مجلة وفاء wafaamagazine
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 14-01-2020 في بيروت على بداية ملامح تراجع عاصفة الأزمة الحكومية التي ترافقت مع العاصفة الثلجيّة التي عرفها لبنان، والزلزال الذي عصف بالمنطقة مع اغتيال القائد قاسم سليماني، حيث برزت على السطح مساعٍ لكسر الجليد، تجسّدت بكلام قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن تمسّكه بالرئيس المكلّف حسان دياب، وتبلور ثلاثة لاءات بحصيلة مشاورات الأمس تضع أرضية كسر الجليد والعودة لتشغيل محركات التفاوض حول التشكيلة الحكومية، هي لا لثلث معطل لأي من الأطراف المكوّنة للحكومة، ولا اعتذار للرئيس المكلف، ولا سحب للتكليف..
الأخبار
السلطة المسترخية تتقاذف كرة النار: لا حكومة في الأفق
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “يستعدّ لبنان لموجة جديدة من «الغضب» الشعبي بوتيرة أكبر، نتيجة استرخاء السلطة التي أثبَتت استعدادها لحرق ما تبقى من مقومات الدولة شرط عدم المس «بعروشها»، إذ لا تزال تقابل كل المأساة المالية والاقتصادية والاجتماعية بكباش حكومي على الأوزان والحصص والحقائب والأسماء.
بعدَ انشغال لبنان الأسبوع الماضي بمراقبة الرسائل النارية المُتطايرة في منطقة يُعاد رسم النفوذ فيها، عادتَ البلاد الى واقعها الغارِق في أخطر أزمة مالية – اقتصادية – اجتماعية عرفها تاريخها الحديث. الشعب يحترق بلهب الأزمة، فيما السلطة تتصرّف وكأن لا وجود لمشكلة تتطلّب حلّاً، ولا حاجة ملحّة إلى التخلّص من تبعاتها، وأثبَت هوسُ مكوّناتها بفكرة الاحتفاظ بالمُكتسبات، أنها مسُتعدّة لحرق ما تبقى من مقومات الدولة، شرط عدم المساس «بعروشها». فالجهات الفاعلة، وبدلاً من أن تنخرِط في عملية البحث عن تصوّر، أقله، لضبط الانهيار، لا تُكلّف نفسها حتى عناء الخروج بوعود إصلاحية، ولو كذباً. وهي اليوم ترتكِب خطأً استراتيجياً بالتمادي في سياسة الإنكار لطبيعة المأزق الأساسي وما يستولده من أزمات ما عادَ بالإمكان ترقيعها أو إخفاؤها. وهي من حيث لا تدري، تصُبّ بإنكارها هذا الزيت على نار الحراك الشعبي الذي خبا في الفترة الماضية، ومن المرجّح أن يعود ويتّقِد بشكل أكبر في الأيام المُقبلة، بعدَ أن فقد الناس ما تبقى من ثقة بالسلطة الحاكمة.
فهذه السلطة لا تزال تتعامل مع الأحداث باسترخاء سياسي. لا يضرّها إذلال المواطنين في المصارف، ولا فلتان الأسعار وتصاعدها، وفقدان بعض المواد من الأسواق. وكأن أحداً فيها لا يسمَع عن الانقطاع المُستمر للتيار الكهربائي، ولا أزمة الغاز التي أعادت صورة الطوابير خشية انقطاع هذه المادة بفعل الصراع بين الوكلاء والشركات المستوردة. وقد بلَغ استهتار هذه السلطة حدّ الاستخفاف بالصرخات التي يُطلقها أصحاب المستشفيات بسبب عجزهم عن شراء المستلزمات الطبية بالسعر الرسمي للدولار، الذي لامسَ يومَ أمس عندَ الصيارفة عتبة الـ2500 ليرة!
كل هذه المأساة تُقابلها السلطة بكباش حكومي على الأوزان والحصص والحقائب والأسماء. كل طرف من المتفاوضين يرمي المسؤولية على الآخر. تارة يهدّد بالانسحاب وتارة أخرى بسحب الغطاء عن الرئيس المكلف حسان دياب، ومرة بعدم المُشاركة في الحكومة. حتى وصلَ الأمر في الأيام الماضية الى فرملة الاتصالات بين القوى السياسية التي تعِد «باستئنافها في اليومين المقبلين». وأمام هذا المشهد، عادَ الشارع ليغلي من جديد، حيث يبدأ اليوم أسبوع «الغضب»، الذي لا يضمن أحد المدى الذي يمكن أن يصل إليه.
