الرئيسية / سياسة / حكومة إلتفاف على مطالب الإنتفاضة وصدام مع الشارع

حكومة إلتفاف على مطالب الإنتفاضة وصدام مع الشارع

مجلة وفاء wafaamagazine 

تبخّرت التوقعات مساء امس بولادة الحكومة العتيدة بعد «اللقاء الايجابي» الذي عقده الرئيس المكلف حسان دياب مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكان ينتظر ان يعقبه توجّه دياب الى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون تمهيداً لإصدار مراسيم التشكيلة الوزارية، وتبين أنّ السبب هو رغبة الرئيس المكلف في الوقوف على «خاطر» الوزير جبران باسيل، ما دلّ الى انّ بعض المعنيين بالاستحقاق الحكومي لا يكترثون لانتظارات اللبنانيين الذين على اختلاف طوائفهم ومشاربهم يتعرضون للإذلال يومياً على وقع انهيار اقتصادي مالي أدخل البلاد في الخطر، على حد تأكيد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لنقابة الصحافة أمس.

ومع انّ مختلف وسائل الاعلام ضجّت بتشكيلة الحكومة العتيدة التي باتت معلومة بغالبيتها من حيث العدد (18 وزيراً) والاسماء وتوزيعة الحقائب الوزارية على هذه الاسماء وحجم حصة كل فريق سياسي منها، فقد بَدا انّ البعض ما زال يكمن في مكان ما، بما يبعث على الاعتقاد انّ الايجابيات المعلنة قد تخفي في مطاويها أزمة لم تنته فصولاً بعد على جبهة هذا الاستحقاق الدستوري.

المتفائلون بولادة الحكومة الوشيكة التي ستكون سياسية بقناع اختصاصيين، وستلتف على على مطالب الانتفاضة الشعبية غير المستكينة، أكدوا لـ»الجمهورية» انّ 95 في المئة من التشكيلة الوزارية قد تم انجازها، وبقي ما وصف بـ»تفاصيل صغيرة» تحتاج الى حلحلة وحسم بين الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل. واكدت انّ هذه التفاصيل ليست عَصيّة على الحل، وانّ لقاء الرجلين سيمهّد للقاء بعبدا بين عون ودياب والذي يحضره رئيس المجلس النيابي الذي سيسلّم الاسم الشيعي الثاني من حصته الوزارية لتوَلّي وزارة الثقافة. فيما ذكر أنّ «حزب الله» قدم إسمين غير حزبيين واختصاصيين لوزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية. على انّ التشكيلة المتداولة والتي تبدو مكتملة تضمنت بعض الاسماء غير المحسومة بعد. وفي موازاة هذا التأخر مع الولادة الحكومية أطلق الحراك الشعبي دعوات الى إضراب عام اليوم إحتجاجاً على الواقع الحكومي السائد.

 

«لولا أنّ حليمة تركت عادتها القديمة لكانت ولدت الحكومة أمس ومشى فيها الرئيس المكلف حسان دياب من عين التينة الى القصر الجمهوري لإجراء الروتوشات الاخيرة تمهيداً لإعلانها»… بهذا الكلام علّقت مصادر مطلعة على المعطيات الحكومية والاتصالات الحاصلة حولها لـ»الجمهورية»، مؤكدة انّ التوزيعة الحكومية من حصص وحقائب واسماء أنجزت باستثناء مشكلة صغيرة بقيت، ولم يتمكن الاتصال الطويل المَفتوح بين المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل من تذليلها أثناء الغداء الذي جمع بري مع الرئيس المكلف حسان دياب.

 

 

وعلمت «الجمهورية» انّ التوزيعة الحكومية رَست على الشكل الآتي: الحصة المسيحية: حصة التيار: الخارجية (ناصيف حتي-ماروني) الطاقة (ريمون غجر- ارثوذكسي) العدل (ماري كلود نجم-مارونية) البيئة (منال مسلم -كاثوليك).

 

حصة رئيس الجمهورية: الدفاع والاقتصاد (ميشال منسى- ارثوذكس).

