الرئيسية / آخر الأخبار / لودريان: حوار أو تأزُّم.. المعترضون: الممانعة تُعطِّل.. المؤيدون: لا رئيس بِلا تفاهم

لودريان: حوار أو تأزُّم.. المعترضون: الممانعة تُعطِّل.. المؤيدون: لا رئيس بِلا تفاهم

مجلة وفاء wafaamagazine

المشهدان الرئاسي والسياسي بشكل عام، مضبوطان على دقّات السّاعات المتبقية من مهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في بيروت، في انتظار ما ستسفر عنه جولة النقاشات التي يجريها مع الأطراف السياسية.

نقاشات لودريان مع اطراف الملف الرئاسي، وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، لم تحمل في يومها الثاني ما يبعث على التفاؤل في امكان تحقيق اختراق نوعي في جدار التناقضات الداخلية، بل انها ابرزت الخلاصات التالية:

– أولاً، تبنِّ كامل من قبل موفد الرئاسي الفرنسي للمبادرة الحوارية التي اطلقها رئيس مجلس النواب مجلس النواب نبيه بري.

– ثانيا، العنوان الاساس للزيارة الثالثة للودريان هو «هذا الوضع القائم في لبنان حاليا يجب ان ينتهي في اسرع وقت ممكن، وفي هذا السبيل، يجب ان يفتح باب الحوار بين الاطراف اللبنانيين بأي شكل من الاشكال حيث لا سبيل لانفراج سياسي ورئاسي سواه، ومن هنا التوجّه الجدي الى دمج مسعى لودريان بمبادرة الرئيس بري، لتحقيق هذا الهدف، لأن الوضع في لبنان كما نراه شديد التأزم، والتأخير في اعتماد هذا المسار يعني بلا أدنى شك ان وضع لبنان سيتأزم اكثر، وينزلق الى مخاطر اكبر.

وبرز في هذا السياق ما قاله النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه الموفد الرئاسي الفرنسي، حيث دعا الكتل النيابية والنائب تيمور جنبلاط الى تلبية الدعوة الى الحوار، معلناً في هذا المجال تأييده لمبادرة الرئيس بري ومبادرة لودريان. وقال ردا على سؤال: «القوات» دائماً لديها وجهات نظر لكننا نفضّل وجهة نظر نبيه بري ولودريان من الحوار، وأدعم مبادرة بري ومبادرة لودريان». كما برز ما كشفه النائب ياسين ياسين الذي قال بعد اللقاء مع لودريان: «حاول اقناعنا بحوار بري، وقلت له شخصياً هذا الحوار غير دستوري، وهو أجابنا: لا حل الا به، فإما الحوار، وإما خطر وجودي على لبنان».

– ثالثا، حرص لودريان خلال نقاشاته على ان يعكس انّ مهمته ليست فرنسية فحسب، بل هي مهمّة مغطاة بدعم كامل من دول اللجنة الخماسية وكل اصدقاء لبنان. مؤكدا ان هذه اللجنة ستُبقي لبنان في عين رعايتها، والأيام القليلة المقبلة ستشهد اجتماعا مهما للجنة حول الوضع الرئاسي في لبنان.

– رابعا، لم يطرح لودريان أيّ اسم معيّن لرئاسة المجهورية، بل هو استعرض اسماء المرشحين بالعموميات من دون ان يزكّي اي اسم، وفي خلاصة هذا الاستعراض أُبقي الباب مفتوحا على كلّ الخيارات، واللبنانيون هم المعنيون بالتوافق على الخيار الذي تتوفر فيه المواصفات المطلوبة.

 

المعارضون

– خامسا، كررت نقاشات اليوم الثاني على مسمع لودريان المواقف السياسية ذاتها، التي سبق له ان سمعها في زيارته السابقتين، فالمعترضون عزفوا على اسطوانة رفض رئيس الممانعة، ورئيس يحكمه «حزب الله». واتهام الطرف الآخر بمخالفة الدستور واقفال المجلس النيابي وعدم عقد جلسات انتخاب حقيقية. وبرروا رفضهم لأي صيغة حوارية، بأنها مناقضة للدستور الذي ينصّ بحسب قولهم على عقد جلسة فورية ومفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية، وان كان ثمة حوار مطلوب، فيمكن ان يجري بين دورة ودورة.

