الرئيسية / سياسة / الحكومة والمجلس والانتفاضة أمام التحدي المالي

الحكومة والمجلس والانتفاضة أمام التحدي المالي

مجلة وفاء wafaamagazine 

 كتبت “النهار” تقول: لم تبرد العاصفة الثلجية التي وصلت أمس الى لبنان ولا ارتدادات الهزة الارضية التي شعرت بها بيروت ومدن ومناطق عدة أخرى مساء، المناخات المحتدمة التي يتهيأ لها اللبنانيون في الايام الثلاثة المقبلة. فوسط شكوك كبيرة في الاطار الدستوري لاقرار مشروع الموازنة الذي أعدته الحكومة السابقة ولجنة المال والموازنة النيابية وأحيل على الهيئة العامة لمجلس النواب لاقراره ومن ثم شكلت الحكومة الجديدة قبل اقراره، من المقرر ان تبدأ الرحلة المالية الشاقة للمجلس والحكومة معاً مع تعقيدات الازمة المالية الكبيرة التي يواجهها لبنان بدءا من جلسات مناقشة الموازنة واقرارها الاثنين والثلثاء المقبلين. واذا كانت مسألة التشكيك في عدم جواز اقرار الموازنة قبل نيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب لن تقف حجر عثرة أمام انعقاد الجلسة، فان الواضح تماماً ان المناخ الشديد التأزم مالياً واقتصادياً شكل عامل فرملة لكل ما من شأنه تأخير اقرار الموازنة التي، وان تفاوتت الآراء حيال اقرارها في موعد الجلسة أو ضرورة اعادة النظر فيها، فان عامل الضرورة الضاغطة في ظل الازمة المالية املى التسليم بانعقاد الجلسة كما هو مقرر.

وبينما نفى وزير المال غازي وزني مساء أمس ما تداولته بعض وسائل الإعلام من أنه أرسل الى مجلس النواب فذلكة جديدة لموازنة السنة ???? تحضيراً لجلسات المناقشة، رفعت وزارة المال فذلكة المشروع التي ضمنتها الارقام التي خلص اليها المشروع، والتي عوّلت في ضوء تراجع الواردات المحققة لكي تأتي منسجمة من حيث تقديراتها مع توقعات اكثر تحفظاً وأقل تفاؤلاً نتيجة التراجع الاقتصادي المسجل. وكان لافتا تضمين الفذلكة العناوين العريضة لتوجهات الحكومة الجديدة الاقتصادية والمالية لجهة وضع رؤية لتحقيق النمو المستدام، فضلاً عن التزام وضع مشروع موازنة السنة المقبلة بالشكل الذي يلبي تطلعات الشعب اللبناني والمجتمع الدولي. وتتلخص أبرز الارقام كما وردت في الفذلكة التي تنشر “النهار” نصها بالآتي:

بلغ الإنفاق العام 18882?3 مليار ل. ل. بما فيها 4694?6 مليار ل. ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة، وقد سجل الإنفاق الجاري نسبة 94?68% منه، أمّا فوائد الديون وكتلة الرواتب وملحقاتها والمنافع الاجتماعية فشكّلت نحو 75% من مجموع الإنفاق. علماً أنّه تمّ خفض نحو 300 مليار ل. ل. من الاعتمادات الملحوظة لتعويضات نهاية الخدمة تناسباً مع النص المقترح حول تقسيطها لثلاث سنوات وفق شروط معينة. وتمّ تضمين المشروع نصاً يقضي بإجازة إعطاء مؤسّسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأمد في حدود 1500 مليار ل. ل.

أمّا الواردات ، فقُدّرت في حينه بـ19815?9 مليار ل. ل. منها 1782 ملياراً ناجم عن الإجراءات التي أقرت العام الماضي وغلبت الواردات الضريبيّة على تركيبتها. وقد تأثرت التقديرات بالأزمات التي عصفت بلبنان في الفترة الأخيرة بحيث كان لا بُدّ من تعديلها وهي دائماً رهن أي حدث أو أي طارئ يمكن أن يحصل في كل لحظة ويؤثّر على قيمتها. وكنتيجة، سجل مشروع الموازنة المقترح لعام 2020 فائضاً مرتقباً بـ 933?57 مليار ل. ل. ما نسبته 4?94% إلى مجمل النفقات و1?04% إلى الناتج المحلي المقدر بـ89298 مليار ل. ل. كما سجل فائضاً أولياً بنحو 5628 مليار ل. ل. وإذا ما أضيفت سلفة الخزينة المُعطاة لمؤسّسة كهرباء لبنان يسجّل المشروع عجزاً بـ 567 مليار ل. ل. أي 0?63% نسبة إلى الناتج المحلي.

