الرئيسية / آخر الأخبار / لبنان يستعجل الخروج الإسرائيلي.. “هيئة تحرير الشام” تماطل.. والجيش يعطيها الفرص للانسحاب

لبنان يستعجل الخروج الإسرائيلي.. “هيئة تحرير الشام” تماطل.. والجيش يعطيها الفرص للانسحاب

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “الجمهورية”:

فيما تتواصل الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في الجنوب، تصدّر الاهتمامات أمس الوضع على الحدود اللبنانية- السورية في منطقتي الهرمل والقاع، وانصبّت الاتصالات على تثبت وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه في اتصال بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مرهف أبو قصرة، وركّزت تلك الاتصالات على تأمين انسحاب مسلحي «هيئة تحرير الشام» من الجزء اللبناني من بلدة حوش السيد علي الذين دخلوه وعاثوا فيه تخريباً وحرقاً للبيوت والممتلكات، على أن ينتشر الجيش اللبناني فيه، بعدما دفع بتعزيزات كبيرة إلى هناك. وقد سيطر هدوء حذر في المنطقة عكّرته أصوات عدد من الانفجارات في الجانب السوري من الحدود. وفي هذه الأجواء تزور وزيرة خارجية المانيا أنالينا بيربوك لبنان اليوم في مهمّة استطلاعية.

انضمت الحدود الشرقية إلى دائرة الترقّب والخوف جراء التطورات الأمنية الخطيرة التي تحصل منذ 48 ساعة، وقد شهدت المنطقة حركة نزوح كبيرة سجّلت في آخر أرقام لها نزوح نحو 35 الف شخص، توزعوا بين الهرمل والمناطق البقاعية وبيروت. وبقي التوتر سيّد الموقف والاشتباكات مستمرة رغم التواصل القائم بين وزارتي الدفاع اللبنانية والسورية، بناءً على قرار مجلس الوزراء اللبناني في جلسة الاثنين، ما جعل الجيش اللبناني يستنفر على محورين بين الحدودين، في الجنوب حيث ينفّذ اتفاق وقف إطلاق النار بصعوبة في ظل تمادي العدو الإسرائيلي في خروقاته واعتداءاته، وشرقاً يتصدّى ويردّ على مصادر النيران، ويواجه العصابات والمجموعات المسلحة. وقال مصدر سياسي من فاعليات المنطقة لـ«الجمهورية»، إنّ هناك مجموعات صغيرة متعدّدة الرؤوس تقوم بعمليات سلب وخطف وسرقة وحرق منازل بنحو متفلّت، ولم يُعرف بعد مدى ارتباطها بالجيش السوري، خصوصاً انّ المقاتلين فيها هم من جنسيات مختلفة، وأشكال وألوان يقولون إنّهم يشكّلون السلطة الجديدة.

وأضاف المصدر، انّ «الجيش اللبناني أصبح في صورة واضحة مما يحصل، ويعزز وجوده في شكل مكثف، وقد أعدّ خطة مواجهة وتصدٍّ على خط 22 قرية تشكّل خط تماس، وانّ الوضع أصبح تحت سيطرة الجيش بنحو كامل، ويقف أهالي المنطقة والأحزاب خلفه». وتابع المصدر: «حتى الآن ليست واضحة تماماً خلفية هجوم هذه المجموعات والعصابات والهدف الأساسي ولا خلفية حالة التفلّت التي يمارسونها، إلّا انّ القرار لدى الأحزاب في المنطقة هو الوقوف خلف الجيش، علماً انّ حالة التأهّب قصوى لحماية القرى والبلدات اللبنانية، ولا خوف من محاولات دخولهم إلى الأراضي اللبنانية لأنّه لن يسمح بذلك على الإطلاق. والأوضاع قيد المعالجة». وتوقّع المصدر عودة الهدوء في الساعات المقبلة «من دون أن يعني ذلك الانتهاء من المخاوف، لأنّ مجموعات التهريب والعصابات متعددة والحدود مفتوحة، وهذا ما يُبقي اليد على الزناد».

استعادة جثمانين

وأفيد مساء أمس انّ قوة من مديرية مخابرات الجيش تمكنت من سحب جثماني الشقيقين مدلج اللبنانيين، اللذين قُتلا على يد «هيئة تحرير الشام»، ونقلتهما إلى أحد المستشفيات في الهرمل. فيما عملت وحدات من الجيش على إغلاق بعض المعابر غير الشرعية على الحدود في منطقة الهرمل، والتي تُستخدم في التهريب، بما في ذلك المعبر الرسمي في مطربا قرب السد. فيما تستعد وحدات أخرى للدخول إلى أحياء حوش السيد علي من الجهة اللبنانية، بعد توغّل القوات النظامية من الجيش والأمن العام السوري.

«الهيئة» تماطل

إلى ذلك كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، انّ «هيئة تحرير الشام» ظلت طوال نهار أمس تماطل في الانسحاب من الجزء اللبناني من بلدة حوش السيد علي، مشيرة إلى انّه عند الخامسة بعد الظهر أبلغت «الهيئة» إلى الجيش أنّها ستؤجّل الانسحاب حتى اليوم.

