مجلة وفاء wafaamagazine
حملت عطلة الاعياد، من خلال ما شهدته من لقاءات واتصالات، مؤشرات على حصول مزيد من التواصل والتشاور في شأن الاستحقاق الرئاسي في قابل الايام قبل توجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الى الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس جمهورية جديد، يرجّح ان تكون الخميس من الاسبوع المقبل. وقد عكست هذه اللقاءات والاتصالات وجود رغبة لدى الجميع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في اقرب وقت لكن كلّ حسب وجهة نظره التي لا تلتقي مع الآخر بعدما بدأت المعطيات تشير الى ان العواصم العربية والاجنبية لا تولي اهتماماً حثيثاً بهذا الاستحقاق، ربما لأن لديها اولويات تراها اكثر إلحاحاً من لبنان، إلا أن بعض الافرقاء الداخليين لا يزال يعيش حالاً من الانتظار ولم يتخذ بعد اي خطوات في اتجاه البعض الآخر للوصول الى مساحة مشتركة يمكن الاتفاق من خلالها على شخص الرئيس العتيد.
لم تستبعد مصادر مطلعة ان يُبادر رئيس مجلس النواب الى بعض الخطوات التي من شأنها ان تساعد على انتخاب رئيس جديد، مستفيداً من اجواء ونتائج اللقاءات الثنائية او الثلاثية التي شهدتها عطلة الاعياد والمنتظَر ان تتواصل في قابل الايام. وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية» ان الجلسة الانتخابية المقبلة ربما تعكس في الاجواء التي تسود اللقاءات والمشاورات المعلنة وغير المعلنة، خصوصا ان اي مبادرة خارجية مساعدة لا يمكن ان تنطلق في فضاء الاستحقاق الرئاسي ما لم ترتكز الى ارضية توافقية داخلية.
وفي هذا السياق قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» ان «هناك انسدادا كاملا على مستوى الاستحقاق الرئاسي حتى الآن، ولا حلول قريبة تلوح أمامنا». وشدد على «أن المصلحة العليا تقتضي مرور قانون الموازنة في المجلس الدستوري والّا فإن هناك خطرا حقيقيا على الدولة، لأنّ العودة إلى الصرف على اساس القاعدة الإثني عشرية ستكون لها تداعيات وخيمة».
واشار المرجع نفسه الى وجود مؤشرات توحي بإمكان ان تندفع القيادة الجديدة في إسرائيل نحو حرب محدودة او واسعة، لافتاً الى ان رئيس الحكومة المتطرفة بنيامين نتنياهو محشور على وقع تُهم الفساد والرشوة، وعلاقته بواشنطن ليست في أفضل حال وبالتالي فهو قد يختار الهروب الى الامام في اتجاه التصعيد العسكري.
نصرالله
وفي هذه الاجواء قال الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في خلال مهرجان «الوفاء والكبرياء»، الذي أقامه «الحزب» في الذكرى الثّالثة لاغتيال قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي العراقي» أبو مهدي المهندس، انّ «الحكومة الصهيونية الجديدة هي خليط من فاسدين ومجرمين ومتطرفين وهي لا تخيفنا بل نتفاءل بأن تُعجّل بسقوط هذا الكيان من خلال ارتكاب أخطاء وحماقات، والتعرض للمسجد الأقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين، وبيت المقدس لن يفجّر الوضع داخل فلسطين فقط بل قد يفجر المنطقة بكاملها».
وتوجه إلى الدول ورعاة «الكيان الغاصب» قائلا: «إذا كنتم لا تريدون حربا ثانية في المنطقة فعليكم كبح جماح الحكومة الإسرائيلية». وقال: «لن نتسامح مع أي تغيير في قواعد الاشتباك او أي مَس بما هو وضع قائم على مستوى الحماية للبنان».
وتحدث نصرالله عن موضوع الاستحقاق الرئاسي، فقال: «المقاومة في لبنان ليست بحاجة الى غطاء فهي تريد رئيساً لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها وهذا حقنا الطبيعي». واضاف: «هناك مواصفات طبيعية لرئيس الجمهورية وأنا أضفتُ صفة هي ان لا يكون متآمراً على المقاومة ولا يطعنها وحقنا ان نتمسك بهذه الصفة، وإنّ رئيساً لا يطعن المقاومة يعني ألا يذهب بالبلد الى حرب أهلية، ويكون رئيساً يريد الوفاق والحوار ويساعد في حماية لبنان امام التهديدات والمخاطر، فهذه مصلحة وطنية لكل البلد». واعتبر انّ «من ينتظر المفاوضات بين اميركا وايران حول النووي مُمكن أن ينتظر عشرات السنين، فنبقى بلا رئيس جمهورية».
