضا للاصابة، واطلعوا على لقطات فيديو وصور لقنابل الغاز المسيل للدموع التي استخدمت لتفريق المحتجين”.
واردف: “في يوم السبت 14 كانون الأول، حوالى الساعة 6 مساء، تجمع المحتجون السلميون – بمن فيهم الرجال والنساء وكبار السن والأطفال – خارج البرلمان في العاصمة بيروت. وأخبر المحتجون المتمركزون في الجهة الأمامية منظمة العفو الدولية أنه في حوالى الساعة 7 مساء ومن دون أي استفزاز، اقتحمت أعداد كبيرة من قوات مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي، يرافقهم رجال بملابس مدنية ومسلحون بالهراوات، حشد المحتجين السلميين، وبدأوا بملاحقتهم والتعدي عليهم بالضرب. بعد دقائق من الإقتحام، بدأت قوات الأمن بإطلاق زخات مكثفة من قنابل الغاز المسيل للدموع. فأصيب العشرات بجروح نتيجة الضرب واستنشاق الغاز المسيل للدموع”.
وقال البيان: “بعد تفريق المحتجين، قام عناصر قوى الأمن بملاحقتهم على مسافة كيلومترين تقريبا على طول الطريق العريض. وروت إحدى المحتجات، سارة، ما رأته لمنظمة العفو الدولية: “صاروا يطلقون دفعات قنابل الغاز المسيل للدموع واحدة تلو الأخرى. في البداية، كانوا يطلقون أربع “عبوات” في كل مرة، وبعد ذلك أصبحت تعلو وتنير السماء وتنخفض مثل الألعاب النارية عندما كنا أطفال. الناس من حولي كانوا يتقيأون، آخرون يشربون الماء، هناك من يشمون البصل، أخرون ينصحون بالخل.. فوضى، لم يكن أحد يفهم ما يحدث حولنا”.
اضاف: “وصف ناشط آخر لمنظمة العفو الدولية كيف استيقظ في اليوم التالي وهو لا يزال يسعل بسبب الغاز المسيل للدموع: “كانت كمية الغاز المسيل للدموع مثيرة للسخرية. كان الأمر مثل شخص يطلق النار بمدفع رشاش. والقنابل المسيلة للدموع تنهمر علينا”.
وتابع البيان: “طبقا لخبير الأسلحة بمنظمة العفو الدولية، فإن صور عبوات قنابل الغاز المسيل للدموع، التي عثر عليها يوم السبت، كانت عبارة عن قنابل غاز مسيل للدموع من عيار 56 ملما من طراز سي أم 4 – CM4 من صنع شركة إس أيه إي ألسيتيكس SAE Alsetex الفرنسية في تشرين الأول 2007. وأبلغ الصليب الأحمر اللبناني منظمة العفو الدولية أنهم قد عالجوا 33 حالة في الميدان، ونقلوا 10 جرحى إلى المستشفيات ليلة السبت. وشملت الحالات التي عولجت، في الميدان، التنفس القصير والقيء والسعال بسبب التعرض للغاز المسيل للدموع. وقال الدفاع المدني اللبناني إنه عالج 72 شخصا من الإصابات في مكان الحادث، ونقل 20 آخرين إلى المستشفى.
واردف: “أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة مع أحد أطباء الطوارئ العاملين ليلة السبت -الأحد في مستشفى قريب من ساحة التظاهر استقبل المحتجين المصابين. فقال إن حوالي 25 محتجا مصابا نقلوا مساء السبت إلى المستشفى المذكور وحده. وكانت أنواع الإصابات الموصوفة ناجمة بشكل رئيسي عن الضرب، وشملت كدمات، وأسنانا مكسورة، وجروحا تتطلب إجراء غرز. وعانت امرأة شابة من بقعة دم داخل رئتيها ناتجة عن الإصابة بكدمة قوية وارتجاج. ووصل ثلاثة أشخاص إلى غرفة الطوارئ بلا أوراق الهوية. ووفقا للطبيب: “قالوا لنا إن أفراد الشرطة أخذوا أوراق الهوية الخاصة بهم، ثم قاموا بضربهم. هم فعليا تعرضوا للضرب على جميع أنحاء جسدهم، مما أدى إلى إصابتهم بالتورم من الرأس إلى أخمص القدمين. كما سحلت الشرطة البرلمانية عددا من المحتجين داخل الساحة خلف الحواجز، وقامت بضربهم ووجهت إليهم السباب والتهديدات. ووصف أحد المحتجين المصابين لمنظمة العفو الدولية كيف كان يحمي محتجين آخرين من الضرب عندما اقتادته شرطة مكافحة الشغب خلف الحواجز. قيدوا يديه خلف ظهره وضربوه لمدة 20 دقيقة تقريبا حتى عجز إثرها عن الوقوف على قدميه”. وقال: “كانوا يضربونني هناك خلف الحواجز. المشهد كان يشبه معتقل غوانتنامو داخل ساحة النجمة”.
واختتمت لين معلوف قائلة: “من الضروري أن يتم إجراء تحقيق في هذا الحادث وأي انتهاك آخر لحقوق الإنسان ترتكبه أي من القوات الموكلة حفظ الأمن، ومن الضروري أن يجرى التحقيق بشكل مستقل لا داخل المؤسسات الأمنية، وأن يفضي إلى المحاسبة. فللمحتجين السلميين الحق في إلتماس العدالة وتلقي التعويض عما عانوا منه خلال عطلة نهاية الأسبوع هذه، والسبيل الوحيد الذي يمكنهم من ذلك هو تحقيق محكمة مستقلة”.
وختم البيان: “اندلعت الاحتجاجات في لبنان منذ 17 تشرين الأول. ويطالب المحتجون بإصلاح شامل يتضمن تغيير الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد وقلة الكفاءة. كما يطالبون السلطات بمعالجة الاقتصاد الراكد، وارتفاع الأسعار، ومعدلات البطالة المرتفعة، والخدمات العامة المزرية، والفساد المستشري والممنهج. واتسمت الاحتجاجات في جميع أنحاء لبنان بالسلمية إلى حد بعيد، كما أتى رد فعل الجيش وقوى الأمن الداخلي منضبطا نسبيا. ومع ذلك، وثقت منظمة العفو الدولية حوادث الاستخدام غير القانوني والمفرط للقوة، من بينها حادثة واحدة استخدمت فيها الذخيرة الحية ضد المحتجين السلميين. وفي مناسبة أخرى، قام أحد ضباط الجيش بإطلاق النار في الهواء، قبل إصابة وقتل محتج سلمي، وهو أب لثلاثة أطفال. كما قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي ارتكبتها السلطات اللبنانية، بما في ذلك عدم توفير الحماية للمحتجين السلميين، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب والمعاملة السيئة. وكانت أحداث السبت تشبه الأيام الأولى من الاحتجاجات، عندما استخدم عناصر الأمن القوة المفرطة لتفريق المحتجين، عبر إطلاق كميات هائلة من قنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود وملاحقة المحتجين في الشوارع والأزقة تحت تهديد السلاح والتعدي عليهم بالضرب”.
المصدر: الوكالة الوطنية