وأوضحت المصادر، انّ «الهيئة» تسعى إلى عدم الانسحاب من كامل الجزء اللبناني من البلدة بذريعة أنّ خرائطها تفيد أنّ قسماً منه يتبع إلى سوريا، الّا أنّ الجيش يرفض هذه الذريعة ويصرّ على أن يخلي عناصرها كل المساحة اللبنانية.

ولفتت المصادر إلى أنّه يبدو من سلوك «الهيئة» انّها تحاول «تطهير» المناطق المتداخلة حدودياً من سكانها اللبنانيين، في إطار مخطط مقصود لتغيير الواقع الديموغرافي على الخط الحدودي.

واكّدت المصادر «انّ الجيش سيعطي كل الفرص للمساعي السياسية والديبلوماسية من أجل ضمان انسحاب مسلحي «هيئة تحرير الشام» من الجانب اللبناني في حوش السيد علي، وذلك ضمن إطار حرصه على تثبيت الهدوء وتفادي الانشغال بجبهة جديدة وسط التحدّيات الأخرى التي تواجهه، ولكن إذا لم تنجح تلك المساعي فهو سيكون مضطراً إلى استخدام الوسائل العسكرية لاستعادة أرض لبنانية تخضع حالياً للاحتلال، الأمر الذي لا يمكن القبول به.

دعسة ناقصة

وفي السياق نفسه، قالت أوساط سياسية مواكبة لـ«الجمهورية» إنّ الأحداث المستجدة على الحدود اللبنانية ـ السورية تحمل مخاطر استثنائية، نظراً إلى تقاطعها مع وقائع وتطورات واستحقاقات حساسة لبنانياً وسورياً، ويمكن لأي «دعسة ناقصة» هناك، من الجانب اللبناني أو الجانب السوري، أن تُدخل البلدين في مأزق يصعب الخروج منه.

فبالنسبة إلى سوريا، تتعاطى السلطة مع هذه الأحداث باعتبارها مرتبطة في شكل معين بتلك التي شهدها الساحل السوري أخيراً، وهي أبلغت إلى الجانب اللبناني بذلك. وأما بالنسبة إلى السلطة في لبنان، فالأحداث تأتي وسط الضغوط الحادة التي بدأ الأميركيون ممارستها تحت عنوان تسليم «حزب الله» سلاحه إلى الجيش اللبناني، بحيث تكون القوى الشرعية وحدها صاحبة القرار العسكري والأمني في الداخل وعلى الحدود، جنوباً وشرقاً وشمالاً، أي تنفيذ القرارات الدولية الثلاثة 1701 و1559 و1680. لكن مشكلة السلطة اللبنانية في هذا السياق تكمن في استمرار احتلال إسرائيل لأرض لبنانية في الجنوب، ومنعها إعمار القرى المهدّمة وعودة الأهالي إليها. وهذا ما يُضعف المبررات التي يمكن للسلطة أن تستخدمها لإقناع «الحزب» بتسهيل هذه المهمّة. ويُخشى ان تستغل إسرائيل هذه الثغرة لخلق تفجيرات جديدة على الطريقة التي أطلقتها أخيراً في غزة، وأدّت خلال 48 ساعة إلى سقوط نحو 450 قتيلاً بينهم رئيس حكومة «حماس» في القطاع والعديد من وكلاء الوزارات.

المظلة الكبيرة

وكان رئيس الجمهورية تتبع التطورات على الحدود اللبنانية- السورية والعمل الجاري لتطويق ذيول الاشتباكات التي شهدتها، مركّزاً على نشر الجيش اللبناني هناك.

وقال عون أمام وفد من نقابة محامي الشمال: «عندما لا يوجد قضاء عادل، لا توجد محاسبة، وعندما لا توجد محاسبة، لا تسود حتى «شريعة الغاب»، لأنّ الغاب له شريعة، أما هنا، فقد غابت كل الشرائع». وأضاف: «يجب تحقيق دولة القانون والعدالة، فلا يمكن لأي إصلاح أن ينجح إذا لم يكن هناك قضاء مستقل ومحاسبة. واليوم، المشكلة ليست فقط أنّ القوانين موجودة، بل إنّ كل طرف يفسّرها على هواه ولمصالحه الشخصية». واشار إلى «انّ المظلة الكبيرة التي تحمي البلد هي المصلحة العامة التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار وتطغى على المصلحة الشخصية. فالإنسان بطبيعته يميل نحو العمل السيئ إذا لم تكن هناك آليات لإعادته إلى الطريق الصحيح. لهذا، عندما تغيب آليات الرقابة والمحاسبة، يصبح الفساد هو القاعدة بدل أن يكون الاستثناء». واكّد انّه «مع وجود أشخاص يؤمنون بالعدالة والمحاسبة لدينا أمل كبير بأننا قادرون معًا على إصلاح الاعوجاج ومحاربة الفساد والمحاسبة، ليس فقط في القضاء، بل في كل المجالات». وقال: «عندما يتمّ تطبيق القوانين على الجميع، ومحاسبة الجميع، ومحاربة الفساد في كل طبقات المجتمع، عندها فقط يمكننا القول إننا وضعنا البلد على السكة الصحيحة. ولكن هذه ليست مسؤوليتي وحدي، بل هي مسؤوليتنا جميعًا».