حتى ليلِ أمس لم يكَن هناك من مستجدّات يبنى عليها في ما يتعلق بالحكومة العتيدة. باستثناء معلومات أكدت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سحبا يديهما من دياب. وعلمت «الأخبار» أن عون «أرسل الى دياب موفداً، وهو الوزير سليم جريصاتي، ليبلغه بشكل غير مباشر بأنه لم يُعد مرغوباً فيه كرئيس مكلّف، لكن دياب بقي على موقفه المتشدّد بعدم التنازل». وليسَ صدفة في ظلَ هذه الأجواء أن يستقبِل عون النائب فؤاد مخزومي، وهو اسم مُرشّح لأن يكون بديلاً من دياب، في بعبدا، الأمر الذي فسّرته مصادر في فريق 8 آذار بوصفه «زكزكة لدياب».
وفيما كرّر رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس أمام وفد من نقابة الصحافة أن «الرئيس المكلف وضع شروطاً لنفسه لم تكن مطلوبة منه، ما صعّب عليه عملية التشكيل»، معلناً «تأييده ولكن ليس من الضروري أن أشارك في الحكومة»، تنتظر البلاد ما سيقوله الوزير باسيل اليوم في مؤتمر صحافي. وبعد بروز توقعات بأن يُعلِن باسيل انتقاله الى المعارضة، قالت مصادر في التيار الوطني الحرّ إن «باسيل سيكون إيجابياً، وهو سيوضح مسار المفاوضات بشكل صريح»، خاصّة أن «الجميع باتَ يُحمّله مسؤولية التعطيل». وأشارت المصادر إلى أن «الجميع يتدخل في عملية التأليف؛ فالرئيس بري يحدّد ما يريد، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية يضع شروطاً ثمّ يضعون التعطيل في ظهر التيار الوطني الحر ورئيسه»، علماً بأن «الأخير يقدّم كل التسهيلات من دون أن يتدخّل». وكان عضو تكتل «لبنان القوي» النائب زياد أسود قد قال في حديث إلى قناة «أو تي في» أمس: «سنعلن غداً خروجنا من الحكومة، أما الثقة فسنمنحها تبعاً لبرنامج هذه الحكومة، وما إن كان كفيلاً بإخراج لبنان من دائرة الخطر وإخراج اللبنانيين من دائرة الجوع».
وفي زيارة مفاجئة الى عين التينة، قال رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، بعدَ لقائه الرئيس برّي، «لا يُمكن أن يبقى البلد في هذه الحالة من الانهيار، والحراك لم يقدم أي بديل أو كيفية للوصول الى الحكم، والكيفية الوحيدة هي الانتخابات وفق قانون لبنان دائرة واحدة بلا قيد طائفي مع مجلس شيوخ، الا أننا بقينا على نفس الموال أسقطوا الطبقة الحاكمة ويزداد الفراغ بلا حل». واعتبر جنبلاط أن «عمل حكومة تصريف الأعمال هو بأهمية تشكيل حكومة جديدة، ولاحقاً نرى كيف تشكل حكومة جديدة»، متحدّثاً عن دور للنائب جميل السيد في تأليف الحكومة.
وفي هذا الإطار، ينتظر الجميع عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى البلاد، للقيام بما هو مطلوب منه في الحدّ الأدنى، فيما أكدت مصادر مطّلعة أن «تكليفه من جديد هو غير وارد، كما أنه لن يوافق عليه بعدَ أن لمسَ التخلّي السعودي – الأميركي عنه».
اللواء
الطبقة السياسية تستجمع قواها: لا لحسان دياب ولا للحراك!
ثلاثاء الغضب يسابق تعويم حكومة الحريري وإقرار الموازنة
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول ” السؤال: ماذا سيفعل الرئيس حسان دياب؟ الحراك انتفض هذه الطبقة السياسية تحاصره.. فأين المفر؟
أعلن الرئيس المكلف في بيان الجمعة الماضي انه، لن يتراجع ولن يتقاعس، بالعمل على إنقاذ لبنان، وليس في قاموسه لا الاستقالة.. ولا الاعتذار..
