الرئيسية / آخر الأخبار / وحده الزمن سيحدِّد ما إذا كان توم براك مجرد زائر ثقيل .. أم مبعوث مرحلة جديدة

وحده الزمن سيحدِّد ما إذا كان توم براك مجرد زائر ثقيل .. أم مبعوث مرحلة جديدة

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب حسين زلغوط في “اللواء” :

لبنان أقرب إلى أن يكون «رقعة شطرنج» في صراع إقليمي من بلد يُدار بسيادته

حمل المبعوث الأميركى توم براك في زيارته الى بيروت في جعبته رسائل أميركية بين ثناياها ضغوط تتعلق بمستقبل السلاح في لبنان وتطبيق القرار 1701، حيث تصر واشنطن على موقف واضح ونهائي من قبل الدولة اللبنانية حول مسألة حصرية السلاح بيد الدولة، وتنتظر التزامات محددة ضمن مهل زمنية، وهو ما يصطدم بتعقيدات الانقسامات في المواقف من المسار التفاوضي.
صحيح ان زيارة براك يُشاع أنها «مبادرة الفرصة الأخيرة» للبنان، لكن التساؤلات تتكاثر: هل يستطيع رجل الأعمال الأميركي فك شيفرة الانسداد اللبناني، أم أن زيارته لا تعدو كونها جولة روتينية في بلدٍ يوشك على خوض حرب جديدة مع اسرائيل.؟
الجواب ليس سهلًا، لكنه محفوف بدلالات تتعدى شخصية الرجل إلى طبيعة اللحظة السياسية والإقليمية، التي يتحرك فيها.
فتوم براك ليس شخصية طارئة على المشهد الأميركي – اللبناني. فالرجل معروف بعلاقاته الوثيقة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، وبتاريخه في الاستثمار بمجالات العقارات والطاقة والتطوير الحضري. وقد وُصف في الإعلام الأميركي بأنه «همزة وصل بين المال والسياسة»، وبرز اسمه خصوصًا خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 و2020، قبل أن يواجه لاحقًا تحقيقات فدرالية تتعلق بتأثير أجنبي في السياسة الأميركية.

ما رشح عن لقاءات براك الاثنين والثلاثاء يُظهر أنه يحمل تصورًا أميركيًا غير رسمي، وعلى رغم كل الزخم الإعلامي الذي رافق زيارته الى بيروت هذه المرة، إلا أن التحديات التي يواجهها تكاد تكون أكبر من أي قدرة فردية، في ظل غياب الثقة بالمجتمع الدولي، فاللبنانيون يرون أن جميع المبادرات حتى الآن «أدوات ضغط» لا أكثر.
وهنا يُطرح السؤال الكبير ما هي السيناريوهات المحتملة في حال فشلت مبادرة براك، ما الذي ينتظر لبنان؟ الى الآن هناك ثلاثة سيناريوهات:
استمرار المراوحة والقلق حتى ربيع 2026، حيث تُجرى الانتخابات النيابية، ما يعني مزيدًا من التأزم، أو انفجار أمني ما يفرض واقعًا جديدًا يُجبر الداخل والخارج على تسوية قسرية، أو تفاهم إقليمي – دولي مفاجئ، يعيد ضخ الحياة في المعادلة اللبنانية، فتوم براك ليس رسولًا، لكنه ربما آخر المحاولين قبل أن يدخل لبنان نفقًا أطول من كل ما سبق. السؤال الآن: هل يُترجم حضوره إلى خريطة طريق واقعية؟ أم أن زيارته ستكون مجرّد فصل آخر في مسلسل المبادرات غير المكتملة؟
لا شك أن نجاح براك، بحسب مصادر سياسية يرتبط بثلاثة شروط: قبول دولي بتحييد الملف اللبناني عن الصراعات الإقليمية، وإرادة محلية بالتنازل المشترك.
لكن أوساطًا سياسية أخرى ترى أن لبنان اليوم أقرب إلى أن يكون رقعة شطرنج في صراع نفوذ إقليمي منه إلى بلد يُدار بسيادته. ومن هنا، فإن أي مبادرة – مهما كانت خلفياتها – ستبقى رهينة لحظة دولية غير ناضجة بعد.
قد يحمل توم براك مفتاحًا محتملاً لباب التسوية، لكن الأبواب في بيروت ليست سهلة الفتح. فبين العجز الداخلي والتجاذبات الخارجية، تبقى أرضية الانفراج هشّة، فيما مؤشرات الانفجار تتكاثر. وحده الزمن، ومعه التوازنات المتغيّرة، سيحددان ما إذا كان براك مجرد زائر ثقيل الظل… أم مبعوث مرحلة جديدة.
وهنا لا بد من الاشارة الى أن براك يُعرف في الأوساط الأميركية كواحد من أبرز رجال الأعمال المقربين من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وصاحب علاقات نافذة في العواصم الخليجية. وهو من مواليد 1947، مستثمر عقاري أميركي خاص ومؤسس ورئيس تنفيذي لشركة كولوني كابيتال، وهي صندوق استثمار عقاري مدرج في البورصة.
كان براك لعقود من الزمن صديقًا مقربًا وجامع تبرعات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث مثله في ظهورات الأخبار التلفزيونية. وكان مستشارًا أول لحملة ترامب الرئاسية لعام 2016 وشغل منصب رئيس لجنة تنصيبه.
في العام 2024، تم ترشيح براك من قبل الرئيس المنتخب آنذاك دونالد ترامب لشغل منصب السفير الأميركي لدى تركيا،وكان أجداد براك مسيحيين لبنانيين هاجروا إلى الولايات المتحدة عام 1900 من زحلة.
نشأ براك في كولفر سيتي، كاليفورنيا، حيث كان والده بائع بقالة وكانت والدته سكرتيرة.