مجلة وفاء wafaamagazine
شهد لبنان أكبر فضيحة قضائيّة معاصرة تمثلت بخطة مدبّرة لتهريب جزار الخيام العميل عامر الفاخوري الذي يطلب الأميركيون بإلحاح الإفراج عنه، فأقرّت المحكمة العسكرية سحب الملاحقات بحقه، لتقوم السفارة الأميركية بتسلّمه ليلاً ونقله كما يعتقد إلى مقر السفارة، وربما لنقله فوراً إلى قبرص ليصير خارج دائرة أي خطر ملاحقة، والحدث الصادم كان فوق طاقة اللبنانيين على الاستيعاب، فالسؤال الكبير كان، كيف يمكن لقضاة في المحكمة العسكريّة، لكل منهم لونه السياسي والطائفي أن يقروا بالإجماع وقف الملاحقة عن الفاخوري باستفاقة مفاجئة في يوم عطلة على الأخذ بذريعة مرور الزمن، ما ومَن وراء هذه العجلة؟ والسؤال الأهم، هل الأمر تمّ بدون غطاء سياسيّ، ومن أي جهات، ولأي مدى ثمة متورطين سياسيين من الصف السياسي الأول ومَن هم؟ وهل هناك تورط يطال بعض المؤسسة العسكرية، وعبر مَن قام الأميركيون بخياطة هذه الحبكة وإبقائها سراً حتى تمريرها؟ وهي بلا شك صفعة معنوية للمقاومة وبيئتها،التي ظنّ كثيرون أنها بصورة ما جرى ومشاركة فيه ضمن صفقة تتصل بمصير موقوفين لبنانيين في واشنطن وباريس، وربما كشف مصير مفقودين لدى كيان الاحتلال.
لكن مصادر في حزب الله وعلى صلة بالملف نفت نفياً قاطعاً أن يكون لديها علم بما تمّ بصورة تختلف عما عرفه سائر اللبنانيين، وعبرت عن صدمتها للفضيحة ومدى وقاحة مَن تورّط بها، مستبعدة أن يكون ثمّة تورّط سياسي أبعد من قضاة المحكمة العسكرية، متوقعة أن يترتب على الموقف الشعبي وردة الفعل التي ستنجم عن الفضيحة تردّدات يصعب ضبطها، فيما رأت مصادر متابعة سياسياً أن الذي جرى فيه كمية من التجرؤ على التعامل مع المقاومة وبيئتها بطريقة غير مسبوقة منذ عقود، متوقعة موقفاً شديداً من حزب الله ومراجعة لمسارات كثيرة في الملفات الأمنيّة والقضائيّة، وما يدور حولها في السياسة، ورسائل شديدة القسوة نحو كل من تحوم حوله شبهات التورّط في هذا التجرؤ الذي يتخطّى حدود قضية جزار الخيام على أهميتها ليطال مكانة المقاومة المعنوية ومحرّماتها، والتجرؤ على معنويات شهدائها وجمهورها بطريقة لم يشهدها لبنان منذ اتفاق الطائف.