الرئيسية / آخر الأخبار / مناطق منكوبة بـ”نعمة” الطوفان… والتصعيد جنوباً بلا هوادة

مناطق منكوبة بـ”نعمة” الطوفان… والتصعيد جنوباً بلا هوادة

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة النهار

 مع أنّ مشهد لبنان الغارق في طوفان السيول و#الأمطار والعواصف التي تُحوّله بلحظة الى بحيرة عملاقة ناطقة بكل مكوّنات التخلف الخدماتي والافتقار إلى الحدود الدنيا من صيانة البنى التحتية، هو مشهد مألوف ومعتاد ولا يثير أي استغراب، فإنّ الكارثة التي ضربت مناطق محددة مثل عكار أمس، وحوّلتها منطقة منكوبة، جعلت همّ مرور العاصفة يتقدّم سائر الهموم والتطورات الداخلية.

وكما في كل مرة تنعم الطبيعة فيها بنعمة المطر الغزير على لبنان تتحوّل النعمة الى نقمة على الطرق الرئيسية والفرعية، على غرار تحوُّل معظم أوتوستراد جونية بيروت وطريق المطار ومنطقة الكرنتينا وسواها من مناطق وطرق رئيسية إلى بحيرات عائمة تسبح فيها مئات السيارات العالقة في جحيم بلد يزداد تخلّفاً، وتنكشف سلطاته أكثر فآكثر أمام ابسط البديهيات المطلوبة منها كما أمام أكبر الاستحقاقات التي تعجز عنها ولا يعود غريباً أن يتقاذف الوزراء والإدارات والهيئات المختلفة المعنية الاتهامات بتبعات المشاكل التي يعلق فيها المواطنون.

وعلى رغم استمرار برودة الطقس وعاصفة الامطار الطوفانية، بقيت جبهة الجنوب على حماوتها واستعارها، وبعد ليل طويل من التصعيد الاسرائيلي أطلق خلاله الجيش الإسرائيلي عشرات القذائف المدفعية الثقيلة على القرى والبلدات الحدودية الجنوبية، أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية، ظهر أمس، على أحد المنازل في بلدة يارين الحدودية بصاروخي جو- أرض ممّا أدّى إلى تدميره بالكامل، وأفيد عن وقوع إصابات.

كما استهدفت مدفعية الجيش الإسرائيلي منطقة حامول شرق بلدة الناقورة، والمنطقة الواقعة بين يارين وطيرحرفا. وفيما أفادت “القناة 12 الإسرائيلية” بأنّ الجيش الإسرائيلي شنّ هجوماً استباقيّاً على جنوب لبنان وأنّ المقاتلات هاجمت أهدافاً لـ”حزب الله”، أعلن “حزب الله” أنّه استهدف قبل الظهر موقع ‏العاصي ثم استهدف بعد الظهر تباعاً تجمّعاً للجنود الإسرائيليين في تلّة الطيحات ثم استهدف مستوطنة شتولا ممّا أدّى إلى إصابة أحد المباني فيها، كما استهدف موقع رويسات العلم في مزارع شبعا المحتلة، ومن ثم استهدف دبابة ميركافا إسرائيلية في موقع المطلة أثناء استهدافها وقصفها للقرى اللبنانية المقابلة مما أدى الى تدميرها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.

وفي سياق المواقف الخارجية البارزة من الوضع المتفجر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، صدر بيان في نهاية زيارة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا للبنان التي استغرقت أربعة أيام. وبحسب البيان، ناقش لاكروا “الدور المهم الذي تلعبه اليونيفيل في تهدئة التوتر على طول الخط الأزرق”، مشدّداً على أنّه “يجب على جميع الأطراف وقف إطلاق النار والالتزام بالقرار 1701 والعمل على التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي دائم”، مؤكداً أنّ “هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام دائم”.

