الرئيسية / آخر الأخبار / وقف إطلاق النار هدنة مؤقتة أو نهاية للحرب؟

وقف إطلاق النار هدنة مؤقتة أو نهاية للحرب؟

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب زياد عيتاني في” اللواء”:

مع وصول الحرب الإسرائيلية – الإيرانية يومها الـ12، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت مبكر صباح أمس التوصل إلى اتفاق لوقف كامل لإطلاق النار، وذلك بعد هجوم نفّذته إيران على قاعدة العديد في قطر.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل وافقت على مقترح الرئيس ترامب لوقف إطلاق النار مع إيران، مؤكدا أن تل أبيب ستردّ بقوة على أي انتهاك له.
وأضاف أن «إسرائيل حققت كل أهداف الحرب»، مشيرا إلى أنه بعد مكالمة بين الرئيس ترامب ورئيس الحكومة امتنعت إسرائيل عن شنّ هجمات إضافية.
من جهته، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن «الكيان الصهيوني عجز عن تحقيق أهداف عدوانه» وإن إيران لن تخرق وقف إطلاق النار ما لم تخرقه إسرائيل، مشيرا إلى أن بلاده «مستعدة للحوار والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني على طاولة المفاوضات».
وكان الصراع بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى اتخذ منحى جديدا، مع استهداف إيران قاعدة العديد الاثنين في إطار ردّها على الضربة الأميركية التي استهدفت منشآتها النووية مطلع الأسبوع الجاري، على الرغم من أن الرد الإيراني كان متوقّعا في سياق سيناريوهات عدة معزّزا بالعديد من المؤشرات والتقارير الاستخباراتية.
فقد شهدت المنطقة ساعات مفصلية مع الإعلان عن بدء الهجوم الإيراني وحبس الكثيرون أنفاسهم وهم يتابعون رشقات الصواريخ الإيرانية، التي تسببت في إغلاق دول عدة في المنطقة مجالاتها الجوية وأربكت حركة الطيران هناك.
لكن وبينما انتابت الكثيرين مخاوف من اتساع رقعة الصراع، كانت هناك مؤشرات على أن ما حدث ربما لا يعدو كونه «ضربة لحفظ ماء الوجه»، من شأنها فتح نافذة للتفاوض وإنهاء التوترات التي تخيّم على المنطقة، استنادا إلى مجموعة من المعطيات. وجاء في مقدمة تلك المعطيات ما نشر عن تنسيق مسبق بين إيران وقطر، حيث نقل موقع «واللا» الإخباري عن مصدر وصفه بالمطّلع أن طهران نسّقت ردّها مع الدوحة وأن واشنطن كانت على علم مسبق بالهجوم، وهو الأمر نفسه الذي تحدثت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عندما نقلت عن مسؤولين إيرانيين أن طهران نسّقت هجومها في قطر مع مسؤولين قطريين مسبقا، في محاولة لتقليل الخسائر.
وعقب الهجوم، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر منشور على منصة «تروث سوشيال» معلومة التنسيق المسبق من خلال توجيهه الشكر لإيران على «إبلاغنا مبكرا»، الأمر الذي أسفر عن عدم سقوط ضحايا أو مصابين. كما اعتبر ترامب أن ما أقدمت عليه طهران بمثابة «رد رسمي» على «تدميرنا لمنشآتها النووية»، ووصف هذا الرد بأنه «ضعيف للغاية».
وتزامن ذلك مع تواتر تقارير إعلامية أميركية وإسرائيلية تتحدث عن رغبة ترامب في إنهاء الحرب، حيث أشار موقعا «أكسيوس» و«واللا» الإخباريان إلى أن ذلك هو هدف الرئيس الأميركي الآن وأنه سيوضح ذلك لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ونقل «واللا» عن مسؤول في البيت الأبيض أن واشنطن «تريد اتفاقا الآن ولا تريد المزيد من الحروب».
