مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
اخترقت “الوقفة” الاهلية والعسكرية في كفرشوبا امس المشهد الداخلي وأشاحت الأنظار لبعض الوقت عن مناخ سياسي مشدود آخذ بالسخونة تصاعديا حتى ان التوتر السياسي بدا اشد حساسية ودقة، وربما خطورة، من التوتر الميداني الذي شهدته المواجهة بين مجموعات من أهالي منطقة العرقوب والجيش اللبناني من جهة والقوات الإسرائيلية في الجهة المقابلة. وإذ مرت وقفة كفرشوبا بسلام في نهاية الامر من دون ان تتطور الى احتكاك عسكري، فان الحسابات السياسية والاستنفار السياسي والنيابي الواسع استعدادا لليوم المفصلي الاربعاء المقبل، موعد الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، شكلت اطارا للأجواء مشوبة بالكثير من الغموض والترقب نظرا الى صعوبة الجزم من الان بالاحتمالات التي تضرب اخماسها باسداسها لدى جميع القوى الداخلية . كما ان راصدي الأجواء المحتدمة داخليا سجلوا استنفارا ديبلوماسيا واسعا لدى البعثات الديبلوماسية في لبنان اذ ان التطورات التي سجلت أخيرا اعادت تزخيم الاهتمام الخارجي بالازمة الرئاسية في لبنان خصوصا في ظل المشاورات التي جرت بين عدد من الدول المنضوية في اطار مجموعة الدول الخماسية المعنية بلبنان ولا سيما بين فرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر في اليومين الأخيرين والاستعدادات الجارية لزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي الجديد جان ايف لودريان لبيروت الأسبوع المقبل.
والحال ان الاحتدام السياسي اتخذ وجها مختلفا عن الأشهر السابقة من فترة الشغور الرئاسي اذ بدا الواقع السياسي والنيابي كأنه على مشارف مواجهة لم يسبق ان خاض مثلها مجلس النواب في الجلسات الـ11 السابقة نظرا الى تصاعد حدة الصراع السياسي بين اطراف المواجهة من جهة، وتبدل ظروف المواجهة في ظل ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور من جانب المعارضة و”التيار الوطني الحر” من جهة أخرى. ولم تخف أوساط سياسية ونيابية معنية بالاستعدادات والاتصالات المحمومة التي تشهدها كل خطوط القوى السياسية والكتل النيابية ومحاورها، الخشية من ان تدفع الأجواء الساخنة التي تطبع المواجهة نحو مفاجأت غير محسوبة عشية الجلسة او بالتزامن مع موعدها اذ ان ميزان القوى الجديد الذي يترسخ تباعا وان لم يلغ بعد الحدود الكافية لتوقعات حاسمة وواضحة نهائيا، بدأ يرسم مجموعة محاذير على كل من الفريقين الداعمين للمرشحين سليمان فرنجية وجهاد ازعور بما يفتح باب الاحتمالات والسيناريوات الغامضة ، على الغارب ولو ان السيناريو الأكثر رجحانا وتداولا هو انعقاد الدورة الأولى من الجلسة وتطيير نصاب الدورة الثانية.
واذا كانت القوى الداعمة لترشيح ازعور تبدو “واثقة من انه سيحقق رقما اكبر من عدد الأصوات التي سينالها فرنجية”، فان القوى الداعمة للأخير وفي مقدمها الثنائي الشيعي تتحدث عن “مفاجأت ستصدم داعمي ازعور”، علما ان الأيام المتبقية الفاصلة عن موعد الجلسة ستشهد تركيزا غير مسبوق على استمالة النواب المترددين او الذين لم يحسموا مواقفهم بعد، وسط خشية من لجوء معظم هؤلاء الى الأوراق البيضاء كلما تصاعدت حدة المواجهة وجعلتهم موضع تجاذب عنيف بين داعمي المرشحين. ولذا سيكون في رأي هذه الأوساط صعبا للغاية ان ترسو الصورة التقريبية المرجحة للنتائج المرتقبة للتصويت في الدورة الأولى من الجلسة قبل اليومين الاولين من الأسبوع المقبل.
بري والمطرانان
وفي غضون ذلك استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة المطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي واكتفى العمار بالقول ان اللقاء كان جيدا، فيما أفادت المعلومات ان بري كرر امام المطرانين تمسك الثنائي بترشيح فرنجية وموقفه المعروف من الدعوات الى الحوار. وكان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط استقبل مساء اول من امس في كليمنصو، عبد الساتر والعمّار، في حضور رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، والوزير السابق غازي العريضي .