قبل اجتماع تكتل لبنان القوي، ظهرت مواقف من عين التينة، ومن النائب وليد جنبلاط، تجاه الحراك، وتجاه الحكومة والرئيس المكلف.. قال جنبلاط: الرئيس المكلف طلب مني ضابط اتصال أو صلة وصل، واقترحت ان يكون وليد عساف الصناعي المعروف، مرشّح عن الدروز، وجرى اتصال بين وبين اللواء جميل السيّد «لأني عرفت انه أصبح من الذين يشكلون الحكومات..».
وطالب الحراك بتقديم برنامج واضح، وعرضه على كل القوى السياسية وآلية لكيفية الوصول إلى هذا البرنامج.. معتبراً ان الآلية تبدأ بقانون انتخاب. ورداً على سؤال قال جنبلاط: حكومة تصريف الأعمال بأهمية الحكومة الحقيقية، خصوصاً انها قد انجزت الموازنة، والموازنة إذا ما اقرت نعطي املاً للأسواق، ونخرج من هذه الدوامة..
وليلاً نشطت الاتصالات التي يقودها شادي مسعد والنائب السيّد، اللذان يحاولان تسويق اقتراح يقضي بأن يتولى ناصيف حتي وزارة الخارجية، على ان يكون لفريق بعبدا رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ستة وزراء وليس سبعة. وفي السياق، يعود الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، بعد ان يقوم بزيارة تعزية إلى سلطة عُمان، برحيل السلطان قابوس بن سعيد.
لا حكومة في المدى المنظور
على ان الأخطر من الجمود غير المبرر لتأليف الحكومة، هو الموقف الذي أعلنه رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من عين التينة مساء أمس، وقبله المواقف التي أطلقها رئيس المجلس نبيه برّي، من عملية التأليف، ومن الرئيس المكلف حسان دياب، والذي سيتبعه موقف مماثل اليوم لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بالامتناع عن المشاركة في الحكومة مع منحها الثقة، وهو نفس موقف رئيس المجلس، مع فارق ان برّي يريد حكومة «لم شمل» سياسية، في حين ان باسيل ما يزال مع حكومة اختصاصيين، لكنه يختلف مع الرئيس المكلف على الحصص والأسماء.
وأهمية موقف جنبلاط، أو خطورته، يكمن في انه «نعى» بصورة أو بأخرى، احتمال تأليف الحكومة في المدى المنظور، معتبراً ان تصريف الأعمال هو بأهمية الحكومة، وهذا يعني ان جنبلاط انضم إلى الفريق السياسي الذي يطالب الرئيس سعد الحريري بإعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال، باتجاه التركيز على المعالجات المالية والاقتصادية لإنقاذ البلد من الانهيار الذي بلغه في المدة الأخيرة، وإلا فإن استمرار الدوران الحلقة المفرغة، لا يعني سوى الموت للبلد، الأمر الذي بات يحتاج إلى انتفاضة جديدة، غير الانتفاضة التي اطاحت بحكومة «الى العمل»، وهو ما أدركه الحراك الذي دعا إلى مسيرة غضب عصر اليوم، تنطلق من ساحة الشهداء إلى منزل الرئيس المكلف في تلة الخياط، لمطالبته الإسراع في تأليف الحكومة، أو الاعتذار والتنحي.
لكن السؤال الذي يلح على الجميع هو: إذا كان الرئيس برّي لا يريد المشاركة في الحكومة وسيكون معه، بطبيعة الحال حزب الله، وكذلك الوزير باسيل، فمع مَنْ سيؤلفون الرئيس المكلف حكومته؟ وهل ستكون كامل الحصة المسيحية من فريق رئيس الجمهرية، بمعزل عن الأطراف والقوى السياسية التي سمته في الاستشارات الملزمة؟ وكيف يُمكن ان تصمد حكومة بتراء، وهي المعول عليها لإنقاذ البلد؟
باسيل: لا يُشارك
ولوحظ عشية اجتماع تكتل «لبنان القوي» عصر اليوم برئاسة الوزير باسيل، ان مصادر التكتل تكتمت عن طبيعة هذا الموقف الذي سيعلنه التكتل، لكن «اللواء» علمت من جهات مطلع، ان التكتل سيتخذ قراراً مطلعة بعدم المشاركة في الحكومة وسينتظر تشكيلها وبرنامجها الاقتصادي والمالي والمعيشي والخدماتي- الانمائي ليقرر ما اذا كان سيمنحها الثقة ام لا في المجلس النيابي.
