مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
وسط تزاحم حار للغاية للاهتمامات والاستحقاقات والاولويات التي تشغل الواقع الداخلي ، يتجاوز حرارة الأيام الملتهبة التي يعيشها اللبنانيون في كل المناطق تحت وطأة الطقس الصحراوي الذي يسيطر على المنطقة ، تترقب الأوساط السياسية والاقتصادية ما ستؤول اليه الساعات والأيام القليلة المقبلة لجهة تمرير الإجراءات المختصة بما سيلي نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الحادي والثلاثين من تموز الحالي . وإذ يكتسب هذا الاستحقاق اهمية حاسمة لجهة تجنب التداعيات السلبية التي يخشى كثر حصولها ما لم تتخذ سلفا الإجراءات المناسبة ترصد الأوساط المعنية ما ستسفر عنه ظهر اليوم الجلسة التي ستعقدها لجنة الإدارة والعدل النيابية والتي دعي اليها مجددا نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة ورئاسة الحكومة لارسال من تنتدبه لمناقشة الجوانب المتصلة بهذا الاستحقاق علما ان نواب الحاكم تعهدوا من الجلسة السابقة التي عقدت مطلع الأسبوع بالعودة الى لجنة الإدارة اليوم باجوبة وافية على استيضاحات اثارها نواب.
وعلى رغم تقدم هذا الملف الى واجهة المشهد الداخلي ظلت ترددات الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية في شأن لبنان الذي انعقد قبل أيام في الدوحة تظلل الأجواء السياسية خصوصا في ظل ما لوحظ من انكفاء واضح لقوى الفريق “الممانع” عن التعليق او اتخاذ مواقف علنية من الاجتماع في ما يعكس حالة الانزعاج التي تسوده جراء البيان الذي صدر عن الاجتماع ومعالم سقوط المبادرة الفرنسية حيال الازمة الرئاسية بعد هذا الاجتماع.
وفي المقابل بدا لافتا اندفاع “القوات اللبنانية ” الى الإشادة باجتماع الدوحة الامر الذي ترجمه بيان أصدره امس رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع واعتبر فيه انه: ” أصبح من الثابت والجلي موقف أصدقاء لبنان الذين التقوا في الدوحة، في إطار اللجنة الخماسية يوم الاثنين الماضي، والذي تظهّر في بيان ارتكز على الدستور اللبناني والقرارات الدوليّة ومقرّرات جامعة الدول العربيّة والأولويّة اللبنانيّة السياديّة والإصلاحيّة لأيّ رئيس جمهوريّة وسلطة سياسيّة ، وبالتالي هذا البيان أسقط نهائيًّا محاولة بعض مَن هم في الداخل، ولا سيّما محور الممانعة، الرهان على موقف أصدقاء لبنان إمّا لانتخاب مرشّح الممانعة أو لانتزاع مكاسب غير مشروعة ، بغية إنهاء تعطيلهم للانتخابات الرئاسة”.
أضاف: “الى ذلك، أصبح واضحًا أيضًا أنّ كلّ أصدقاء لبنان الذين اجتمعوا في الدوحة يوم الاثنين الماضي، هم على قناعة راسخة بأنّ حلّ الأزمة الرئاسيّة واضح وبسيط وهو أن تتحمّل الكتل والشخصيّات النيابيّة مسؤوليّاتها وتذهب لانتخاب رئيس للجمهوريّة، كما ينصّ الدستور اللبناني، وأن تترك الآليّات الدستوريّة تأخذ مجراها الطبيعي بدءًا بانتخاب رئيس جديد للبلاد، مرورًا بتكليف رئيس حكومة، وصولاً إلى تأليف الحكومة العتيدة. كما بات واضحًا توجّه أصدقاء لبنان على المستوى الاستراتيجي، لجهة قناعتهم الراسخة بضرورة قيام دولة فعليّة في لبنان، يكون قرارها الاستراتيجي في داخلها، وأن يصار إلى تطبيق جميع القرارات الدوليّة”. وتابع: “من هذا المنطلق، ندعو قوى الممانعة إلى وقف تضييع الوقت الثمين على اللبنانيّين من خلال رهانهم على عامل الوقت، سعيًا إلى تغيير المعادلات، باعتبار أن هذا العامل لم يعد قابلاً للصرف. لذا نطالب الرئيس نبيه بري بأن يدعو سريعًا إلى جلسة انتخابات رئاسيّة، بدورات متتالية، تُفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وختم جعجع: “إنّ محور الممانعة يتحمّل مسؤوليّة كلّ ما يعانيه الشعب اللبناني في الوقت الحاضر من فقر وكوارث وهجرة، وسيتحمّل هذا المحور مسؤوليّة أكبر وأكبر عن كلّ يوم يواصل فيه تعطيل الانتخابات الرئاسيّة”.