وتحدثت معلومات ان البطريرك الراعي يفكر جديا بالدعوة الى قمة روحية بعد جلسة 14 الجاري لمحاولة تخفيف الاحتقان والتأزم.
مواقف
وتعليقا على الواقع الانتخابي أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “من يريد انتخابات فعلية عليه الاختيار بين المرشحين والا فهو يصوّت لابقاء الفراغ الرئاسي”. وقال “هل يجوز بعد كل ما مررنا به ان نسمع هذا الكلام من نواب انتُخبوا من اجل التغيير؟ او ان نرى نوابا آخرين لم يعجبهم أحد الاسمَين لأن بنظرهم فرنجية مرشح ممانعة وازعور مرشح تسويات، في وقت هناك ايضا نواب يريدون التصويت لمرشح ثالث، في احسن أحواله، سينال 6 او 7 اصوات، الأمر الذي سيعطّل الاستحقاق الرئاسي كما فعل في السابق من صوّت بورقة بيضاء.” واضاف “انطلاقا من الواقعية في العمل السياسي، ولاننا لا نريد استمرار الفراغ الرئاسي علينا اختيار مرشح مقبول بالحد الادنى. اذ كان من اقل الايمان ان نتمسّك بترشيحي او أحد اعضاء تكتل “الجمهورية القوية” او صديق لنا، ولكن ترفّعنا عن هذه المواضيع لاننا لن نصل الى اي نتيجة، فوقع الخيار عندها على تأييد ازعور كي نصل الى حل بـ”حدود الممكن”.
بدوره حذر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل من أن “التوتر الأمني محتمل، ونحمّل حزب الله مسؤولية أي أمر قد يحصل مع أي واحد منا”. ودعا الجميل”، كل مؤيدي وزير السابق #جهاد أزعور الى “عدم الانجرار الى الاستفزاز موضحا ان احتمال أن يتفوّق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على أزعور غير وارد”. وأكد أنه “يجب أن لا يظن المترددون أن أي مرشح غير أزعور سيقبل به الفريق الآخر إذ انه لا يرفض أسماء بل مبدأ مخالفة إرادته ولا علاقة لتجربة أزعور بتجربة النائب ميشال معوّض فأزعور وسطي ولا ينتمي الى أي كتلة”.
في المقابل، أشارت النائبة بولا يعقوبيان الى ان “6 نواب من قوى التغيير لا يزالون في مرحلة التداول والمشاورات مستمرة في ما بينهم ومع مجموعاتهم وقواعد 17 تشرين على أن يُصدروا موقفا موحدا”.
مواجهة كفرشوبا
اما في ما يتعلق بمواجهة كفرشوبا فقد اعلن الجيش أنه “نفذ انتشارًا في المنطقة الحدودية بمواجهة العدو الإسرائيلي. وفي التفاصيل تجمع عدد من المواطنين في خراج بلدة كفرشوبا بالقرب من بركة بعثائيل لإقامة صلاة الجمعة، اعتراضا على قيام القوات الاسرائيلية بأعمال الحفر بالقرب من الخط الأزرق الذي يفصل الأراضي المحتلة عن الأراضي المحررة قي خراج البلدة”. وقال الناطق الرسمي بإسم قوات “اليونيفيل” أندريا تيننتي ان” جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل موجودون على الأرض، وقد كانوا على الأرض منذ البداية لضمان استمرار وقف الأعمال العدائية ولارساء الهدوء والمساعدة في تخفيف حدة التوتر”. أضاف “اننا نحث الأطراف على استخدام آليات التنسيق التي نضطلع بها بشكل فعال لمنع سوء الفهم والانتهاكات والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة”. وتابع “ان “اليونيفيل” على اتصال بالأطراف وتسعى جاهدة لإيجاد حلول. وندعو كلا الجانبين إلى ممارسة ضبط النفس وتجنب الأعمال التي قد تؤدي إلى تصعيد التوتر على طول الخط الأزرق”.
وسادت بعد الظهر حال من الهدوء الحذر في اعقاب سلسلة المناوشات بين المحتجين من ابناء العرقوب والقوات الاسرائيلية والذين تعرضوا لعشرات القنابل الدخانية والمسيلة للدموع، حيث سجلت حالات اختناق لاكثر من ١٢ شابا وقد تمكن المحتجون من ازالة حوالي ٢٠ مترا من السياج الشائك المستحدث .
وكان الجيش الإسرائيلي قد دفع بقوة مدرعة كبيرة الى التلال المشرفة على بركة بعثاييل واتخذت لها مواقع قتالية لتواجه بقوة من الجيش اللبناني مزودة بقاذفات صاروخية واسلحة رشاشة خفيفة وثقيلة.