
مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت ” اللواء” :
يركز الحراك الخارجي باتجاه بيروت على أمرين أساسيين، سلاح «حزب الله» وتنفيذ لبنان للبرنامج الإصلاحي الذي تعهد به. في الملف الأول، يبدو واضحاً أن هناك شرطاً دولياً بأن لبنان لن يتمكن من الحصول على المساعدات الدولية التي يطلبها، في حال لم تحصل معالجة حاسمة لموضوع السلاح بيد «الحزب» وبقية الفصائل المسلحة، اللبنانية وغير اللبنانية، في إشارة إلى السلاح الفلسطيني. أما ما يتصل بالملف الثاني، فإن المجتمع الدولي ليس مستعداً للوقوف إلى جانب لبنان، في تجاوز آثار أزمته الاقتصادية والمالية، ما لم تبادر حكومته إلى استكمال تنفيذ التعهدات الإصلاحية التي التزمت بها، وهو ما جدد التأكيد عليه المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين والقيادات السياسية والحزبية جولته الحالية. وإذ تنتظر بيروت زيارة المبعوث الأميركي إلى سورية توم باراك في الأيام المقبلة، فإنه علم أن ملفات البحث مع المسؤولين اللبنانيين، تشمل العديد من القضايا الدقيقة التي تفرض نفسها على الساحتين الداخلية والإقليمية، سيما ما يتصل بتطبيق القرار 1701، إلى جانب ملف سلاح «حزب الله»، في حين سيركز الجانب اللبناني على ضرورة الحصول على موقف أميركي داعم، لانسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والتي طالت عمق الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
وتأتي زيارة باراك إلى بيروت في توقيت بالغ الأهمية، بانتظار أن يتم تعيين بديل للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، في حين تنتظر المنطقة نتائج المفاوضات الإيرانية الأميركية بشأن الملف النووي. ومع اشتداد الضغوطات الخارجية بشأن سلاح «حزب الله»، فإن الأجواء السائدة قبل زيارة المسؤول الأميركي، تنذر بتصعيد غير مسبوق في اللهجة الأميركية في ما يتصل بسلاح «الحزب». وهو موقف يتناغم مع مواقف الدول الغربية، بعد المواقف التصعيدية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد «حزب الله» وإيران خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة، حيث حملهما مسؤولية الوضع المزري الذي وصل إليه لبنان على مختلف الأصعدة. وإذ يتوقع أن يحدد باراك في زيارته بيروت، موعد وصول السفير الجديد إلى لبنان، فقد كشف النقاب، عن أنه سيبلغ المسؤولين اللبنانيين بتوجهات الإدارة الأميركية تجاه لبنان، في ضوء ما صدر عن الرئيس ترامب في جولته الأخيرة، وما يتصل تحديداً بمصير اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. وأشارت المعلومات، إلى أن واشنطن وانطلاقاً من الرسالة التي سيبلغها باراك للحكم اللبناني، لن تدخر جهداً لمساعدة الرئيس عون وحكومته الجديدة، من أجل تفعيل عمل المؤسسات، وبما يمكن الجيش اللبناني من فرض سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية، وتحديداً في الجنوب، وما يتصل بنزع سلاح «الحزب»، انطلاقاً من الحرص على تثبيت اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، لأن هناك مصلحة للطرفين باستمراره، وتجنب سقوطه وانهياره.