وتوجه الى «من ينتظرون توافقا سعوديا ـ ايرانيا» وقال: «انتم ستنتظرون كثيرا لأن ايران لا تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وحتى لو جلس السعودي والايراني فإنّ أولوية السعودية هي اليمن وليس لبنان». وقال: «يجب ان نعود الى بعضنا البعض، فالحوار الداخلي هو الأصل وكلنا يجب ان نتفق ان الوقت ضاغط على الجميع فالظروف الداخلية صعبة والغلاء وأزمات أخرى. نشجّع اللقاءات والحوارات الداخلية في لبنان وأقول لكم لا تنتظروا الخارج لأن الوقت ضاغط».
وعن الاشكال بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» قال نصرالله: «نحن حريصون على معالجته بالتواصل وحريصون على العلاقة مع التيار».
عند الراعي
وقد جاءت مواقف نصرالله غداة زيارة وفد من «حزب الله» برئاسة رئيس المجلس السياسي السيد ابراهيم امين السيد للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وأكد السيد بعد اللقاء أن «لا تباين بيننا وبين غبطته، إنما هناك تبادل لوجهات النظر قائم على الحرص على انتخاب رئيس من اجل ان ينهض بالمسؤوليات تجاه لبنان. ولقد أبدينا رأينا في الموضوع وقلنا ان الوضع السياسي في لبنان والمشكلات والأزمات تستدعي المزيد من الحرص على انتخاب رئيس بأقرب فرصة، فوضع البلد يجعل الاستحقاق الرئاسي أولوية ويجب ان يتم بأقرب فرصة، ولكن ترك البلد ينهار، عندها لا قيمة لوجود رئيس في بلد ينهار». واعتبر أن «المطلوب الإسراع في انتخاب رئيس ولكن كما هو معروف في التركيبة السياسية المعقدة ولا سيما في المجلس النيابي والتصويت فيه على الرئيس الذي عليه ان يأتي بنسبة عالية من التوافق والمشروعية السياسية والشعبية ليتمكّن من النهوض بالبلد كذلك المجلس النيابي والحكومة. لذلك ان يأتي رئيس تَحد او كسر او مواجهة، لا البطريركية في هذا الصدد ولا نحن ايضاً. المطلوب حوار حقيقي في لبنان خصوصا في المجلس النيابي، وهذا ما دعا اليه الرئيس نبيه بري».
مخرج إصلاحي
وفي المواقف أكّد رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع، خلال استقباله وفداً من منطقة البقاع الشمالي في حضور عضو تكتل «الجمهوريّة القويّة» النائب أنطوان حبشي، أن «الحوار جار لإيجاد مخرج إصلاحي وسيادي لانتخابات رئاسة الجمهوريّة ما بين مختلف الكتل النيابيّة التي تؤمن بالحوار الحقيقي والجدي، وهذا هو السبيل لحوار فعلي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة، لا الحوارات الرسميّة التي اعتدنا عليها، والتي لم تسفر عن أي نتيجة في كل مرّة كانت تعقد فيها على مرّ السنوات الـ17 الماضية».
الشغور مرفوض
الى ذلك دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، خلال تواصله مع المفتين في المناطق اللبنانية، النواب الى «حسم إنجاز الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب فرصة ممكنة، لأنّ الوطن والمواطنين لم يعودوا يتحمّلون هذا الفراغ المدمّر لكل مقومات الدولة»، كما طالبَ بأن «يكون انتخاب الرئيس بمواصفات رجل الدولة المحتضِن لكل المواطنين والحريص على حقوقهم جميعاً وان يكون خارج المحاور الإقليمية وعلى ودّ وتعاون مع الأشقاء العرب والدول الصديقة والمُحِبّة للبنان».
وقال دريان إنّ «الشغور الرئاسي امر مرفوض وخطير ويهدد المسلمين والمسيحيين في وطنهم المبني على أسس ثقافة المواطنة والعيش المشترك، وغير مقبول في أي شكل من الاشكال ان يستمر هذا الشغور الرئاسي الذي يُلحق الضرر بجميع مكونات الشعب اللبناني، فالحوار والتعالي عن المحاصصة والمصالح الذاتية هو المدخل والأساس في التفاهم للوصول الى حل ينقذ لبنان من الانهيار الذي أصبح يحتلّ مساحة واسعة في مؤسساته، والتجارب السابقة في الشغور الرئاسي كلّفت لبنان الكثير من تراجع الإنماء والتطور والتقدم والازدهار». وناشَد كل المخلصين والغيورين على وطنهم لبنان «التواصل والتلاقي والتشاور وإطلاق المبادرات البنّاءة التي تجمع ولا تفرّق، فالوطن بحاجة الى جهود كل أبنائه، للخروج من هذا النفق المظلم».
