الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / تثبيت الحدود مع سوريا : حذار «الذاكرة المبخوشة»

تثبيت الحدود مع سوريا : حذار «الذاكرة المبخوشة»

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب  جورج شاهين في “الجمهورية” :

إلى الملفات التي تعني مصير السلاح غير الشرعي وقضايا أخرى حملها الموفد الرئاسي الأميركي إلى سوريا ولبنان توماس برّاك، أثار ملف ترسيم الحدود اللبنانية ـ السورية من مثلث الأراضي اللبنانية – السورية مع فلسطين المحتلة إلى النهر الكبير الجنوبي، نقاشاً عابراً. ولم يقل له أي مسؤول لبناني إنّ الحدود مثبتة منذ اكثر من 75 عاماً. فهل هي «ذاكرة مبخوشة «؟ أم أنّه فات البعض ما أُنجز في عهد الرئيس سليمان فرنجية؟ ومعه هذه هي الرواية.

تابع اللبنانيون بكثير من القلق تصريحات برّاك في حديثه عن «المنتجع البحري السوري» وإمكان «عودة لبنان إلى بلاد الشام»، قبل وبعد مسلسل التوضيحات التي قدّمها بعد ساعات قليلة على إطلاقه مجموعة مواقف لم يعرف بعد ما قصده منها او انّها مجرد زلّة لسان. وربما يُقال إنّها لا هذه ولا تلك. فقد قَصَد ما قاله ليحضّ اللبنانيين على الإسراع في الخطوات المطلوبة إدارياً وعسكرياً وأمنياً ومالياً وقضائياً، لإطلاق مسيرة التعافي والإنقاذ وإعادة الإعمار وإعطاء الأهمية الكافية لتنفيذ تعهدات دولة مكتملة المواصفات بوجود رئيس جديد لجمهوريتها ما زال في بداية عهده، وحكومة جديدة تعهدت بتنفيذ ما توصل اليه رئيس مجلس نيابي تولّى المفاوضات على مدى عامين مع الجانب الإسرائيلي بطريقة غير مباشرة ورعاية أميركية في غياب الاثنين معاً. وهو مضى في مهمّته منفرداً بما تولاه من مفاوضات شاقة وصعبة، إلى أن توصل بما يضمن «مصالح اللبنانيين وسيادتهم وكرامتهم وعدم التخلّي عن أي شبر من أراضيهم»، في اتفاق حمل اسم تاريخ الإعلان عنه فعُرف بـ«تفاهم 27 تشرين الثاني 2024»، والذي تبحث الحكومة اليوم، عن آلية لتطبيق ما قال به تمهيداً للانتقال الصعب من «مرحلة تجميد العمليات العدائية» إلى «مرحلة وقف شامل وثابت ونهائي لإطلاق النار» بعد أن تبنّت كل ما قال به عن سابقتها.

والأخطر وفق ما تراه مصادر سياسية وعسكرية مطلعة، أنّ ما اتخذته هذه المواقف من عناية واهتمام وردات فعل، لا تزال مظاهرها حتى اليوم لم يحن أوانها ولا زمانها. فقبل إطلاق سلسلة المواقف في مباريات قد لا تنتهي قريباً، قد تناسى مطلقوها أنّ أولى اهتمامات برّاك منذ زيارته الأولى إلى لبنان في 19 حزيران الماضي، كانت دعوته إلى ترتيب العلاقات بين لبنان وسوريا وترسيم الحدود وتثبيتها بين دولتين مستقلتين لهما خصوصيات عدة على لائحة الاهتمامات الأميركية، وهما يحظيان برعاية نادرة لإطلاق مسيرتهما، بما يضمن الأمن والسلام لمواطنيهما وفي المنطقة، وفق الاستراتيجية الأميركية التي أكّدت مرّة جديدة احترامها لحدود البلدين، فلا تقسيم ولا تجزئة في لبنان كما في سوريا. وما الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على قوات «قسد» للعمل ضمن الدولة السورية «الواحدة» و«الموحّدة» سوى أول الأمثال التي تنفي سيل الاتهامات التي تلاحق برّاك وتحاسبه منذ أن تحدث في تدوينة له على موقع «إكس» في 26 نيسان الماضي عن انتهاء صلاحية حدود «سايكس بيكو» القديمة، لأنّها لم تأتِ بالسلام الذي تستحقه المنطقة، وانّه على عاتق دول المنطقة وسكانها اليوم العمل لبناء هذا السلام ليكون دائماً وشاملاً.

وعليه، تعتقد المصادر عينها، انّه لم يكن من المهمّ التعليق على ما صدر عن برّاك أخيراً حول شكل العلاقة بين لبنان وسوريا وما قال به، ومحاسبته على تمنياته السابقة، وملاقاته بما يضمن أمن البلدين وسلامتهما من ضمن حدودهما الجغرافية المعترف بها في الأمم المتحدة وكل المؤسسات الأممية والدولية، وهو أمر تلقائي وإلزامي تفرضه الأصول الدستورية التي تحكم صلاحيات المسؤولين اللبنانيين في اي موقع كانوا، فكيف بالنسبة إلى من أقسم اليمين الدستورية من اجل الحفاظ على لبنان وحماية سيادته وحدوده ومصالح أبنائه العليا أياً كان الثمن. وعندها تزول بقية الملاحظات والمواقف الظرفية التي بُني معظمها على قراءات تنضح بمصالح آنية نتيجة المتغيرات في المنطقة، وانتقال سوريا من حضن «محور الممانعة» إلى محور آخر. ومن قال انّه لا يمكن ان تنتقل إلى محور «الحلف الدولي لمكافحة الإرهاب» كما تدّعي قيادتها الجديدة، والانخراط في عملية سلام قد تسبق غيرها إلى الاتفاقيات الابراهيمية مع إسرائيل قبل غيرها الذي كان مهتماً بالتحضير لهذه المرحلة، وقد ادّعى البعض أنّه عطّلها بعمليتي «طوفان الأقصى» و«الإلهاء والإسناد».