 

حصة المردة (الاشغال: لميا يمين الدويهي- مارونية)

 

حصة الارمن (السياحة والاعلام: السيدة فرتينيه اهانيان)

 

حصة دياب (وزير العمل والتنمية الادارية: دميانوس قطار-ماروني)

 

حصة الشيعة: لحركة «أمل»: المال (غازي وزني)، الزراعة والثقافة (لم يحسم وتردد اسم سالم درويش). لـ»حزب الله»: الصحة والصناعة ولم تحسم الاسماء.

 

حصة السنة: حسان دياب (رئيس حكومة) الداخلية (محمد فهمي) التربية والشباب والرياضة (طارق المجذوب) الاتصالات (طلال حواط)

 

الحصة الدرزية: وزارة الشؤون الاجتماعية والمهجرين (رمزي مشرفية قريب من دياب والنائب طلال ارسلان).

 

اما العقدة المتبقية فهي اصرار الرئيس المكلف تدعمه حركة «أمل» وتيار «المردة» والحزب السوري القومي الاجتماعي على إسناد منصب نائب رئيس الحكومة الى امل حداد، ودَمج وزارة الاقتصاد بحقيبة من حقائب «التيار» والمرجّح ان تكون وزارة الدفاع، ليصبح وزيرهما واحد بما يكسر معادلة «الثلث المعطّل» والصبغة الباسيلية عن الحكومة.

 

ورجّحت المصادر ان تعالج العقد المتبقية في ظل اجواء ايجابية تسمح بإعلان ولادة الحكومة وشيكاً.

 

وكانت قد ظهرت مؤشرات إيجابية بعد اللقاء بين بري ودياب في حضور خليل، الذي قال بعد اللقاء: «اللقاء بين الرئيس بري والرئيس المكلف كان ايجابياً بمقدار كبير، وهو استكمال للتواصل المستمر وقد أمّن المناخات للاتفاق على تشكيل حكومة من الاختصاصيين، تمثل أوسع الشرائح الممكنة، واعتقد اننا اليوم حققنا تقدماً الى حد كبير جداً بما يمكننا القول اننا أصبحنا على عتبة تأليف حكومة جديدة»، وأضاف: «المهم انها حكومة من الاختصاصيين من 18 وزيراً كما طرح الرئيس المكلّف اعتمد فيها معايير موحدة، المهم اننا على العتبة في اتجاه التأليف بأسرع وقت ممكن».

 

وقالت مصادر متابعة لمفاوضات التأليف لـ»الجمهورية» انّ «القصة ليست الثلث المعطّل او الأكثرية بمقدار ما هي ذهنية الاستئثار الموجودة لدى باسيل، فهو وضع بداية «فيتو» على اسم دميانوس قطار، ورفض أن يتسلّم «الخارجية» أو «الاقتصاد» قبل ان تسند إليه «العمل»، لكنه أصَرّ على تعويض معنوي فطالب بحقيبة «الاقتصاد» ورشّح لتوليّها أمل حداد بدلاً من بيترا خوري، التي رشّحها دياب قبل ان يرفض لاحقاً دمج حقيبة «الدفاع» مع نائب رئيس الحكومة مقابل ترك «الاقتصاد» أو «الدفاع» مع «الاقتصاد»، وترك نيابة رئاسة الحكومة. وهنا علقت الحكومة من دون أن تعلق، كما قالت المصادر، مرجّحة جولة مكوكية جديدة من الاتصالات اليوم لحل هذه العقدة.

 

العقد المسيحية

وفي رواية أخرى انّ العقد المسيحية لم تحل بعد، وقد عرضت مجموعة من الصيغ للنقاش في الساعات المقبلة. وتم تسجيل التعديلات الآتية:

 

– منعاً لوصول حصة رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» الى 6 وزراء وتوفير «الثلث المعطّل»، طُرح الفصل بين إيكال اي حقيبة لنقيبة المحامين السابقة امل حداد لتكون نائبة لرئيس الحكومة بدون حقيبة.

