مجلة وفاء wafaamagazine
ضمن فعاليات زيارته للبنان، زار معالي وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران الدكتور حسين أمير عبد اللهيان، والسفير الإيراني في بيروت السيد مجتبى أماني والوفد المرافق لهما، حديقة إيران ببلدة مارون الراس، حيث كان في استقبالهم عضوا كتلة الوفاء للمقاومة النائبان حسن فضل الله وحسن عز الدين، ومسؤول منطقة جبل عامل الأولى في حزب الله الحاج عبد الله ناصر، ورئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي طاهر ياسين، رئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل رضا عاشور، وعدد من العلماء والفعاليات والشخصيات البلدية والاختيارية والثقافية والاجتماعية.
وعند مدخل الحديقة أقيمت للوزير مراسم استقبال رسمية، حيث عزفت فرقة من كشافة الإمام المهدي الموسيقى الترحيبية، وقدّم إليه عدد من أبناء شهداء المقاومة الإسلامية باقات من الزهر، بعدها وضع الوزير عبد اللهيان إكليلين من الزهر أمام المعلمين التذكاريين للشهيد القائد الحاج قاسم سليماني ورئيس الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان الشهيد المهندس حسام خوشنويس، قبل أن يزرع شجرة زيتون وسط الحديقة، ليشارك بعد ذلك في صلاة الجماعة التي أقيمت في مسجد الحديقة، والذي يرمز في شكل بنائه إلى المسجد الأقصى المبارك.
ومن ثم نُظمت للوزير عبد اللهيان والسفير أماني والوفد المرافق لهما جولة داخل أرجاء الحديقة، حيث تعرفوا على أقسامها ومحتوياتها، وألقوا نظرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، فاستمعوا لشرح مفصل من أحد ضباط المقاومة إلى أسماء المواقع والثكنات العسكرية الصهيونية والمستوطنات الإسرائيلية المقابلة للحديقة، وعن أهمية ودور البقعة الجغرافية التي شيّدت عليها هذه الحديقة لا سيما لناحية تصدي مجاهدي المقاومة الإسلامية منها للعدوان الإسرائيلي عام 2006، وإلحاق الهزيمة المدوّية بجنوده.
بعد ذلك، تحدث النائب فضل الله داخل قاعة الحديقة فقال، من هنا من حديقة إيران في مارون الراس الجنوبية، من جبل عامل ومن تخوم فلسطين وقدسها ومقدساتها ورصاص مقاوميها وقبضات أسراها وانتفاضة شعبها، ومن هنا من الجنوب ولبنان ومن الأرض المحررة بدماء الشهداء وتضحيات المجاهدين، نرحب بكم يا معالي الوزير الأخ وصديق لبنان حسين أمير عبد اللهيان وصحبه الآتين كرُسل للجمهورية الإسلامية، وما بينها وبين لبنان وفلسطين، روح الإمام الخميني (رضوان الله عليه)، ونبض الإمام الخامنئي (دام ظله)، ودم الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني، ومئات السنين الماضية من أواصر العلاقة الثقافية والعلمائية والاقتصادية والسياسية، إلى أن توّجها على أرض الجنوب الإمام المغيّب السيد موسى الصدر الآتي من مدينة قم إلى مدن المقاومة وقراها هنا في الجنوب.
وأضاف النائب فضل الله: إن هذه العلاقة أرسى دعائمها روح الله روحاً مقاومة وأيادٍ بيضاء منذ الطلقة الأولى للمقاومة في العام 1982 إلى التحرير عام 2000، وما بينهما من تضحيات واعتداءات ودماء وتقديمات، ونصر تموز عام 2006، والانتصار على المشروع التكفيري، أيادٍ امتدت من الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الشعب اللبناني، سلاحاً بوجه العدو الصهيوني، نحرر فيه الأرض ونحميها، وإعماراً لكل من امتدت إليه يد العدوان خصوصاً بعد حرب عام 2006، وهذه الحديقة، حديقة إيران في مارون الراس، تشهد على عطاءات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع الشهيد حسام خوشنويس، الذي نستذكره في كل محطة فيها حديث للإعمار والمساعدة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وتابع: تشهد هذه الحديقة كما يشهد على ذلك البشر والحجر والشجر هنا في الجنوب وعلى امتداد مساحة وطننا، وكفى بالله شهيدا، وهي دائماً مساعدات إيرانية للبنان تقدّم بلا قيود ولا شروط ولا أي إملاءات سياسية، وإنما هي تعبير إيراني صادق عن الأخوة وروح الصداقة والتزام قضايا الحق والعدل ونصرة المستضعفين، وفي طليعتها قضية تحرير الأرض من العدو الصهيوني، سواء في لبنان أو في فلسطين.