واشارت المصادر الى ان التكتل سيبحث أيضا الوضع النقدي والمصرفي بعد البلبلة الخطيرة التي سببتها سياسة المصرف المركزي و المصارف الخاصة وفقدان السيولة بالدولار، وسيوجه التكتل اسئلة الى الحاكم رياض سلامة والى المعنيين بالشأن المالي والنقدي حول كيفية تهريب الاموال الى الخارج وكيف تمت ومن هي الجهة المسؤولة؟
الى ذلك يلقي رئيس الجمهوريه كلمة امام السلك الديلوماسي العربي والأجنبي اليوم يضمنها الموقف من التطورات والوضع الإقتصادي والحكومة وافيد ان الكلمة ستكون شاملة وسيعرض فيها الرئيس عون واقع المستجدات السياسية وما شهده لبنان مؤخراً.
بري: دياب يقيدني
وكان الرئيس برّي قد جدد أمس، استعداده للنزول إلى المجلس النيابي، ومنح الحكومة التي يريدون تشكيلها الثقة، من دون ان يُشارك فيها، وقال: «انا أريد الدكتور حسان دياب، ولكن لا أريد ان يقيدني ويعتبر نفسه، (في إشارة إلى المعايير الستة التي وضعها لنفسه لتشكيل الحكومة). اضاف: هو لم يمش معي (في الحكومة السياسية) ولكن انا سأمشي معه، أريد حكومة بغض النظر عن اسمها». وتابع: «لقد رفضت حكومة سياسية صرف، والحل هو السير بحكومة بأسرع وقت»، مؤكدا الاستعداد للتصويت معها في جلسة الثقة، لكنه تساءل: ما المانع ان يكون الاختصاص حزبياً، وما هو النص القانوني الذي يقول خلاف ذلك»؟
كذلك لاحظ برّي في سياق حديثه مع مجلس نقابة الصحافة، ان الرئيس المكلف وضع قيوداً لنفسه، لا الكتل التي سمته طلبت منه هذه القيود، ولا الكتل الأخرى، ومنها عدم توزير النواب والوزراء السابقين. متسائلاً عن أسباب استبعاد وزير سابق ناجح، وهل ان استقلالية الوزير يعني ان لا يكون الوزير منتمياً لحزب، لافتا إلى ان من قام بتمسية الرئيس المكلف هم قوى سياسية وحزبية، وهذه الأحزاب لديها اختصاصيون وكفاءات. وإذ أعلن برّي رفضه إعطاء صلاحيات استثنائية لأي حكومة، شدّد على انه لا يُمكن إعطاء مصرف لبنان صلاحيات استثنائية في غياب الحكومة.
جنبلاط: السيّد وسيطاً
اما جنبلاط، الذي زار عين التينة لاحقاً، فلفت النظر إلى ان الحراك لم يقدم خطة لكيفية الوصول إلى الحكم، والكيفية الوحيدة للوصول إلى الحكم هي الانتخابات، مذكراً بأنه في أوّل أسبوع للحراك، دعا إلى الانتخابات على أساس لبنان دائرة واحدة وقانون لاطائفي يوازيه مجلس شيوخ من أجل الحساسيات الطائفية والمذهبية.
ورأى ان لا حل للفراغ الا بحكومة، لكنه لاحظ ان هناك عراقيل للاتفاق على هذه الحكومة، مشددا على ان تصريف الأعمال في هذه المرحلة يوازي أهميته على وجود الحكومة. وقال: إذا ما عاد الرئيس الحريري، واتمنىان يعود، لا بدّ من الحد الأدنى من الانضباط في تصريف الأعمال، ولاحقاً نرى كيف تشكّل الحكومة.
وكان جنبلاط حرص في بداية كلامه على توضيح عبارة الممانعة التي استاء منها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، لأنها تعني تسخيف المقاومة مؤكداً انه لم يكن في لحظة من تاريخه من يسخف المقاومة، وانه إذا كانت هذه الكلمة تعتبر إساءة إلى جمهور المقاومة فإنه يسحبها، لكنه تمنى على السيد حسن ان يتفهم أيضاً بأننا لم نعد نفهم غير المقاومة الحقيقية التي يمثلها في مواجهة إسرائيل.
«حزب الله»: الأزمة إلى أسوأ
من جانبه، رأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «أن الأزمة في لبنان تتجه من سيئ إلى أسوأ في ظل استمرار الانهيار والتدهور الحاصل فيه».