– السعي الى دمج وزارة الإقتصاد التي كانت في عهدتها بإحدى الوزارات التي باتت من حصة الثنائي «الرئيس والتيار» والتي باتت محسومة، وهي: الخارجية، الدفاع، الطاقة، العدل والإقتصاد.

– يمكن ان تنتهي هذه الصيغة الى تعطيل وانتفاء ملاحظة تيار «المردة» الذي يطالب بحقيبة ثانية مع «الأشغال» إذا بلغت حصة الوزير باسيل 6 وزارات.

– قادت هذه الصيغة على المستوى المسيحي الى دمج وزارة التنمية الإدارية مع العمل لتكون في عهدة الوزير دميانوس قطار.

 

لقاء منتظر بين بري وباسيل

وتبعاً لهذه الصيغة، علمت «الجمهورية» ان لقاء سيعقد بين بري وباسيل – إن لم يكن قد عقد ليل أمس – لتوفير المخرج لها وليُصار الى ابلاغها الى الرئيس المكلف الذي سيتحرك على أساسها للقاء رئيس الجمهورية والبَت بالمراحل الدستورية اللاحقة وإصدار مراسيم التأليف الحكومي.

 

بعبدا والرئيس المكلف

وربطاً بهذه المعلومات، قالت مصادر معنية في بعبدا لـ»الجمهورية» ان رئيس الجمهورية لم يكن ينتظر زيارة الرئيس المكلف أمس الى بعبدا في انتظار حَلحلة العقد المتبقية، والتي كان يتابعها بدقائقها.

 

«الحريرية السياسية»

في غضون ذلك ترأس رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري اجتماعاً مالياً حضره وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

 

وأعلن بعد الاجتماع المالي أنّ «هناك حكومة جديدة هي التي ستتعامل مع موضوع «اليوروبوند»، وأشار إلى أن «النقاش تركّز على الوضع المالي والبنوك». وأكد الحريري أنه «علينا أن نكون صادقين مع الناس ووصلنا إلى هنا لأنّ الدولة لم تقم بالإصلاحات. وفي باريس 2 حصلنا على 10 مليارات من الدولارات، علماً أنّ ذلك كان كفيلاً بإنقاذ الوضع، والمصارف ليست كل المشكلة». وشدد على أنّ «من حارب الحريرية السياسية أوصَل البلد إلى هنا».

 

وفي هذه الاثناء وصل المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى «بيت الوسط»، وقيل له، أثناء دردشة الحريري مع الصحافيين، إنّ هناك اتجاهاً لإقالته، فرد الحريري: «خلّيهن يشيلوه، خَلّي حدا يحاول… شو أنا حَبّتَين؟».

 

الوضع المالي

واصلت اسعار صرف الدولار في التراجع الطفيف امس، وترواح سعر الصرف بين 2100 و2150. وتزامَن هذا التراجع مع تقدّم الاتصالات في ملف تشكيل الحكومة.

 

في الموازاة، لا تزال مسألة سداد استحقاق اليوروبوند في آذار المقبل، والذي تبلغ قيمته 1,2 مليار دولار، مدار محادثات تجري في الغرف المغلقة لاتخاذ القرار المناسب. وتبدو الفرص المتاحة قليلة وكلها تنطوي على مخاطر ينبغي درسها بعناية، خصوصاً في غياب خطة إنقاذ متكاملة حتى الآن.

 

وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً تحدثت فيه عن هذه المعضلة، وأشارت الى انّ «التعثّر الاختياري» الذي قد تعلنه مؤسسات التصنيف العالمية، في حال أرجأ لبنان آجال استحقاق اليوروبوند، لا يعني التعثّر الكامل، بمعنى انّ البلد الذي يؤجّل دفع استحقاق واحد، لا يعني بالضرورة انه لن يستطيع ان يدفع لاحقاً أي استحقاق آخر.

 

كذلك اشار التقرير، نقلاً عن مسؤول في «فيتش»، انّ اقتطاع نسبة من أموال كبار المودعين (Haircut) لا يعتبر تعثراً، لأنّ الافلاس أو التعثّر يرتبط فقط بتخلّف دولة ما عن سداد الديون.

الجمهورية