الرئيسية / سياسة / نصائح دولية بتحييد لبنان.. وعودة إلى نغمــة الحكومة السياسية

نصائح دولية بتحييد لبنان.. وعودة إلى نغمــة الحكومة السياسية

مجلة وفاء wafaamagazine 

انصّبت الاهتمامات الداخلية في عطلة نهاية الاسبوع على تتبّع ردود الفعل والمضاعفات التي يثيرها اغتيال الاميركيين لقائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» العراقي، وما يمكن أن يكون عليه مستقبل المنطقة في قابل الأيام، خصوصاً في ظلّ إعلان إيران وحلفائها انّهم سيردّون على هذا الاغتيال.

 

وقد حدّد الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، انّ هذا الردّ سيكون بإخراج القوات الاميركية في المنطقة. فيما طلب البرلمان العراقي من الاميركيين الخروج من العراق. ويترقّب لبنان والعالم المواقف التي سيعلنها اليوم المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي لدى تشييع سليماني، الذي هو أول تشييع بهذا الحجم المليوني الذي تشهده إيران والمنطقة منذ وفاة الامام الخميني عام 1989.

 

غير انّ الاهتمام بهذه التطورات الاقليمية الخطيرة لم يحجب الاهتمام بملف التأليف الحكومي الذي قطع، حسب بعض المعنيين، مرحلة متقدّمة تبعث على توقع ولادة الحكومة خلال ايام، في حال تمّ تذليل بعض العقبات التي تعترضها لجهة بعض الاسماء وتوزيعة بعض الحقائب، علماً انّ البعض كان عاد الى الحديث عن «ضرورة» تأليف حكومة سياسية مطعّمة بإختصاصيين تستطيع مواجهة متطلبات المرحلة التي دخلها لبنان والمنطقة نتيجة اغتيال سليماني والمهندس، والتهديدات المتبادلة الدائرة بين الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى. وعلمت «الجمهورية» انّ جهات دبلوماسية أوروبية بعثت إلى شخصيات رسمية لبنانية بنصائح متتالية منذ اغتيال سليماني، بإبقاء لبنان بعيداً من المواجهة المحتملة بين الإيرانيين والأميركيين.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»، انّ المشهد الاقليمي يؤشر الى انّه فُتح على تداعيات غير محمودة تبعاً للتوتر المتفاقم بعد اغتيال سليماني. واضاف: «لا شك انّ هذا الاغتيال أعاد خلط اوراق المنطقة على نحو غير ثابت حتى الآن، وهو ما يطرح احتمالات غير واضحة حول المنحى الذي ستسلكه، تبعاً للتطورات التي قد تحصل».

 

والواضح كما يقول المرجع، «انّ الاميركيين اغتالوا سليماني، ولم يكتفوا بذلك، بل جاهروا علناً بهذا الاغتيال بشكل تفاخر استفزازي للإيرانيين، بما لا ينسجم مع رسائل التهدئة التي وجهّتها واشنطن بعد الاغتيال الى القيادة الايرانية عبر القطريين والسويسريين وغيرهم».

 

وبالنسبة الى لبنان قال المرجع: «هو في الأساس موجود في عين العاصفة، وعلى خط التوترات الاقليمية، والواضح ان ليس هناك من طرف لبناني، يتجّه نحو تصعيد، تحسساً بواقع البلد وعدم قدرته على تحمّل اي اعباء او ضغوط اضافية، ومن هنا يمكن القول انّ لبنان محيّد وإنّ التطورات التي حصلت لم تؤثر على المسار الحكومي ولا على مفاوضات التأليف».

 

وعن شكل الحكومة العتيدة، قال المرجع نفسه: «انا في ظل هذا الجو الخطير، لست على الاطلاق مع حكومة اختصاصيين او اي تسمية أخرى، بل انا مع حكومة سياسية بكل معنى الكلمة (مطعّمة باختصاصيين)، وهي ضرورة تستوجبها التطورات التي حدثت، واحاطت باغتيال قاسم سليماني».

