الرئيسية / آخر الأخبار / خسائر قطاع البناء مليوني متر مربع سنوياً

خسائر قطاع البناء مليوني متر مربع سنوياً

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب ماهر سلامة في” الاخبار”:

بعد بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان عام 2019، تآكل قطاع البناء في لبنان بشكل كبير، علماً أن هذا القطاع كان يعاني من مشكلات أصلاً قبل الأزمة، خصوصاً مع توقّف تمويل قروض الإسكان للبنانيين، وهو ما انعكس بشكل سلبي على حركة الشراء وبالتالي على حركة الإنشاءات.

يظهر هذا الأمر عبر أرقام التراخيص، التي شهدت في السنوات الأخيرة تقلبات حادة تعكس تبايناً في حجم المشاريع والظروف الاقتصادية.

فقد بلغت أعداد التصاريح أعلى مستوياتها بعد الأزمة في عام 2021، لناحية الأمتار المُرخصّة، وقد بلغ عددها نحو 9 ملايين و500 ألف متر مربع.

أما لناحية عدد التراخيص، فقد بلغت مستوياتها الأعلى في عام 2022، بنحو 19 ألفاً و400 ترخيص. إلا أن المستوى العام بعد الأزمة كان في انحدار.

ومن الجدير ذكره، أن الانخفاض في عدد الرخص، لم يصاحبه تغيراتٍ متوازنة في مساحات المشاريع، إذ تراجعت المساحة المصرَّح بها في عام 2023 إلى 5 ملايين و534 ألف متر مربع قبل أن ترتفع في 2024 إلى 6 ملايين و9 آلاف متر مربع، وهو ما يدلّ على أن المشاريع المرخّصة أصبحت أصغر حجماً في العام السابق ثم عادوا إلى مشاريع أوسع نسبياً رغم قلة عددها. وقد انخفض عدد الرخص أيضاً، إذ بلغت في عام 2023 نحو 13 ألف رخصة.

بين عامَي 2019 و2024
تراجعت المساحة المرخّصة للبناء من 9 ملايين متر مربع إلى
6 ملايين متر مربع

في السنوات الأولى من الأزمة، كانت كلفة الرخص أقل، وهو ما دفع الكثير من اللبنانيين إلى الاستحصال على الرخص، خصوصاً أنها تخدم لعدّة سنوات بعد الحصول عليها. لكن مع تعديل رسوم القطاع العام في السنوات الأخيرة، عادت كلفة الرخص إلى الارتفاع، وهو ما خفّف الإقبال عليها. وأظهرت الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 ارتفاعاً في حجم التصاريح ومجموع المساحة، إلا أنه مع ذلك كله، لم يتعافَ لا عدد الرخص، ولا عدد الأمتار المرخصة إلى ما كانت عليه عام 2018.

يقول المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان روني لحود، إنه «من الطبيعي أن تنخفض حركة التراخيص عندما تتوقف حركة تمويل الإسكان»، والتي توقفت في عام 2018، «بل إن توقّف حركة الإسكان انعكس أيضاً على الحركة الاقتصادية، لأن الإسكان، كمحرّك لقطاع الإنشاءات، كان يحرّك جزءاً كبيراً من الاقتصاد».

ورغم وجود حركة في رخص البناء، وإن أقل مما كانت قبل الأزمة، يقول لحود إن «جزءاً كبيراً من هذه الحركة لم يكن بهدف السكن، بل كان عبارة عن مشاريع مثل الشاليهات التجارية»، والتي انتشرت ظاهرتها في السنوات الأخيرة.

وهذا ما يفسّر الانخفاض الذي شهده مؤشّر معدّل عدد الأمتار للرخصة الواحدة، الذي كان يبلغ في عام 2018 نحو 643 متراً للرخصة، وقد بلغ في 2024 نحو 544 متراً للرخصة الواحدة. وكانت قد انخفضت خلال الأزمة أكثر من ذلك، إذ بلغت في 2023 نحو 415 متراً للرخصة.

يشير هذا الأمر إلى تراجع نوع المباني التي يتم إنشاؤها، إذ أصبحت المشاريع أصغر، وهو ما يدعم فكرة لحود، بأن المشاريع الصغيرة أصبحت تشكّل الجزء الأكبر من الرخص.

الفكرة هي أنه مع غياب سياسة الإسكان، التي ليس من الضروري أن تقتصر على تمويل قروض لشراء منازل، بل يمكن أن يكون جزء منها وجود إستراتيجية بتحفيز سياسة الإيجارات، أصبح هناك صعوبة كبيرة في ضمان وصول المواطن اللبناني إلى حق السكن أولاً، وحق التملّك ثانياً.

يقول لحود إن «اللبنانيين لم يتجهوا نحو استبدال التملّك بالإيجار، لأن ليس هناك قانون يضمن حقوق المستأجر، كما إن المطورين، لا يسعون إلى بناء المشاريع بهدف التأجير لأن القانون أيضاً لا يطمئن مخاوفهم، بتكرار ما حدث في موضوع قانون الإيجارات القديم».

وقد يكون، مع غياب القدرة على تمويل قروض الإسكان، من المنطقي أن تتوجّه الدولة اللبنانية إلى تحديث قانون الإيجارات، الذي يمكن أن يضمن حقوق المستأجر والمالك، ما يمكن أن يسهم في حل مشكلة السكن.