وأشار النائب فضل الله إلى أننا اليوم ومن خلال هذه الزيارة، نرى تجديد مبادرات الخير والعون إلى لبنان الذي يمر بمحنة مالية واقتصادية، وإحدى العناوين المؤذية في هذه المحنة لكل لبنان واللبنانيين هي قضية الكهرباء، وقد تبلّغ المسؤولون الرسميّون مرة أخرى استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمعالجة هذه المشكلة البنيوية بما يعود بالخير على كل الشعب اللبناني، وبأفضل المواصفات والمعايير والتسهيلات، ولكن إلى الآن، وبأسف شديد، لم نجد شجاعة من المعنيين في تغليب مصلحة الناس على أي اعتبار آخر، خصوصاً التهويل الأميركي بالعقوبات.
وقال: إننا من هنا من الجنوب الذي أُعيد إعماره بمؤسساته وطرقاته ومنازله وحدائقه، من هنا باسم الناس والجنوب وكل لبناني منصف وحر وشريف، نجدد الشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية على وقوفها إلى جانب لبنان دولة وشعباً ومقاومة، ونشكر معالي الوزير على تكرار عروض حكومته في الكهرباء وغيرها التي تعود بالنفع على اللبنانيين جميعاً، وندعو إلى عدم تضييع هذه الفرصة التي تُسهم الاستفادة منها في التخفيف من آلام شعبنا.
وأضاف: إننا في الوقت الذي نشكر من ساعد بلا شرط وبلا قيد، نرحب بكل معونة غير مشروطة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو من أي نوع آخر تبادر إليها الدول الصديقة والشقيقة، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد في منطقتنا متغيّرات عميقة على مستوى هذا الكيان الصهيوني المأزوم والمردوع بقوة المقاومة، والدليل وجودنا نحن هنا على هذه الأرض التي تحررت بأيدي اللبنانيين وبمساعدة ودعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو المتغيّرات على مستوى الدول العربية والإسلامية، مع عودة العلاقات والانفتاح بين الدول وحل النزاعات وعقد التفاهمات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا وفي اليمن، ونريد لهذه المتغيرات جميعها أن تعود بالفائدة على بلدنا لمعالجة أزماته الداخلية، وهذه مسؤولية اللبنانيين قبل غيرهم في الاستفادة من الفرص المتاحة، ونأمل أن يعي الجميع حجم هذه المتغيّرات، وأن قدر هذه المنطقة أن تقاوم العدو الصهيوني من جهة، وأن تتعايش بين دولها وشعوبها العربية والإسلامية مع بعضها البعض بوئام وسلام، وتبني مستقبلها بعيداً عن الهيمنة الدولية.
وختم النائب فضل الله بالقول إننا باسم حزب الله قيادته وكوادره ومقاوميه ومجاهديه الذين هم العين الساهرة دائماً على حماية هذه الأرض مع جيشنا الوطني ومع شعبنا المضحي، نرحب بك يا معالي الوزير مجدداً، ونقول لك، أنت هنا بين إخوانك وأهلك، وفي الأرض التي تطؤها اليوم هي الأرض المباركة منا هنا إلى فلسطين مع النصر القادم إن شاء الله.
عبد اللهيان
بدوره الوزير عبد اللهيان أكد في كلمة له أن المقاومة الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في لبنان تعيشان في أقوى وأفضل حالتهما، وهذا ما أكده سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال لقائه به يوم أمس، ومن الجانب الآخر، فإن الكيان الصهيوني يعيش في أسوأ حالاته، ويعيش في أزمات متراكمة سياسية واجتماعية وأمنية.
وشدد الوزير عبد اللهيان على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت وما زالت وستبقى صديقة لبنان في الأيام الصعبة، لافتاً إلى أن المقاومة الإسلامية في لبنان أثبتت بأن الكيان الصهيوني لا يفهم إلاّ لغة القوة، وأنه من خلال المقاومة يمكننا أن نحقق الأمن والهدوء، وأن نحافظ على وحدة الأراضي اللبنانية.
وأشار الوزير عبد اللهيان إلى أن منطقتنا دخلت في مرحلة جديدة من التعاون الجماعي، وأن المستقبل بالنسبة لدول المنطقة هو مستقبل مشرق، ومن دون أدنى شك، فإن جميع التطورات الإيجابية في المنطقة إزاء الإجراءات الصهيونية ستؤدي إلى عزلة وانهيار هذا الكيان.
وقال الوزير عبد اللهيان إن الحل السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية بالنسبة للقضية الفلسطينية هو إجراء استفتاء عام يكون استفتاء ديمقراطي لجميع الفلسطينيين، ويشمل السكان الأصليين لفلسطين بما فيهم المسيحيين واليهود والمسلمين.
وختم الوزير عبد اللهيان بالقول إن الجهمهورية الإيسلامية الإيرانية لا تريد إلا خيراً وأمنا ورفاهية لشعوب المنطقة.
وفي الختام، قدّم مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في حزب الله الحاج عبد الله ناصر درعاً تذكارية للوزير عبد اللهيان عبارة عن بقايا من المروحية العسكرية الإسرائيلية “يسعور” التي أسقطتها المقاومة الإسلامية في وادي مريمين ببلدة ياطر إبّان حرب تموز 2006، قبل أن تقام مأدبة غداء على شرف الوزير عبد اللهيان والوفد المرافق له.