الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / لا تعهد أميركياً بوقف العدوان…هل يترك لبنان لمصيره بعد رفضه تحديد مواعيد للسلاح؟

لا تعهد أميركياً بوقف العدوان…هل يترك لبنان لمصيره بعد رفضه تحديد مواعيد للسلاح؟

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب عمر البردان في” اللواء”:

لم تحمل المواقف التي أطلقها المبعوث الأميركي توم براك، بعد لقائه رئيس الحكومة نواف سلام، وما تسرب من الاجتماعات التي عقدها مع عدد من المسؤولين، ما يؤشر إلى أنه جاء بأفكار تساعد على ضبط وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وتعمل على وقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية، بقدر ما جاء ليجدد مطالبة بلاده بتحديد موعد لنزع سلاح “حزب الله” . وهو مطلب إسرائيلي تتبناه واشنطن في كل زيارات موفديها إلى بيروت . وقد سمع الزائر الأميركي من رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي سلمه الرد اللبناني الجديد على الملاحظات الأميركية، أن لبنان ملتزم بنود وقف إطلاق النار، وأن الحكومة أخذت قرارها بسحب السلاح من الجميع، وأنها مصممة على بسط قواها الشرعية على كافة المناطق اللبنانية . وهذا الأمر جرى إقراره في مجلس الوزراء بموافقة جميع ممثلي القوى السياسية المشاركين بالحكومة، بما فيهم “حزب الله” . وبالتالي سيتم تحقيقه من خلال الحوار بين المكونات السياسية التي أبدت موافقتها، على أن تكون الدولة الطرف الوحيد الذي يحتكر السلاح في البلاد . وعلم أن رد الرئيس عون، تضمن الكثير من النقاط التي سبق ووردت في رد لبنان الأول، والتي تلخص رؤية لبنان لمعالجة سلاح “الحزب” وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها .

وكشفت المعلومات، أن المسؤولين اللبنانيين تجنبوا تحديد أي مواعيد لسحب السلاح أمام الموفد الأميركي . لأن لبنان لا يريد أن يلزم نفسه بأي موعد أمام الأميركيين، ولا حتى أمام غيرهم . وإنما كان الموقف اللبناني حازماً بأن قرار الدولة قد اتخذ بمعالجة ملف السلاح غير الشرعي. وأن الأمور سائرة بهذا الاتجاه، من خلال الحوار الذي يتولاه رئيس الجمهورية مع “حزب الله” والجانب الفلسطيني الذي أبداه تجاوباً واضحاً بهذا الشأن . وبالتالي فإن ما تعهد به لبنان في رديه الأول والثاني إلى الجانب الأميركي، يعني بوضوح الإصرار على بسط السلطة اللبنانية سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، بما يعني حصر السلاح ضمن القوات الشرعية اللبنانية، وبالتالي حصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها. لكن لبنان كان واضحاً، بضرورة أن يكون تلازم في الخطوات التي ستتخذ من الجانبين، أي خطوة مقابل خطوة . بمعنى أن تسليم السلاح يجب أن يقابله وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، ويستتبع ذلك بإعادة الإعمار ومساعدة لبنان في عملية النهوض الاقتصادي عبر الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليين. لكن الجانب الأميركي لم يبد تجاوباً على هذا الصعيد، من خلال تأكيد الموفد براك أن بلاده لا تستطيع الضغط على إسرائيل لتحقيق هذا الأمر، ولا حتى الحصول على ضمانات لتأمين انسحابها من الأراضي اللبنانية .

وفي الوقت الذي استبق “حزب الله” وصول براك، برفع لهجته التصعيدية ورفضه تسليم السلاح، فإن التطورات التي عصفت بالساحة السورية في الأيام الماضية، لعبت دوراً أساسياً في تعنت “الحزب” وتمسكه بسلاحه . وهذا ما دفع بهذا الملف إلى مزيد من التعقيد، وإن كان “حزب الله” سبق وأبدى استعداداً للبحث في مصير سلاحه، في إطار استراتيجية وطنية بدأ العمل عليها، لكن دون تحديد أي مواعيد بالنسبة لتسليم السلاح، سيما وأن “الحزب”، عدا عن أنه يضع في حساباته، أن إسرائيل قد تعود إلى الحرب في أي وقت، طالما أنها تحظى بتغطية أميركية لكل ما تقوم به، كذلك فإنه يرى في الخطر التكفيري، سبباً آخر لعدم تسليم سلاحه . في ظل ما كشف النقاب عنه، من أن هناك مجموعات من “حزب الله” إلى جانب الأهالي، تقوم بتسيير دوريات راجلة ليلاً في عدد من القرى والبلدات الحدودية الشرقية، خوفاً من تسلل مسلحين سوريين إلى داخل الأراضي اللبنانية . كذلك الأمر فإنه ليس في وارد أن يقبل البحث في مصير سلاحه، طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس . وهذا الموضوع الذي يعمل أهل السلطة على معالجته، من خلال الاتصالات مع الأميركيين والمجتمع الدولي . ولا تخفي مصادر متابعة أن يكون براك قد وضع اللبنانيين أمام خيارات صعبة، طالما أنه لم يحصل على أي موعد لسحب سلاح “حزب الله” . وبالتالي أن يترك لبنان لمصيره، ما يزيد المخاوف من عودة الحرب الإسرائيلية.

وإذ علم أن براك تحدث مجدداً أمام عدد من المسؤولين، عن أهمية السلام بين لبنان وسورية مع إسرائيل، لكن الموقف اللبناني كان واحداً، في رفض أي توجه من هذا النوع، في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وسورية، إضافة إلى احتلال أجزاء واسعة من أراضي البلدين . وهذا ما يحول دون الحديث عن أي نوع من التطبيع مع الاحتلال، بصرف النظر عما يقوله الأميركيون أو سواهم في هذا الخصوص. وفيما كشف براك أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهتم بتحقيق الاستقرار في لبنان، فإن هذه المواقف برأي أوساط سياسية، بحاجة إلى ترجمة عملية، تؤكد صدق النوايا الأميركية، بما يساعد لبنان على تأمين انسحاب الاحتلال من كامل أراضيه . وإن كان المسؤولون اللبنانيون سمعوا من المبعوث الأميركي في زياراته لبيروت أن رفع العقوبات الأميركية عن سورية، سيترك انعكاسات إيجابية على أوضاع لبنان ، بعدما دفعت هذه العقوبات أزمة النزوح السوري في لبنان، إلى مزيد من التعقيد الذي جعل الأخير غير قادر على تحمل أعباء النازحين . واليوم وبعد القرار الأميركي الذي لاقى ترحيباً سورياً وعربياً ودولياً واسعاً، فإنه بات من الضروري من وضع هذا الملف على الطاولة، للبحث في سبل إعادة النازحين إلى بلادهم، باعتبار أنه لم يعد هناك مبرر لبقائهم في لبنان الذي تحمل مرغماً لسنوات طويلة تبعات هذا الملف الثقيلة .