ما النفع بعد الفضيحة؟
في غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الاثنين أن لبنان استعاد حقوقه في التصويت في الأمم المتحدة بعد ان دفع متأخرات للمنظمة الدولية. وقال المتحدث خلال مؤتمره الصحافي اليومي «لقد دفع لبنان للتو، وبهذه الدفعة، تم استرداد حقوق التصويت للبنان بالكامل».
ولم يحدد دوجاريك المبلغ الذي دفعه لبنان أو مقدار ما يدين به من متأخرات للأمم المتحدة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تعليق حقوق لبنان في التصويت. في خطاب أرسله الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى رئيس الجمعية العامة الأسبوع الماضي، وذكر الأمين العام للأمم المتحدة إن على لبنان أن يدفع 459 الف دولار لاستعادة حقه في التصويت. وأضاف دوجاريك «ندرك تمام الإدراك أن الأحداث الأخيرة في لبنان ادت الى صعوبات في النظام المصرفي».
وكانت سفيرة لبنان لدى الأمم المتحدة أمل مدللي قالت أمس ان لبنان دفع ما يتوجب عليه بعد ثلاثة أيام من تعليق حقه في التصويت في جمعيتها العامة جراء تخلفه عن التسديد، وكتبت مدللي على تويتر «دفع لبنان الرسوم المتأخرة عليه لأيام عدة نتيجة الوضع الحالي في لبنان، وكل شيء عاد إلى طبيعته»، مضيفة «لم يعد لبنان يخضع للمادة 19»، بحيث يخسر حقه في التصويت كعضو في الجمعية العمومية.
إعادة هيكلة الدين
وفي موازاة هذه الفضيحة، كشف رئيس جمعية المصارف سليم صفير لوكالة «رويترز» انه من المرجح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان بطريقة لا تضر بالاقتصاد ولا بالمودعين، وانه سيجري الدفع للدائنين الأجانب. وأوضح صفير أنه لا يتوقع مشاكل في مقترح تبادل البنوك اللبنانية بموجبه حيازاتها في سندات دولية حجمها 1.2 مليار دولار تستحق في آذار بأوراق ذات أجل أطول، واصفا مثل تلك المقايضات بأنها «ممارسة معتادة».
وكان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة اقترح فكرة المبادلة على البنوك اللبنانية وإن كان القرار بيد الحكومة، حسبما ذكرت مصادر مالية وحكومية رفيعة. وردا على سؤال عن الطريقة التي ينبغي أن تجري بها إعادة الهيكلة، قال صفير إنها ستكون مسؤولية الحكومة الجديدة. لكن الفكرة العامة هي «خفض الفوائد وتمديد آجال الاستحقاق».
أزمات معيشية – صحية
ووسط هذا التخبط السياسي والمالي تفاقمت الأزمة المعيشية والنقدية، إذ تجاوز سعر صرف الدولار في سوق الصيارفة عتبة الـ2450 ليرة لبنانية، وتحدثت بعض المعلومات عن فقدان الدولار لدى أحد المصارف، في حين، أعلنت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت عن اضطرارها إلى وقف العمل في قسم الطوارئ في مستشفى المقاصد وعن استقبال الحالات الصحية، باستثناء الحرجة منها أو الساخنة، وعزت الأسباب إلى الظروف الاستثنائية الضاغطة وإلى ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية التي يصعب الحصول عليها بالإضافة إلى عدم تسديد وزارة المالية المستحقات المتوجبة عليها للمستشفى ولمدارسها.
وتزامن اقفال قسم الطوارئ في المقاصد مع تحذير نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون بعد لقائه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال جميل جبق من ان المستشفيات لم تعد قادرة على الحصول على المستلزمات الطبية بالسعر الرسمي، وقد وصلنا إلى صلب الأزمة قبل الموعد المتوقع. ومن جهة ثانية، استمرت أزمة اقفال بعض محطات البنزين، من دون أي مبرر، في حين بات الغاز يباع مقنناً للمواطنين، إذ وقف النّاس منذ الصباح في طوابير امام شركة الغاز في الزهراني وشمل التقنين إعطاء كل بيت قارورة واحدة.