كما ان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اعتبر ان “الاشقاء العرب والأصدقاء يعملون جاهدين باجتماعات متكررة للجنة الخماسية لمساعدتنا للخروج مما نحن فيه، وهم لا يتدخلون في انتخاب هذا او ذاك لان هذه القضية مسؤوليتنا ومسؤولية المجلس النيابي بالذات. وسبق أن التقينا مع النواب المسلمين السنة في دار الفتوى، وأكدنا لهم، تحمل مسؤوليتهم، وتحكيم ضمائرهم، والعمل مع زملائهم باختيار رئيس للجمهورية بأقرب فرصة ممكنة يكون الأفضل والأصلح للبنان واللبنانيين”. وأضاف “من المؤسف أن بعد 12 جلسة لانتخاب رئيس، نرى أن الانقسام بين الكتل النيابية ما زال عاموديا ولو تعددت أيضا الجلسات، وبدون أي تفاهم ولا تنازل ولا حوار لن نصل إلى نتيجة، وسوف يطول الفراغ الرئاسي، لا بد من حل، المساعدة الخارجية العربية والصديقة تساعد، ولكن الحل لدينا في المجلس النيابي. وأناشد القوى السياسية التنازل عن مصالحها الذاتية لمصلحة لبنان الوطن ومؤسساته الدستورية، ولا يمكن أن يكون الحل إلا بالتنازل المتبادل بين الجميع”.
وتابع: “نحن في لبنان، في هذا المجتمع المتعدد والمتنوع، ارتضينا أن نعيش كمواطنين تحت سقف الدولة ومؤسساتها وفي إطار ثقافة المواطنة، ولا تمييز أبدا بين لبناني وآخر، إلا بالقدر الذي يقدمه هذا المواطن لنفسه ولوطنه، هذا هو المنطق السليم لبناء المجتمعات والأوطان. المسلمون السنة في لبنان ليس لديهم مشروع خارج إطار الدولة اللبنانية. مشروعنا هو قيام الدولة اللبنانية القوية القادرة والعادلة التي يلتف حولها كل اللبنانيين، نرتضي بالدستور واتفاق الطائف وبالأطر الدستورية والقانونية، ونرفض الافتئات على حقوقنا المشروعة، كما نرفض الافتئات على حقوق الآخرين أي كانوا”.
وأحيا رئيس مجلس النواب نبيه بري الليلة الاولى من ليالي عاشوراء بمجلس عاشورائي أقيم في قاعة ادهم خنجر في دارته في المصيلح، حضره رئيس المكتب السياسي لحركة “امل” جميل حايك والنواب: هاني قبيسي، ايوب حميد، ناصر جابر، وأشرف بيضون، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب الذي تحدث في المناسبة واعتبر “إن عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي وسقوط العملة الوطنية تشكل الأرضية المناسبة لإنعدام الامن الاجتماعي وتسرع بسقوط المجتمع ونهايته”. وقال الخطيب: “ان لبنان للأسف تتوافر فيه كل هذه العوامل، ولأن الاستقرار السياسي يشكل المدخل الإجباري للإصلاح والإستقرار السياسي منوط بالتوافق بين القوى السياسية، فهي مطالبة بالإسراع بالتوافق فيما بينها على إنتخاب رئيس للجمهورية والخروج من حالة المراوحة السائدة بتقديم المصالح الوطنية على الفئوية والشخصية. ان الإستمرار في هذه المراوحة مع ما يعانيه المواطنون وما تتعرض له المؤسسات ليس الا تعبيراً عن عدم المسؤولية الوطنية والسقوط الاخلاقي، ان الغالبية العظمى من الشعب اللبناني يا دولة الرئيس على يقين انكم لم تألوا جهداً لجمع كلمة اللبنانيين على كلمة سواء لإنقاذ الوطن من مآزقه التي يتخبط بها، نأمل ان تلاقي جهودكم في نهاية المطاف موقفاً ايجابياً قبل ان تضيع الفرصة ونبحث عن وطننا في مزابل التاريخ كما حذر إمام الوطن والمقاومة الامام الصدر لانقاذ لبنان وانقاذ القوى المغامره ذاتها من نفسها”.