الرئيسية / آخر الأخبار / العلامة فضل الله: نأمل أن ترتقي القوى السياسية إلى مستوى المخاطر للإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية

العلامة فضل الله: نأمل أن ترتقي القوى السياسية إلى مستوى المخاطر للإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية

مجلة وفاء wafaamagazine

 ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشد من المؤمنين وما جاء في خطبته السياسية: “أوصيكم وأوصي نفسي، بما أوصى به الإمام الحسين، أحد أصحابه حين كتب إليه قائلاً: يَا سَيِّدِي، أَخْبِرْنِي بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَكَتَبَ (عليه السلام): “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ… فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ اللَّهُ أُمُورَ النَّاسِ، وَمَنْ طَلَبَ رِضَى النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ. وَالسَّلَام‏”. وهذا ما عبر عنه الإمام الحسين، عندما كان يقول: “هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله ولأجله”.

وقال:”فلنحرص على هذه الوصية، بأن يكون الله هو من نسعى إليه ونحرص على رضاه، حتى لو لم يرض الناس، لأنه هو من بيده قلوب الناس ومن بيده أمرهم، وهم لا يملكون أمراً بدونه. ومتى أخذنا بذلك بلغنا خير الدنيا والآخرة، ونكون أكثر وعياً وقدرة على مواجهة التحديات التي لا تواجه إلا بتأييد الله وتسديده”.

أضاف:”البداية من مشاهد البطولة والعزة التي عبر عنها أهلنا في الجنوب، بشبابهم وشيوخهم ورجالهم ونسائهم وأطفالهم، ومعهم كل الحرصاء على سيادة هذا البلد في وقوفهم بوجه جيش العدو الصهيوني وآلته العسكرية بصدورهم العارية، وإصرارهم على خروجه من أرضهم، رغم وعيهم التام لحجم التضحيات التي سيقدمونها من وراء موقفهم هذا، لكنهم كانوا على استعداد لتقديمها وهم قدموها ولا يزالون بعدما بات الأمر لديهم واضحاً ومن خلال كل تجاربهم السابقة أن هذا العدو لن ينسحب من أي أرض دخلها بإرادته وأنه لا يتقيد بالاتفاقات التي تجري معه أو بالقرارات الدولية، وتشهد على ذلك اعتداءاته المتواصلة وخروقاته المستمرة، والتي لم تقف عند حدود جنوب الليطاني بل وصلت إلى كل لبنان”.

تابع:”هم استطاعوا بعزيمتهم وإرادتهم الحرة والبعيدة عن أي إملاء أن يحرروا جزءًا منها، وهم يصرون على تحرير الباقي إلى أن يخرج هذا العدو من أرضهم مدحورًا مهزومًا، وسيتابعونها دون أن تفرض عليهم شروط أمنية أو سياسية تمس بسيادة هذا البلد وهم بذلك قدموا تجربة رائدة في المواجهة مع هذا العدو، وأثبتوا أنهم قادرون على أن ينتزعوا حقوقهم في أرضهم بأيديهم وأن يحرروها، وأن يستكملوا جهود المقاومين وتضحياتهم الجسيمة. نحن في هذا المجال، لا بد من أن ننوه بموقف الجيش اللبناني الذي وقف مع شعبه، وقدم التضحيات في هذا الطريق من جنوده، وأثبت بذلك أنه منه ويحمل طموحات هذا الشعب وأمانيّه في العزة والكرامة. لقد قلناها ونقولها: على اللبنانيين اليوم أن يعتزوا بأن في الوطن مثل هؤلاء ممن هم على استعداد للدفاع عنه وتقديم التضحيات في سبيله، وهم لا يقدمونها لأي حساب آخر، هؤلاء هم قوة لهذا الوطن وهم سياجه، عندما يتعرض ومن أي جهة كانت لأي اعتداء أو انتقاص من سيادته، انطلاقاً من أنهم يؤمنون بأن هذا البلد ينبغي أن يبقى حرًّا مستقلًّا وسيدًا على نفسه، وألا يعبث به طامع أو غاز، مما أثبته وقائع الماضي الحاضر. ندعو إلى مد اليد إلى هؤلاء وللوقوف معاً في مواجهة هذا العدو وكل من لا يريد خيراً بهذا الوطن”.

وقال:”في هذا الوقت، يستمر العمل على تأليف الحكومة وسط التعقيدات التي تقف أمامها بفعل المطالب والمطالب المضادة التي تطرح من قبل الكتل النيابية وفي ظل الضغوط الخارجية التي بدأت تلوح في الأفق. ونحن هنا نأمل أن ترتقي القوى السياسية إلى مستوى المخاطر التي تحدق بلبنان إن في داخله أو مما يجري في الجنوب، أو في التطورات التي تعصف في المنطقة، ما يستدعي الإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية. وهنا ندعو القوى السياسية إلى تبني عقلية جديدة في التأليف، وأن تقدم أفضل ما عندها على صعيد الكفاءة والنزاهة ونظافة الكف والتاريخ، والقدرة على القيام بدورها في الموقع الذي ستديره، وأن تأخذ في الاعتبار مصلحة الوطن وسيادته لا هذا الفريق أو ذاك، بعدما فشلت عقلية المحاصصة والمحسوبيات”.

ختم:” نحيي الشعب الفلسطيني الحر الأبي الذي أكد رغم مرور 15 شهرًا من المجازر والتدمير والمعاناة والمآسي واستشهاد القادة من أبنائه، الذي لا يزال متشبثاً بأرضه مصرًّا على البقاء فيها، وإن كانت مدمرة وغير قابلة للحياة وأنه شعب جدير بالحياة. هذا ما شهدناه واضحاً في الأعداد الهائلة للعائدين إلى شمال غزة ووسطها بعدما كانوا قد خرجوا منها إلى جنوبها، رغم المخاطر والحواجز التي وضعت لهم منعاً لهذه العودة، وهم بذلك فوتوا على قادة العدو الصهيوني الفرصة التي كانوا ينتظرونها بإعلان النصر، وهم سيمنعون بثباتهم وصمودهم في أرضهم رغم انتفاء كل مقومات العيش، كل المحاولات التي ستبذل من أجل تهجيرهم من أرضهم”.