الانتفاضة تنتفض
إزاء ذلك، كشفت معلومات عن تحضيرات تجري لعودة الانتفاضة إلى الأرض، ووفق مصادر مطلعة فإن التحركات ستتكثف تدريجياً، بدءاً من عصر اليوم، وستتخذ اشكالاً عدّة من الاعتصامات امام المرافق العامة إلى التظاهرات والاضرابات وصولاً إلى قطع الطرق في منحى تصعيدي بدأت مؤشراته، منذ مساء أمس، حيث عاود المحتجون قطع جسر الرينغ في بيروت، بالاتجاهين مع الإبقاء على مسرب باتجاه الأشرفية، ورددوا هتافات تؤكد الاستمرار في التحركات، في وقت تجمع عدد من المتظاهرين امام مبنى المصرف المركزي في الحمراء وحاولوا اقتحامه لكن القوى الأمنية منعتهم من دخوله.
وفيما سجل اشكال بين المحتجين والقوى الامنية، افيد عن عدد الجرحى الذين سقطوا من جرّاء الاشكال الذي وقع بين المحتجين والجيش في صيدا ارتفع إلى خمسة ونقلوا إلى مستشفيات المدينة للمعالجة، فيما سارت على المقلب الآخر تظاهرة احتجاجية من ساحة تقاطع ايليا في اتجاه سراي صيدا الحكومية للمطالبة بإطلاق أحمد الجردلي الذي اوقفته القوى الأمنية على خلفية الاشكال. وافيد ايضا عن قطع طريق القياعة بالاطارات المشتعلة، وطريق الهلالية شرق صيدا، واوتوستراد البالما في طرابلس في الاتجاهين، والطريق الدولية في البداوي والمنية ودوار العبدة- ببنين في عكار، وطريق العيرونية.
يُشار إلى أن قائد الجيش العماد جوزف عون خرج أمس عن صمته، مؤكدا، خلال تفقده فوج التدخل السادس في منطقة رياق انه «سيأتي يوم أقل مايقال فيه ان الجيش أنقذ لبنان»، موضحاً «ان تعامل الجيش مع المدنيين ينطلق من قناعة المؤسسة العسكرية بحق التظاهر وحرية التعبير عن الرأي، لكن هذا الأمر لا يعني التساهل مع أي مخل بالأمن أو أي تصرفات منافية للاخلاق أو أي عمليات قطع طرق»، وهو أثنى على ما اظهره العسكريون من رباطة جأش وضبط للنفس في التعامل مع التحركات، مؤكداً ان هذا الأمر حاز تنويه المؤسسات الدولية، خصوصا إذا تمت مقارنته مع ظروف مشابهة حصلت في دول اخرى.
البناء
المملوك وفيدان في موسكو… والسيادة السورية أولاً… ووقف النار الليبي اليوم برعاية روسية
الأزمة الحكوميّة نحو كسر الجليد… والخلافات حول التشكيل لتدوير الزوايا
لا ثلث معطل ولا اعتذار ولا سحب تكليف… والباقي قيد النقاش لتعاون الضرورة
صحيفة البناء كتبت تقول “في العراق تثبتت معادلة عودة رئيس الحكومة المستقيلة عادل عبد المهدي لتشكيل حكومة جديدة مقابل غض النظر عن استقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، ومنح الأولوية لحكومة تفاوض على جدول زمني للانسحاب الأميركي، وحتى ذلك الحين رئيس حكومة مستقيلة متمسك بهذا الانسحاب رغم المراوغة الأميركية، ومحاولات اللعب على التناقضات العراقية، ومقاومة عراقية تستعدّ لبرنامج عمل ميداني سيبدأ بالتحول إلى مصدر ضغط جديد على الأميركيين للخروج من حالة الإنكار، وصولاً للاعتراف بأن ساعة الرحيل لا مفرّ منها، وفي سورية نضوج لحظة سياسية تاريخية لحساب السيادة السورية في ظل مساعٍ روسية نجحت بإيصال القيادة التركية إلى حسابات تتصل بدورها الإقليمي مع الشراكة برعاية وقف النار في ليبيا الذي ينتظر تكريسه اليوم برعاية روسية، لتقبل حقيقة نهاية الدور في سورية وتتويج النهاية بالشراكة السياسية بإنهاء العبث بواسطة الجماعات المسلحة التي بدأ الأتراك بنقلها نحو ليبيا، والتسليم بخروج لاحق من سورية، لحساب تولي الجيش السوري وحدَه مسؤولية السيطرة على الأمن. وقد ترجم هذا التحوّل باللقاء الذي جمع رئيس مجلس الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك برئيس المخابرات التركية حقان فيدان برعاية روسية، كانت السيادة السورية الحاضر الأول فيه.
