الرئيسية / آخر الأخبار / أي سوريا يُراد للبنان «اقتباسها»؟

أي سوريا يُراد للبنان «اقتباسها»؟

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب عماد مرمل في “الجمهورية” :

ضمن إطار الضغط الأميركي على الدولة لمعالجة ملف سلاح «حزب الله» في أقصر وقت ممكن، دعا موفد واشنطن توم برّاك لبنان، أكثر من مرّة، إلى الاقتداء بسوريا وأن يحذو حذو رئيسها في سلوكه للحاق بركب المتغيّرات.

خلال زياراته للبنان، لا سيما منها الما قبل الأخيرة، بدا برّاك معجباً بالـ«موديل» الذي يمثله الرئيس السوري أحمد الشرع في إدارة الأمور، وصولاً إلى انّه حضّ المسؤولين اللبنانيين على التمثل بالشرع والسير على نهجه، في مجاراة التحولات والتقاط الفرصة السانحة للانتقال إلى مرحلة جديدة يسودها الاستقرار والازدهار.

بمعنى آخر، أوحى برّاك انّ على لبنان، إذا كان يتطلّع إلى الأفضل، أن يعتمد «النموذج السوري» في مواجهة التحدّيات واتخاذ القرارات الشجاعة، والّا سيفوته القطار وسيبقى قابعاً على رصيف الانتظار وسينكفئ عنه أصدقاؤه الدوليون والعرب، وستُمنع عنه الاستثمارات والمساعدات المشروطة بتسليم السلاح.

وما لبث برّاك أن طوّر معادلته لاحقاً، منبّهاً إلى انّه إذا لم يتحرّك لبنان سريعاً لالتقاط «الفرصة السانحة»، فإنّه قد يُعاد إلى بلاد الشام، وكأنّه وضعنا أمام خيارين: تطبيق «النموذج السوري» طوعاً او الالتحاق ببلاد الشام قسراً.

الّا أنّ الصورة الوردية التي روجها برّاك عن تجربة سوريا الجديدة، هشمتها المواجهات الدموية التي حصلت في منطقة السويداء أخيراً بين الفصائل الدرزية من جهة والعشائر وقوات النظام من جهة أخرى، ما دفع البعض في الداخل إلى طرح التساؤلات الآتية:

ـ أي سوريا تلك التي يُراد من لبنان ان يقتدي بها ويقتبس تجربتها؟

ـ هل هي سوريا المجازر التي وقعت في الساحل العلوي قبل فترة، وأدّت الى سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين الأبرياء؟ أم سوريا الاقتتال الطائفي في السويداء وما رافقه من مذابح فظيعة وانتهاكات مروعة في حق الإنسان وكرامته؟

– هل هي سوريا التي تُستهدَف كنائسها بالتفجير كما جرى في دمشق قبل أسابيع قليلة؟ أم سوريا المهدّدة بالتفتيت والفوضى، والتي تشعر الأقليات فيها بالخطر والقلق وسط أزمة ثقة مستفحلة بينها وبين السلطة الجديدة؟

ـ هل هي سوريا التي تتجاذبها القوى الإقليمية والدولية من إسرائيلية وتركية وأميركية وعربية؟ أم سوريا التي قدّمت التنازلات لواشنطن، فلم تستطع الإدارة الأميركية أن تضمن أمنها وأن تحميها من نزق تل أبيب التي تقضم جنوبها وتقصف مدنها وعاصمتها وتدمّر مقدراتها وتضع خطوطاً حمراء أمام تحرك قواتها في السويداء، على رغم من انّ نظام الشرع كان حريصاً منذ وصوله إلى السلطة على إرسال إشارات إيجابية إلى الكيان الإسرائيلي حول عدم استعدائه له واستعداده للتعاون معه وصولاً في اللحظة المناسبة إلى السلام والتطبيع؟

بناءً على ما سبق، هناك من يعتبر انّ ما يجري منذ تسلّم نظام الشرع مقاليد الحكم، لا يشجع بأي شكل من الأشكال على محاولة التشبّه به واستنساخه في لبنان. ولعلّ المفارقة هنا، وفق هؤلاء، تكمن في أنّ سوريا نفسها تبدو ذاهبة نحو «اللبننة» وليس العكس.