مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة الجمهورية تقول:
الأيام الثلاثة الفاصلة عن موعد جلسة الانتخاب الرئاسي المقرّرة الخميس المقبل ستكون حاسمة في شأن مصيرها انتخاباً او انفراطاً، لكن كل الاتصالات والمشاورات الجارية في مختلف الاتجاهات داخلياً وخارجياً تركّز على وجوب ان تكون ناجزة، ولكنها حتى تكون كذلك تستوجب توافق الغالبية على مرشح محدّد او على تنافس بين مرشحين اثنين او اكثر يمكن لأحد النفاذ، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن، في الوقت الذي سيزور لبنان الموفد الاميركي أموس هوكشتين في مهمّة مزدوجة تتعلق بالرئاسة اللبنانية وبمستقبل الوضع في الجنوب مع اقتراب موعد نهاية هدنة الـ60 يوماً واستمرار الخروقات الاسرائيلية لاتفاق وقف اطلاق النار، فيما يُتوقع أن يزور وفد سعودي جديد لبنان قبل الخميس المقبل.
فيما أنهى الوفد السعودي برئاسة المسؤول عن ملف لبنان في الخارجية السعودية الامير يزيد بن فرحان مهمّته امس وغادر إلى الرياض في ظل توقعات بزيارة وفد سعودي آخر لبيروت قبل الخميس المقبل، يصل الموفد الأميركي هوكشتاين في زيارة تأتي قبل 72 ساعة من جلسة الانتخاب الرئاسي المقرّرة الخميس، وقبيل مغادرته التقى الأمير بن فرحان رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام والسيدة بهية الحريري ممثلةً الرئيس سعد الحريري. وبعد الاجتماع قال السنيورة : «اللقاء كان بناءً جداً وكان بحث في مسارات حكم الدستور وحُسن استكمال اتفاق الطائف».
وفي الوقت الذي ظلت اللقاءات التي عقدها الموفد السعودي بعيداً من الاعلام، عُلم انّها شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل والنواب السنّة وآخرين، وذلك في حضور السفير السعودي في لبنان وليد البخاري.
وقال أحد النواب الذين التقوا الموفد السعودي لـ«الجمهورية»، انّ ما سمعه وبعض زملائه منه «يبشر بالخير»، وانّ المملكة العربية السعودية تريد الانفتاح على لبنان، ولكن هذا الانفتاح مرتبط بإنجاز اللبنانيين الاستحقاق الرئاسي.
وأشار هذا النائب، انّ الموفد السعودي لم يدخل في أسماء المرشحين للرئاسة، ولكنه اكّد انّ المملكة تحبذ انتخاب رئيس يعيد بناء الدولة ويتقيّد باتفاق الطائف وعروبة لبنان ويعمل لتحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد.
موقف «الثنائي»
وإلى ذلك أكّدت أوساط الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية»، انّ حركة «امل» و«حزب الله» سيذهبان بخيار مشترك إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني. وشدّدت على انّ ليس هناك من مجال بتاتاً لتكرار تجربة التمايز التي حصلت في انتخابات عام 2016، حين دعم الحزب المرشح آنذاك ميشال عون فيما عارضته الحركة.
وأوضحت هذه الاوساط انّ الملف الرئاسي كان موضع بحث تفصيلي في اللقاء الذي انعقد الاسبوع الماضي بين الرئيس نبيه بري ووفد كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد، مشيرة إلى انّه تمّ الاتفاق على استمرار التشاور والتنسيق حتى موعد انعقاد الجلسة وخلالها. َولاحظت الاوساط انّ اعلان مسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا عن عدم وضع «فيتو» على قائد الجيش العماد جوزف عون ترك الباب مفتوحاً أمام اسمه إذا مالت نسائم التسوية نحوه في ربع الساعة الاخير.
ولكن الاوساط لفتت إلى أنّ ذلك لا يعني أنّ الحزب حسم قراره منذ الآن في هذا الاتجاه او ذاك، مع العلم انّ موقف «الثنائي» لا يزال من حيث المبدأ يدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ما دام لم ينسحب بعد من السباق إلى قصر بعبدا.
في غضون ذلك أشار عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن في حديث لقناة «الميادين»، إلى أنَّ «كلامنا بأن لا فيتو على العماد جوزف عون لا يعني أنّ «حزب الله» يؤيده أو يرفضه، فمرشحنا المعلن هو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية».
