الرئيسية / آخر الأخبار / مهى جعفر : جائزة ” نوبل ” للتفاهة .. ارحمونا انهم يتكاثرون .!

مهى جعفر : جائزة ” نوبل ” للتفاهة .. ارحمونا انهم يتكاثرون .!

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت الاستاذة مهى جعفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن ما الت اليه منصات التواصل قائلة :

أمّا بعد، فإنّ تسمية “مؤثّرِ” أو “مؤثرة” على وسائل التواصل اليوم باتت لقبًا يناله من حظي بالعدد الأكبر من درجات الإعجاب أو “اللّايكات” على وسائل التواصل.

بغضِّ النظرِ عن مدى فائدة أو نفع المحتوى الّذي يقدّمه للمجتمع العالميّ، وأقول العالميّ كون وسائل التواصل نجحت في عولمة الفرد والعائلة والمجتمع على حدٍّ سواء.

والشّهير ابن الشهير على منصّات التواصل، ليس على وجه التخصيص من قدّم للمجتمع مآثر أدبيّة أو فكريّة أو علميّة أو اقتصاديّة أو نفسيّة…

إنّما هو من طبخ بأسلوب “الكونغ فو”(مع محبتي واحترامي للطباخين الأصليين ذوي الفائدة والذين لا نراهم على وسائل التواصل كثيرًا)، ومن جمع عباراتٍ من بعض كتب التنمية البشريّة فأوجزها بأسلوبٍ منقوصٍ أغلب الأحيان، ومن نصحت الناس بلغةٍ يجفّ السّمع عن تقبّلها، ووجهٍ يضع الماكياج وفمٍ يشدق اللّبان (العلكة) بينما تتحدّث (لا تسألوني عن الأتيكيت واللّباقة هنا). وهي نصائح بالجملة تجعلك تتمنّى لو انّك تمتلك قطيع جمال النّعمان لتهديها إليهم علّهم يتّقون الله بك ويرحمونك ويصمتون إلى الأبد!

تابعت : أو نقلٌ لتفاصيل اليوميات الخاصة والعلاقة الزوجيّة والأسريّة كذلك، مع عدم احترام خصوصيّة ومشاعر الأولاد في الأسرة.
ولا عجب إن رأيت أحدهم ينال جائزة “نوبل”
للتفاهة والفراغ وقلّة العقل وانعدام المنطق. بات الجيل يلبس outfit أي لباس المؤثرة “أم جلاجيق”، وهناك من ينصحهم بالماركات ومن يعلّمهم الشراء من “الستوك” أو “الستور” أو حتى “البالة”! ومن يعلّمهم أكل الحلوى وطريقة “لعق” المثلّجات!

يا له من تأثيرٍ مثيرٍ للاِشمئزاز والقرف، ويا لها من وسائل “تفاسُق” و”تفاصُم” و”تهافت عل التفاهة”!

نعم…إنّهم مؤثِّرون ينالون الجوائز الدوليّة ويتقاضون الملايين، ثم ينظرون إلى الناس من برجهم الموهوم على أنّ الجميع يريد منهم “شيئًا”!

ماذا لديكم لتعطوا الآخرين؟ بتُّم كالمهابيل إذا مررتم أمام شخصٍ في رأسه دماغ موزون ابتسمتم منتظرين أن يقف للسلام عليكم أو للتصفيق لكم، بالله عليكم “تعالجوا” فالبارانويا مرضٌ خطير ومعدٍ كذلك!
حدث معي الأمر عدّة مرّات، أنّ مرّت بقربي في مناسبة اجتماعية إحدى “المؤثرات”، ولم أعرها انتباهًا ولم أعرفها أساسًا، فما بقي من الحضور فردٌ إلا وقال لي:”تلك فلانة!”، فأجبت: “تشرّفنا، انا مهى جعفر”.
الأمر كالآتي: إن من يصنع عظمة التافهين هو الناس، وميلهم للمعروف المنتشر كي تنالهم منه حظوة، إنّ لي الشرف الكبير أن أقف لأسلّم على طبيبٍ ماهرٍ، وحارسٍ يؤدي عمله ببراعةٍ، وأديبٍ، وأستاذٍ، وشاعرٍ، ووزيرٍ أجاد إدارة وزارته، وناشطٍ في القطاع البيئيّ (هذا الأهمّ عندي ربّما)، وتربويٍّ، وراقصةٍ تجيد فنّها، ومغنيّةٍ ذات صوتٍ شجيٍّ…إلخ
لكن أن أقوم عن كرسيّي كي أسلِّم على من تؤثِّر في الجيل سلبًا بتفاهتها وشحطة تصويرٍ لها أو بمن حفظ كلمتين عن ظهر جهلٍ، أو من كان “عبيطًا” متخلِّفًا بالسرّ حتى أتت وسائل التواصل فنشرت تخلّفه وانحرافه على الملأ… ففي هذا انتقاصٌ من قدري الإنسانيّ واحترامي لوجودي كبشريّةٍ عاقلة لا ترضاه فطرتي ولا تربيتي.

ختمت : ارحمونا من هذا الكمّ الهائل من التفاهة المتدفّق بقوّة شلّالات نياغارا على أدمغة أبنائنا وبناتِنا… وعلى أعيننا وأسماعنا… أبيدوهم بالله عليكم! إنهم يتكاثرون!