الرئيسية / آخر الأخبار / جلسة 9 كانون الثاني: «ما حدا عم يحكي مع حدا».. إسرائيل تتمادى.. بري: أين لجنة المراقبة؟

جلسة 9 كانون الثاني: «ما حدا عم يحكي مع حدا».. إسرائيل تتمادى.. بري: أين لجنة المراقبة؟

مجلة وفاء wafaamagazine

 

كتبت صحيفة “الجمهورية”:

على المقلب السياسي مضت 6 أيام من مهلة من دون أن ترتسم في الأفق الداخلي حتى الآن، ملامح او شكل او مستوى أيّ حراك او حراكات في اتجاه وضع الملف الرئاسي على سكة الحسم، الذي يجعل من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي حدّدها رئيس مجلس النواب نبيه بري في التاسع من الشهر المقبل مثمرة بالفعل. واما على المقلب الميداني، فقد مضى الأسبوع الأوّل من هدنة الـ60 يوماً، وها هي هذه الهدنة، ومعها الاتفاق على وقف إطلاق يهتزان بشكل خطير يوم أمس، جراء الخروقات الاسرائيلية التي شملت المناطق الجنوبية وصولاً الى البقاع، وقابلها ردّ من قبل «حزب الله» باستهداف موقع الجيش الاسرائيلي في تلال كفر شوبا. توعّد بعده وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس بردّ قاسٍ. كذلك قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انّ إطلاق «حزب الله» النار على حبل دوف يشكّل انتهاكاً خطيراً لوقف اطلاق النار، وستردّ إسرائيل على ذلك بالقوة. ونحن مصممون على مواصلة تطبيق وقف اطلاق النار، والردّ على اي انتهاك من جانب «حزب الله» سواء أكان صغيراً او خطيراً». وواكبت ذلك سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت اكثر من منطقة، ما أرخى جواً من التوتر الشديد. فيما اعلن البنتاغون انّ اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل صامد رغم الحوادث.

الخروقات

على المقلب الأمني، تتزايد الخروقات الاسرائيلية بشكل مكثف لاتفاق وقف إطلاق النار، وتأخذ اشكالاً مختلفة عبر التحليق المتواصل للطيران الحربي والمسيّر في الأجواء الجنوبية وصولاً بشكل مكثف إلى الضاحية والعاصمة بيروت، وكذلك عبر التهديم المتواصل للمنازل ودور العبادة في البلدات، والتوغلات إلى داخل العديد من القرى التي لم يتمكن من التوغل اليها خلال المواجهات مع «حزب الله»، ولاسيما في ميس الجبل ومركبا والخيام، والتهديدات لأهالي البلدات الحدودية بعدم العودة اليها، وايضاً عبر القصف المدفعي للعديد من البلدات والغارات الجوية التي طالت في الايام الأخيرة منطقة صيدا، وكذلك استهدافات الطيران المسيّر، ما أدّى الى استشهاد عريف في أمن الدولة في النبطية، واستشهاد مواطن على مقربة من محطة تحويل الكهرباء في مرجعيون، اضافة إلى اصابة عدد من المواطنين بينهم جندي في الجيش اللبناني، باستهداف جرافة كانت تعمل بالقرب من مركز الجيش في بلدة حوش السيد علي في الهرمل.

وتفاقم الوضع بشكل خطير جداً في فترة بعد الظهر، حيث كثف الجيش الإسرائيلي من اعتداءاته بغارات جوية استهدفت مجرى نهر الليطاني في برغز والسريرة قضاء جزين وبلدة مارون الراس، وقصف مدفعي طال راشيا الفخار وكفر كلا وبيت ليف، فيما ردّ «حزب الله» على هذه الاعتداءات باستهداف موقع اسرائيلي في تلال كفر شوبا، حيث اعلن الحزب في بيان أنّ المقاومة الاسلامية نفّذت امس الاثنين، رداً اولياً تحذيرياً، مستهدفة موقع رويسات العلم في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة». واشار البيان إلى انّ الردّ جاء على إثر الخروقات المتكرّرة التي يبادر اليها العدو الاسرائيلي لاتفاق وقف الاعمال العدائية. وايضاً تّم تنفيذ هذه العملية بعد مراجعات عديدة للجهات المعنية لوقف هذه الخروقات. الّا انّها لم تفلح».

غارات

وفي فترة المساء كثف الجيش الإسرائيلي استهدافاته ونفذت الطائرات الحربية سلسلة من الغارات الجوية على مناطق واسعة، حيث شملت جبل صافي واللويزة ومليخ، بصليا، البريج في مرتفعات اقليم التفاح، بين حومين – دير الزهراني – عزة، حاريص، نبع الطاسة، محيط ارنون، اطراف برغز، اطراف دير سريان لجهة النهر ومرتفعات حلتا، كفرحمام، ويارون، طلوسة، عيناتا. فيما تعرضت للقصف المدفعي اطراف راشيا الفخار، اطراف شبعا، اطراف كفرشوبا، سهل الخيام.

وافيد أن الغارات المعادية أدت إلى وقوع العديد من الاصابات، وتحدثت معلومات عن شهداء في بلدة حاريص.