وقال لاكروا: “إنّنا نشعر بقلق عميق إزاء أعمال العنف عبر الخط الأزرق والخطاب الذي شهدناه منذ الثامن من تشرين الأول، والذي يشير إلى احتمال حدوث تصعيد أوسع نطاقاً، وهو ما يجب تجنبه بأي ثمن. إننا نواصل حثً جميع الأطراف على وقف إطلاق النار، لأن كل يوم يستمر فيه هذا الوضع يزيد من خطر نشوب نزاع أكبر وأكثر تدميراً. ومنذ بدء تبادل إطلاق النار، أصيب أو قُتل عشرات المدنيين والصحافيين، وتعرضت مواقع اليونيفيل للقصف أكثر من عشرين مرة، مما أدى إلى إصابة ثلاثة من جنود حفظ السلام . هذا غير مقبول ويجب أن ينتهي. إننا نذكّر الأطراف والجهات الفاعلة المشاركة في تبادل إطلاق النار مرة أخرى بالتزامهم بتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين وحرمة موظفي الأمم المتحدة ومبانيها”، مشيداً بـ”المثابرة التي أظهرها أكثر من 10,000 جندي حفظ سلام من اليونيفيل في مواجهة هذه التحديات”.وقال: “في السياق الحالي، واصلت اليونيفيل كل الجهود لتنفيذ ولايتها على الرغم من التحديات على نطاق غير مسبوق منذ عام 2006″، مضيفاً أنّ “البعثة وحفظة السلام التابعين لها يواصلون التأكيد على دعمهم المستمر للتوصل إلى حل طويل الأمد للنزاع”.

وأمّا في ما يتّصل بالأزمة السياسية الرئاسية، فتوجّه أمس رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى رئيس مجلس النواب نبيه بري كاتباً على صفحته: “دولة الرئيس نبيه بري: نحن مستعدون لحضور أي جلسة انتخاب رئاسيّة تدعو إليها بدورات متتالية حتى الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن مع الحفاظ طبعًا على حقّ كلّ كتلة نيابية وكلّ نائب بالتصويت لمَن تراه ويراه مناسبا. وهذا ما كان يجب أن يحدث قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، ولكن أن تأتي الأمور متأخرة أفضل من ألّا تأتي أبداً”.

وتوقّف المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمام “ظاهرة الدوران في الحلقة السياسية الداخلية المفرغة، الأمر الذي يعطّل انتخاب رئيس جديد للجمهورية رغم مرور أكثر من عام على فراغ سدّة الرئاسة الأولى”، وأكد ان “الحياة الدستورية لا تقوم ولا تستقر من دون انتخاب رئيس للجمهورية يضبط إيقاع الحياة العامة بما له من سلطات دستورية ومن رمزية وطنية جامعة”، معرباً عن اعتقاده أن “استمرار تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية يدفع حكومة تصريف الأعمال لاتخاذ قرارات من نوع “أبغض الحلال” مثل قرار إعادة بعض مشاريع القوانين إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيها ولدرسها من جديد”.

وطلب المجلس الشرعي من المجلس النيابي البتّ بهذا الموضوع بأسرع وقت ممكن رفعا للظلم. ورأى أنه “إذا كان هذا الإجراء يثير اجتهادات دستورية متناقضة، فإنه يقع في حكم الضرورة للمحافظة على المصلحة الوطنية العامة. ولعله يشكل قوة حافزة للخروج من دوامة الدوران في فراغ عدم انتخاب رئيس جديد يملأ الفراغ الدستوري الذي يشكو منه لبنان منذ أكثر من عام”، مؤكداً أنّ “سلامة الوطن وحقوق المواطن تتقدمان على المصالح الحزبية والفئوية، وأن تعريض سلامة الوطن للخطر والتضحية بحقوق ومصالحه يشكل جريمة كبرى. فكيف إذا كان ذلك يحدث والعدو الصهيوني المتربص مستنفر لإرتكاب المزيد من الاعتداءات واثارة المزيد من الفتن؟”. ورأى المجلس أنّه “إذا كان هناك متسع لممارسة الاختلافات وحتى الخلافات في الظروف العادية والطبيعية، فان هذه الممارسات والعدو على الأبواب، والدولة على شفير الهاوية، يصبح من المحرمات الوطنية”، داعياً إلى “الإيثار الوطني على أنانيات المصالح الشخصية والفئوية، والإرتفاع الى مستوى التحديات المصيرية التي يواجهها لبنان من الداخل والخارج إنقاذاً للوطن من بين ما يتربص به شراً: الفساد الداخلي والعدوان الخارجي وكل منهما يكمل الآخر ويتكامل معه”.