مجلة وفاء wafaamagazine
فيما بات واضحاً تواطؤ مسؤولين رسميين وفريق من السياسيين في منع معالجة أزمة النازحين السوريين، دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، إلى وضع خطة وطنية شاملة للبحث في معالجة هذا الملف بعيداً عن العداء للشعب السوري، وإلى الضغط على الغرب بقيادة أميركا لفكّ الحصار عن سوريا.
وفيما بات سلوك الحكومة ينذر بانفجار يطيح بأي إمكانية لتحقيق ولو جزء يسير من الحل بالتنسيق مع الدولة السورية، تتعزّز جهود المشروع التوطيني الذي تديره دول الغرب ومفوّضية الأمم المتحدة. فبعد ثلاثة أسابيع على اللقاء التشاوري الذي انعقد في السراي الحكومي بحضور وزراء وقادة الأجهزة الأمنية للبحث في أزمة النزوح وتداعياتها والتدابير الواجب اتخاذها، شهدت الأيام الماضية سجالاً صاخباً بين عدد من الوزراء حول مقاربة الملف، ما أوحى بانقسام سياسي حادّ من شأنه مضاعفة المصاعب. وبدل أن تباشر الحكومة والأجهزة المعنية تنفيذَ القرارات التي تمّ الاتفاق عليها، دخلت القضية دائرة التوتر، وهو ما عبّر عنه بوضوح الاشتباك الكلامي بين وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزير المهجّرين عصام شرف الدين الذي اتّهم بو حبيب بأنه «خانع ومهادن ومتواطئ»، بعدَ أن طالبه وزير الخارجية بـ«تخفيف الحكي، لأنه لن يستطيع فعل شيء في هذا الملف».
وقال مرجع كبير معنيّ بالملف لـ«الأخبار» إن «الخطوات التي اتُّخذت بعد اللقاء التشاوري ليست كافية»، مشيراً إلى أنْ «لا أداة تنفيذية فعلياً للمقرّرات التي صدرت عن اللقاء. فلا البلديات قادرة على القيام بما هو مطلوب منها كاملاً، ولا التنسيق بين الأجهزة الأمنية يحصل بالشكل المطلوب، فضلاً عن غياب القرار السياسي بفتح قناة رسمية جدية مع الدولة السورية، حيث يُفترض أن يبدأ الحل الجدّي».
ولفت المرجع إلى أنه «في حال استمر الحصار الخارجي على سوريا، فهذا يعني استمرار النزوح الكثيف في اتجاه لبنان الذي قد يذهب إلى انفجار كبير في ظل ضعف الأجهزة وغياب القرار السياسي». واعتبر أن «الأزمة الأساسية تكمن في أن الحكومة الحالية ليست صاحبة سلطة ولا صاحبة مشروع، وأن رئيسها نجيب ميقاتي وعدداً من وزرائها بمن فيهم وزير الخارجية متورّطون في مشروع التوطين أو أنهم لا يريدون الوقوف في وجه الخارج خوفاً على مصالحهم، ويعتبرون أن هذه الحكومة هي لتقطيع الوقت ليس إلا ولن يغامروا باتخاذ مواقف مضرّة بهم».
وبالعودة إلى قرارات اللقاء التشاوري، قالت مصادر وزارية إن «الإجراءات التي بدأت تُتخذ على نطاق ضيق من حيث إقفال المحالّ غير المرخّصة أو القبض على عدد من السوريين أو مداهمة مخيمات اللاجئين ليست كافية أو بالمستوى المطلوب، وهي في الإطار الأمني أو السياسي تُعتبر أقرب إلى محاولة لتنفيس الاحتقان في المجتمع اللبناني ليس إلا». وأكّدت المصادر أن «بو حبيب الذي أعلن عن لقائه وزير الخارجية السورية فيصل المقداد ومندوب سوريا في الأمم المتحدة بسام صباغ (الذي سيصبح نائباً لوزير الخارجية) خلال تواجده في نيويورك والاتفاق معهما على زيارة دمشق فور عودته، لن يصدق بوعده. وهناك قرار واضح بالاستمرار في السياسة الماضية وعدم الالتزام بالرؤية الجديدة التي يُحكى عنها أو اتخاذ قرار جريء ضد مشروع الخارج».
أما عن الاتفاق مع مفوّضية الأمم حول تسليم الداتا التابعة لجميع النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، فقد «بدأ تنفيذها لكن لا أفق لها من دون العودة إلى سوريا». وكشفت المصادر عن «تقارير وصلت إلى بعض المعنيين من أجهزة أمنية تفيد بوجود نوايا لافتعال أعمال عنف ضد النازحين في عدد من المناطق نتيجة الخطابات العنصرية التي يتعمّد البعض إطلاقها في إطار الشعبوية من دون الأخذ في الاعتبار تداعيات هذا التحريض، وقد تنتج عن ذلك ردود فعل انتقامية ستؤدي إلى خلق توترات أمنية متنقّلة بين المناطق قد لا تستطيع الأجهزة ضبطها بسبب الضغوطات عليها وعدم توافر الإمكانات اللازمة لفرض الأمن».
نصرالله: لنسهّل هجرتهم
إلى ذلك، دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى وضع خطة إستراتيجية وطنية موحّدة يتفق عليها اللبنانيون لمعالجة ملف النازحين. وقال في كلمة أمس بمناسبة ذكرى المولد النبوي في الضاحية الجنوبية، إن «البعض في لبنان يرى في ملف النزوح تهديداً وجودياً وأمنياً للبنان»، متسائلاً: «لكن ماذا يفعل هؤلاء المجمعون على هذا التهديد؟». وتابع: «يجب وضع خطة يحملها اللبنانيون إلى العالم والأصدقاء ويضغطون بها على حكومة تصريف الأعمال والجيش اللبناني والقوى الأمنية والبلديات لأن هذا قد يوصلنا إلى نتيجة».
ولفت نصرالله إلى «أن لا أحد في لبنان يعرف عدد النازحين السوريين الحقيقي، لذا يجب أن يكون هناك إحصاء جدّي، ويجب التمييز بين اليد العاملة والنازحين»، مشيراً إلى أن «الموضوع الأهم هو معالجة الأسباب لا النتائج، والمسؤول الأول عن النزوح الأمني إلى لبنان هو من أشعل الحرب في سوريا، أي الإدارة الأميركية، وهي المسؤولة أيضاً عن النزوح الاقتصادي». وأضاف: «فرضت أميركا قانون قيصر على سوريا وحاصرتها، وفرضت عقوبات على كل الشركات التي كانت ستأتي لتستثمر في سوريا، لذلك هي تعاني اقتصادياً وحياتياً، ما أدى إلى نزوح اقتصادي إلى لبنان، لذلك يجب أن يقال للغربيين إنه حتى يبقى لبنان يجب أن يتم إلغاء قانون قيصر. وإذا تم رفع العقوبات عن سوريا وبدأت الشركات بالاستثمار في سوريا فسيعود مئات الآلاف إلى بلدهم».
ميقاتي وعدد من الوزراء بمن فيهم وزير الخارجية إما متورّطون أو يخافون على مصالحهم
وتساءل نصرالله عن موقف «السياديين من تصرفات المفوّضية الدولية التي تفعل ما تشاء في لبنان»، مشيراً إلى أن «السفيرة الأميركية في لبنان تزور مسؤولين وتجري تحقيقاً عند كل إجراء بإعادة نازحين إلى سوريا وفق القانون وتهدد المسؤولين بالعقوبات». وتحدّث نصرالله عن «فكرة قابلة للنقاش» بأن «تسمح الدولة اللبنانية لمن يرغب من النازحين بالاتجاه إلى أوروبا وهذا سيؤدي حتماً إلى أن تأتي الدول الأوروبية خاضعة إلى بيروت لتقول ماذا تريدون لإيقاف هذه الهجرة وهذا ما قامت به تركيا، على أن يُسمح لهؤلاء بالسفر في سفن مجهّزة لا تركهم لقوارب الموت».
وحذّر نصرالله اللبنانيين من خلق حالة عداء مع السوريين. وقال: «يجب أن لا يتحوّل الجو القائم إلى جو عداء مع هؤلاء الناس ولا يتجاوز أحد حدود القانون والأخلاق، وأن يتصرف أحد كأنّ النازحين في لبنان أصبحوا مباحي الدم والمال». ودعا المعنيين إلى «التفتيش عن مافيات التهريب وقمعها».
وساطة مرتقبة حول الحدود البرية… ومؤشّرات التنقيب بحراً إيجابية
كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن وساطة مرتقبة قريباً بما خصّ الحدود البرية مع فلسطين المحتلة. وقال إن «استخدام مصطلح ترسيم حدود لبنان البرية مع فلسطين المحتلة خاطئ لأن الحدود مرسّمة، ولا يصح الربط بين الملف الرئاسي والحدود البرية». وأضاف أن «الوساطة ستركّز على منطقة شمال الغجر لأنهم يريدون حل مسألة الخيمتين وبكل الأحوال هذه مسؤولية الدولة اللبنانية»، لافتاً إلى أن البحث «يتمحور حول النقاط 13 التي يحتلها العدو، وأهمّها نقطة الـ B1 في الناقورة، وأيضاً شمال بلدة الغجر ربطاً بملف خيمتَي المقاومة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا». وشدّد على أن «الملف هو من مسؤولية الدولة اللبنانية، ولا يجوز ربط ملف الحدود البرية بالملف الرئاسي والمفاوضات الأميركية – الإيرانية». وأضاف: «كما في ملف المياه، فإن أيّ خطوة تساعد على تحرير الأرض ستلقى تعاوناً وتضامناً من المقاومة. وحقنا في الأرض نأخذه كاملاً ولا نساوم عليه في ملفات أخرى».
وتحدّث نصرالله عن «مؤشرات إيجابية» بما خصّ التنقيب عن النفط في البحر، وقال: «للأسف الشديد هناك أناس أعداء لشعبهم ويتحدّثون عن عدم وجود نفط في البلوك 9، ومعلوماتنا تفيد بأن كل المؤشرات في البلوك 9 إيجابية. ومن الشواهد كذلك أن الشركات نفسها التي تعمل في البلوك 9 قدمت للعمل في البلوك 8 والبلوك 10». ولفت إلى أنه «لا يوجد جديد في ملف الرئاسة لأبشّركم به، وعلينا متابعة الجهود التي تُبذل في هذا الصدد».
الأخبار