انتهاء الضربات

وفي وقت لاحق مساء امس، اعلن الجيش الاسرائيلي انتهاء الضربات الجوية على لبنان، مؤكدا الالتزام باتفاق وقف اطلاق النار.

بري يستعجل اللجنة

إلى ذلك، ركّز الرئيس بري على الخروقات الاسرائيلية المتمادية، ودعا لجنة مراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار إلى القيام بمهامها.

وقال بري: «خلافاً لكل ما يُروّج له في وسائل الإعلام بأنّ ما تقوم به إسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار وكأنّه من ضمن بنود الإتفاق، فإنّ ما تقوم به قوات الإحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية لجهة تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة يُضاف اليها استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرّة عمق المناطق اللبنانية، وسقط خلالها شهداء وجرحى، وآخرها ما حصل اليوم (امس) في حوش السيد علي في الهرمل وجديدة مرجعيون، كل هذه الاعمال تمثل خرقاً فاضحاً لبنود إتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ اعلانه في تمام الساعه 4:00 فجراً بتاريخ 27 تشرين الثاني عام 2024 وأعلن لبنان إلتزامه به». وأضاف: «نسأل اللجنة الفنية التي أُلفت لمراقبة تنفيذ هذا الإتفاق أين هي من هذه الخروقات والإنتهاكات المتواصلة، والتي تجاوزت 54 خرقاً، فيما لبنان والمقاومة ملتزمون بشكل تام بما تعهدوا به».

وختم بري: «انّ اللجنة المولجة بمراقبة تنفيذ الاتفاق مدعوة الى مباشرة مهامها بشكل عاجل، وإلزام اسرائيل بوقف إنتهاكاتها وانسحابها من الاراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر».

واستقبل بري قائد الجيش العماد جوزف عون في عين التينة، وجرى عرض لمستجدات الوضع جنوباً، إضافة إلى الخطوات التي ينوي الجيش القيام بها في القريب العاجل في ما خص مهمّته الموكلة بعد الاتفاق على وقف اطلاق النار.

جيفيرز في السرايا

كل الخروقات والانتهاكات الاسرائيلية طُرحت للنقاش، خلال استقبال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي (الذي يرأس اليوم جلسة لمجلس الوزراء)، لرئيس اللجنة الخماسية المشرفة على آلية تنفيذ وقف الاعمال العدائية الجنرال جاسبر جيفيرز، في حضور السفيرة الاميركية ليز جونسون. واكّد ميقاتي «ضرورة الالتزام الكامل بوقف اطلاق النار ومنع الخروقات الأمنية وانسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة». وأفيد أمس، بأنّ اللجنة الخماسية ستعقد اول اجتماعاتها اواسط الاسبوع الجاري.

إسرائيل تتنصل

وفي وقاحة غير مسبوقة، تنصلت اسرائيل من مسؤوليتها عن الخروقات، وقال وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر: «نسمع ادعاءات بأنّ إسرائيل تنتهك اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان والعكس هو الصحيح. وقد جاء كلام الوزير الاسرائيلي في الوقت الذي اعترف فيه الجيش الإسرائيلي بالإغارة على ما سمّاها اعمالاً تجري قرب بنى تحتية لـ«حزب الله» في البقاع».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري لـ«سكاي نيوز» إنّ اسرائيل ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان. مشيرًا الى أنّ مهلة الـ 60 يوماً هي مرحلة تدريجية للتأكّد من زوال تهديد «حزب الله». أضاف: «إن ما يهمّ اسرائيل هو التأكيد على أمن إسرائيل وعدم تعرّضها لأي تهديد. وعلى الشعب اللبناني التأكّد من خلو المناطق الحدودية مع إسرائيل من السلاح الذي يهدّد أمن إسرائيل». لافتاً إلى أنّ «من مصلحة الحكومة اللبنانية عدم السماح بأي تهديد من قبل «حزب الله» لأمن إسرائيل».

وزير فرنسي في بيروت

وأفيد في هذا السياق، بأنّ واشنطن وباريس دعتا اسرائيل إلى وقف هذه الخروقات. فيما راجت معلومات عن زيارة لوزير الدفاع الفرنسي الى بيروت خلال الساعات المقبلة، مرتبطة باتفاق وقف اطلاق النار وبالبحث في تطبيق القرار 1701 وعمل اللجنة الخماسية.

وذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» انّ الولايات المتحدة الاميركية حذّرت اسرائيل من انتهاكها وقف اطلاق النار في لبنان، ابرزها عودة المسيّرات لسماء بيروت.

وفي معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين نقل رسائل مباشرة بهذا المعنى إلى المسؤولين الاسرائيليين. كما أنّ تواصلاً جرى بينه وبين جهات لبنانية معنية بالاتفاق، وقد نقلت إليه كلاماً تحذيرياً بأنّ «اسرائيل تحاول ان تخلق واقعاً يُنذر بمخاطر وانفراط الاتفاق من أساسه».

