مجلة وفاء wafaamagazine
شهدت الأسابيع الأخيرة نقطة تحول في الصراع المفتوح بين إدارة فندق “السان جورج” في الخليج الذي يحمل اسم الفندق التاريخي في منطقة عين المريسة البيروتية، وبين الشركة المكلفة إعادة إعمار العاصمة اللبنانية شركة «سوليدير».
الموقف تبدل هذه المرة لمصلحة مالك الفندق فادي خوري، في صراع مستعر مع «سوليدير»، لم يملك فيه خوري إلا رفع الصوت عبر لافتة عملاقة على جدران الفندق كتب عليها بالإنجليزية «أوقفوا سوليدير».
أخيرا حصل خوري على إذن قانوني بترميم الفندق واعتباره خارج منظومة «سوليدير». ولم يخرج الأمر عن حسابات سياسية، نسب فيه «إنجاز» خوري، الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في خطوة فسرها البعض برفع ما اعتبره خوري «ظلما» يعود الى حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
رفض فادي خوري وصاية «سوليدير»، وقبله المرحوم فوزي غندور صاحب «غاليري غندور» على بعد مئات الأمتار من خليج سان جورج.
مع العلم ان غندور كان من رعيل رياضة الفروسية في لبنان، وتولى رئاسة الاتحاد اللبناني للفروسية حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتمكن من ترميم المبنى الذي يملكه وإخراجه من منظومة «سوليدير». في حين أخفق فادي خوري مرات عدة، لكنه لم يتعب.
نجا خوري من الموت في 14 فبراير 2005، وأصيب بجروح استدعت نقله الى المستشفى، في الانفجار الذي أودى بالرئيس رفيق الحريري وأدى الى حفرة ضخمة مقابل الفندق، كما قضى عدد من العاملين في الفندق بينهم شاب من منطقة تحوم (البترونية). الآن، يرتفع تمثال برونزي للحريري وسط حديقة خضراء قبالة الفندق، الى مجسم في مكان الانفجار.
رغم الظروف الاقتصادية وعدم تحديد فترة زمنية، إلا أن الفندق التاريخي سيرمم، وستدب الحياة من جديد في الغرف التي يعود تشييدها الى الثلاثينيات من القرن الماضي. لكن الصراع لم ينته، اذ يتهم خوري «سوليدير» بقضم أكثر من 200 ألف متر من البحر، والاستيلاء على الخليج الخاص بالفندق، وإقامة مرسى ضخم لليخوت وتبديل اسم الخليج الى «الزيتونة»، وهي منطقة كانت مشهورة بالملاهي والبارات، في الحقبة التي سبقت الحرب الأهلية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يرفض في شكل قاطع ان يفاتحه أحد بموضوع يخص شخصين: أولهما النائب السابق نجاح واكيم، والثاني فادي خوري!
يستطيع خوري الآن العمل على ترميم الفندق التاريخي في الزمن الأصعب ماليا ونقديا في تاريخ لبنان الحديث. ولن يتردد حتما في إعادة الحياة الى الفندق، بعدما اقتصرت الأنشطة في العقود الثلاثة الأخيرة على فتح المسبح الشهير الخاص بالفندق، وهو أحد مسبحين عريقين رئيسيين على شاطئ العاصمة الى جانب مسبح «الريفييرا» على شاطئ المنارة.
والد خوري اشترى الفندق في خمسينيات القرن الماضي، وتولت والدته إدارته فترة لا بأس بها، وأوصت ابنها بإعادة الحياة الى الفندق، بحسب خوري الذي يرى في وصية والدته هدفا لا بد من تحقيقه. لم يستسلم ولم تنل الحرب وأمواج البحر من الفندق. ويبقى الحجر مرات كثيرة أقوى من البشر ومن آلة الدمار.
عودة منتظرة لسان جورج، ولحقبة دسمة من تاريخ بيروت وشاطئ عين المريسة العريق.