
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة النهار تقول:
الوضع في الجنوب وعلى الحدود، سيكون من ضمن الأمور التي سيبحثها موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جان إيف لودريان في زيارته لبيروت التي تبدأ اليوم
يصح في الجلسة “الحاشدة” التي عقدتها اللجان النيابية المشتركة أمس، أنها شكّلت إشارة الانطلاق لمعركة سياسية مبكرة حول قانون الانتخاب قبل سنة وشهرين من موعد الانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2026. وما يصح أيضاً في الجلسة، على رغم عدم استغراقها وقتاً طويلا، أن السمة اللافتة التي طبعت خلفية المواقف الأساسية من طرح مشروعين لقانون انتخابي يعتمد الدائرة الواحدة ومشروع إنشاء مجلس الشيوخ المقدمين من النائب في كتلة الرئيس نبيه بري علي حسن خليل، تمثلت في ما يشكل إجماعاً لا يمكن تجاهله للقوى المسيحية الكبيرة وتحديداً “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” والكتائب على رفض المشروع الأول والتحفظ والتريّث حيال المشروع الثاني. صوت الاعتراض المسيحي هذا برز في تداول مصطلح “التهريبة” التي تعاملت معها الكتل المسيحية المذكورة، لا سيما منها القوى المناوئة لـ”الثنائي الشيعي”، معتبرة أن الرئيس نبيه بري حاول إخراج “أرنب” من كمه في لحظة ملتبسة لا تبدو ملائمة أبداً لإثارة تعديل قانون الانتخاب الحالي قبل استكمال مسار الاستحقاقات السيادية الداهمة وفي مقدمها تنفيذ القرار 1701 بما يتصل بنزع سلاح “حزب الله”. ولم يكن خافياً أن توجّس القوى المسيحية من “إسقاط” مشروعي “كتلة التنمية والتحرير” حصراً دون الكثير من مشاريع انتخابية أخرى بدا مستنداً إلى شبهة الالتفاف على التوازنات الداخلية في مواجهة التركيز التصاعدي للقوى المسيحية وسواها على ملف السلاح في هذه الآونة. ولكن هذه الخلفية لا تتوقف فقط على القوى المسيحية وحدها بل أن الأصداء العميقة للموقف الأخير المتقدم لرئيس الحكومة نواف سلام من اعتباره أن “صفحة سلاح حزب الله قد طويت بعد البيان الوزاري” تتردد بقوة لدى أوساط “حزب الله” تحديداً في وقت تتصاعد فيه جولات السجالات الساخنة بين “الحزب” و”القوات اللبنانية” حول هذا الملف. وليس خافياً أن المعركة السياسية التي بدأت تطل برأسها أمس لن تحجب المخاوف الماثلة حيال الوضع في الجنوب وعلى الحدود، إذ سيكون هذا الملف من ضمن الأمور التي سيبحثها موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جان إيف لودريان في زيارته لبيروت التي تبدأ اليوم قبيل زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون لباريس الجمعة المقبل.
وعلى خلفية المعركة السياسية التي شهدتها جلسة اللجان تقرّر في نهايتها إنشاء لجنة فرعية تجمع كل القوانين الانتخابية وتعرض على المجلس. وكان لافتاً أن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب اعتبر بعد الجلسة التي رأسها أن “مناقشة تعديلات قانون الانتخاب يجب أن تبدأ الآن كي لا يتحجج أحد لاحقاً بعدم توفر الوقت لتأجيل الانتخابات النيابية”.
الاعتراضات
وبرزت الاعتراضات المسيحية مع تسجيل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ملاحظتين على جدول أعمال جلسة اللجان المشتركة، تتعلقان بقانون الانتخابات الجديد المطروح من خليل، والذي يعتمد لبنان دائرة واحدة، وآلية انتخاب مجلس الشيوخ. وأوضح الجميّل أن “هناك اقتراحات قوانين عدة للانتخابات مقدمة إلى المجلس، وأحدها قدمته الكتائب حول الدائرة الفردية، وبالتالي يجب أن توضع كل القوانين المطروحة ضمن لجنة فرعية، لا أن يكون قانون واحد فقط على جدول الأعمال”. وقال: “إن اقتراحنا هو لجنة فرعية تناقش كل قوانين الانتخاب، ونحن الكتلة الوحيدة التي صوّتت ضد القانون الحالي، لذلك يهمنا أن تُدرس كل القوانين ونحسّن آلية التمثيل”، مؤكدًا أن الكتائب ستدرس بإيجابية الاقتراحات الأخرى”. كما لفت إلى أن انتخاب مجلس الشيوخ لا يُطرح بهذه الطريقة، مشددًا على أن “إدخال مؤسسة دستورية جديدة يجب أن يكون ضمن ورشة دستورية كبيرة. أما عن طرح لبنان كدائرة واحدة، فاعتبر الجميّل أنه “يناقض مفهوم التمثيل المناطقي واتفاق الطائف والضرورات التمثيلية التي يقوم عليها النظام السياسي”.
“القوات اللبنانية” اعترضت بدورها على مشروع قانون خليل، وقال عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي: “زميلنا الرئيس برّي بدّك تغيّر المجتمع بقانون انتخاب بوقت المجتمع بيغيّر قانون الانتخاب ليصير يمثّلو بافضل شكل، مش العكس. بعدان شو قصّة هالطائفية معك؟ شو قصّة الثنائي الشيعي ووزير المال الشيعي حصراً وميثاقية توقيعه؟ نوّرنا”. وكتب رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية” الوزير السابق ريشار قيومجيان: “مطلب انسحاب الجيش السوري وفق الطائف كان يُواجه بمطلب الغاء الطائفية السياسية ولبنان دائرة انتخابية واحدة. نشهد اليوم الأسلوب نفسه: قانون انتخاب على قاعدة الأكثرية العددية لمواجهة مطلب تطبيق القرارات الدولية وتسليم سلاح حزب إيران. نغمة قديمة تخفي نوايا خبيثة”.
وأوضح النائب سيزار أبي خليل أنّ “تكتل لبنان القوي” قدم اقتراح قانون لانتخاب أعضاء المجلس باقتراح مبني على القانون الأرثوذكسي مع تعديلات لتحسين إدارة العملية الانتخابية والتمثيل”. وأكد أبي خليل في مؤتمر صحافي مع النائبين جورج عطالله ونقولا الصحناوي “نحن مع مقاربة جذرية في هذا الموضوع تقوم على إلغاء شامل للطائفية وصولاً إلى العلمانية الشاملة، فإلغاء الطائفية السياسية وحدها لا يؤدي إلى الهدف المنشود المتمثل بإلغاء الطائفية من كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، وذلك يبدأ بقانون الأحوال الشخصية وينسحب على أمور أخرى والوصول إلى انتخاب اعضاء مجلس النواب”.
وفي المقابل، أعلن عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن التمسك بمطلب إنشاء مجلس الشيوخ والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وقال: “الكل يطالب بالإصلاح ونردد شعارات الإصلاح والتغيير لكن نسي البعض أو تناسى أن المدخل الأساسي للإصلاح لا يكون إلا عبر الإصلاح السياسي”، وفي هذا السياق، أعلن أبو الحسن “أن تأسيس مجلس الشيوخ يعتبر بنداً إصلاحياً أساسياً نتمسك به بالتزامن مع قانون انتخابات خارج القيد الطائفي”. وطالب بـ”إدراج اقتراح القانون المتعلق بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية الذي تقدم به اللقاء الديموقراطي في حزيران 2022 على جدول أعمال اللجان المشتركة”.
تزامن ذلك على ضفة الانتخابات البلدية، مع اعلان وزارة الداخلية والبلديات المواعيد النهائية الرسمية لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية بحسب المحافظات وفقاً للاتي: في جبل لبنان بتاريخ 4 أيار 2025. في لبنان الشمالي وعكار بتاريخ 11 أيار 2025. في بيروت، البقاع وبعلبك – الهرمل بتاريخ 18 أيار 2025. في لبنان الجنوبي والنبطية بتاريخ 25 أيار 2025. على أن تتم دعوة الهيئات الناخبة قبل شهر على الأقل من تاريخ الانتخابات في كل محافظة.
سلام في الشمال
واليوم يزور رئيس مجلس الوزراء نواف سلام مدينة طرابلس على رأس وفد يضم عدداً من الوزراء وبحضور نواب المدينة، وذلك للإطلاع على الوضع فيها وعقد اجتماع لمجلس الأمن المركزي، ولإطلاق خطة أمنية لتثبيت الهدوء والاستقرار كما سيقوم بزيارة إلى محافظة عكار لترؤس اجتماع مجلس الأمن المركزي، وإطلاق خطة أمنية وضبط الحدود، ولقاء نواب المحافظة. على أن يجري جولة استطلاعية في مطار القليعات.
وفي سياق تداعيات الملف الجنوبي والسيادي، اعتبر حزب “القوات اللبنانية” في رد على مواقف لـ”حزب الله” أن “الحرب التي شهدها لبنان، التي قضت على البشر ودمرّت الحجر، دلّت على مدى خطورة عدم التزام القرارات الدولية، فلو طبِّق القرار 1701 كاملاً لما وقعت حرب ما سمي بالاسناد، وفي حال لم يُطبق هذا القرار الذي وضع أُسس وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، ولم يُحترم اتفاق وقف إطلاق النار، فإن حالات التوتر وعدم الاستقرار على الحدود الجنوبية ستتواصل وتُبقي لبنان ساحة وصندوق بريد”. أضاف: “في الوقت الذي يدعو فيه رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الخارجية جو رجّي إلى التمسك بالالتزامات الدولية من أجل حماية لبنان وشعبه من مخاطر الانزلاق إلى تصعيد عسكريّ جديد، يُواجه كل من طالب ويطالب بتطبيق القرارات الدولية واتفاق وقف النار بحملات تخوين وتشكيك في محاولة يائسة لإسكات الأصوات المطالبة بتحصين البلاد وتثبيت سيادتها. إن من يطالب بتطبيق القرار 1701 واحترام الاتفاق إنما يعمل من منطلق الحرص على لبنان وأمنه، وليس العكس. وعوضاً عن شنّ حملات إعلامية تستهدف الشخصيات الرسميّة التي تسعى إلى حماية لبنان، يجدر بأبواق “الممانعة”، على أنواعها، أن تشكر هذه الأصوات الوطنية التي تسعى لحماية لبنان من مخاطر الحرب”. وختم “إن استقرار لبنان لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الالتزام الكامل بقرارات الشرعيّة الدولية، وتعزيز دور الدولة اللبنانية في بسط سيادتها على كامل أراضيه”.