تقييم تشاؤمي

إلى ذلك، قدّم مصدر سياسي رفيع تقييماً تشاؤمياً للوضع السائد في المنطقة الجنوبية، بعد الاعلان عن الاتفاق على وقف اطلاق النار. وقال لـ«الجمهورية» انّ «قلقاً كبيراً يساوره من ان تؤدي الخروقات الاسرائيلية الى انهيار وقف اطلاق النار». ولفت المصدر الى «أننا حتى الآن، لم نبلغ مرحلة يغلب فيها التفاؤل بل العكس. فنحن الآن في ما يشبه هدنة من طرف واحد، حيث انّ لبنان ملتزم كلياً بالاتفاق، و»حزب الله» لم تبدر عنه أي خطوة معاكسة لالتزامه بما تمّ الاتفاق عليه. فيما إسرائيل ممعنة بخروقات وتجريف وانتهاكات بلا ضوابط او قيود. والراعيان الاميركي والفرنسي لهذا الاتفاق على بينة كاملة من حقيقة ما يجري». ولفت إلى «اننا نعول على وعود اميركية بكبح تلك الخروقات»، محذّراً من انّه «ما لم تُمارس على اسرائيل ضغوط حقيقية وخصوصاً من الجانب الاميركي، تُلزمها بالالتزام بالاتفاق، فلا اعتقد أنّ الاتفاق سيصمد طويلاً، وانتكاسته احتمال قائم بقوة».

المهلة الرئاسية

رئاسياً، ومع دخول العداد التنازلي لجلسة الانتخاب المحدّدة في 9 كانون الثاني المقبل، باتت الكرة في ملعب الأطراف الداخلية. الرئيس بري يعتبر الفترة الفاصلة عن تلك الجلسة اكثر من كافية لبناء للتفاهم على ولادة رئيس للبنان في 9 كانون الثاني.

ووفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» فإنّ بري، وبعد تحديده موعد «الجلسة المثمرة» لم يحدّد حتى الآن الخطوة التالية التي سيقوم بها، او ماهية الحراك الذي سيقوم به في اتجاه إنضاج التفاهم المرجو على مرشح او اثنين او اكثر، بالتوازي مع تفاهم يسبقه على قاعدة التزام سياسي بتوفير نصاب الثلثين لتلك الجلسة انعقاداً وانتخاباً. وهو في هذا الوقت ينتظر ان تتبلور توجّهات الكتل النيابيّة والسياسية ومدى استعداداتها لإتمام الانتخابات الرئاسية ليُبنى على الشيء مقتضاه».

وفي هذا الإطار اكتفى بري بالقول لـ«الجمهورية»: «الامر الطبيعي قبل الجلسة المحدّدة هو ان يحصل حراك ما للوصول الى قواسم مشتركة، ولكن المهمّ بالدرجة الاولى هو ان يكون هناك استعداد لدى كلّ الفرقاء للتشارك في إتمام الاستحقاق الرئاسي».

الوقت يضغط

على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو انّه على الرغم من ضغط الوقت، حيث أنّه لكلّ يوم ثمنه المحسوب، فإنّ حالاً من الجمود مطبقٌ على حركة الاتصالات والمشاورات. وعلى ما يقول احد المعنيين بحركة الاتصالات الرئاسية «ما حدا عم يحكي مع حدا». حيث انّ لغة الكلام ما زالت معطة حتى الآن بين الاطراف، إذ هي محصورة فقط في داخل الكتل النيابية والاطراف السياسية، أو بحدّها الأقصى مشاورات جانبيّة بين بعض المكونات النيابية، ولا سيما في جانب مكونات المعارضة، حول خياراتها مع إبقاء خيار جهاد ازعور قائماً، وكيفية التعامل مع الجلسة الانتخابية، مع تساؤلات استفسارية متداولة في اوساط نواب مصنّفين تغييريين، عمّا دفع بري إلى تحديد الجلسة وعلى اي أساس ارتكز في وصفه الجلسة بالمثمرة».

وفيما أُثيرت في بعض الاوساط السياسية احتمال قيام اللجنة الخماسية بحراك معين خلال هذه الفترة، أكّدت مصادر ديبلوماسية معنية باللجنة لـ«الجمهورية» انّ مهمّة اللجنة باتت بحكم المنتهية بعد تحديد موعد لانعقاد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، لكن هذا لا يعني انّ سفراءها مجتمعين او كل على حدّة، سينكفئون عن تقديم ما أمكن من مساعدة للبنانيين لتحقيق اكبر قدر من التوافق في ما بينهم على اختيار رئيسهم».

واستفسرت «الجمهورية» من أحد سفراء اللجنة، فلم يؤكّد احتمالية حراك متجدد لها خلال هذه الفترة، وفضّل عدم الغوص في أي تفصيل في هذه الفترة، واكتفى بالقول: «اننا نتابع ما يجري، ونأمل أن تبرز معطيات مشجعة في الايام المقبلة، ونعتقد أنّ دعوة رئيس البرلمان الى جلسة لانتخاب رئيس لبنان، خطوة مهمّة جداً في رأينا، ونأمل أن يتحقق المرجو منها».