مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار تقول:
لم تقتصر خطورة دلالات حادث الإنزال والخطف الذي نفذته وحدة كوماندوس إسرائيلية عند ساحل البترون على استعادة هذا النمط من العمليات الذي سبق لإسرائيل ان قامت بعمليات عدة منذ السبعينات من القرن الماضي بمثله واسوأ في لبنان ، بل تجاوزت ذلك الى ما يمكن اعتباره فاتحة مرحلة تصعيدية نوعية أطلقت من خلال هذه العملية في منطقة بعيدة عن الجبهة القتالية والمناطق التي دأبت إسرائيل على استهدافها بالقصف والغارات . وتكتسب المخاوف من حرب طويلة تتجاوز استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية بكثير صدقيتها أيضا في ظل البلبلة الواسعة التي أثارتها المعلومات المتناقضة عن مهمة الوسيط الأميركي آيموس هوكشتاين اذ لا تزال وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية تتحدث عن تقدم حققه في زيارته الأخيرة لإسرائيل في حين يسود مناخ قاتم متشائم للغاية المراجع والأوساط المعنية في لبنان حيال الجهد الديبلوماسي لوقف النار .
تعزز هذا المناخ استنتاجات خطيرة حيال مجريات التدمير الواسع لقرى وبلدات حدودية في الجنوب اذ أوردت وكالة “أسوشيتدبرس” ان بعض الخبراء يقولون إن إسرائيل ربما تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة خالية من السكان عند حدودها مع لبنان ، وهي استراتيجية سبق أن نشرتها على طول حدودها مع غزة. وأضافت يبدو أن بعض شروط مثل هذه المنطقة موجودة بالفعل، وفقًا لتحليل أجرته”أسوشيتد برس” لصور الأقمار الصناعية والبيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط والتي تظهر اتساع نطاق الدمار في 11 قرية متاخمة للحدود. وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى دفع “حزب الله” إلى الوراء بما فيه الكفاية حتى يتمكن مواطنوها من العودة بأمان إلى منازلهم في الشمال، لكن المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأنهم لا يملكون خطة ملموسة لضمان بقاء “حزب الله” بعيدا عن الحدود على المدى الطويل. وعندما سُئل الجيش الإسرائيلي عما إذا كانت نيته إنشاء منطقة عازلة، قال إنه “يشن غارات موضعية محدودة ومحددة الأهداف بناء على معلومات استخباراتية دقيقة” ضد أهداف لـ”حزب الله”.
في غضون ذلك ضج المشهد بحدث الخطف الذي حصل في منطقة البترون فجر الجمعة حيث افاد أهالي المنطقة ان قوة عسكرية لم تُعرَف هويتها نفّذت عملية إنزال بحري على شاطئ البترون، وانتقلت بكامل أسلحتها وعتادها إلى شاليه قريب من الشاطئ، حيث اختطفت لبنانياً يدعى عماد فاضل أمهز كان موجوداً هناك، واقتادته إلى الشاطئ، وغادرت بواسطة زوارق سريعة إلى عرض البحر.
وفي حين زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية ان أمهز هو مسؤول في العمليات البحرية ل”حزب الله”، نفت مصادر الحزب الخبر مشيرة الى ان “ليس لدينا معلومات عن مسؤول بالحزب يدعى عماد فاضل أمهز”.وأوضح مصدر عسكري لبناني ان “المخطوف في الإنزال على البترون لا ينتمي الى البحريّة اللبنانيّة ولا الى جهاز أمني”، مؤكدا ان “التحقيقات جارية لتحديد انتماء الخاطفين في البترون وأسباب الخطف ونشاط المخطوف”. وأشارت معلومات الى انه كان يخضع لدورة قبطان في مدرسة العلوم البحرية في البترون التابعة لوزارة الاشغال والنقل ونفت المعلومات عن انه ضابط في الكلية البحرية. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية كما موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي قوله “ان اختطاف أمهز بهدف استجوابه ومعرفة المزيد عن العمليات البحرية لحزب الله”. وفي وقت لاحق مساء اعترف الجيش الإسرائيلي بان وحدة كوماندوس بحرية قامت بإنزال في البترون واعتقلت قياديا في “حزب الله”.
وأفاد المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تابع قضية اختطاف المواطن اللبناني عماد أمهز في منطقة البترون، وأجرى لهذه الغاية اتصالا بقائد الجيش العماد جوزف عون واطلع منه على التحقيقات الجارية في ملابسات القضية. كما أجرى اتصالا بقيادة قوات اليونيفيل التي أكدت انها تجري التحقيقات اللازمة في شأن القضية وتنسق في هذا الامر مع الجيش. كما طلب رئيس الحكومة من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي بهذا الصدد. وشدد على ضرورة الاسراع في التحقيقات لكشف ملابسات هذه القضية ووضع الامور في نصابها.
تزامن ذلك مع تصعيد كبير منذ فجر السبت اذ تكثفت الغارات الإسرائيلية في الجنوب والبقاع وقامت مسيرة إسرائيلية باستهداف شقة سكنية قرب قروط مول – غاليري سمعان أدت إلى استشهاد شخص وإصابة خمسة عشر شخصا بجروح. وشن الطيران الحربي الاسارئيلي غارة على مرتفعات مشغرة. كما نفذ الطيران الحربي فجر اليوم، غارة على معبر القاع جوسيه. وكشف وزير النقل علي حمية ان الضربة الإسرائيلية الجديدة على المعبر الحدودي بين لبنان وسوريا أغلقته مجددا بعد إعادة فتحه جزئيا. وأصيب ١٣ شخصا بجروح في غارة على حزرتا واستشهد لاحقا طفل من بينهم . ومساء اغار الطيران الحربي الإسرائيلي للمرة الأولى على منطقة اكروم عند الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا مستهدفا جسر كفرتون اكروم عند بوابة وادي السبع كما أغار على منطقة حلواص النصوب ، وهي المرة الأولى التي يستهدف فيها احدى المناطق العكارية الحدودية بشكل مباشر .
وصعد “حزب الله” في المقابل عمليات القصف في اتجاه العمق الإسرائيلي فاعلن في سلسلة بيانات، استهداف قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 في ضواحي تل أبيب، ومستعمرات دلتون، وبيريا، وشاعل، ويسود هامعلاه، وبار يوحاي، والكريوت شمال مدينة حيفا. كما استهدف قاعدة ومطار “رامات ديفيد” شمال إسرائيل بسرب من المسيرات. كما أعلن ان عناصره شنّوا هجومًا جويًا بسرب من المسيّرات الانقضاضية على قاعدة بلماخيم الجوية جنوب تل أبيب. واستهدف أيضاً قاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا بصلية صاروخية نوعية لمرتين متتاليتين. كما استهدف تجمعا للقوات الاسرائيلية شرق مارون الراس ومستوطنة المالكية وبار يوحاي. وكذلك، قصف مدينة صفد وشن هجومًا جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمالي مدينة عكا .
واستهدف الحزب بعد الظهر “وللمّرة الأولى، الفوج اللوجستي الإقليمي في قاعدة مسغاف شمال شرق مدينة حيفا بصلية صاروخية “.
وأصيب ما لا يقل عن 19 شخصا ليل الجمعة السبت في الطيرة في وسط إسرائيل جراء سقوط صاروخ على مبنى، على ما أعلنت السلطات الإسرائيلية .