مجلة وفاء wafaamagazine
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة” عاونه فيه المطارنة: سمير مظلوم، حنا علوان وانطوان عوكر، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان _حريصا الاب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات في حضور المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي الدكتور عماد الأشقر، مديرة شؤون الاونروا في لبنان دوروثي كلاوس ، ممثل قائد الجيش العميد عبد الهادي مشموشي، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي العميد جوزيف مسلم، ممثل المدير العام للامن العام النقيب رانيا كيروز، ممثل المدير العام للدفاع المدني كاتيا دارتانيان، النقيب شربل كامل ممثلا قائد فوج اطفاء بيروت، رئيس “لقاء الهوية والسيادة” الوزير السابق يوسف سلامة، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، القنصل كوين ماريل غياض، رئيس المجلس الاغترابي في بلجيكا المهندس مارون كرم، رئيسة جمعية “ادي” للتوعية من حوادث السير ميرنا ابو انطون مناسا، كما حضر وفد من امهات شهداء القوى الوطنية المسلحة والدفاع المدني وضحايا حوادث السير وعدد من امهات ضحايا انفجار المرفأ، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: “رابي يا معلّم أن أبصر” (مر 10: 50)، قال فيها: “عندما سأل يسوع ذاك الأعمى طيما بن طيما: “ماذا تريد أن أصنع لك؟”، لم يطلب حسنة كما من جميع الناس، بل طلب: “ربّي أن أبصر”(مر 10: 50). هذا يعني أنّ الأعمى كان المبصر الوحيد بين الجمع الغفير. فعندما كان يصرخ “يا ابن داود، إرحمني”(مر 10: 47)، كان الجمع ينتهره ليسكت، لأنّه يعرف عن يسوع أنّه فقط “يسوع الناصريّ”. أمّا الأعمى فلم ينادِه بهذا الإسم، بل ناداه باسمه البيبليّ: “يا ابن داود، إرحمني”، الذي يعني أيّها المسيح الآتي من سلالة داود، وحامل الرحمة إلى البشر، إرحمني. فكان البصر الرحمة التي طلبها. كان يؤمن أنّ يسوع هو نور العالم، وأنّه قادر على أن يعطي عينيه نور البصر. فأجابه يسوع: “أبصر، إيمانك أحياك؛ وللحال أبصر ومشى معه في الطريق”(مر 10: 50). يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، ملتمسين نعمة البصر الداخليّ، من المسيح النور: من شخصه، من كلامه الهادي، من أعماله الفائقة الصلاح، من آياته العجيبة، وهو القائل عن نفسه: “أنا نور العالم. من يتبعني لا يمشي في الظلام” (يو 8: 12)”.
أضاف: “يطيب لي أن أوجّه تحيّةً خاصّة إلى جمعيّة EDY للتوعية بشخص رئيستها السيّدة ميرنا أبو أنطون مناسا وأعضائها. EDY هو إسم شاب من آل مناسا في ربيع العمر أصيب بكسر في رجله في إثر حادث سير في شهر كانون الثاني 2015، بسبب الغير المخالف لقانون السرعة والإهمال. أُدخل إدي إلى المستشفى وأجريت له عمليّة جراحيّة، دخل بعدها في غيبوبة لحوالي شهر حتى أسلم الروح في عيد مار مارون 2015. وقبل سنة فقدت العائلة والده المرحوم جورج مناسا بحادثة مؤلمة. فوُلد من رحم الألم والوجع في قلب والدة EDY السيّدة ميرنا أبو أنطون، وابنها إيلي، وابنتها ليا والعائلة بأسرها مشروع إنشاء “جمعيّة إدي للتوعية من حوادث السير” بتاريخ 18 آذار 2015، لأهداف أربعة:
1) إقامة ندوات ومحاضرات ودورات تدريب بالتعاون مع المختصّين في الصليب الأحمر اللبنانيّ والدفاع المدنيّ وقوى الأمن الداخليّ والجيش، غايتها التوعية على مخاطر حوادث السير.
