ابتداءً من الأسبوع المقبل، سيبدأ عدد من القيّمين على المصارف، بالمثول أمام المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، ليستمع إليهم في تحقيق مفتوح حول الأموال التي جرى تهريبها إلى الخارج، مع اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول. وعلمت «الأخبار» أن التحويلات التي يجري البحث عنها تتضمّن تلك التي جرت خلال فترة الـ15 يوماً التي أُغلقت فيها المصارف، وتلك التي تمّ تحويلها إلى مصارف خارجية قبل شهرين من 17 تشرين.

قد تبدو هذه الخطوة، ظاهرياً، تجاوباً مع مطالب اللبنانيين ومع أبسط القرارات الوطنية في ملاحقة حفنة من المتحكّمين بالبلاد. لكنّ تحرّكاً قضائيّاً من هذا النوع، لم يُحدّد فيه نوع الجريمة بالاستناد إلى مواد قانونية واضحة تستطيع إدانة تحويل أموال إلى الخارج، لن يكون حتماً الطريق لمحاسبة أصحاب المصارف الذين تآمروا على أمن اللبنانيين الاقتصادي والمالي والأمني والاجتماعي، بل ربّما يشكّل مكاناً لهؤلاء لتبرئة أنفسهم بذريعة غياب النصوص القانونية التي تمنع تحويل الأموال من لبنان وإليه. وتزداد هذه الهواجس، مع اعتبار المعنيين أن «سؤال» القضاء للمصارف حول تهريب أموال، يأتي من زاوية أن «تحويل الأموال إلى الخارج في مثل هذه الظروف هو عمل لاأخلاقي».


فمحاسبة هؤلاء، لا تتمّ فقط بسؤالهم عن التحويلات، إنّما بإعلان تفاصيل هذه الحوالات أمام اللبنانيين حول من هرّب ومن سهّل ومن سكت عن التحويلات، ليتمّ لاحقاً دعم مشاريع القوانين لتجريم مهرّبي أموال اللبنانيين إلى الخارج وسارقي ودائعهم.

غياب النصوص القانونية التي تمنع تحويل الأموال ربما يمنح المصارف «البراءة»

الرئيس نبيه برّي من جهته، أصرّ مساء أمس أمام زوّاره على «ضرورة الحفاظ على أموال المودعين في المصارف، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتسهيل عمليات السحب، وتوقيف عملية الابتزاز التي يتعرّض لها المودعون في المصارف يومياً». ويأتي هذا الكلام، بالتزامن مع مشاورات مكثفة تجري بهدف اتخاذ «خطوات استثنائية» يُعلن عنها في وقت قريب. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن الحكومة وضعت مسودة مشروع قانون موضوعه القيود على الودائع والتحويلات، لإرساله الى مجلس النواب، على أن يُصار إلى إقراره في الهيئة العامة خلال العقد العادي الأول للمجلس، الذي يبدأ اعتباراً من أول ثلاثاء بعد 15 آذار المقبل.

وفيما تؤكد مصادر معنية أن مسودة الاقتراح التي يعدها مجلس الوزراء ستراعي الحفاظ على حقوق صغار المودعين، وأن هدفها هو تنظيم عمليات التحويل والسحوبات بما يحمي أموال الناس في المصارف، تتخوّف مصادر أخرى من أن يكون الهدف الوحيد من الاقتراح هو حماية المصارف من الملاحقة القانونية، بعدما حجزت أموال المودعين من دون وجه حقّ.


وعلّق بري على جلسة مجلس الوزراء أمس، مؤكّداً أن «الخطوات الإصلاحية والإنقاذية مطلوبة، ومن الضروري أن تظهر في القريب العاجل، وأولاها الإسراع في حسم مسألة سندات اليوروبوند، والانتقال فوراً إلى معالجة موضوع الكهرباء»، مشيداً بـ«حذر» بما طرحه الرئيسان ميشال عون والحكومة حسّان دياب حول محطات التغويز قائلاً إن «فيه شيئاً من الإيجابية». وعن التعيينات التي ناقشتها الحكومة، لفت رئيس المجلس النيابي الى أنه «لا يُمانع اتباع الآلية القائمة على اختيار الأشخاص وفقَ الكفاءة وعبر مجلس الخدمة المدنية، بانتقاء 3 أسماء يتم رفعها إلى مجلس الوزراء ليختار واحداً منها».

تخوُّف من أن يكون الهدف الوحيد لاقتراح القانون هو حماية المصارف من الملاحقة القانونية


وعلى ما أعلنت وزير الإعلام منال عبد الصمد بعد جلسة مجلس الوزراء، فإن عون لفت خلال الجلسة إلى «أهمية البحث في إنشاء محطات الغاز الطبيعي المسال في لبنان، وذلك في إطار معالجة أزمة الكهرباء وفق الخطة الموضوعة». كما أكّد دياب أنه في حال كانت نتيجة التنقيب «كما نتمناها، فستكون محطات التغويز جاهزة للتعامل مع هذا الأمر، وبالتالي يكون التغيير كبيراً على صعيد الاقتصاد اللبناني، وسينعكس على جميع النواحي التي تتأثر بالمشتقات النفطية، وفي مقدمتها قطاع الكهرباء».

وحول التعيينات، قالت عبد الصمد إن «هناك بعض التعيينات لا تحتاج إلى آلية وسيتم اعتمادها في خلال الأسابيع المقبلة، وهناك آلية سبق أن تم إقرارها عام 2010، سيتم تحديثها وتعديلها على ضوء لجنة ستُشكل من أجل هذا الأمر، وعلى هذا الأساس سيتم اختيار الأشخاص وفق الكفاءة»، وأعلنت أن «التعيينات العاجلة سيتم البحث بها، وهي تطاول الفئة الأولى».


من جهة ثانية، برزت أمس لقاءات لبنانية – فرنسية، في وقت دقيق، حيث يؤكّد الفرنسيون في العلن نيتهم دعم لبنان، في مقابل معلومات وتصريحات عن نيّة أميركية بعرقلة أي دعم سواء أوروبي أو عربي. وبينما كان وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي يزور العاصمة الفرنسية لعقد لقاءات أبرزها مع نظيره الفرنسي إيف لودريان والمنسق الفرنسي لمؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان، زار السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه رئيس الحكومة، مشيداً بـ«عمل الحكومة لناحية الإصلاح».

وبدا لافتاً أمس، كلام النائب مروان حمادة، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع الفرنسيين والأميركيين والسعوديين، بالقول: «ابشروا: لا سيدر ولا صندوق نقد ولا صناديق عربية وإسلامية ولا مساعدات من أصدقاء لبنان، في ظل هذا العهد الفاشل».

 

الأخبار