 

وأضاف: «المطلوب هو حكومة مواجهة للتحدّيات حصراً، وليس حكومة مواجهة داخلية كما يطيب للبعض في لبنان ان يصفها». الّا انّ المرجع نفسه استدرك قائلاً: «طالما انّ الحكومة ستُشكّل، فالأجدى ان تُشكّل حكومة تدير نفسها بنفسها، والوزراء ليسوا مقيّدين بأمر طرف سياسي يتحرّكون وفق مشيئته، الحكومة يُفترض ان تقود نفسها لا أن تُدار من الخارج».

 

دياب

 

وعلى جبهة التأليف الحكومي قالت مصادر الرئيس المكلّف حسان دياب لـ«الجمهورية» أمس، «انّ الدستور وحده يحكم عملية تأليف الحكومة، وإن اي آراء أخرى يمكن الإستماع اليها، ولكن تبقى من باب الإقتراحات الى ان يتشاور الرئيس المكلّف مع رئيس الجمهورية تمهيداً لوضع التشكيلة الحكومية بالصيغة النهائية».

 

وكرّرت مصادر دياب القول، انّ اي مداخلات تمسّ دور الرئيس المكلّف وصلاحياته ودور رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة مرفوضة، ولا تقف الأمور عند الحديث عن دور لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل او «الثنائي الشيعي» او غيره، بل انّ الأمر ينسحب على جميع الأطراف المشاركين في ورشة التأليف سواء بمبادرة منهم أو بناء لطلب من الرئيس المكلّف ومن دون اي تمييز.

 

ونفت مصادر دياب ان يكون عقد اي لقاء مع «الثنائي الشيعي» أو باسيل منذ منتصف الأسبوع الماضي. وأكّدت انّ اهتمامه منصبّ على درس ملفات المرشحين للتوزير في الحكومة العتيدة، ولهذه الغاية التقى غالبية المرشحين الذين تمّ التداول بأسمائهم الى آخرين بقوا طي الكتمان. فما هو مطروح من اسماء كبير جداً، وما زالت هناك مقارنات تجري بين ثلاثة أو اربعة مرشحين لبعض المقاعد الوزارية ولاسيما الحساسة منها، والتي تُلقى عليها مهمات بالغة الدقة لمواجهة مستجدات الوضع في البلاد وما بلغته الأزمات المتعددة الوجوه.

 

واكّدت مصادر دياب، انّه «في حال انتهت المفاضلات الجارية بين الأسماء في الساعات الـ 48 المقبلة سيكون هناك لقاء للرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية غداً او بعد غد الأربعاء، وليس ضرورياً ان يكون اللقاء النهائي الذي يسبق صدور مراسيم تأليف الحكومة، وربما اضطر دياب الى زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري ايضاً في حال لم يكرّر بري طريقته القديمة بتسليم الأسماء عند اعلان التشكيلة الحكومية بعد التفاهم عليها في كواليس المشاورات بين دياب ورئيس الجمهورية».

 

ثوابت التشكيلة

 

وقالت هذه المصادر، «انّ بعض الحقائب حُسمت نهائياً ومنها وزارات التربية والشباب والرياضة لطارق المجذوب و«الاتصالات» لعثمان سلطان، وفيما لا يزال العميد المتقاعد طلال اللاذقي ابرز المرشحين لوزارة الداخلية، فانّ هناك بحثاً في بديل له من لائحة تضمّ اكثر من 5 اسماء، وذلك في حال لم يتمّ التوافق عليه.