2) السعي إلى تطوير وتحسين العمل داخل المستشفيات لاسيما في غرف الطوارئ والعنايات الفائقة، بالتعاون مع المختصّين في وزارة الصحة ونقابة المستشفيات ونقابة الممرّضين.
3) السعي إلى حسن تطبيق قانون السير الجديد والعمل على سدّ الثغرات الموجودة فيه.
4) التعاون مع الإدارات الرسميّة المختصّة على وضع الإقتراحات والدراسات المتعلّقة بكيفيّة صيانة وتنظيم السير على الطرقات الرئيسيّة والأوتوستراد لا سيما عبر إيجاد الحلول والضوابط لطريقة وقف الباصات العموميّة وسيّارات الأجرة لنقل الركاب، كما تعمل على إدراج حصّة تعليميّة وإرشاديّة أسبوعيّة للصفوف الثانويّة في المدارس الخاصّة والرسميّة والمعاهد والجامعات.
إنّا نبارك هذه الجمعيّة راجين لها النجاح، تجنّبًا لوقوع ضحايا سير غالية على القلوب. وشاءت الجمعيّة بمناسبة عيد الأمّ أن يشارك في هذا القدّاس الإلهيّ أمّهات شهداء القوى الوطنيّة المسلّحة والدفاع المدنيّ وضحايا حوادث السير، مقدّمين الذبيحة الإلهيّة لراحة نفوسهم وعزاء عائلاتهم. ويشارك معنا أيضًا أمّهات ضحايا تفجير المرفأ في 4 آب 2020. إذ نصلّي معهنّ ومع عائلاتهنّ لراحة نفوس ضحاياهم، ونطالب معهنّ بشكل دائم متابعة التحقيق، فالعدل فوق الجميع. إنّ تعطيل عمل المحقّق العدليّ بقوّة النافذين لن يموت مهما طال الزمن. ويصحّ القول المأثور: “لن تموت قضيّة وراءها مطالب”. وقد طالبنا مرارًا وتكرارًا التعاون مع لجنة قضائيّة دوليّة، لوجود أجانب بين ضحايا تفجير المرفأ، وبسبب تدخّل السياسيّين والنافذين عندنا في القضاء وعمل القضاة حتى التعطيل الكلّي”.
وقال: “عندما شفى يسوع طيما الأعمى مانحًا النظر لعينيه المنطفئتين، أراد أن يثبت لنا أنّه قادر على شفائنا من العمى الروحي الأخلاقي، وهو أدهى من عمى العيون. هذا العمى يُظلم العقل بالكذب والباطل، والإرادة بالشر، والقلب بالحقد والبغض، والضمير بخنق صوت الله في أعماق الإنسان، والحريّة بالإستعباد للأشياء والأشخاص والأهواء المنحرفة. ويظهر العمى الروحيّ والأخلاقيّ في الكبرياء والإستبداد والظلم والإستكبار. من هذا العمى تولد جميع الرذائل التي تخلّف النزاعات في العائلة والمجتمع وعلى الأخصّ في الدولة عندما يخلو المسؤولون السياسيّيون من القيم الروحيّة والأخلاقيّة. هنا يوجد مكمن الأزمة السياسيّة عندنا في لبنان، وهي تحديدًا مخالفة الدستور الذي هو في جميع دول العالم “مقدّس” بالمفهوم السياسيّ، بمعنى أنّه لا يُمسّ، ويشكّل القاعدة والطريق الواجب سلوكه من المسؤولين السياسيّين في البلاد، كما يشكّل الضمانة للمواطنين في حقوقهم وواجباتهم الأساسيّة كمواطنين. الدستور هو فخر الأوطان، وملجأ المواطنين ومحطّ ثقتهم”.