وأضاف: «ما يُطرح في السياق الرئاسي اللبناني لم يؤدِ إلى نتيجة حتى الآن، لأنّ الانقسامات السياسية تحول دون الحسم، والمطلوب أن يكون رئيس الجمهورية جامعاً وأن يحافظ على السيادة».
وكان مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، اكّد في كلمة من موقع اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنّ «حزب الله لم ولن يُهزم، وهو كما قال السيد حسن نصر الله خُلق وعلى جبينه النصر وهو أقوى من الحديد وأقوى مما كان»، مشدّداً على أن «ليس لدينا «فيتو» على قائد الجيش، و«الفيتو» الوحيد بالنسبة لنا هو على رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع لأنّه مشروع فتنة وتدميري في البلد».
رسالة الخماسية
في غضون ذلك، أشار السفير المصري علاء موسى، في مقابلة مع قناة «أو تي في»، إلى «أنّ اللجنة الخماسية لديها رسالة واضحة وهي في مساعدة لبنان في انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن»، لافتًا إلى «أنني أتصوّر أنّ انتخاب الرئيس بات ملحّاً». وأشار إلى «أننا لا نتحدث عن أسماء»، مضيفاً أنّ «القوى السياسية اللبنانية يدور بينها حوار وأتمنى أن نكون قد وصلنا إلى نتيجة في جلسة 9 كانون الثاني»، وقال: «نحتاج إلى نتيجة إيجابية في جلسة 9 كانون الثاني». وأضاف: «ليس لديّ معلومة عمّا إذا كان الوفد السعودي قد طرح أسماء»، موضحًا أنّ اسم رئيس الجمهورية لا يأتي من دول اللجنة الخماسية، والاسم يُطرح من القوى السياسية. وقال: «الآن بحسب ما نعلمه لا توجد غالبية 86 صوتًا لأيّ من الأسماء المطروحة». مشدّدًا على أنّ «الأمور قد تتغيّر»، وقال: «لا فيتو للخماسية على اسم».
بري ينتظر هوكشتاين
إلى ذلك التقى هوكشتاين في الرياض وهو في طريقه الى لبنان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان. وافادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) انه تمت خلال اللقاء مناقشة القضايا الإقليمية الراهنة، بما فيها التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة في شأنها.
ومن المقرر أن يلتقي هوكشتاين مساء اليوم الرئيس نبيه بري الذي ينتظره لمناقشة الخروقات الاسرائيلية، كما نُقل عنه في اللقاء الذي جمعه بنواب كتلة «الوفاء للمقاومة» في الاجتماع الطويل الذي جمعهم في عين التينة قبل عطلة نهاية الأسبوع.
وفي المعلومات التي تسرّبت ليلاً من مصادر نيابية، انّ على لائحة مواعيد هوكشتاين فطور صباحي غداً الثلاثاء في منزل النائب فؤاد مخزومي يضمّه إلى مجموعة من النواب يمثلون معظم الكتل النيابية التي التقت اكثر من مرّة في ضيافته، كما شاركوا في وفود خارجية نظمها مكتب مخزومي في السنة الفائتة.
وعشية وصول هوكشتاين قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، انّه سيرأس اجتماعاً للجنة الإشراف والمراقبة لاتفاق 27 تشرين الثاني في مقرها في الناقورة قبل ظهر اليوم في حضور جميع الأعضاء، لمناقشة مجموعة الشكاوى التي رفعها لبنان تجاه الخروقات الاسرائيلية البرية والجوية والبحرية، كما بالنسبة إلى الشكاوى الإسرائيلية التي تلقي اللوم على الجيش اللبناني بعدم جهوزيته للانتشار وعدم سحب عناصر «حزب الله» إلى شمال مجرى الليطاني.
ونسب موقع «واللا» العبري إلى «مصادر مطلعة» نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، انّ الجيش الإسرائيلي سينسحب من رأس الناقورة خلال الأيام المقبلة، وانّ الولايات المتحدة ستسيطر على معبر رأس الناقورة الذي تعتبره إسرائيل استراتيجياً وتتولّى الإشراف على انتشار الجيش اللبناني في الناقورة. ولفت الموقع، انّ الجيش الإسرائيلي يوضح أنّه باستثناء الناقورة، لن تنسحب إسرائيل بالضرورة من الأراضي اللبنانية في نهاية الـ 60 يومًا.
