الرئيسية / آخر الأخبار / وفاء بيضون : المودعون .. ” بين مطرقة القضاء وسندان المصارف “.

وفاء بيضون : المودعون .. ” بين مطرقة القضاء وسندان المصارف “.

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت : وفاء بيضون

لم تكن موفقة جمعية المصارف بتعليق إضرابها لأسبوع بانتظار ما سترسو عليه الملفات القضائية التي شكلت سببًا رئيسًا للإضراب .

ولم تكن موفقة أيضًا خطوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حينما أوعز لوزير الداخلية بسام مولوي بعدم تعاون الأجهزة الأمنية مع الاستنابات القضائية التي سطرتها القاضية غادة عون بحق عدد من المصارف ومديريها .

من هنا فشل قرار ميقاتي بتجريد القاضية عون من ملاحقة المصارف، فسرعان ما أتى الجواب قاسيًا من العدلية التي انتفضت بوجه القرار، سواء بموقف وزير العدل الرافض له باعتباره تجاوزًا مزدوجًا لموقع وزارة العدل ، ومبدأ استقلال القضاء. أو لجهة بيان مجلس القضاء الأعلى الذي أصدره رئيس المجلس سهيل عبود بلغة عالية النبرة وغير مسبوقة ، متهمًا الحكومة ممثلة برئيسها ووزير داخليتها بانتهاك مبدأ فصل السلطات وانتهاك استقلالية القضاء. من هنا تظهر مساحة الانقسام والتخبط بين السلطتين التنفيذية والقضائية على الدعوة لسحب القرار باعتبار القضاء قادر على تنظيم أموره ومساراته بنفسه .

بينما على ضفة موازية سقطت الصفقة التي كان يأمل الرئيس ميقاتي أن يؤدي نجاحها إلى إعلان جمعية المصارف التراجع النهائي عن إضرابها وليس تعليقه لمدة أسبوع في وقت تحول فيه إقفال المصارف إلى أزمة كبيرة، ماليًا واقتصاديًا واجتماعيًا ، غير بريئة .

مصادر اقتصادية اعتبرت أن إجراء جمعية المصارف لا يستند بالحجة والتبرير إلى إجراءات القاضية عون؛ إنما يمثل موقفًا مسبقًا من عدم إقرار قانون الكابيتال كونترول المترنح على طاولة نقاشات اللجان النيابية المشتركة، والمغزى من ذلك هو تحميل المودعين الخسارة تمهيدًا لتذويب ودائعهم ونسفها تدريجيًا لتجويفها من أي مسوغ قانوني يلجأ إليه المودعون للمطالبة باستعادة أموالهم، ليأتي ادعاء النائب العام الاستئنافي في بيروت رجا حاموش على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بأكثر من جرم أهمها، تبييض الأموال واختلاس الأموال والثراء غير المشروع والتزوير فيدفع بالأزمة المصرفية القضائية إلى مزيد من التصعيد وتزداد معها الأسئلة.

هل ستتابع غادة عون عملها بعد تحويلها في قضية مواقفها السابقة في فرنسا الى التفتيش القضائي؟

ومن هي الجهة الأمنية التي ستنفذ التّعليمات القضائية بعد كتاب مولوي إلى الأمن الداخلي والأمن العام بعدم التقيد بطلبات عون ؟ .

وهل سيناط أمر الجلب والتعقب للمتهمين إلى المديرية العامة لأمن الدولة كونها تابعة للمجلس الأعلى للدفاع وقرار وزير الداخلية ليس ملزمًا لها ؟

إن مسرحية المصارف وما أعقبها من مواقف تشير إلى أن المشهد المالي انسحب بقوة على المشهد السياسي.
الصراع المتصل بالخطوة التي أقدم عليها ميقاتي، حين هاجمه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مجددًا بعنف، وقال إن الأكيد أن أركان المنظومة والموجودين على رأس السلطات السياسية حسب وصفه يشعرون أن الخناق يضيق عليهم فاستشرسوا بالدفاع عن أنفسهم وعن شركائهم من رياض سلامة وبعض المصارف.

لقد وصلت البلاد إلى قمة الإفلاس وسط انسداد الأفق السياسي حول إيجاد مخارج من شأنها إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أكان في انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة هيكلة المصارف حتى يصار إلى انتظام المؤسسات قبل أن يصيب فصل السلطات كل مرافق الدولة؛ وحينها يصبح لبنان منفصلًا ومنفصمًا بين واقعه ومحيطه، وحينها لا ينفع إصلاح ولا تغيير ويبقى البلد في مهب العو اصف ومحاذير الزلازل، متروكًا لقضائه العاجز وقدره المحتوم .

وفاء بيضون – إعلامية لبنانية