الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / التوافق السياسي غير متوافر على قانون جديد للانتخابات النيابية

التوافق السياسي غير متوافر على قانون جديد للانتخابات النيابية

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب حسين زلغوط في” اللواء”:

يُنتظر ان يعود النقاش الى ساحة النجمة وبوتيرة مرتفعة في الاسبوعين المقبلين في محاولة شديدة التعقيد لتعديل قانون الانتخابات النيابية قبل موعد الاستحقاق المقبل في العام 2026.

ومع أن الانتخابات النيابية لا تزال بعيدة زمنيًا، إلا أن القوى السياسية بدأت تحرّك الملف مبكرًا، وسط مخاوف من أن يتحول النقاش إلى أداة لتعطيل الاستحقاق أو لتفصيل قانون على قياس التحالفات الحالية.

لا بد من الإشارة الى انه يُطبق في لبنان حاليًا قانون الانتخابات الصادر عام 2017، المبني على النظام النسبي مع الدوائر الكبرى، والذي جرت على أساسه انتخابات 2018 و2022. ورغم اعتباره نقلة نوعية مقارنة بالقانون الأكثري السابق، فقد تعرَّض هذا القانون لانتقادات حادة، أبرزها أنه تكريس للطائفية عبر الصوت التفضيلي،ويعزز هيمنة أطراف سياسية محددة.
لا شك انه في ظل الانقسام العمودي الحاد بين الكتل النيابية، يغيب الحد الأدنى من التفاهم حول أي مشروع قانون انتخابي حيث ترفض بعض الأطراف السياسية تقليص عدد الدوائر خشية على تمثيلهم المحلي، بينما ترى فيه قوى التغيير فرصة لكسر هيمنة الزعامات الطائفية.
في حين ان جهات سياسية تطالب بإلغائه أو تعديله ليصبح على مستوى الدائرة الكبرى لا القضاء، لتقليص تحكم الزعامات المحلية بالنتائج، كما أن الجدل لا يزال مستمرا حول اعتماد الكوتا النسائية من عدمه، في ظل ضعف التمثيل النسائي النيابي (8 نائبات من أصل 128 حاليًا).
ورغم أن بعض الكتل (مثل «الكتائب»، و«التغييريين»، و«القوات اللبنانية») تطالب بقانون جديد أكثر عدالة، فإن معظم القوى الكبرى تتفادى فتح هذا الملف فعليًا لأنها تعتبر أن أي تغيير جذري قد يفقدها توازنها ويقلل من حضورها النيابي.
وفق مصادر نيابية مطلعة على مسار النقاش الحاصل حول قانون الانتخابات فإن هناك عدة سيناريوهات مطروحة في هذا المجال منها:الإبقاء على القانون الحالي مع تعديلات طفيفة،وهذا هو السيناريو الأكثر ترجيحًا، ويشمل تحسينات شكلية على الصوت التفضيلي أو توسيع الكوتا النسائية دون تغيير جوهري في بنية النظام الانتخابي.
اما السيناريو الثاني فهو العودة إلى قانون1960وهذا السيناريو وارد في حال وصلت البلاد إلى أزمة كبرى، خاصة إذا فُرضت انتخابات مفاجئة في ظل عدم الجهوزية السياسية.
والسيناريو الثالث هو اعتماد قانون جديد بالكامل وهذا السيناريو هو الأضعف، لأنه يحتاج توافقًا واسعًا غير متوفر حاليًا، إلا إذا جاء بضغط دولي .
هذا على المستوى النيابي، يبقى معرفة موقف وتوجه الحكومة لا سيما وزارة الداخلية، علماً ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، كان قد طلب من وزير الداخلية في الجلسة الأخيرة للجنة الفرعية عن اللجان المشتركة ان يعود الينا ببعض الأجوبة حول جهوزية الحكومة لإجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الساري المفعول بانتظار تعديله او اقرار قانون آخر من القوانين الموجودة على جدول اعمال اللجان المشتركة.
وفي ظل هذا الانقسام الحاد حول قانون الانتخاب يُطرح السؤال ما هو مصير الانتخابات المقبلة؟.
في حال استمر الانقسام السياسي وتواصل الشلل المؤسسي، فقد يجد لبنان نفسه أمام خطر تأجيل الانتخابات النيابية بحجة الظروف القاهرة، كما حصل سابقًا في فترات الفراغ. أما في حال طرأت متغيرات من شأنها تضييق هوة الخلاف بين القوى السياسية في الأشهر المقبلة، فإن فرصة اجراء الانتخابات في موعدها تبقى قائمة، ولو بالقانون نفسه.
لكن في الحالتين، سيبقى القانون الانتخابي مادة نزاع، لا أداة ديمقراطية حقيقية، طالما بقيت الصيغة الطائفية تحكم النظام السياسي.
وأمام هذا الواقع السياسي غير الصحي يقف قانون الانتخابات في لبنان كمرآة للأزمة البنيوية العميقة في النظام السياسي. ومع اقتراب عام 2026، سيكون هذا القانون أحد أبرز مفاتيح التغيير أو الاستمرار في الانهيار. فهل تجرؤ القوى السياسية على كسر الحلقة المفرغة، أم تبقى الانتخابات مناسبة لتدوير السلطة لا لتداولها؟.