مجلة وفاء wafaamagazine
حقّق علماء من مختبر كولد سبرينغ هاربور إنجازًا يُعدّ بمثابة انفراجة علمية، حيث اكتشفوا إمكانية إعادة برمجة الخلايا التائية، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، لإبطاء الشيخوخة، وربما حتى عكس بعض آثارها. تلعب الخلايا التائية دورًا رئيسيًا في جهاز المناعة، حيث تعمل على تحديد وتحييد مسببات الأمراض الضارة.
وقد أظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Aging»، باستخدام نموذج فأر، أنّه يمكن الاستفادة من الخلايا التائية لمحاربة نوع آخر من الخلايا المرتبطة بالشيخوخة، ما يقلّل الالتهاب ويعزز جهاز المناعة لدى المسنين.
تُعرف الخلايا التائية، أو الليمفاويات، بأنّها خلايا دم بيضاء تساهم بفاعلية في دفاع جهاز المناعة ضدّ الفيروسات والبكتيريا. وتمتلك هذه الخلايا القدرة الفريدة على التعّرف على مسببات أمراض معينة وتدميرها، حيث يتخّصص كل نوع منها بمواجهة أهداف محدّدة. وعلى مدار سنوات، سعى الباحثون لاستكشاف علاجات تعتمد على الخلايا التائية، ولا سيما في علاج أمراض مختلفة، بما في ذلك السرطان.
وقد أكّدت الدكتورة كورينا أمور فيغاس، المؤلفة الرئيسية للدراسة والأستاذة المساعدة في مختبر كولد سبرينغ هاربور، على إمكانية اعتبار الخلايا التائية سلاحًا محتملًا لمحاربة الشيخوخة، وذلك بفضل فعالية جهاز المناعة في التخلص من الخلايا التالفة لدى الأفراد الأصغر سنًا. وتمّ تحديد خلايا الشيخوخة، التي تتراكم فيها التلفات وتصبح ملتهبة، كأهداف علاجية محتملة لأمراض الشيخوخة.
استخدم الباحثون علاج CAR-T للقضاء على الخلايا الشيخوخة لدى الفئران، وأفضى ذلك إلى نتائج إيجابية مثل انخفاض وزن الجسم وتحسّن عملية التمثيل الغذائي وتحمّل الجلوكوز وزيادة النشاط البدني. ومن الجدير بالذكر أنّ هذه التأثيرات لم تقتصر على الحيوانات المسنّة فحسب، بل لوحظت أيضًا كإجراءات وقائية عند إعطائها للحيوانات الصغيرة في مرحلة الشباب.
تشير الدراسة إلى أنّ إعادة برمجة الخلايا التائية من خلال علاج CAR-T قد تكون لها آثار إيجابية في علاج أمراض الشيخوخة عند البشر. وأكّدت الدكتورة أمور فيغاس على الحاجة لمزيد من البحث لتحسين هذا النهج وفهم إمكاناته بشكل كامل.
من جانبه، أشار الدكتور يي تشانغ، وهو شخصية رئيسية في برنامج تفاعل السرطان مع المضيف، إلى الاستراتيجية المبتكرة التي تقدّمها الدراسة لمعالجة مسائل شيخوخة الأنسجة والالتهاب الضار الذي تسبّبه الخلايا الشيخوخة. وأوضح الدكتور تشانغ أنّ الدراسة تقدّم دليلاً مبدئيًا على إمكانية برمجة الخلايا التائية باستخدام مستقبلات مستضد خيمرية خاصة بالعلامات المرتبطة بالخلايا الشيخوخة، وهو ما قد يفتح آفاقًا جديدة لتحسين صحة المسنين.
