مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “نداء الوطن”: صار جلياً، أنّ حادث الكحالة الأربعاء الماضي طوي أمنياً، لكنه لم يطوَ سياسياً. فما قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس مقابل ما قاله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، يدلّ على أنّ هناك تعارضاً كاملاً في الاعتبار بما جرى، حتى أنّ اتفاق الطائف الذي استند اليه البطريرك الراعي والنائب رعد بدا منطقة نزاع مجدداً، بدلاً من أن يكون مساحة تلاقٍ، خصوصاً بعدما أصبح الاتفاق دستوراً. فهل يعني ان هذا الانقسام المتجدد بين أهل الطائف وبين رافضيه أصلاً، كحال «الحزب»، ينذر بأزمة جديدة ينتظرها لبنان؟
ما قاله الراعي بعد قداس احتفالي بتكريس مذبحَي كنيسة أم المراحم وكابيلا القديس شربل في بلدة القعقور: «لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة، وأكثر من جيش شرعي، وأكثر من سلطة، وأكثر من سيادة. بهذا المنطوق يجب تطبيق اتفاق الطائف بكامل نصه وروحه، وقرارات الشرعية الدولية في شأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها. وفي هذا الظرف حيث نحن أمام نظام إقليمي جديد يثير المخاوف والقلق، يجب الابتعاد عن المغامرات، بل الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع ما يمكن، إذ ليس من مبرر لعدم انتخابه منذ أيلول الماضي».
في المقابل، اعتبر رعد خلال احتفال تأبيني أنّ «المسألة ليست مسألة شاحنة انقلبت على كوع الكحالة، وإنما المسألة كانت مسألة موقف من المقاومة، لأنهم لا يريدون مقاومة في هذا البلد». وسأل: «أين كانت الكحالة عندما كان الإسرائيلي في قصر بعبدا؟»، وحذّر من «أنّ الغلط لا يمكن أن يتكرر»، وأنّ «من لا يريد المقاومة، يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف».
كيف قرأت الأوساط السياسية الواسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» هذا التناقض بين كلام الراعي ورعد؟ تقول هذه الأوساط: «إنّ من اشتبك مع «حزب الله» في الكحالة ينتمي الى «التيار الوطني الحر»، ما يعني أنّ البيئة التي ظهرت في الكحالة هي ضده، علماً أنّ البيئة المسيحية بكل تناغمها حتى الحليفة معه، على المستوى الشعبي وبمعزل عن الصفقات التي تحاول قيادات ان تجريها من فوق، هي ضد فريق رعد».
ولفتت الى أنّ «أهمية حادث الكحالة تكمن في أنها أعادت طرح المشكلة الأساسية أو ما يسمى مقاومة وهو مشروع خاص بـ»حزب الله». فكان هناك موقفان متناقضان: موقف البطريرك الماروني الذي يتحدث عن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، وأعاد الاعتبار الى الدولة والدستور والجيش والسلاح الواحد. وموقف رعد الذي قال إنّ كل من هو ضد المقاومة هو ضد اتفاق الطائف، وهو منافٍ للاتفاق وتزوير له. بينما في الحقيقة، إن كل من هو مع «حزب الله» هو ضد الطائف. فالطائف لم يتحدث إطلاقاً عن المقاومة، بل أعاد الاعتبار الى اتفاقية الهدنة وانتشار الجيش على الحدود، وحسم مسألة السلاح خارج الدولة. ودعا الاتفاق الميليشيات الى تسليم سلاحها، ومن ضمنها سلاح «حزب الله». فعمد النظام السوري الى ترقية «الحزب» الى مقاومة، فكان هذا هو أول انقلاب على الدستور من خلال رفض «الحزب» تسليم سلاحه. ومعلوم أن الطائف يضع التحرير في يد الدولة وليس في يد فئة».
واعتبرت أن «كوع الكحالة أعاد النقاش الى مسألة أساسية تتعلق بمفهوم الدولة والطائف. وتبيّن أن «الحزب» طرف مأزوم يخشى معاودة النقاش في جوهر إشكالية سلاحه وخط إمداده من طهران الى بيروت».
وخلصت الى القول: «السؤال الأساسي هو: بعد حادثتي الكحالة وعين إبل وفي ظل هذا الجو الذي أوجده «حزب الله» والتسعير السياسي الذي يقوم به بالكلام عن «ميليشيات»، فيما القتيل ينتمي الى «التيار العوني»، كيف يمكن للنائب جبران باسيل مواصلة حواره مع «الحزب»؟».
وفي موازاة هذه المعطيات، أبلغت مصادر فلسطينية «نداء الوطن» أن شاحنة «حزب الله» للأسلحة التي انقلبت في الكحالة الاربعاء الماضي كانت تنقل ذخائر هي عبارة عن صناديق طلقات لأسلحة رشاشة ومضادة للطيران. انطلقت من البقاع وكانت وجهتها مخيم عين الحلوة جنوب صيدا. وتأتي هذه الخطوة لتعويض مخازن الأسلحة في المخيم التابعة لحلفاء «الحزب»، والتي نقص مخزونها بعد معارك المخيم الأخيرة.
على صعيد آخر، أفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» أنّ «أحد المواطنين أقدم على إلقاء قنبلة حارقة على السياج التقني المحيط بمستوطنة المطلة مقابل سهل مرجعيون»، فردّت القوات الاسرائيلية «بطلقة نارية في اتجاه الأراضي اللبنانية، من دون تسجيل أي إصابة».