مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت : وفاء بيضون
أكثر من شهرين مضت والشغور الرئاسي ما زال يتصدر المشهد السياسي بعد خروج الرئيس السابق ميشال عون في الثلاثين من تشرين الأول من العام المنصرم من قصر بعبدا .
للوهلة الاولى ظن كثيرون ان هذا الاستحقاق سيسير وفق رزنامته المعتادة بعد بروز عدة مؤشرات بأن بعض الأسماء المطروحة وخاصة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية قد تخطى مرحلة الحذر والتحفظ ، إلا أن وقائع المشهد المرتبط بانتخاب رئيس جديد للبلاد أظهرت عكس ذلك تماما ، وتبين أن الاختلاف الداخلي المنسحب عن التباعد الخارجي في مقاربة الاستحقاق ما زالت تهيمن على المشهد الرئاسي .
في الفترة الماضية طرحت على بساط البحث للخروج من حالة المراوحة القائمة على صعيد الاستحقاق الرئاسي، مجموعة من الأفكار، التي تدور في فلك ذهاب بعض القوى السياسية إلى خيارات جديدة، ربطًا بالمعلومات عن إمكانية قيام حراك خارجي جدي، يهدف إلى إنهاء حالة الشغور الرئاسي.
إلا أنه لاحقًا تبين أن القوى المعنية بهذه الخيارات قررت تأجيل الذهاب إلى أية خطوة جديدة . في حين عاد الحديث عن أن مقومات الحراك الخارجي لم تنضج بعد بانتظار ظروف مناسبة تؤمن الوصول إلى النتائج المنشودة.
من جهة أخرى تشير بعض المصادر السياسية إلى أن الواقع الحالي ، كرسته فرملة اندفاعات التيار الوطني الحر التي كان الجميع يترقب تداعياتها، نحو تسمية مرشح جديد كان يُصنف على أساس أنه سيكون الخيار الثالث، أي البديل عن المرشحين البارزين قائد الجيش العماد جوزيف عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وتوضح أن هذا الأمر يعود إلى أن بروز مجموعة من العقبات أبرزها : “أن هذه الخطوة في حال الذهاب إليها اليوم لن تحقق أي نتيجة تذكر، باستثناء تعميق الخلاف القائم مع حزب الله “.
في الضفة المقابلة، تشير هذه المصادر إلى تراجع، ما كان يطرح في بعض الأوساط فكرة أن تذهب القوى التي تدعم رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض إلى خيار جديد ، على أساس أن يكون قادرًا على جمع المزيد من الأصوات النيابية ، لا سيما من جانب النواب المستقلين والتغييريين، وترى أن التراجع عن هذه الفكرة يعود إلى أن ليس باستطاعتها تبديل المعطيات الراهنة، بل على العكس من ذلك كان من الممكن أن تقود إلى خلافات بين تلك القوى ، من المؤكد أنها بغنى عنها في المرحلة الحالية.
وبالتالي إن ما تقدم لا يلغي وجود حركة مشاورات واتصالات على أكثر من جبهة، لكن من الناحية العملية ليس هناك ما يدفع الأفرقاء الأساسيين للذهاب إلى خيارات جديدة، خصوصاً على مستوى الأسماء، على اعتبار أن هذا الأمر لا يجب أن يتم من دون أن يستند على أسس ثابتة .
في هذا الإطار تشدد المصادر السياسية المتابعة على أن التردد في الذهاب إلى خيارات جديدة لا يلغي أن البحث فيها كان قائماً في الفترة الماضية، حيث تؤكد أن هذا الأمر كان مدار بحث بين العديد من المسؤولين، لكنها تشير إلى أن الأمور ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، نظراً إلى أن ليس هناك من هو في وارد الذهاب إلى خسارة أي ورقة مجاناً، على اعتبار أن أي ترشيح سيكون عرضة للمساومة في المرحلة المقبلة، أي عند الوصول إلى البحث الجدي في التسوية الممكنة.
في المحصلة، تعتبر المصادر نفسها أن ما يمكن البناء عليه يندرج ضمن مسارين: ” الأول هو تبدل الواقع الخارجي أي بروز حراك يملك مقومات النجاح أو حصول توافق بين القوتين المسيحيتين الأساسيتين، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، من دون تجاهل التداعيات التي من الممكن أن تترتب على إمكانية حصول تفاهم بين التيار وحزب الله ” ، ويبدو هذا الأمر بات شبه مستحيل بعد موافقة الحزب على حضور وزرائه الجلسة الحكومية المزمعة التي دعا إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتي تلقى اعتراضًا يتخطى التيار البرتقالي إلى محاولة توظيف هذه الدعوة في شد العصب المسيحي من أعلى الهرم إلى باقي القوى الأخرى في الشارع المسيحي .
لذلك، المشهدان لصورة جلسة الخميس المقررة في التاسع عشر من الشهر الجاري بعد تأجيلها بسبب وفاة رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني . فهل ستبقى الورقة البيضاء في صدارة التصويت، أم أننا أمام مشهد جديد تفرضه التطورات والمتغيرات أبرزها موقف التيار الوطني الحر بعد تسريب معلومات مفادها أن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون قال أمام اجتماع مع ناشطين في التيار إنه سيمزق علنًا تفاهم مار مخايل في حال ذهب حزب الله بعيدًا في التماهي مع جلسة الحكومة المنتظرة. ما يؤكد مجددًا أن مشهد الانتخابات الرئاسية حتمًا سيغير واقع تفاهماتها واصطفافاتها وسيساعد في خلط الأوراق من جديد ، وحتى ذلك الحين ستبقى الورقة البيضاء حاضرة والخيارات البديلة متعثرة .
وفاء بيضون – إعلامية لبنانية