وبرز في هذا السياق ما قاله رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد لقائه لودريان في معراب: «محور الممانعة يريد مواصلة «التسلّط على اللبنانيين، الذي بدأه بتعطيل كل الجلسات، ونحن نقول الحقيقة كما هي: «معطّلو انتخاب الرئيس هم محور الممانعة». اضاف: «باسم الحوار يعطّلون الانتخابات الرئاسية، ولو كانت نظريتهم صحيحة لماذا ينسحبون من الجلسات»؟ مضيفًا: «من يسمعهم يظن أنهم ملائكة، فلا تنتظروا منّا مساعدتكم في تضييع الوقت». وقال: «الحوارات قائمة كل يوم، ولكن الدعوات الحالية للحوار سمّ في الدسم».

 

موقف الحزب

اما موقف «حزب الله» الذي تمّ ابلاغه للموفد الرئاسي فلخّصته مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» كما يلي: نحن نؤيّد مبادرتكم الحوارية، وكذلك الامر بالنسبة الى مبادرة الرئيس بري. ولكن كما ترون الآخرون (في اشارة الى «القوات» وسائر الاطراف المعارضة للحوار) رفضوا واعترضوا على مسعاكم وعلى مبادرة الرئيس بري. ومن جهتنا نحن مع الحوار ومستعدون له، وكذلك مستعدون ان نصبر معكم لأمد طويل جداً. كما ان «حزب الله» يعتبر انّ المسألة ليست مسألة شخص او اسم سليمان فرنجية، مع التأكيد على اننا لن نتنازل عن دعمه، كونه يعني الكثير بالسنبة الينا، بل ان المسألة تتلخص في ان الآخرين يسعون لأن يأخذونا الى مكان آخر، حيث انهم يفسرون الطائف كما يريدون واكثر من ذلك يريدون أن يأخذوا الطائف الى حيث يريدون. ويريدون ان يستدرجونا لكي نؤمّن لهم النصاب الذي يمكنهم من ان ينتخبوا رئيساً للجمهورية من دون تفاهم او توافق. فلن نعطيهم ذلك، وإن كانوا يظنّون أنّ في مقدورهم تحقيق ذلك فليجربوا حظهم».

 

المهمة مستمرة

– سادسا، ان انتهاء مهمة لودريان الذي تردد انه سيغادر بيروت يوم غد الجمعة، لا يعني ان هذه المهمة قد انتهت، بل انها ستستمر حيث انه لا يوجد اي تعارض بين ان يستمر في هذه المهمة لاحقا، وبالتالي القيام بزيارة رابعة الى بيروت تبعا للظروف التي قد تستجد حول الملف الرئاسي، وبين تسلمه مهامه الوظيفية الجديدة نهاية الشهر الجاري (كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في العلا (أفالولا)، المسؤولة عن التعاون مع السلطات السعودية لتطوير السياحة والثقافة في منطقة العُلا الشاسعة). وقد نقل عنه قوله ما مفاده: اننا لن نتوقف عن بذل الجهود تجاه لبنان، ولن نتعب من الصبر».

سابعاً، انّ خلاصة النقاشات التي اجراها لودريان مع الاطراف السياسيين، سيعرضها في لقاء ثان مع الرئيس نبيه بري، لتتحدد في ضوء هذا العرض الخطوة التالية، وليس مستبعدا في هذا السياق ان تتجلى هذه الخطوة بدعوة يوجهها رئيس المجلس الى جلسات الحوار خلال الايام القليلة المقبلة.

وينتظر ان يتابع لودريان نقاشاته اليوم، حيث سيلتقي ظهرا في مقر السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر النواب: جهاد الصمد، عبد الرحمن البزري، غسان السكاف وكميل شمعون.

 

النواب السنة

وفي سياق متصل، من المقرر ان يلتقي لودريان نحو 22 نائبا سنيا في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في اليرزة، وفيما طرحت بعض الاوساط تساؤلات حول الغاية من هذا اللقاء، اكدت مصادر سياسية لـ«الجمهورية» ان «هذا اللقاء الذي سينعقد في حضور الموفد الرئاسي الفرنسي، لا يعبّر عن خطوة مكملة لمهمة لودريان فحسب، بل هو خطوة رافدة لمهمته بدعم مباشر لها من قبل المملكة العربية السعودية، خصوصا ان المملكة هي واحدة من دول اللجنة الخماسية، وعلى تواصل دائم مع الجانب الفرنسي تحديدا حول الملف الرئاسي في لبنان».