وبسرعة هذه اللحظة، بادرت قطر، التي تعرّضت أراضيها ذات السيادة اللهجوم، إلى التوسط للمساعدة في تأمين وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس ترامب فجأة للعالم.
ووصفت إدارة ترامب وقف إطلاق النار بأنه انتصار للضربات العسكرية المحدودة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، مؤكدة أن هذه العملية جرت دون السعي لإسقاط النظام أو الانخراط في حرب طويلة، وهو ما رأت فيه واشنطن نموذجا للنجاح الدبلوماسي والعسكري المتوازن.
إلى جانب العامل العسكري، كان للعامل السياسي الداخلي الأميركي دور في تسريع التوصل للاتفاق، إذ أشار الصبار إلى أن ترامب يواجه ضغوطا من معارضي الحرب داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذين يرفضون انخراط واشنطن في نزاعات خارجية تستنزف مواردها وتهدّد استقرارها.
وفي هذا السياق، رأت إدارة ترامب أن استمرار الحرب لا يخدم المصالح الأميركية، خاصة مع تقارير أفادت بنفاد صواريخ المنظومة الدفاعية «سهم 3» لدى إسرائيل وعدم وجود قدرة أميركية فورية لتعويضها، مما دفع واشنطن لتغليب خيار إنهاء المواجهة بدلا من تصعيدها.
إلّا أنه لم يتوقف القصف الإسرائيلي على إيران بشكل كامل رغم إعلان الرئيس ترامب عن التوصل لوقف إطلاق النار. واتهم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس طهران بخرق وقف إطلاق النار، مصدراً أوامر باستئناف القصف على الأراضي الإيرانية.
وعلى ضوء ذلك، أبدى الرئيس ترامب غضبه الشديد صباح عندما بدا أن وقف إطلاق النار الذي توسط فيه بين إسرائيل وإيران أصبح أكثر هشاشة. وانتقد ترامب كلا الجانبين، لكنه احتفظ بأشدّ إداناته لإسرائيل، التي قال إنها «ألقت قنابل» على إيران «بمجرد أن أبرمنا الاتفاق».
وقال ترامب بغضب عن إسرائيل وإيران: «لدينا دولتان تتقاتلان بشدّة ولفترة طويلة لدرجة أنهما لا تعرفان ما تفعلانه»، واتهم كل منهما بانتهاك الهدنة التي أعلنها.
وعليه، بدأت تحوم الشكوك حول إمكانية عودة التهدئة للمنطقة، من خلال صمود وقف إطلاق النار، الذي وصفه الكثير من المحللين بالهش، الأمر الذي يطرح السؤال عما إذا أن المنطقة ذاهبة الى تهدئة مؤقتة، أو إنتهاء للحرب بين إيران وإسرائيل؟
وهذه الشكوك تتمثل في:
١) غياب الثقة بين الطرفين، إذ أن كل طرف يتهم الآخر بخرق الهدنة، وإسرائيل تلمّح إلى «ضربات استباقية» إذا شعرت بأي تهديد.
٢) انعدام اتفاق مكتوب أو مراقب دولي، حيث أن وقف إطلاق النار تم بوساطة سياسية وليس باتفاق رسمي موقع أو خاضع لمراقبة دولية، ما يجعله هشّا.

٣) الملف النووي الإيراني لا يزال مفتوحاً، خصوصاً وأن إسرائيل قد تعتبر أن الوقت الحالي هو فرصة لتوجيه ضربة أخيرة قبل أن تُستكمل قدرات إيران النووية.

٤) تأثير المتشددين في البلدين، حيث أن الحرس الثوري في إيران وبعض أجنحة الأمن القومي في إسرائيل يعارضون الهدنة ويرونها «ضعفا تكتيكيا».
من المرجح أن يصمد وقف إطلاق النار على المدى القصير (أيام إلى أسبوعين) إذا لم تحدث خروقات كبيرة، لكن على المدى المتوسط والبعيد، هو معرّض للانهيار ما لم يُستتبع بـ:
– اتفاق سياسي أوسع.
– دخول أطراف دولية تضمن تنفيذ الإتفاق.
– تنازلات استراتيجية جزئية من أحد الطرفين.
بإنتظار تبلور التطورات في الفترة القادمة، فإن الهدنة تشبه «إستراحة محارب» أكثر من كونها نهاية حرب.