في لبنان بدأت ملامح تراجع عاصفة الأزمة الحكومية التي ترافقت مع العاصفة الثلجيّة التي عرفها لبنان، والزلزال الذي عصف بالمنطقة مع اغتيال القائد قاسم سليماني، حيث برزت على السطح مساعٍ لكسر الجليد، تجسّدت بكلام قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن تمسّكه بالرئيس المكلّف حسان دياب بعد كلام منسوب غير مؤكد لأوساط مقرّبة من قصر بعبدا، وفقاً لمقدمة أخبار تلفزيون «أم تي في»، عن التفكير بصيغة قانونية لسحب التكليف من الرئيس دياب بعد رفضه الاعتذار. وقالت مصادر متابعة للملف الحكومي، إن ثلاثة لاءات تبلورت بحصيلة مشاورات الأمس تضع أرضية كسر الجليد والعودة لتشغيل محركات التفاوض حول التشكيلة الحكومية، هي لا لثلث معطل لأي من الأطراف المكوّنة للحكومة، والتي يمثلها الرؤساء الثلاثة، ولا اعتذار للرئيس المكلف، ولا سحب للتكليف، وكل ضغط باتجاه واحدة من هذه العناوين هو عبث سياسي في لحظة صعبة وخطرة، وقد يشكل قفزة في المجهول في غياب الأجوبة عن الخطوة الثانية في ظل رفض الأطراف الأخرى التسليم. فالإصرار على ثلث معطل لأي طرف يقابل برفض الأطراف الأخرى، والاعتذار مرفوض من المعني الأول به وهو الرئيس المكلف، وسحب التكليف سابقة خطيرة وقفزة نحو المجهول دستورياً وسياسياً وطائفياً. وعلى خلفية هذه اللاءات توقعت المصادر بدء تشاور يعيد ترطيب الأجواء وينزع فتائل الأزمة ليستعيد التفاوض على التشكيلة الحكومية حرارته خلال الأيام المقبلة وصولاً لنهاية أسبوع يفترض أن تشهد إقلاع المحرّكات نحو تأليف الحكومة بصورة جدية، بعدما بدأت الضغوط الاقتصادية والمالية والاجتماعية تنذر بموجة غضب شعبي ثانية قد لا تكون قابلة للاستيعاب ما لم يرافقها حسّ مسؤولية يترجم بولادة حكومة تخاطب اللبنانيين بمشاريع حلول لمشاكلهم، وتوحي لهم أن الأولوية في الحكومات لم تعُد للحصص الحزبية بل لبرنامج العمل الحكومي والفريق القادر على ترجمته بخطوات عملية إنقاذية.
وأطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه وفد مجلس نقابة الصحافة جملة من المواقف في الشأنين الحكومي والاقتصادي والمالي وفي ملف ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، ولاحظ أن «الرئيس المكلف وضع قيوداً لنفسه، لا الكتل التي سمّته طلبت منه هذه القيود ولا الكتل الأخرى، ومنها عدم توزير النواب والوزراء السابقين، وهنا أسأل اذا كان هناك وزير سابق وناجح فلماذا استبعاده؟ ثم طالب بحكومة اختصاصيين، نحن معه، لكن ما لم نفهمه بوزراء مستقلين، فهل الاستقلالية أن لا يكون الوزير منتمياً، وأن من قام بتسمية الرئيس المكلّف هم قوى سياسية وحزبية، وهذه الأحزاب لديها اختصاصيون وكفاءات».
وحول الأزمة الاقتصادية والمالية قال بري: 50 بالمئة من أسباب التدهور الاقتصادي سببه سياسي صرف، أعطونا حكومة إنقاذية، وأؤكد لكم أن إنقاذ لبنان ممكن، ووقف الانحدار ليس صعباً. فالسياسة هي الأساس، وكل السفراء الذين نلتقيهم يجمعون على ضرورة إنجاز حكومة لديها برنامج إصلاحي، وهم مستعدون للمساعدة المهم بأي حكومة امتلاكها للبرنامج».
وحول ما يُحكى عن منح الحكومة الجديدة صلاحيات استثنائية، أضاف: «ليس وارداً عندي إعطاء صلاحيات استثنائية لأية حكومة»، مذكراً ان الرئيس رفيق الحريري طالب بذلك ورفضت، فطالما ان المجلس النيابي قادر ومستعد لتلبية عمل الحكومة فلماذا الصلاحيات الاستثنائية، وطالما المجلس الحالي وكافة لجانه تعمل لنشاط، لماذا الإصرار على صلاحيات استثنائية؟».