 

حوار «التيار» – «الحزب»

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» ان اللجنة المشتركة بين التيار الوطني الحر و«حزب الله» قد عقدت امس جلسة العمل الاولى حول ملف اللامركزية الادارية، في مقر كتلة الوفاء للمقاومة في حارة حريك. حضرها عن التيار: النائب الان عون، وانطوان قسطنطين وغابي ليون، وعن «حزب الله» النائب علي فياض ومدير المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله. وقالت مصادر متابعة ان النقاشات تجري بروح منفتحة، الا انها لفتت الى ان هذه المهمة تتطلب عناية ودراسة متأنية بما يخدم الهدف المرجو من هذا النقاش، واتفق في خلاصة الجلسة على ان تعقد الجلسة الثانية (ربما منتصف الاسبوع المقبل في مقر التيار في ميرنا شالوحي).

 

عين الحلوة والنازحون

من جهة ثانية، وفيما بقي الوضع في مخيم عين الحلوة على اشتعاله، حيث عادت الاشتباكات اليه في فترة ما بعد الظهر بعد هدوء حذر ساده قبلها، برزت متابعة الشق الامني المتعلق بالزحف السوري المتزايد تجاه لبنان. وفي هذا الاطار، وانفاذاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بتكليف وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب بترؤس وفد رسمي لينتقل الى سوريا ويبحث قضية النازحين، أجرى بوحبيب اتّصالا بنظيره السوري فيصل المقداد وإتّفقا على عقد لقاء بينهما فور عودته من نيويورك حيث سيشارك الى جانب الرئيس نجيب ميقاتي بأعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، على أن يلتقي هناك بنائب وزير الخارجية السوري الذي سيمثّل بلاده في الاجتماعات الاممية. ورحّب وزير الخارجية السوري بزيارة بوحبيب والوفد المرافق الى دمشق مُبدياً استعداده لكل تعاون يصبّ في مصلحة البلدين.

 

دولة مستباحة بالابتزاز

وفي مكان آخر، تتبدى استباحة الدولة بالابتزاز، حيث انه في الوقت الذي تشهد مؤسسات الدولة شللا كاملا في كافة قطاعاتها، تبادر بعض الشركات الموكلة ادارة مرافق حيوية الى الاستقواء على الدولة، وخطف بعض مرافقها وتعطيلها عن سابق تصور وتصميم لارغامها على دفع مبالغ خيالية. على ما حصل مع شركة INKRIPT المشغلة لجهاز المعلوماتية في هيئة ادارة السير والآليات والتي تصدر دفاتر السوق ودفاتر سير المركبات واللوحات الآمنة واللاصقات الالكترونية، التي توقفت عن العمل منذ تموز الماضي. وهو الامر الذي رتب اضراراً على المواطنين وخسائر للخزينة اللبنانية.

عنوان هذه المشكلة هو وجود نزاع مالي بين الدولة اللبنانية والشركة المشغلة، الا ان متابعات المعنيين لجوانب هذه المشكلة بيّنت وجود ملابسات وقطب مخفية في اماكن اخرى، لا سيما العقد او الاتفاقية التي تعمل بموجبها الشركة. وبناء على ذلك، خصّصت لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية، جلسة حضرها ما يزيد عن 30 نائبا، في حضور ممثلين عن الشركة وادارة السير والنقابات. وابلغت مصادر نيابية الى «الجمهورية» قولها انّ الانطباع العام الذي كَوّنه النواب الحاضرون وفقاً لما سمعوه، اكد بما لا يرقى اليه الشك انّ هناك رائحة فساد تعتري هذا الملف، تُضاف اليها عملية ابتزاز موصوفة تمارسها الشركة المذكورة. حيث استنتج من النقاش في لجنة الاشغال انّ النزاع القائم مردّه الى الاصرار على ان تُدفع باقي مستحقات الشركة (60 مليار ليرة)، على اساس سعر صرف الدولار السابق اي ما يوازي 40 مليون دولار.

