الأحد 12 آيار 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
كتب المخرج يوسف رقة
مع صياح الديك , بدل الطرقات الثلاث, يكسر المخرج يحي جابر التقليد المتبع في افتتاح العرض المسرحي “شووو..هاااا” الذي عرض ليل أمس على مسرح ” تياترو فردان ” في بيروت بعد سبعة أشهر من العرض المتقطع .
العمل يقترب من مسرح الحكواتي , يقدمه الممثل حسين قاووق , بطل المسرحية الوحيد , فيكشف عن موهبته التمثيلية ببراعة حيث استطاع أن يمسك الخشبة بنبضه وحضوره وأدائه الصوتي والجسدي على مدى ساعتين ليروي لنا حكايته التي كتبها يحي جابر من واقع بيئة إجتماعية عاشها وشهد أحوالها وتحولاتها.
الحكاية تدور حول حسين (المسلم) الذي أحب ماريا (المسيحية) ويحاول تجاوز تراكمات الحرب وبشاعتها ليلتقي بحبيبته , محاولا التفلت من سلطة الأب والنمط التقليدي في تفكير الأم , فنجده كممثل يدخل في شخصية ويخرج من أخرى بتلقائية وعفوية شدت أنظار الحضور وإعجابهم .
العرض بشكل عام يرمي إلى تغيير واقع وفكر إجتماعي كان سائدا في بيئة المؤلف , في محاولة أرادها الكاتب ليكسر بعض المفاهيم الرائجة التي تعكس صورا عن واقع مؤلم , والقفز بها إلى واقع جديد يتماشى مع العصر .
يحيي جابر المخرج , يختلف عن يحيي جابر المؤلف ..ا لنص المأساوي في العمق , يحوله المخرج إلى كوميديا ساخرة , انتقادية أحيانا وسوداوية في أحايين أخرى .. ليجعلنا نضحك وننفصل عن الماضي وبشكل متواصل على مدى ساعتين من العرض ..
لم يستعمل المخرج أدوات الإبهار في مسرحه , الديكور مجرد ” ديكور” لا عمل له , وربما يمكن الاستغناء عنه , كنبة في الوسط , طاولة إلى اليمين عليها ” مدقة للثوم ” كرمزية لمهنة الفوال , طاولة إلى اليسار عليها إبريق زجاجي للشرب , لكنه خالي من المياه , رغم ان محور الصراع بين الأب والإبن هو طلب الوالد من ابنه ان يقدم له هذا الإبريق ليشرب , والابن يرفض ذلك , إلى ان ينتهي العرض بعبارة يقول فيها الأب لإبنه : ” سميتك حسين , وعم تعطشني ؟ ”
يحي جابر لا يريد البهرجة في العرض , يعتمد في الدرجة الأولى على أداء ممثله , لم يستخدم لعبة الإضاءة إلا مرات قليلة جدا , المؤثرات الصوتية اعتمدت على بعض المقاطع الغنائية المستخدمة لإيصال فكرة وردت في الحوار .
سألته بعد انتهاء العرض , لماذا لم يستخدم الممثل ” مدقة الثوم ” رغم وجودها على الخشبة , فقال ان بامكانه ” استخدامها مرات عديدة مثلا إذا رفع المدقة عاليا تصير مشعلا للحرية , لكنه لا يريد ذلك “.
..وأنا , لا أعرف لماذا لا يريد ذلك , لكن أحترم وجهة نظره ونمط المدرسة المسرحية التي يريدها من خلال هذا النص وهذا العرض ..المهم أن الفكرة وصلت وأن العرض كان أكثر من ناجح ..
برافو يحي جابر الكاتب والمخرج , برافو حسين قاووق الممثل البارع الذي نتوقع له مستقبلا باهر على خشبة يحاول الكثيرون تحطيمها في لبنان ومعظم البلدان العربية ..