وكرّر بري موقفه بدعوة حكومة تصريف الأعمال للقيام بعملها كاملاً بانتظار مراسيم تشكيل حكومة جديدة، لافتاً الى ان اتصاله بالرئيس سعد الحريري لم يكن من باب التشويش على الرئيس المكلف، إنما من باب العمل من أجل إقرار موازنة 2020 التي جرى توزيعها على النواب تمهيداً من أجل تحديد موعد لجلسة نيابية وإقرارها قبل نهاية الشهر الحالي تداركاً قبل الوقوع بمخالفة دستورية.
ولفت جنبلاط في تصريح بعد اللقاء أنه «لا يمكن للبلد أن يبقى في هذه الحالة من الانحدار والحراك أسقطنا سياسياً، لكنه لم يقدم خطة بديلة والبديل الوحيد هو الانتخابات وفق قانون خارج القيد الطائفي». وأشار إلى أنه «لا بدّ من تشكيل حكومة وقبل الوصول إلى الحكومة لا بدّ من الحدّ الأدنى من تصريف الأعمال»، مشدداً في هذا الإطار على أن «تصريف الأعمال يوازي أهمية تشكيل حكومة».
وكشف جنبلاط أنه «اقترحت الأستاذ وليد عساف ليكون وزيراً ثم اتصلت باللواء جميل السيّد وأكدت له الموضوع لأنّني عرفت أنه أصبح ممن يشكلون حكومات»، ليعود ويؤكد أننا «نحن كحزب تقدّمي اشتراكي قلنا إننّا لن نشارك في الحكومة لكن هذا لا يعني أن نشطب الدروز».
وبدأت تداعيات التأخير بتأليف الحكومة تنعكس سلبياً على الشارع، إذ سُجل أمس قطع لعدد الطرقات في العديد من المناطق اللبنانية. فقد تجمّع عدد من المحتجين عند جسر الرينغ وأقفلوا الطريق حيث حصل تدافع بينهم وبين القوى الأمنية. وأكد المحتجون ان «لا رجوع الى الوراء في موضوع تحركاتهم، لان السلطة لم تستمع لمطالبهم حتى الآن، والتصعيد هو الحل الأنجح معها». وفي مشهد مشابه، حصل إشكال في ساحة ايليا بصيدا بعدما أقدم المحتجون على قطع الطريق ونصب الخيم في المحلة ما أدّى لسقوط 5 جرحى إثر الإشكال مع الجيش.
وتتصاعد المخاوف من تردي الاوضاع الاقتصادية والمالية وسط ارتفاع في أسعار السلع الأساسية وارتفاع سعر الدولار وتفاقم أزمات الكهرباء والمحروقات وقد سادت حالات من الهلع لدى المودعين في المصارف خوفاً على ودائعهم لا سيما مع طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من رئيس الجمهورية والمجلس النيابي منحه صلاحيات استثنائية لتنظيم وتوحيد طريقة تعامل المصارف مع المودعين، الأمر الذي يرفضه رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي بحسب مصادر «البناء» التي رأت في ذلك «محاولة من سلامة لوضع اليد على السياسة النقدية بالكامل وتخفي أهدافاً مبيتة». كما تحذر المصادر من «عدم قدرة الدولة على دفع مستحقاتها وديونها نتيجة تردي الوضع الاقتصادي والمالي والخلاف السياسية حول الحكومة».
الا أن رئيس جميعة مصارف لبنان سليم صفير رجّح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان بطريقة لا تضرّ بالاقتصاد ولا بالمودعين، مضيفاً أنه سيجري الدفع للدائنين الأجانب. وتابع صفير في حديث لوكالة عالمية «أنه لا يتوقع مشاكل في مقترح تبادل البنوك اللبنانية بموجبه حيازاتها في سندات دولية حجمها 1.2 مليار دولار تستحق في آذار بأوراق ذات أجل أطول»، واصفاً مثل تلك المقايضات بأنها «ممارسة معتادة». وقال صفير، إنه لم ير أزمة مماثلة خلال 50 عاماً له في القطاع المصرفي. وأوضح أن «كل ما نقوم به هو للإبقاء على ثروة لبنان داخل لبنان، وإلا فستتبخر وسيكون لبنان بلا سيولة ولا عملة أجنبية يحتاجها لشراء السلع الضرورية، وما يحدث الآن ليس ضد الشعب. أموالهم آمنة، والضغط ليس من كبار المودعين».
المصدر: صحف