مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء “
ثمة مقاربة تتبنّاها جهات عدة على اطّلاع بتفاصيل المواجهة بين لبنان والعدو الإسرائيلي. وحصرا بين المقاومة والجيش الإسرائيلي تنطلق من مجموعة فرضيات تستند الى مسار الحرب من جهة، ومحاولات التهدئة من جهة أخرى. ومع ان لبنان بنظر البعض، يُعدّ على المستوى السياسي غير مهيّأ لإبرام أية صفقة غير مباشرة تفضي الى ترسيخ معادلات جديدة، بسبب غياب رأس الدولة، إلّا ان مصادر أخرى تعتبر ان حلقة التفاوض الأساسية هي بيد الميدان التي تخوضه المقاومة، وهي من تحدد قواعد الاشتباك وفرض المعادلات؛ ومن ثم يصادق عليها لبنان الرسمي.
من هنا يمكن فهم الحراك الذي تقوم به الخماسية المعنية بالملف الرئاسي اللبناني لإيجاد أرضية صالحة للتشاور، تنتج انتخابا لرئيس جديد يلاقي ما بات يسمّى بـ «الحسم الميداني» على الجبهة الجنوبية المشتعلة مع شمال فلسطين.
وبحسب المصادر، فإن ما يرشح عن الخماسيّة من بيانات وخاصة البيان الأخير، لم يحمل مهلة إسقاط لدورها رغم الوعيد المتواصل بفرض عقوبات على من سمّتهم الجهات المعطّلة. ليتبيّن ان دول الملف الرئاسي، ليست على موقف واحد بشأن معاقبة الأطراف اللبنانيّة المعرقلة لانتخاب الرئيس، وتحديداً الأميركي الذي يعتبر أن توزيع العقوبات بهذا الشكل سيضرّ بالمكانة الأميركية في لبنان، وسيجعل تواصلها مع الأطراف اللبنانيين أمرا صعبا، على غرار ما يحصل مع حزب الله والتيار الوطني الحر، لذلك هي لا تؤيد فرض عقوبات في هذه المرحلة.
وتقول الخماسية في بيانها الأخير: «لا يمكن للبنان أن ينتظر شهراً آخر بل يحتاج ويستحق رئيساً يشكّل تحالفا لاستعادة الاستقرار السياسي، وإن انتخاب رئيس للجمهورية ضروري لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية، وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية» في إشارة الى الورقة الفرنسية المرتبطة بالقرار 1701.
إذن، هذا الموقف يبدو واضحا من حيث الشكل والمضمون، تقول المصادر، مشيرة الى أن الخماسية ولو لم تعلن ذلك، ربطت انتخابات الرئاسة بالملف الحدودي مع فلسطين المحتلة، والمواجهة في الجنوب و الحرب في غزة، وبالتالي كان القول سابقا إن الملفات باتت متعلقة بعضها ببعض ولو من ناحية التوقيت لا المضمون، إذ سيكون من الصعب للغاية الوصول الى انتخابات رئاسية في لبنان قبل انتهاء الحرب في غزة، أو على الأقل قبل وجود معطيات ومعلومات أكيدة حول اقتراب نهاية الحرب في غزة، ما يعني ضرورة وجود رئيس لبناني.
وتؤكد المصادر أن الواقع الرئاسي في لبنان لا يزال على حاله لناحية التموضعات للقوى السياسية، فلا يزال الثنائي الوطني متمسّكا برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويعتبر أن بإمكانه تمرير انتخابه ضمن صفقة يكون أطرافها إيران وأميركا، ولا يعارضها العرب، رغم أن تمرير هذه الصفقة في لبنان سيكون صعبا للغاية، ولا يزال التيار الوطني الحر رافضا ترشيح فرنجية، ويعوّل على التوافق مع الثنائي «أمل – حزب الله» على مرشح جديد، ولا تزال المعارضة ترفض أيضاً تمسّك الثنائي الوطني بمرشحه وتطلب التخلّي عنه للبحث عن مرشح ثالث.
وتضيف المصادر: إذا تبيّن ان هناك بوادر اقتراب من نهاية الحرب فقد يكون من الممكن فتح الباب أمام تسوية رئاسية في لبنان، أما في حال استمرارها فسيكون من الصعب الوصول إلى تسوية، على قاعدة أنه في هذه الحال لن يكون من السهل تقديم تنازلات حول هوية رئيس، ستكون مهمته الأولى قيادة المفاوضات المتعلقة بالشأن الحدودي. هذا من ناحية لبنان، أما في الكيان الإسرائيلي، فهناك عدة استحقاقات سياسية مهمة في حزيران تتعلق بحكومة الحرب والضغط الذي يمارسه «بيني غانتس» على «بنيامين نتنياهو» الماضي في حربه الشعواء على الشعب الفلسطيني، ما يطرح مجموعة أسئلة حول تقاطع لملمة الملفات اللبنانية، بدءاً من بوابة انتخاب رئيس للجمهورية الى انتظام مؤسسات الدولة للخروج من المأزق الاقتصادي مع ترسيخ تفاهمات أشبه بهدنة قد تكون طويلة الأمد هذه المرة. مطّلعون يرون ان الإخفاق في تحقيقها سيضع احتمال التوسّع بالحرب أكبر وقد يحمل الشهر المقبل عناوين المرحلة القادمة.