اختبار جديد
وفي السياق، أشارت أوساط «الثنائي الشيعي» إلى انّ عمل لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار سيدخل بدءاً من اليوم في اختبار جديد، خصوصاً انّ الرئيس نبيه بري كان قد تلقّى من الجانب الأميركي الذي يترأس اللجنة، تأكيدات بتفعيل دورها للتثبت من تطبيق كل الأطراف بنود الاتفاق، وذلك بالترافق مع زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لبيروت اليوم.
ولفتت الاوساط إلى انّه من المفترض أن تبدأ الخروقات الإسرائيلية بالتراجع ابتداء من هذا الأسبوع، وصولاً الى اكتمال انسحاب جيش الاحتلال من المنطقة الحدودية مع نهاية مهلة الـ60 يوماً، والّا فإنّ صدقية اللجنة ستكون على المحك.
المهلة كافية للانسحاب
وفي هذه الإطار، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية بقيت على تواصل مع هوكشتاين حتى الأمس القريب لـ«الجمهورية»، انّه لن تكون له أي مداخلة في ملف استحقاق انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وأنّه منصرف إلى معالجة الوضع الأمني الناشئ في الجنوب نتيجة الخروقات الإسرائيلية، وهو يعتبر انّها من نتاج تقصير الطرفين في توفير ظروف تحقيق ما قال به الإتفاق، وأنّه على ثقة بأنّ المهلة كافية لترتيب الوضع في الجنوب، ولم يجرِ تمديد الاحتلال الاسرائيلي للجنوب خارج المهلة المحدّدة، وانّ الوقت كاف لتنفيذ الاتفاق إن تمّ الإسراع في اتخاذ الإجراءات المقررة.
الجنوب والهدنة
وفيما الأنظار منصبة على الأيام الثلاثة الفاصلة عن استحقاق الانتخابات الرئاسية، يبقى اتفاق وقف النار هاجساً أساسياً لأركان السلطة والقوى المحلية وأركان اللجنة الخماسية، خصوصاً أنّ الأسبوع الفائت حمل إشارات ساخنة ومثيرة للقلق من طرفي النزاع. فقد حدّد وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يوم الأول من آذار المقبل موعداً ستعتمده حكومة بنيامين نتنياهو لإعادة سكان المناطق الشمالية إلى بلداتهم. ويأتي هذا الموعد بعد شهر تقريباً من الموعد المفترض لانتهاء مهلة الـ60 يوماً. وهذا الكلام يؤكّد ما سرّبته إسرائيل حتى اليوم، عن أنّها لا تريد الانسحاب من المنطقة التي تحتلها في نهاية المهلة، بذريعة أنّ «حزب الله» والجيش اللبناني «لم يلتزما» بنود الاتفاق.
ويترافق ذلك مع المعلومات التي تتردّد عن أنّ إسرائيل في صدد إبلاغ واشنطن موقفها بعدم الانسحاب. وهذا ما سيدفع الأميركيين إلى تمديد المهلة منعاً لعودة الحرب، شهراً أو أكثر، علماً أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من جهته كان حذّر الإسرائيليين من أنّ صبر «الحزب» قد ينفد، فربما «نصبر لمدة 60 يوماً، وربما أقل أو أكثر. فصبرنا مرتبط بقرارنا حول التوقيت المناسب الذي نُواجه فيه العدوان والخروقات الإسرائيلية. وهذا أمر تُقرّره القيادة».
وفي هذا الإطار، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنّه في حال لم ينسحب «حزب الله» اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني فلن يبقى اتفاق وقف إطلاق النار الحالي قائماً. وأضاف: «في هذه الحالة ستتحرك إسرائيل لإعادة سكان الشمال الى بيوتهم».
وأعلن موقع «واللا» الإسرائيلي نقلاً عن مصادر مطلعة انّ «الجيش الإسرائيلي سينسحب من رأس الناقورة خلال الأيام المقبلة وسيُسلّمه للجيش اللبناني بإشراف أميركي». واشار إلى أنّه «باستثناء الناقورة لن تنسحب إسرائيل من لبنان في نهاية 60 يومًا». وأوضح انّ «مغادرة الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان مرتبط بانتشار الجيش اللبناني والتطورات الميدانية». وأضاف: «الجيش لا يزال يسيطر على معظم القرى اللبنانية على الحدود، كما لا يزال في جميع القرى المحددة كمعاقل لحزب الله».