وتابع: “كيف يمكن القبول بالمخالفة الكبرى للدستور بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنة ونصف، على الرغم من وضوح موادّ الدستور ذات الصلة وضوح الشمس في الظهيرة؟ والتسبب بنتائج هذا التعطيل بحيث يطال المجلس النيابيّ الذي يفقد صلاحيّة التشريع، ومجلس الوزراء بفقدان صلاحيّة التعيين وسواها من الصلاحيّات المختصّة برئيس الجمهوريّة دون سواه. بانتخابه تعود الثقة بالبلاد ومؤسّساتها من المواطنين أوّلًا ثمّ من الدول المتعاونة. أجل لقد فقدت الدول ثقتها بلبنان الرسمي لا بلبنان الشعبي. هل المعطّلون، وقد باتوا معروفين، لا يريدون انتخاب رئيس لأهداف خاصّة؟ أو يطيلون زمن الفراغ الرئاسيّ لغايات أخرى متروك التكهّن بشأنها؟ لا يوجد أي مبرر لعدم التئام مجلس النواب وانتخاب رئيس للبلاد. زارتنا بالأمس السيّدة Dorothée Klaus مديرة شؤون الأنروا UNRWA في لبنان، ونرحبّ بها الآن بيننا. وقد حملت إلينا همّ توقّف بعض الدول الكبرى عن دفع كامل مبلغ مساهمتها، والذي يشكل ثلث مجموع المساعدات. وهذا الأمر إذا حصل، لا سمح الله، يؤثر سلبًا على حاجات اللاجئين الفلسطينيّين، كما يؤثّر سلبًا على لبنان والمجتمع اللبنانيّ. فإنّا نناشد هذه الدول الإبقاء على مساهمتها كاملة، حمايةً للسلم الأهليّ، وتجنّبًا لثورات وانتفاضات ونشوء إرهاي جديد يدفع ثمنها لا المجتمع اللبنانيّ وحسب، بل العالم كلّه. يكفي هذا الشعب الفلسطينيّ قهرًا وظلمًا وحروبًا وتجويعًا وحرمانًا من حقوقه”.
واعتبر أنّ “حالة عدم الاستقرار التي نعيشها تدفع، وبكل اسف، بأبنائنا وخاصة بالشباب منهم الى هجرة لبنان سعيًا وراء تحقيق ذواتهم وأحلامهم وتأمين مستقبلهم، ولطالما شجعنا العديدين منهم على الانخراط في مؤسسة الجيش والاجهزة الأمنية الأخرى، التي تبقى الضمانة لإعادة الاستقرار المفقود. فإننا وبناء على مراجعتنا المتكرّرة من قبل الذين تقدّموا وقُبلوا في دورة الدخول إلى المدرسة الحربيّة وعددهم 118 طالبًا، فإنّا نناشد المعنيين إصدار المراسيم اللازمة، احترامًا لحقّ هؤلاء الشباب، وحمايةً لحماسهم للخدمة العسكريّة، ومحافظةً عليهم في أرض الوطن، ودفعًا لنشاطهم ولمحبتّهم للبنان، وتأمينا لتواصل الكوادر في المؤسّسة العسكريّة”.
وختم الراعي: “إنّنا إذ نرفع آيات الشكر لله على نعمة إعلان خادم الله المكرّم البطريرك إسطفان الدويهي طوباويًّا وسيتمّ الإحتفال بالتطويب هنا في بكركي في 2 آب المقبل، وفي ذكرى مولده في 2 آب 1630، وذلك بقرار من قداسة البابا فرنسيس الخميس الماضي 14 آذار الحالي، وقد طلب من مجمع دعاوى القدّيسين إصدار مرسوم التطويب. واليوم عند الساعة الواحدة بعد الظهر تُقرع الأجراس ابتهاجًا في جميع الكنائس لمدّة خمس دقائق. للثالوث القدّوس الآب والإبن والروح القدس، كلّ مجد وشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.
بعد القداس، التقى الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية.