مجلة وفاء wafaamagazine
على الرغم من موجة التصعيد القائمة، في الوقت الراهن، لا سيما بعد الزيارة الثانية التي قام بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، خصوصاً بعد أن تلتها البيانات التحذيرية التي صدرت عن بعض الدول العربية، أبرزها السعودية، بالإضافة إلى الرسالة الموجهة من لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، على وقع رفض واضح للحوار من قبل بعض الكتل النيابية المعارضة، يبدو أن هناك في المقابل بعض “الليونة” التي بدأت تظهر في موقف “الثنائي الشيعي”.
في هذا السياق، تتحدث غالبية القوى السياسية عن محطة فاصلة في شهر أيلول المقبل، ربطاً بالموعد الذي سبق أن حدده لودريان لطرح الذهاب إلى الحوار، لكنها حتى الساعة لا تملك تصوراً واضحاً لما يمكن أن تصل إليه الأمور، خصوصاً أن الصورة لا تزال غير واضحة، سواء كان ذلك على المستوى الخارجي أو الداخلي.
بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، “الليونة”، التي يبديها “الثنائي الشيعي”، تعود بشكل أساسي إلى الرهان على الحوار مع “التيار الوطني الحر”، الأمر الذي يتطلب عدم الذهاب إلى أي تصعيد في المرحلة الحالية، لا سيما أن هذا الحوار، في حال موافقة التيار على تبني ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، سيقود إلى تعزيز أوراق هذا الخيار، ما يعني الإنطلاق من موقع أفضل في أيّ مفاوضات من الممكن أن تحصل.
وتشير هذه المصادر عبر “النشرة”، إلى أن هذه الورقة قد تكون السلاح الأقوى، الذي يوضع على طاولة حوار أيلول في حال كُتب له النجاح، نظراً إلى أنها ستقود إلى قلب التوازنات القائمة في المجلس النيابي، مع العلم أنّ التسريبات التي تصدر عن الجانبين تؤكد أن المفاوضات قطعت شوطاً كبيراً، في حين أنّ الكثيرين يؤكدون أن هذا المسار من الصعب أن يؤدّي إلى نتائج حاسمة.
بالإضافة إلى ما تقدم، تلفت المصادر نفسها إلى الدعوات المتكررة إلى الحوار التي تصدر عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، للتأكيد على “الليونة” نفسها، خصوصاً بعد أن كان قد أشار، أول من أمس، إلى أن “حوار ايلول فرصة لبلوغ اتفاق ينهي الأزمة الرئاسيّة، ينبغي استثمارها ولا يجوز تفويتها”، محذراً من أن عدم التوافق يعني الدخول في دهليز مظلم ودفع لبنان أثماناً إضافية باهظة.
كل ما تقدم يصبّ في إطار أن “الثنائي الشيعي” لا يزال يتمسك بترشيح رئيس تيار “المردة”، وهو أمر طبيعي طالما أن الحوار مع “التيار الوطني الحر” لا يزال مستمراً حول هذه المسألة، لكن في المقابل هناك بعض المؤشرات التي تستحق التوقف عندها، أبرزها كان حديث رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، عن أن هناك الكثير من الأشخاص الذين لم يضع الحزب فيتو عليهم لأنه يريد التسويات، “لكن دون أن يحشرنا أحد أو يأخذنا إلى مكان”.
بالنسبة إلى المصادر السياسية المتابعة، هذا الموقف يصب أيضاً في إطار “الليونة” المشار إليها في الأعلى، لكن وفق مسار آخر قد يكون عنوانه الأساسي عدم الوصول إلى تفاهم مع “التيار الوطني الحر”، أو عدم القدرة على إنتخاب فرنجية حتى بحال حصول مثل هذا التفاهم، نظراً إلى أن المسألة أعقد من ذلك، وبالتالي لا يمكن فرض هذا الخيار من دون الوصول إلى تسوية شاملة، على قاعدة عدم الرغبة في تكرار ما حصل في السنوات الماضية.
هنا، تلفت هذه المصادر إلى تحدّ آخر، جرت الإشارة إليه من خلال بعض مسؤولي الحزب، يتعلق بإحتمال الوصول إلى فراغ في قيادة الجيش قبل الوصول إلى إنتخاب الرئيس المقبل، الأمر الذي قد تكون تداعياته أكبر من تلك التي كان يتخوف الكثيرون من الوصول إليها، عند إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وبالتالي يمكن الحديث عن خيارات أخرى من الممكن البحث فيها، لكن المسألة مرتبطة بالضمانات والظروف والتطورات المستقبلية.
في المحصلة، ترى المصادر نفسها أن الحوار بين الأفرقاء المحليين، في ظلّ الظروف القائمة على المستوى الإقليمي، قد يكون هو المدخل الأساسي لأي تسوية ممكنة، بالرغم من الصعوبات التي تعترض هذا الطريق، في حين أن التهديد أو التصعيد لن ينفع في دفع “الثنائي الشيعي” إلى تقديم تنازلات، بل على العكس من ذلك قد يدفعه إلى المزيد من التشدد، إنطلاقاً من إرتفاع منسوب الريبة الذي لديه.
النشرة