مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
لم تتبدد وتيرة القلق من التصعيد المتدرج في الوضع الميداني في الجنوب خصوصا بعدما تجاوزت المواجهات وعمليات القصف المتبادلة قواعد الاشتباك السائدة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، فتوغل الإسرائيليون في القصف والاستهداف الجوي على نحو لافت الى منطقة داخلية متقدمة من إقليم التفاح في شمال الليطاني ورد عليهم “حزب الله” بتوغل مماثل بقصف صاروخي لكريات شمونه في عمق الجليل وباستعمال المسيرات في قصف مواقع في مزارع شبعا. لكن هذا المؤشر التصعيدي جنوبا ظل رهن التطورات الجارية على صعيد محاولات جادة لاحلال هدنة إنسانية جديدة في غزة اذا نجحت ستتمدد مفاعيلها حتما إلى الجبهة الجنوبية، كما تؤكد المعطيات، ولو تواصلت التهديدات الإسرائيلية بحرب على لبنان. ووسط هذا المناخ، بدا لافتا ان الداخل السياسي شهد حركة “إعادة لم شمل “حكومية ولو محدودة ومحصورة بالاستحقاقات العسكرية وتحديدا بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم برعاية من “حزب الله” الذي يبدو كأنه تعمد تظهير عدم تهميشه للملفات الداخلية فيما هو يخوض المواجهات الميدانية في الجنوب، فنادت كتلته النيابية امس بضرورة الإسراع في ملء الشغور الرئاسي.
احتواء الازمة بين ميقاتي ووزير الدفاع حصل بعدما حضر الأخير برفقة وزير الثقافة محمد وسام مرتضى الى السرايا واجتمعا مع الرئيس ميقاتي بناء على طلب مرتضى. وافيد من السرايا ان سليم “أوضح موقفه وعبّرعن أسفه لسوء التفاهم الذي حصل سابقا، مؤكدا احترامه الاكيد والدائم لمقام رئاسة مجلس الوزراء وتقديره لميقاتي وموقعه. وتم البحث في الاوضاع العامة لا سيما الوضع جنوبا ووجوب التعاون ببن الجميع على تحصين الوضع الداخلي وعلى انتظام عمل المؤسسة العسكرية وفقا للقوانين والانظمة والأعراف”. ووصف سليم اللقاء بانه كان “كالعادة مفعما بجو الأخوة والصراحة والمودة، والاحترام المتبادل القائم بيننا على الدوام”. وقال “تداولنا شؤون مؤسسات وزارة الدفاع الوطني، وكل ما يتعلق بأوضاعها لا سيما، موضوع الشواغر في بعض المواقع العسكرية. وأوضحت لدولة الرئيس أن شؤون المؤسسة العسكرية هي من أولى اهتماماتي على الدوام، واني الادرى بشعابها وبما يصب في مصلحتها والمصلحة الوطنية. تناقشنا بعض التفاصيل واتفقنا على أن هذا المسار سيستمر لمعالجة كل ما من شأنه ان يحصّن المؤسسة العسكرية، وأن يصب في خدمة الوطن وسلامته، وأن يقوم الجيش بلعب دوره كما هو على الدوام”.
وكان ميقاتي شدد لدى زيارته امس لمتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده على “انني لا أريد أن أدخل بأي سجال حول هذا الموضوع لأن العبر هي في خواتيمها والخواتيم لغاية الآن جيدة، وسأظل على مبدئي بعدم الدخول في اي سجال اعلامي مع احد على رغم كل ما يقال. ولقد قلت وأكرر بأن هناك أمرا يتعلق بصلاحيات رئيس الوزراء ومقامه ولا أقبل ان يتعرض أحد له بأي شكل من الأشكال”.
موقفان من الاستحقاق
في غضون ذلك برز موقفان من الاستحقاق الرئاسي ارتباطا بما جرى في استحقاق التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية .
الموقف الأول لرئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع الذي اعتبر انه “إذا كان الرئيس نبيه بري يريد الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية عن طريق التوافق فنحن على أتمّ الاستعداد لذلك ، ولكنّ التوافق يكون على غرار ما حصل في موضوع تمديد سن التقاعد لقائد الجيش، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، ولا يكون إلّا من خلال الاتّصالات الجانبيّة الهادئة، وليس عبر طاولة حوار إستعراضيّة شهدنا الكثير منها في السنوات الـ15 الأخيرة والتي لم تؤتِ يومًا بثمرة واحدة”.