وفيما لفت اللقاء «العائلي» الذي سيجمع رئيس الجمهورية جوزاف عون بالحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر في الفاتيكان، غداً، فإن ما سيسمعه المبعوث الأميركي باراك من القيادة السياسية اللبنانية، سيكون موحداً وواضحاً، لناحية أن قرار الحكومة حازم بضرورة سحب السلاح غير الشرعي، لكن هذا الأمر لا يمكن معالجته إلا بالحكمة والتروي، من خلال ملف الاستراتيجية الدفاعية التي سيتم بحثها في المرحلة المقبلة. وعليه فإن ما ذكر عن اشتراط الأميركيين مهلة زمنية لتنفيذ هذا المطلب، أمر غير واقعي وغير منطقي، لما يمكن أن يترتب عن ذلك من تداعيات بالغة الخطورة على استقرار لبنان. وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين اللبنانيين أبلغوا الزوار العرب والأجانب، أن الجيش اللبناني يقوم بتنفيذ مهماته في منطقة جنوب الليطاني على أكمل وجه، وأنه أحكم سيطرته على جميع مواقع «حزب الله»، إضافة إلى مصادرته كميات كبيرة من الأسلحة العائدة ل»الحزب»، في ظل تنسيق مستمر وعلى أعلى المستويات مع قوات «يونيفيل»، في وقت تواصل إسرائيل خرقها لاتفاق وقف إطلاق النار، باستهداف شبه يومي لمواطنين لبنانيين، بذريعة تهديد أمنها، دون أن تحرك واشنطن ساكناً لوقف الممارسات العدوانية الإسرائيلية.
ورغم طلب القيادة السياسية اللبنانية من الإدارة الأميركية وفي أكثر من مناسبة، حث إسرائيل على الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف مسلسل اعتداءاتها، إلا أنه يؤمل أن يتم الحصول من باراك، على وعد بمساعدة واشنطن على تنفيذ هذا المطلب، في موازاة إصرار واشنطن والمجتمع الدولي، على أهمية التزام لبنان ببند الإصلاحات، كمدخل للمساعدة في عملية الإعمار والنهوض الاقتصادي. وترى أوساط سياسية، أن الكلام الإيجابي الذي عبر عنه الرئيس ترامب حيال لبنان والعهد الجديد، يحتاج إلى ترجمة، من أجل أن يشعر اللبنانيون أن هناك توجهاً أميركيًاً بما يتعلق بلبنان. على أمل أن تتمكن واشنطن من إقناع إسرائيل من الانسحاب الكامل من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها، إلى جانب الجهود الدولية التي تصب في هذا الإطار، مشيرة إلى أنه يتوقع أن يقوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بممارسة المزيد من الضغوطات على إسرائيل، لإتمام انسحابها من جميع الأراضي اللبنانية التي لا زالت تحتلها. وقد أشارت مصادر دبلوماسية، إلى أن الاهتمام الأميركي بلبنان مرشح للازدياد، توازياً مع الإسراع في إرسال السفير الأميركي الجديد المعين لدى بيروت، ميشال عيسى في وقت قريب، من أجل مواكبة المرحلة الجديدة في لبنان، وما يمكن أن تقوم به الإدارة الأميركية من خطوات لمساعدة العهد، في إرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات.
وفيما أكدت المصادر الدبلوماسية، أن كل ما يشاع بشأن إنهاء مهام قوات «يونيفيل» في جنوب لبنان، غير صحيح ومجرد تأويلات في غير مكانها وزمانها، واصل المبعوث الرئاسي الفرنسي لودريان جولاته على المسؤولين اللبنانيين والقيادات السياسية، حيث كان صريحاً في وجوب أن تنفذ الحكومة اللبنانية ما هو مطلوب منها، في ما يتعلق بالملفين السيادي والاصلاحي، والا فسيتعذر امكان قيام مؤتمر الدعم للبنان في الخريف المقبل. باعتبار أن الدول والمؤسسات الدولية المانحة تشترط ذلك. وتالياً لا يمكنها أن تساعد لبنان في حال لم يقم بما هو مطلوب منه.وكشفت المصادر، ان الجانب الفرنسي أكد أن «الوقت لا يلعب لصالح لبنان لكن لا تزال هناك فرصة وامل»، مضيفة، أن «على لبنان الرسمي حسم مواقفه والعمل على تطبيقها سريعا اذ ان المجتمع الغربي بدأ يلمس محاولات محلية لابطاء ملف تسليم السلاح».