الرئيسية / آخر الأخبار / أميركا تواصل الضغط ورئيس الجمهورية مُربك | سلام: لن أكون شريكاً في مسار التطبيع

أميركا تواصل الضغط ورئيس الجمهورية مُربك | سلام: لن أكون شريكاً في مسار التطبيع

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة الأخبار تقول: 

الإرباك ليس عند الأميركيين، ولا عند العدو، بل في لبنان. والمسألة تتعلق أساساً باختلافات جوهرية في الموقف من طروحات العصر الأميركي للبنان، إذ إن التفاهمات التي رافقت انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية ثم تسمية نواف سلام وتكليفه بتشكيل الحكومة وفق معادلات جديدة، لم تقم على أرض صلبة، لا سياسياً ولا حتى إدارياً، والأهم أنها لم تشمل تفاهمات حول مستقبل الدولة.

 

وما يشهده لبنان لا يتجاوز «تفاهمات الضرورة» بين قوى تعتبر نفسها منتصرة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، وقوى تعتبر أنها غير معنية بالاستدراج إلى مشكلة داخلية ترى فيها فصلاً محلياً من الحرب الإسرائيلية. وكل ذلك يقود إلى نتيجة وحيدة: الكل يكذب على الكل!

 

في ملف المفاوضات حول مستقبل علاقات لبنان الخارجية، انخرطت السلطة الجديدة في سياسات وإجراءات تستهدف نقل لبنان من ضفة إلى أخرى، في تكرار لتجربة عام 2005 التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن مع «عدّة شغل» أخرى، تقوم أساساً على مؤسسات وشخصيات تستمدّ قوتها فقط من الدعم الخارجي، بالتحالف مع قوى وشخصيات صاحبة مصلحة في تغيير وجهة لبنان.

 

ويحصل ذلك وسط انقلابات كبيرة في المشهد الإقليمي، من النتائج المفتوحة للحرب المستمرة على غزة إلى التغيير الكبير الذي يفتح سوريا على مفاجآت غير مضمونة النتائج، وصولاً إلى رفع مستوى الضغط الأميركي على كل اللاعبين العرب والإقليميين لتثبيت إسرائيل كمركز القرار في الشرق الأوسط. وهي عملية تحتاج إلى مزيد من الدماء والحروب، بينها ما يحصل في اليمن، وما هو مرسوم للعراق وإيران أيضاً، علماً أن الضغط الاقتصادي متواصل على الجميع، بمن في ذلك القوى والحكومات التي انخرطت في المشروع الأميركي، كما هي الحال الآن في لبنان وسوريا والأردن. وحتى مصر نفسها، يعاد ابتزازها بتهديد أمنها القومي والداخلي في حال تراجعت عن تلبية كل موجبات الوضع الجديد في فلسطين.

 

في لبنان، رسمت مواقف المسؤولين الأميركيين المخاطر الكبرى، حيث تسعى واشنطن إلى استغلال متغيّرات المنطقة حتى الرمق الأخير لفرض واقع يعانِد الواقع اللبناني ويهدّد استقراره. وآخر هذه التصريحات ما أعلنته نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي استبقت زيارتها المفترضة إلى تل أبيب وبيروت بقولها لشبكة «فوكس نيوز» إن «الولايات المتحدة ستقف دائماً إلى جانب حليفتها إسرائيل، سواء في جهود تدمير حركات مثل حماس أو حزب الله أو حتى الحوثيين»، وهو ما يؤكد أن كيان الاحتلال يحظى بالضوء الأخضر الأميركي لفعل كل ما يريده للتخلص من المقاومة في لبنان.

 

وتأتي تصريحات أورتاغوس في سياق الإعداد لإطلاق ما أعلنت عنه سابقاً عن «مجموعات عمل دبلوماسية» ستتشكّل بين لبنان وإسرائيل بمشاركة أميركية للبحث في ملفات التلال الخمس التي لا يزال العدو يحتلها على الحدود الجنوبية وأسرى الحرب اللبنانيين لدى إسرائيل وتحديد الحدود البرية مع فلسطين المحتلة وبتّ النقاط المتنازع عليها على الخط الأزرق.

 

واستكملت المبعوثة الأميركية تصريحاتها بالتعليق على الأحداث الأخيرة على الجبهة الجنوبية، وقالت رداً على سؤال لموقع «أساس ميديا» عن أسباب «عدم قيام لجنة المراقبة بضبط الحركة الإسرائيلية» إنّ هذا «السؤال خطأ، والصحيح هو: لماذا يستمرّ الجيش اللبناني في السماح بإطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية؟ ما الذي يمكن أن يفعله الجيش اللبناني أيضاً للالتزام بوقف إطلاق النار ونزع سلاح الحزب في الجنوب؟».

