مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”:
كان استمرار التصعيد الواسع منتظراً في الأسبوع الأخير من استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية، طبقاً لما أوردته “النهار” أمس، لكن الطبيعة الوحشية للتصعيد الإسرائيلي كما حصلت أمس لم تكن في حسبان أحد. ذلك أن تهجير مدينة بعلبك عن بكرتها تقريباً، عقب مجازر استهدفت البقاع الشمالي في الأيام الأخيرة، شكّل أخطر سوابق التهجير الجماعية التي أدرجت عبرها اسرائيل البقاع الشمالي كخط بلدات وقرى الشريط الحدودي في الجنوب تماماً بما يرسم وقائع وتداعيات شديدة الخطورة لم يسبق لأي تجربة عرفها لبنان أن شهدت مثيلاً لها.
حصلت واقعة تهجير بعلبك واشتداد وتائر هذه الحرب عشية الذكرى الثانية لأزمة الشغور الرئاسي وكادت تطغى عليها، ولكن الكثير من جوانب الواقع الحربي والسياسي الكارثي الذي يرتسم اليوم مع إحياء هذه الذكرى يجسّد الخطورة التي أفضت الى تسيّب لبنان واستباحته بفعل تفريغ قصر بعبدا ومنع ملء الرئاسة الأولى منذ سنتين بما افضى إلى استدراج الحرب إليه على النحو الكارثي الحاصل. وليس أقل من أخطار الهمجية التي تضرب الكثير من مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية ضرب الفراغ الرئاسي عمق المناعة الشرعية والدستورية ومناعة المؤسسات والنظام فكانت الاستباحة الداخلية وما زالت المسبّب الأساسي لتفرّد فريق في توريط لبنان في الحرب متّبعاً سياسة الانكار والمكابرة ومخوّناً كل مخالف ومعارض لسياساته الأحادية وارتباطاته الإقليمية.
البقاع الشمالي وعاريا
على أن التصعيد الجنوني أمس لم يكن بعيداً على ما يبدو من الاستعدادات لمحاولة أميركية متقدمة لإحلال تسوية لوقف النار يفترض أن تبدأ اليوم، إذ استُبقت بتطور غير مسبوق تمثل في توجيه الجيش الإسرائيلي إنذاراً عاجلاً إلى سكان بعلبك وعين بورضاي ودورس. وأثار الإنذار ذعراً واسعاً ترجم في موجة تهجير مخيفة تدفق معها عشرات الآلاف للنزوح وسط حالة هلع في اتجاهي زحلة ودير الأحمر. وبعد الظهر شرع الطيران الإسرائيلي في شن غارات متلاحقة على بعلبك ومنطقتها. وأفادت المعلومات عن سقوط 7 شهداء في غارة على مزرعة بيت صليبي و9 شهداء في غارة على بدنايل. كما سقط سبعة شهداء في غارات على سحمر في البقاع الغربي.
ونفّذت مسيّرة إسرائيلية غارة على سيارة رابيد في بلدة بشامون ونجا صاحبها. كما تم استهداف فان على طريق ضهر الوحش في عاريا، ما أدى إلى مقتل سائقه. وبحسب الصور ظهرت صواريخ منتشرة بالقرب من الفان المستهدف. وأصدرت بلديتا عاريا والكحالة بياناً استنكرتا فيه “استخدام الطرق الدولية والآليات المدنية لانتقال المسلحين ونقل الاسلحة والذخائر ما يعرّض العابرين وأبناء البلدتين للمخاطر التي تطال حياتهم وأملاكهم”.
قاسم
وسط هذه التطورات أطلّ الأمين العام الجديد لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم للمرة الأولى بعد تعيينه، ليعلن أن “برنامج عملي هو استمرارية لبرنامج عمل قائدنا حسن نصرالله”. وقال: “الحمدلله أنّنا دخلنا في جبهة المساندة وكسرنا مجموعة من الأفكار والمباغتات التي كانت تعدّها إسرائيل وبالمقاومة نعطّل مشروع إسرائيل ونحن قادرون على ذلك”. وأكد “أننا لا نقاتل نيابة عن أحد ولا لمشروع أحد إنّما نحن نقاتل من أجل مشروعنا وهو حماية لبنان وتحريره، وإيران تدعمنا في مشروعنا ولا تريد شيئًا منّا”.
ولفت قاسم إلى “أننا توّجعنا وتألّمنا بعد أزمة “البيجر” واغتيال السيّد نصرالله وعدد من القيادات وكانت الضربة كبيرة، لكنّنا نهضنا من جديد والميدان أثبت ذلك”. وتوجه إلى العدو قائلاً: “ستهزمون حتماً لأن الأرض لنا وشعبنا متماسك حولنا. فاخرجوا من أرضنا لتخففوا خسائركم وإلا ستدفعنون ثمناً غير مسبوق، وكما انتصرنا في تموز سننتصر الآن”.
تحرك هوكشتاين
وأما في التحرك الدبلوماسي الجديد للموفد الأميركي آموس هوكشتاين، فإن أجواء رئاسة الحكومة اللبنانية التي استقتها “النهار”، أفادت أنّه لم يحصل تقديم عرض إسرائيلي رسميّ للدولة اللبنانية من خلال وساطة أميركية حتى الآن، ولا بدّ من معرفة إن كان ثمة من اقتراح إسرائيلي سيقدّم ودراسة مضمونه أولاً، فيما لا زيارة مقرّرة لهوكشتاين حتى اللحظة إلى بيروت مع ترجيحات منخفضة في إمكان تحقيق خرق قبل الانتخابات الأميركية. وإذا لم يأتِ هوكشتاين أو أن قام بجولة من دون نتيجة، فإنّ المعارك التي تخاض على الأراضي اللبنانية بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” ستقرّر مسار الأوضاع.
ومعلوم أن موقع “أكسيوس” أفاد أمس أن مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن الكبيرين، آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك، سيصلان إلى إسرائيل اليوم الخميس لمحاولة إبرام اتفاق من شأنه إنهاء الحرب في لبنان. وذكر “أكسيوس” أن الزيارة تدل على أن نتنياهو يؤيد المضي قدماً في إبرام الصفقة، وأن هوكشتاين كان ينتظر أن يحسم الإسرائيليون موقفهم بشأن الصفقة قبل التوجه إلى إسرائيل. وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون إن اتفاقاً من شأنه إنهاء القتال بين إسرائيل و”حزب الله” يمكن التوصل إليه في غضون أسابيع قليلة.
وينص الاتفاق محل البحث وفقاً لموقع “أكسيوس” على إعلان وقف نار تتبعه فترة انتقالية لمدة 60 يوماً. وهو مبني على إعادة تطبيق القرار 1701، كما ينقل “حزب الله” أسلحته الثقيلة شمال الليطاني خلال الفترة الانتقالية. وينشر الجيش اللبناني خلال الفترة الانتقالية نحو 8 آلاف جندي على طول الحدود مع إسرائيل، في حين يسحب الجيش الإسرائيلي قواته تدريجياً إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود خلال الفترة الانتقالية.
ويترافق ما ذكره الموقع مع ما أعلنته وسائل إعلام إسرائيلية عدة من أن الجيش الإسرائيلي اقترب من إنهاء عمليته البرية في قرى لبنان الحدودية مع “إسرائيل”، وأن الجيش أبلغ نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت بأن الوقت مناسب لإنهاء القتال مع “حزب الله”.