الرئيسية / آخر الأخبار / الحكومة تدرس الضريبة على الثـروة

الحكومة تدرس الضريبة على الثـروة

مجلة وفاء wafaamagazine 

 يوم أمس، كان موعد استحقاق “اليوروبوندز” الذي قررت الحكومة عدم دفعه، في انتظار إعادة هيكلة الدين العام ‏بشكل كامل. يفترض أن تتكشف الخطة الاقتصادية الموضوعة من الحكومة لاستكمال عدم السداد في الأيام المقبلة. في ‏موازاة ذلك، يدور النقاش حول إمكان فرض ضريبة على الثروة، تستهدف أصحاب الودائع الكبيرة. ما زالت الأفكار ‏في طور التبلور، إذ لم يحدد بعد السقف المالي لهذه الضريبة. الخيارات المطروحة عديدة، منها التي تحصر الضريبة ‏بالودائع التي تفوق 300 ألف دولار، ومنها التي تنادي بحصرها بمن يتخطى حسابه المصرفي مليون دولار، أي ما ‏يعادل نسبة 1% فقط من أصحاب الودائع.

ثمة من يطرح استثناء 86% من الحسابات المصرفية، أي أولئك الذين لا ‏تتخطى وديعة كل منهم مبلغ 75 مليون ليرة لبنانية. على أن النقاش في هذه الفرضية يفتقر إلى التفاصيل عما إذا كانت ‏الضريبة على الثروة التي ستفرض لمرة واحدة فقط ستكون تصاعدية أو لا. هذه الإجراءات وغيرها من احتمالات ‏إجراء‎ “haircut”‎، مدار بحث بين فريق رئاسة الحكومة والقوى السياسية الداعمة للتخلف عن دفع مستحقات ‏‏”اليوروبوندز”. ومن ضمن الأفكار الموضوعة على طاولة البحث، كيفية التعامل مع الديون الداخلية، أي سندات ‏الخزينة‎.


المشهد بأسره معطوفاً على القرار الذي اتخذته الحكومة لأول مرة في تاريخ الجمهورية اللبنانية، يفسر “جنون” ‏تيار المستقبل أمس. فقد أصدر التيار بياناً يستنكر فيه اتخاذ “الإعلان عن قرار استثنائي يتعلق بمواجهة مأزق ‏مالي مصيري، مناسبة للانقلاب على النموذج الاقتصادي اللبناني، والتحريض على السياسات الاقتصادية، كما لو ‏أنها كيان قائم في ذاته، معزول عن السياسات العامة للدولة وعن المسار الطويل لتعطيل المؤسسات ومسلسل ‏الحروب والأزمات التي اندلعت في الداخل والمحيط”.

الانقلاب على النموذج الاقتصادي الذي أفقر البلاد ورتّب ‏الدين العام الذي تعاني منه حالياً ومنح أملاك المواطنين لشركة خاصة وردم البحر خدمة للحيتان وسعى الى ‏خصخصة القطاعات المنتجة مشجعاً الاستيراد على الانتاج، يشكل “طعنة رعناء في صدر الهوية الاقتصادية ‏للبنان ودوره الطليعي على هذا المستوى في كل المنطقة”. يصرّ “المستقبل” على استغباء الرأي العام بمحاولة ‏نفض يديه من الانهيار الذي أصاب الدولة منذ سنوات بإلقاء المسؤولية على “كاهل الطاقم السياسي بكل فصائله ‏وامتداداته الداخلية والخارجية”، متناسياً أنه هو ركيزة هذا الطاقم. ويصرّ أيضاً على نسج أساطير حول دور ‏للبنان، ووصفه بـ”الطليعي”، فيما البلد مفلس، والنموذج الذي يسمّيه التيار “هوية اقتصادية” سقط بفضل النموذج ‏الرأسمالي نفسه‎.‎

‎”‎الجنون” المستقبلي هذا مبرر، وأساسه المسّ بمصرف لبنان والمصارف الأخرى: “إن المحاولات الجارية ‏لتبرير الأخطاء المتراكمة في إدارة الشأن العام أو لتمرير بعض القرارات والإجراءات التي تهربوا من اتخاذها ‏لشهور وسنوات، من خلال العودة إلى تحميل السياسات الاقتصادية والمصرفية تبعات الانهيار الذي آلت اليه ‏الأمور، تشكل قمة التهرب من المسؤولية”. و”المستقبل” حريص على الدائنين أكثر من حرصهم هم على أنفسهم ‏ويفترض، بالنيابة عنهم، أن “سؤالهم الاول وربما الوحيد سيكون: أين خطة الطوارئ؟ وأين رزمة الإجراءات؟”. ‏وحريص أيضاً على سمعة لبنان لدى المجتمع الدولي، لذلك يخشى أن تشكل التوجهات الحكومية التي انبثقت عن ‏اجتماعات بعبدا السياسية والاقتصادية، “رسالة سلبية الى هذا المجتمع والجهات المعنية بمساعدة لبنان‎”.


جوقة “عرابي” المصارف والمشجعين على دفع الديون ولو على حساب أصحاب الودائع لا تقتصر على ‏‏”المستقبل”؛ فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أحد ركائزها. وقد غرّد الأخير عبر حسابه على ‏موقع تويتر قائلاً: “‏ماذا تخفي هذه الحكومة التي لم يذكر رئيسها كلمة عن الاصلاح، وقطاع الكهرباء وحماية ‏الصناعة وضبط الحدود الشرعية وغير الشرعية، وتجاهل الكورونا والتشكيلات القضائية وغيرها. كلام غامض ‏حول الدين. الحقيقة هي تعميم الإفلاس والانتقام من طبقة سياسية من خلال أدوات الحقد والظلام الشمولي”. ‏تتطابق تصريحات كل من المستقبل وجنبلاط الى حدّ بعيد مع كلام البطريرك بشارة الراعي يوم أول من أمس ‏المدافع في عظته عن “النظام المالي والاقتصادي الحر، الذي يشكل القطاع المصرفي جزءاً أساسياً منه”، محذراً ‏من المساس به أو مهاجمته‎.


الخلاف المشتعل بين حزب “صندوق النقد” والأحزاب الداعمة لخيار الحكومة بعدم دفع الديون الجائرة ورفض ‏استيراد وصفة الصندوق الجاهزة، يتوقع أن يتأجج مجدداً. فالمدعي العام التمييزي غسان عويدات على موعد اليوم ‏مع جمعية المصارف لسؤالها عن التحويلات الخارجية التي نفذتها المصارف في الفترة السابقة. يتزامن ذلك مع ‏استدعاء المدعي العام المالي علي إبراهيم لأصحاب الشركات المستوردة للمشتقات النفطية. وكان إبراهيم قد وضع ‏إشارة “منع تصرف” على أصول 20 مصرفاً لبنانياً وإبلاغها الى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجل ‏التجاري وهيئة إدارة السير والآليات وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية، قبل أن ‏يتدخل عويدات نفسه لإبطال القرار، علماً بأن المدعي العام التمييزي كان أحد المشاركين والمطلعين والموافقين ‏على “منع التصرف”، إلا أن الضغوطات السياسية دفعته الى تبديل موقفه وتجميد القرار. و”تبشّر” مصادر ‏قضائية بأن يحصل عويدات من جمعية المصارف اليوم على وعد بتخفيف القيود القانونية المفروضة على صغار ‏المودعين‎.‎

 

الأخبار