الدعم والاستثمارات

من جهته، اكّد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام العمل على التحضير لعقد مؤتمر عام للاستثمار في الخريف المقبل في بيروت، لإعادة لبنان على خريطة الاهتمام العربي والدولي، لافتاً إلى انّ العمل مستمر لرفع حظر سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان ورفع الحظر عن الصادرات اللبنانية إلى السعودية.

وقال سلام لوفد من مجلس الأعمال اللبناني- السعودي برئاسة رؤوف ابو زكي، انّه سمع «كل الحرص من المسؤولين الخليجيين، وخصوصاً من وزير الخارجية السعودي ورئيس وزراء دولة قطر، على دعم لبنان بالاستثمارات والمجالات المختلفة، مع حرصهم الشديد على تطبيق الإصلاحات». وشدّد على «انّ الإصلاح القضائي هو المدخل الأساس في طريق الإصلاح الشامل لحماية المستثمرين واللبنانيين»، مؤكّداً «اولوية إنجاز الإصلاح الاقتصادي والمالي»، ومعلناً انّ الحكومة ستقرّ آلية جديدة للتعيينات يوم الخميس، مشدّداً على أهمية اللجنة الوزارية التي تمّ تشكيلها لمواكبة ملف الحدود ومكافحة التهريب على المعابر غير الشرعية وتعزيز الأمن والاستقرار.

وعلمت «الجمهورية» انّ مجلس الوزراء سينعقد في جلسة ثالثة غداً الخميس لإقرار دفعة جديدة من التعيينات أبرزها حاكم مصرف لبنان.

إحاطة بلاسخارت

في غضون ذلك، وعلى وقع استمرار الخروقات الإسرائيلية لوقف اطلاق النار في الجنوب، رحّبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، خلال إحاطتها لمجلس الأمن الدولي حول تنفيذ القرار 1701 «بالبرنامج الوزاري الواعد الذي تمّ إقراره»، مشيرة إلى أنّ «الفراغ الحكومي الطويل في لبنان لم يترك أمام الإدارة الجديدة إلّا فترة تتجاوز العام الواحد بقليل لمواجهة سلسلة من التحدّيات الشاقة».

وقدّمت بلاسخارت عرضاً عن الوضع الأمني في لبنان. وأشارت إلى أنّه على الرغم من أنّ وقف الأعمال العدائية لا يزال صامداً، لكن ذلك لا يعني توقّفاً كاملاً لجميع النشاطات العسكرية على الأراضي اللّبنانيّة. معتبرة أنّ «استمرار وجود الجيش الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية جنباً إلى جنب مع مواصلته لعمليات القصف، قد يؤدي بسهولة إلى «انعكاسات خطيرة» على الجانب اللبناني من الخط الأزرق.

وأضافت: «نحن في حاجة ماسّة إلى نقاشات ديبلوماسية وسياسية تمهّد الطريق نحو التنفيذ الكامل للقرار 1701»، محذّرةً من أنّ الوضع الراهن، الذي تغذيه جزئيًا التفسيرات المتضاربة في شأن تفاهم تشرين الثاني والقرار 1701 أو «الانتقائية» في تطبيق أحكامهما، لن يؤدي إلّا إلى تصعيد جديد. وأشارت المنسقة الخاصة إلى أنّ الزخم الراهن بشأن هذه النقاشات يوفّر «بارقة أمل».

وبينما سلّطت المنسقة الخاصة الضوء على التطوّرات الإيجابيّة في جنوب لبنان، بما في ذلك «العمل الجدير بالإعجاب» الذي تقوم به القوات المسلحة اللبنانية في الانتشار بجميع البلدات والقرى الجنوبية، بالإضافة إلى قرار قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي في شباط برفع القيود المتبقية على الحدود الشمالية لإسرائيل، نوّهت إلى أنّ أجواء الخوف ما زالت ماثلة على جانبي الخط الأزرق. وفي هذا السياق، أشارت السيدة هينيس-بلاسخارت إلى أنّ الحكومة اللبنانية تسير على «خيط رفيع» في إدارة مرحلة ما بعد النزاع، مؤكّدةً أنّها تستحق «الصبر والوقت».

رصد مكافآت

من جهة ثانية، أعلن برنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأميركية، عبر منصة «إكس» أنّه رصد مكافآت تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن تهريب الأموال النقدية من إيران لدعم «حزب الله» في لبنان. وقال: «حزب الله يمول عملياته الإرهابية من خلال العديد من الأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك استخدام الطائرات التجارية والطائرات المدنية لتهريب الأموال النقدية».

ودعا البرنامج كل من لديه معلومات عن تهريب الحزب الأموال النقدية من موظفي المطارات، أو موظفي الجمارك أو مسؤولي الطيران، أو اي أنشطة غير مشروعة أو المرتبطين بذلك، لإرسالها للحصول على مكافأة مالية.