اما الموقف الاخر فكان لكتلة “الوفاء للمقاومة” التي أعلنت “ان معالجة أوضاع البلاد ورعاية مصالح المواطنين تتطلبان جهودا حكومية ونيابية جادة ومخلصة ومنتظمة، وإذا كان الشغور الرئاسي يشكل ثغرة أساسية كبرى في الانتظام العام وبنية الدولة، فإن الواجب الوطني يقضي بالإسراع في ملء هذا الشغور من جهة وبعدم التفريط ببقية مداميك الدولة، وأن انعقاد جلسة التشريع النيابية مؤخرا هو دليل إضافي على أهمية التفاهم لإنجاز انتخابات الرئيس وتسيير أعمال البلاد والتعاون الدائم للعمل بموجب الدستور وعدم تعطيل مواده تحت أي ذريعة”.
التصعيد الميداني
اما على صعيد الوضع الميداني في الجنوب ومع ان انحسارا نسبيا سجل في المواجهات قياسا بيوم الأربعاء فان معالم التصعيد ظلت تسود معظم انحاء المنطقة الحدودية مع تجدّد القصف الإسرائيلي امس مستهدفا المنازل ومسقطا ضحايا . واستهدفت المدفعية الاسرائيلية الاحياء السكنية في بلدة مارون الراس حيث أصيب منزل المواطن ماجد مهنا اصابة مباشرة، مما ادى الى استشهاد زوجته نهاد موسى مهنا واصابته بجروح وهما في العقد الثامن . كما تعرضت اطراف الناقورة لقصف مدفعي اسرائيلي ودوّت صافرات الإنذار في مقر “اليونيفيل”.
واستهدفت المدفعية الاسرائيلية بركة كفرشوبا على طريق شبعا. وشن الطيران الحربي الاسرائيلي غارة على أطراف الخيام في المنطقة الواقعة بين الماري والخريبة. وظهرا تعرضت اطراف بلدتي مارون الراس ويارون لقصف مدفعي متقطع كما طاول القصف محيط حديقة مارون الراس. وأغارت الطائرات الحربية بثلاثة صواريخ “جو-أرض” على منزل خالٍ في بلدة كفركلا . كما استهدف القصفٌ المدفعي الإسرائيلي اطراف بلدتي مارون الراس وعيترون واطراف بلدات يارون وعيتا الشعب. وأطلق الجيش الإسرائيلي صباحا القنابل الحارقة على أحراش جبل اللبونة والعلام علما الشعب.
ولوحظ ان القصف المدفعي والصاروخي الاسرائيلي من البر والجو على عدد من قرى وبلدات المنطقة الحدودية في الجنوب، تركز معظم ساعات النهار على بلدة كفركلا المحاذية للجدار الإسمنتي الاسرائيلي والخط الازرق، حيث تعرضت البلدة وأطرافها لغارتين من الطيران الحربي وثلاثة غارات من الطيران المسير، إضافة إلى قصف مدفعي من الدبابات ومدافع الهاون، مما ضاعف في حجم الاضرار والخسائر وخصوصا المادية، علما ان غالبية البيوت والمحال في البلدة اصبحت خالية بعد ان اضطر أهالي البلدة على تركها ومغادرة البلدة.
وكانت الليلة السابقة شهدت إحدى أعنف الغارات الجوية الإسرائيلية وأبعدها، حيث أنها نُفذت في مناطقٍ ليست بحدودية وتُعدّ في العمق اللبناني. ونفذت مقاتلات حربية اسرائيلية قصفاً جوياً في عمق مثلث إقليم التفاح – جزّين – أطراف شرق صيدا، وأغارت على أحراج تقع بين منطقتي بصليا وسنيا القريبة من جباع وكفرملكي .
في المقابل، اعلن “حزب الله” انه استهدف دوفيف وأفيفيم بالأسلحة المناسبة “وأوقعنا إصابات مؤكدة رداً على إعتداءات العدو على القرى والمنازل المدنية وإستشهاد المواطنة نهاد موسى مهنا وجرح زوجها”. واعلن استهدافه تجمعا للجنود الاسرائيليين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ، كما اعلن “شن هجوم جوي بثلاث مسيرات إنقضاضية دفعةً واحدة على تجمعات العدو المستحدثة خلف مواقعه في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وأصابت أهدافها بدقة” واعلن انه استهدف نقطة الجرداح كما ثكنة راميم وتجمعا للجنود في محيطها . ومساء اعلن استهداف مستعمرتي المطلة ورموت نفتالي .
وفي اطار توجيه التهديدات قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت امس أن “إسرائيل لن تصبر على تهديدات “حزب الله”، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي “سيبعد الحزب عن الشمال”. وأوضح غالانت أن “إسرائيل ستبعد “حزب الله” عن الشمال دبلوماسياً أو عسكرياً”.
وفي الإيجاز للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، قال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي إن “منطقة الجنوب اللبناني منطقة قتال وستبقى كذلك مهما واصل “حزب الله” انتشاره فيها والاعتداء انطلاقا منها”.وأضاف: “منذ بداية الحرب يواصل “حزب الله” جر لبنان وسكان جنوب لبنان إلى منزلقات خطيرة”.