 

اما بالنسبة الى المقاعد المارونية، فقد توقف البحث عند الدكتور دميانوس قطار لوزارة الخارجية، على رغم الحديث عن اسماء أخرى مثل السفيرين ناصيف حتي وشربل اسطفان. وبعدما صُرف النظر نهائياً عن ترشيح فيليب زيادة لوزارة الطاقة والمياه، عاد البحث في اختيار واحد من اسمين مطروحين جدياً، وانّ البحث جار في اسم القاضي المتقاعد هنري خوري، الذي يقترحه رئيس الجمهورية ميشال عون لوزارة العدل، وفي اسم آخر، بعدما تبلّغ دياب من الوزير السابق زياد بارود المقترح لهذه الحقيبة اعتذاره عن التوزير. كذلك حُسم اسم زياد مكاري لحقيبة وزارة الأشغال العامة والنقل، والدكتورة بترا خوري لوزارة العمل.

 

اما بالنسبة الى المقاعد الشيعية فلم تُحسم نهائياً بعد، سوى الدكتور غازي وزنة لوزارة المال، في انتظار البحث في الأسماء الأخرى لحقائب وزارات الصناعة والصحة والزراعة.

 

وبالنسبة الى المقاعد الأرثوذكسية فقد حُسم موقع نيابة رئاسة الحكومة لنقيبة المحامين السابقة امل حداد، كذلك حُسم موقع وزارة الاقتصاد لجاك صراف، وما زال اللواء ميشال منسى لوزارة الدفاع متقدّماً على إسمين آخرين.

 

كما انّ المقعد الأرمني قد حُسم للدكتورة مارتينه اوهانيان لحقيبتي الثقافة والإعلام بعد دمجهما. اما المقعد الدرزي فسيكون للدكتور رمزي مشرفية في حقيبتي وزارتي الشؤون الإجتماعية والمهجرين ومعهما شؤون النازحين، فيما حُسم المقعد الكاثوليكي للدكتورة منال مسلم في وزارتي البيئة والتنمية الإدارية.

 

محاصرة المصارف

 

إقتصادياً ومالياً، شهدت التحرّكات ضدّ المصارف تصعيداً مشبوهاً بلغ مستويات الشغب والتعدّي واستخدام العنف. وفيما كُشف عمّا جرى في فرع أحد المصارف في حلبا لجهة احتجاز حرّية مدير الفرع حتى ساعة متقدّمة من الليل، قبل أن تتدخّل القوى الامنية لإنهاء الاحتجاز، تعرّض فرع مصرف آخر في منطقة ذوق مصبح للحرق وتحطيم واجهاته الزجاجية وماكينة سحب المال (ATM). وقد جرى تصوير الاعتداء بواسطة كاميرات المراقبة على مدخل المصرف.

 

هذه الاجواء التصعيدية والاعمال التخريبية دفعت جمعية مصارف لبنان الى إعلان إقفال جميع المصارف العاملة في منطقة عكار حتى إشعار آخر.

 

وفي السياق، أصدر قائد سرية بيروت الاقليمية الاولى في قوى الامن الداخلي برقية الى آمري القطعات السرية حول تعزيز الاجراءات الامنية في المصارف. وأشارت البرقية الى أنّه بنتيجة المتابعة تبيّن انّ بعض عناصر قوى الامن الداخلي المولَجين حماية المصارف لا يقومون بإجراءات كافية عند حصول اي اعتداء على أملاك المصارف، او عند دخول مجموعة من المتظاهرين اليه. وطلب تشديد الإجراءات عبر اتخاذ عدد من الخطوات، كالاتصال برقم الطوارئ، وتنظيم محضر عدلي وغير ذلك من الأمور.

 

وقال مصدر مراقب، إنّ الاعتداءات التي تتعرّض لها المصارف تضرّ بمصالح الناس، وليس بإدارات المصارف كما يخال المشاغبون والمعترضون على اجراءات المصارف. وقد يؤدي استمرار الشغب الى إعادة إغلاق المصارف كلياً، بما يرفع منسوب الضرر على المواطنين والاعمال ونمط الحياة اليومية.

 

الجمهورية 

عن WB