 

وتعليقاً على رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري تشكيل لجان قبل تطبيق إسرائيل وقف إطلاق النار، ردّت أورتاغوس بأن «هناك وقف إطلاق نار قائماً، ويوجد وقف إطلاق نار في المنطقة»، مشيرة إلى «أننا سنواصل العمل مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية، سواء من خلال الآليّة أو عبر القنوات الدبلوماسية لحلّ جميع القضايا الحدودية العالقة».

 

وفي ما يتعلق بكلام ويتكوف عن التطبيع بين كل من لبنان وسوريا مع إسرائيل، والكلام اللبناني عن أنّ اللجان ستكون مقدّمة للتطبيع، ما قد يضرّ بالمفاوضات، اكتفت بالقول: «نحن نركّز فقط على حلّ النزاعات الحدودية في الوقت الحالي، ولا شيء أكثر من ذلك».

 

ومع أن التسريبات تحدّثت عن «رفض لبنان لهذا المقترح وتأكيد الرؤساء الثلاثة على العمل عبر لجنة تقنية – عسكرية تتابع الملفات العالقة، وتأخذ توجيهاتها من القيادة السياسية»، قالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن «السلطة السياسية في لبنان تعيش حالة من الإرباك والعجز.

 

فهناك قلق واضح من الأثمان التي سيدفعها لبنان في حال رفضه القبول بالمقترح الأميركي رفع مستوى التمثيل في اللجان إلى عسكري – سياسي، بعد وصول رسائل أميركية تقول إن الثمن قد يكون تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً، مع إصرار العدو على تغيير الوضع بشكل كامل لجهة القضاء كلياً على حزب الله، وإحداث تغيير في الواقع السياسي الداخلي».

 

وفي مقابل ذلك «يعتبر المستوى السياسي في لبنان أن الهدف الذي تريده واشنطن وتل أبيب من تأليف هذه اللجان، ويصل في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاقية سلام أو تطبيع مع العدو، أمر لا يُمكن لأي جهة مسؤولة في لبنان تحمّل نتائجه لا على مستوى الرئاسة ولا الحكومة».

 

وعلمت «الأخبار» أنه جرت سلسلة من اللقاءات بين الجانب الأميركي ومسؤولين لبنانيين، ولا سيما العاملين مع الرؤساء الثلاثة، وأن واشنطن تعتبر أن التمثيل السياسي في اللجان الثلاث لا يجب أن يكون مشكلة لأحد.

 

لكنّ المشاورات المباشرة بين الرؤساء الثلاثة، جعلت الرئيس بري يقول صراحة للرئيسين عون وسلام إنه وحزب الله يرفضان أي محاولة لجرّ لبنان إلى مفاوضات سياسية، ولن يكونا شريكيْن في مثل هذا الأمر. وفوجئ عون وسلام بأن بري لم يكتف بموقفه في الاجتماعات المغلقة، بل تعمّد إشهاره في تصريحات إلى جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، وهو ما دفع بسلام إلى إبلاغ عاملين معه في الحكومة، ومقرّبين من رئيس الجمهورية، بأنه لا يريد الدخول في مغامرة مفاوضات سياسية هدفها التطبيع، وأنه شخصياً غير مقتنع بهذا الخيار، ويعرف أن الحكومة قد تفرط جراء خطوة بهذا الحجم، وأن من سيخرجون من الحكومة لن يكونوا فقط وزراء أمل وحزب الله.

 

من جانبه، يظهِر الرئيس عون ارتباكاً كبيراً، كونه أيضاً يشعر بأن الأمر لا يمكن تمريره بهذه السهولة، وهو طالب الأميركيين مراراً بوقف الضغط على لبنان، وكل ما حصل عليه حتى الآن صدور قرار من البيت الأبيض يمنع المسؤولين الأميركيين من الحديث علناً أو بتوسّع عن المشروع. كما طلب الأميركيون إلى الجانب الإسرائيلي عدم إطلاق مواقف من شأنها «إحراج حلفائنا في لبنان». ومع ذلك، يعرف عون تماماً أن الترتيبات الأمنية في الجنوب لا يمكن أن تسير وفق الرغبة الإسرائيلية، وذلك ليس لإرضاء حزب الله، بل لأنها ستجعل الجيش اللبناني في موقع مُحرج تجاه الناس، خصوصاً أن واشنطن لم تفعل شيئاً لإجبار العدو على الانسحاب من النقاط الخمس وإطلاق سراح الأسرى وتسوية الملف الحدودي.