البيان الوزاري
في غضون ذلك بدأت اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري اجتماعاتها في السرايا برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب الذي بدا حريصاً على “وضع خريطة عمل للحكومة من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة وان يعتمد الحقائق والوقائع”. وأشار خلال الاجتماع كما نقلت عنه وزيرة الاعلام الجديدة منال عبد الصمد الى ان “الناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعودا فضفاضة وألا نوحي الى البنانيين ان الوضع بألف خير”.

وقال: “يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وان نلتزم ما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق”. وشدد على “وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة”، متمنياً على الوزراء ان يدرسوا ملفات وزاراتهم “وان يحددوا الملفات التي يمكن انجازها بشفافية، وذلك بناء على الواقع وعلى مطالب اللبنانيين والحراك الشعبي، وانتهاج سياسة شاملة ومتوازنة مناطقياً وقطاعياً”.

ويذكر في هذا السياق أنه وسط مناخات الاعداد لانجاز البيان الوزاري واقرار الموازنة، تتصاعد مناخات التوتر السياسي المتصل بالتطورات التي سبقت واعقبت تأليف الحكومة. وبرزت في هذا السياق مواقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حديث صحافي أمس رأت فيها الاوساط المعارضة للعهد محاولة فاشلة لتبرئة ذمته من الانهيار المالي والاقتصادي بتحميل مصرف لبنان ووزارة المال مسؤولية هذا الانهيار، من جهة والرئيس سعد الحريري مسؤولية عدم تنفيذ خطة الكهرباء من جهة أخرى. وقالت إن العهد الذي استقوى راهناً بحكومة اللون الواحد يغامر بارتكاب خطأ تبرئة ذمته وذمة فريقه وتياره الحزبي وعلى رأسه الوزير السابق جبران باسيل من التبعة الكبيرة للانهيار لان الوقائع التي ستطرح تباعاً من داخل المؤسسات ستشكل العامل الاساسي لاعادة مساءلة الجميع وأولهم فريق العهد في ملفات لعبت الدور الاكبر في الازمة المالية وفي مقدمها الكهرباء، كما لا يمكنه التنصل من المسائل المالية لان السنوات الثلاث من عمر العهد كانت كل السياسات تنفذ باشراف السلطة التنفيذية التي هي صاحبة القرار النهائي وعلى رأسها رئاسة الجمهورية. ورداً على اتهام عون للحريري بانه منع المحاسبة وحمى مسؤولين، قال زوار الحريري “إن الرئيس الحريري لا يوزع الحصانات على أحد ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام. وقد كان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكر المحميات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها”.

في أي حال، لن تمر جلسات الموازنة مروراً هادئاً لان الانتفاضة الشعبية أعدت برنامجا تصعيديا ستبدأه بعد ظهر اليوم بمسيرات شعبية في مناطق عدة من بيروت وفي محيط مجلس النواب تحت عنوان “لا ثقة لن ندفع الثمن” ويرجح تصاعد هذه التحركات في الايام التالية وسط اجراءات متشددة ستتخذها القوى الامنية والعسكرية يومي الاثنين والثلاثاء في وسط بيروت.

“بلطجية”
وما زاد الاجواء سخونة واحتداماً، اعتداء اتسم بهمجية قام به “بلطجية” حزبيون امام مبنى مجلس الجنوب في بئر حسن، على مجموعات من المتظاهرين. وعُرضت مشاهد من المكان لعناصر حزبية تحمل عصياً وأدوات حديدً عملت على تحطيم باص كان ينقل ناشطين، فيما انقضّ عدد منهم على سائقه وعلى فتيات وشبان موقعين بينهم أكثر من 15 إصابة. ووجِّهت نداءات عدة الى الأجهزة الأمنية للحضور الى المكان وإخراج العالقين في الأبنية المجاورة التي لجأوا اليها. ووصلت بعد حين وحدات من الجيش وقوى الأمن، فيما نقل عدد من المصابين الى المستشفيات. واتهمت مجموعة “ائتلاف بناء الدولة” “عناصر حركة “أمل” وحرس مجلس الجنوب “بالاعتداء.

وندّد وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي بـ”الاسلوب الهمجي الذي تعرض له معتصمون ومتظاهرون سلميون بينهم سيدات وهم في طريقهم الى الاعتصام أمام مجلس الجنوب”. وأكد “ان الاجهزة الامنية المختصة لن تتوانى عن ملاحقة المعتدين وتحديد هوياتهم، وباشرت على الفور التحقيقات اللازمة لمعرفة خلفية الاعتداء وأهدافه، واحالتهم على القضاء المختص لاتخاذ المقتضى القانوني”. واعلن مساء توقيف شخصين متهمين في الاعتداءات على المتظاهرين.

عن WB