لجان لا جلسة انتخابية
وفيما انتظر اللبنانيون دعوة بري الى عقد الجلسة الحادية عشرة لانتخاب الرئيس غداً، إذا به يدعو لجان: المال والموازنة، الإدارة والعدل، الإقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط الى جلسة مشتركة تنعقد العاشرة والنصف قبل ظهر غد وذلك لمتابعة درس مشروع القانون المعجّل الوارد بالمرسوم الرقم 9014 الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة المعروف بـ«الكابيتال كنترول»، والبحث في مجموعة الصيغ المطروحة في شأنه.
الطعن بالموازنة
على صعيد آخر، عقد المجلس الدستوري أمس جلسته ما قبل الاخيرة في مقره للنظر في مضمون الطعون المقدمة أمامه، لا سيما منها الطعن الذي قدمته مجموعة من النواب التغييريين في قانون الموازنة في حضور جميع الأعضاء.
وقال رئيس المجلس طنوس مشلب إثر الاجتماع ان «القرار النهائي بالطعن المقدم حول الموازنة للعام 2022 سيصدر بعد ظهر الخميس (غدا)». وعلى رغم من التكتم الذي حرص عليه رئيس المجلس فقد تسرّب من اجواء الاجتماع أن المناقشات ستقود الى إبطال ما يسمّى بـ«فرسان الموازنة». باعتبار انّ مشروع القانون الذي أُقر، استُغِلّ لتمرير بعض البنود التي لا يمكن أن تُقَر عبر بند من بنود الموازنة العامة، هو بمثابة «ثقل قانوني» على هذه الموازنة، وهي تستلزم للبت بها إصدراها بـ«قوانين مستقلة».
ويتحاشى المجلس الدستوري بعض البنود التي يمكن ان تعطّل العمل بها وقد انتهت السنة الخاصة بها بعدما تأخّر صدورها عشرة أشهر من بداية العام عدا عن الارقام الوهمية التي تناولتها نِسبةً الى حجم التضخم وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.
التدقيق في «الطاقة»
وتزامناً مع الحملات الاعلامية المتبادلة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض ونظيرته السابقة النائب ندى البستاني دخل رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية على خط السجال، رافضاً الحملة التي يشنّها «التيار الوطني الحر»، وقد طاوَلته داعياً إلى «إخضاع وزارة الطاقة للتدقيق الجنائي بعد الخسائر التي لحقت وتلحق بالمال العام من جرّاء أداء وزير الطاقة على مدى عشر سنوات وأكثر». كما طالبَ العلية المجلس النيابي بـ»مُساءلة وزير الطاقة». وختم: «يبدو واضحاً ان الطريق إلى تأمين التيار الكهربائي يبدأ برحيل نهج العتمة عن الوزارة».
وغرّد العليّة لاحقاً على حسابه عبر «تويتر» كاتباً: «كنتُ قد آليتُ على نفسي أن أبقى بعيداً عن السجال الحالي، لكنني لم أتمكن من رفض دعوة السيدة الوزيرة السابقة للطاقة النائب ندى البستاني. والى المزيد من التفاصيل تباعاً».
دولار السنة الجديدة
وعلى الصعيد المالي افتتحت السنة الجديدة 2023 على إجراء نقدي جديد اتخذه مصرف لبنان قبل نهاية العام 2022، ويقضي برفع سعر دولار صيرفة الى 38 الف ليرة، وفتح الباب امام المواطنين لشراء الدولارات عبر المنصة من دون سقف.
من خلال التجربة المُجتزأة التي شهدها تنفيذ هذا القرار في ايام عطلة نهاية السنة، تبيّن ان المصرف المركزي ورغم الاعلان عن بيع مفتوح للدولار، وضع ضوابط محدّدة، جعلت من الصعب تحقيق تلبية الطلب بكامله. وبالتالي، تسير التقديرات الاولية الى ان سعر صرف الدولار لن يهبط اكثر من سعره الحالي في السوق السوداء، وسيراوح في الحقبة المقبلة ما بين 41 و42 الف ليرة.
في المقابل، من غير الواضح بعد حجم كمية الدولارات التي سيضخّها مصرف لبنان، والفترة التي سيواصل فيها هذا الضخ. لكن بعض المعلومات تشير الى ان هذه العملية ستستمر لفترة كافية لفرض نوع من الاستقرار في سعر الصرف قد يمتد لشهر او اكثر.
وبالنسبة الى المصارف، اصبحت كلها جاهزة لتلبية الطلبات عبر منصة صيرفة، وفق الشروط التي وضعها مصرف لبنان، ووفق «الكوتا» المحددة لكل مصرف. ومن المتوقّع ان تخف حركة الطلب على الدولار في الاسبوع الثاني من الشهر الجاري.
وكان مصرف لبنان قد أعلن في بيان ان حجم التداول على منصة «Sayrafa» امس «بلغ ثلاثمئة وعشرة ملايين دولار أميركي بمعدل 38000 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نفذتها المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة».
الجمهورية