وبحسب المصادر النيابية، فإن هذا الانطباع بوجود رائحة فساد، تكوّن بعدما لاحظ النواب استعلاء على الدولة من قبل شركة خاصة، وسألوا عمّن او عما اعطى الشركة الحق بتعطيل مرفق عام، من دون اي اعتبار للقانون او لما يمكن ان ينتج عن هذا التعطيل من اضرار مصلحة الخزينة وبمصالح المواطنين». على ان السؤال الأهم، والذي أثار ريبة النواب هو عن العقد والاتفاقية التي تعمل بموجبها الشركة. وقالت المصادر ان اعضاء اللجنة توجّهوا بطلب مباشر الى محامي الشركة، لتزويدهم بنسخة عن العقد الذي تعمل الشركة بموجبه، فتبين ان لا وجود لعقد، بل تعمل بموجب ما يسمّى «مباشرة عمل» موقّع من هدى سلوم. وكذلك سألوا عن الكلفة الحقيقية لدفتر السوق وكم يتقاضون لقاءه من المواطنين؟ فلم يأت الجواب. الامر الذي حدا باللجنة الى التوافق على الطلب من هيئة ادارة السير بأن تقيم دعويين ضد الشركة: دعوى جزائية لتعطيلها مرفقا عاما، ودعوى لدى قاضي الامور المستعجلة لالزام الشركة بالعودة فورا الى العمل والفتح الفوري لمراكز المعاينة.

 

عطية: سنقاضي الشركة

وخلصت اللجنة الى تشكيل لجنة تقصي حقائق من اربعة من اعضائها برئاسة النائب ابراهيم منيمنة. وابلغ رئيس اللجنة النائب سجيع عطية الى «الجمهورية» قوله: الشركة، وبعد صدور رأي ديوان المحاسبة، عادت الى العمل، الا ان الامر لن ينتهي هنا بمجرد عودتها الى العمل، بل انّ لجنة تقصي الحقائق ستعقد اجتماعا الخميس (اليوم)، ونحن بصدد التقدم بدعوى قضائية وفتح التحقيق بكل المصارفات والاموال التي دفعت والعقود، نحن ماضون في هذا الامر الى الآخر خصوصا ان هناك مبالغ كبيرة جدا قد دفعت بنحو 124 مليون دولار، والشركة فوق ذلك تعتمد سياسة الابتزاز، ولا يمكن القبول بهذا الامر على الاطلاق.

 

تقرير ديوان المحاسبة

واللافت في هذا السياق، ان ديوان المحاسبة اصدر رأيه، بناء على طلب وزير الداخلية بسام مولوي، يوم الخميس الماضي 31 آب الماضي، خَلص فيه الى انّه «في ضوء الوقائع والاشكاليات (التي تعتري هذا الملف)، وامعان المتعهد شركة INKRIPT في تعطيل مصالح الدولة المالية ومصالح المواطنين يرى الديوان ضرورة اتخاذ الادارة وبدون ابطاء كل الاجراءات والتدابير التي تؤدي الى اعادة تسيير المرفق العام المتوقف بفعل المتعهد ومطالبته بالتعويضات عن كافة الخسائر اللاحقة بها كما وملاحقته جزائيا امام النيابة العامة التمييزية واحالة الاوراق الى كل من النيابة العامة لدى الديوان والغرفة القضائية المختصة لإجراء المقتضى. ويقتضي التذكير ختاماً بوجوب اطلاق مناقصة جديدة شفافة لتلزيم هذا المرفق الحيوي في اسرع وقت ممكن».

 

خواجة: سنتابع الملف

الى ذلك، قال مقرر اللجنة النائب محمد خواجة لـ«الجمهورية»: نحن واجبنا كنواب ان نصوّب المسار، وبالتالي نحن ماضون في هذا الملف الى الآخر لجلاء كل الملابسات المحيطة به، فهو موضوح ينطوي على هدر للمال العام، ونحن كلجنة اشغال من واجبنا ان نُسائل وان نحاسب، وضمن هذا السياق تم تشكيل لجنة تقصي حقائق. وقد انطلقنا من امر اساسي وهو اقفال مرفق عام لعدة اشهر، ترتبت عليه خسائر هائلة للمواطنين، وعلى مستوى الخزينة التي خسرت يومياً 23 مليار ليرة استناداً الى ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة.

 

 

 

الجمهورية